العدد 1434 بتاريخ 09-08-2006م تسجيل الدخول


الرئيسيةنكبة لبنان
شارك:


الصليب الأحمر: المدنيون والحرب... صورة قاتمة من المعاناة

أعاد تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الأذهان المبادئ الأخلاقية التي تشرع للحرب وتحدد السلوك المتبع خلالها، مذكرا أنه على مر التاريخ حرص الجميع على إعمال مبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين في فترات النزاع المسلح.

وأشار التقرير إلى أن قتل المدنيين غير المنخرطين في العمليات العسكرية كان يعتبر بمثابة «صفعة للبشرية»، وذلك لكونه عملا غير أخلاقي محكوماً عليه بالإدانة.

وقد حافظت جميع «الثقافات» باستمرار على الفصل بين المنخرطين في الأعمال العسكرية والمواطنين العزل إلى أن تطور هذا التمييز عبر وضع القواعد التي تحكم سير الحروب منذ العصور الوسطى والتي تعتبر بمثابة المرجعية التي تشرع للحرب وتحدد السلوك المتبع خلالها. إلا أن تطوراً لاحقاً في العصور الحديثة وعقب الثورة الفرنسية جعل من التمييز بين المقاتلين والمدنيين أثناء الحروب أمرا أكثر صعوبة ألا وهو تشكيل الجيوش الحديثة، وعقدت الكثير من المؤتمرات لوضع حد لاستهداف المدنيين في الحروب.

وفي سياق التخوف من اتساع نطاق الحرب ضد المدنيين وبالتواكب مع بداية ظهور الأسلحة الجوية «الطائرة» التي تصيب المدنيين والممتلكات المدنية، تنبه الساسة إلى ضرورة التحكم في هذا النوع الجديد من الأخطار بشكل مبكر فوافقت القوى الأوروبية خلال اجتماع لها في لاهاي في العام 1899 على تحريم استهداف المدنيين وتقدمت هذه المحاولات خطوة أخرى عندما تضمن اتفاق لاهاي 1907 حظرا على قصف المدن والقرى والمساكن أيا كانت الوسيلة المستعملة.

ومنذ صدور اتفاقات جنيف الأربعة للعام 1949، وعلى رغم عدم وقوع حروب أو مواجهات شاملة، اجتاحت العالم نزاعات عنيفة طالت حياة الملايين من المدنيين وخلفت عشرات الملايين من المشردين. وذكر تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني وحقوق الإنسان والمخالفات الصارخة للقواعد الإنسانية التي اقترفت في تلك الفترة باتت أمرا مألوفا في الكثير من النزاعات، كما أصبح المدنيون هدفا أوليا للهجمات التي اندلعت بدواعي الكراهية الدينية أو العرقية أو المجابهات السياسية أو السباق المحموم من أجل المنافع الاقتصادية.

وأشار تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى بعض الإحصاءات التي تؤكد أن نسبة ضحايا الحروب من المدنيين في عقد التسعينات وحده بلغت 90 في المئة من الخسائر التي سببتها النزاعات خلال ذلك العقد الذي تميز باندلاع الحروب الإقليمية والداخلية على نحو لم يسبق له نظير وهي الحروب التي شهدتها ساحات إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية وامتدت أيضا لتشمل القارة الأوروبية مع بداية نزاعات دول البلقان خلال السنوات الأخيرة من القرن.

وأوضح التقرير أن هذه الصورة القاتمة التي يشهدها وضع المدنيين خلال النزاعات الجارية ومع استمرار أعمال العنف والقتل والدمار التي يعاني منها المدنيون والتي تشهد تفاقما في أيامنا هذه بلبنان والأراضي الفلسطينية والعراق وأفغانستان والسودان، كانت وراء النضال الحثيث الذي دعت إليه لجنة الصليب الأحمر والأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى من أجل إبداء اهتمام متزايد بحماية المدنيين وخصوصاً الأطفال في هذه النزاعات. وكان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان قد دعا في أكثر من مناسبة إلى أهمية احترام ثقافة حماية المدنيين، مؤكداً أنه «لكي نعمل على تأسيس ثقافة الحماية يجب أن ترقى الحكومات إلى مستوى مسئولياتها وذلك للتحول من الضعف إلى الأمن ومن الحرب إلى السلام».

أ ش أ



أضف تعليق