العدد 4613 بتاريخ 24-04-2015م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


"القرائية للجميع" يناقش موضوعات العدالة اللغوية وأدب الأطفال كسبيلٍ للتغيير

المنامة - بنا

تحت رعاية رئيس مجلس أمناء وقف عيسى بن سلمان التعليمي الخيري سموّ الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة، واصل مؤتمر "القرائية للجميع" الذي تنظّمه مؤسّسة الفكر العربي في إطار مشروعها "الإسهام في تطوير تعلّم الّلغة العربية وتعليمها عربي 21"، بالتعاون مع الجمعية العربيّة للقراءة "تارا"، أعماله لليوم الثاني على التوالي في مملكة البحرين، بحضور خبراء مختصّين ولغويين وأكاديميين وأساتدة التعليم من مدارس متنوّعة، وكتّاب، ومثقفين.

بدأت أعمال المؤتمر بقراءة من كتاب للفائزة بـ"جائزة كتابي لأدب الطفل العربي 2015" سمر براج محفوظ، ثم عُقدت حلقة نقاشية شارك فيها عبد القادر الفاسي الفهري، تناول فيها موضوع "أي اختيار عادل وأي معايير؟" فركّز على أن العدالة هي كبرى الفضائل التي يمكن أن تقام بها وعليها المؤسّسات، ومن الطبيعي أن تتبنى كل سياسة لغوية التدبير السياسي العادل للألسن المتعايشة فوق التراب الواحد أو الفضاء المشترك. ولفت إلى أن العدالة في بعدها السياسي، تمثّل العدالة الأساس الأول لتنظيم المجتمع بالطريقة الأنسب، بنظام ديمقراطي منصف ومتضامن، وهذا التصوّر ينسحب على العدالة اللغوية، بالموازاة مع أبعاد السياسة اللغوية.

وأشار الفهري إلى أن مفهوم العدالة اللغوية هو مفهوم حديث العهد جداً في الأدبيات السياسية اللغوية، وهو لم يُستثمر بعد في الأدبيات اللغوية العربية، وإن كانت هناك أدبيات لا بأس بها عن الحقوق اللغوية. واعتبر أن هناك ضرورة في ظل وجود عدد من حالات عدم المساواة واللاعدالة اللغوية مصدرها سياسة الدولة اللغوية وتخطيطاتها، واستعمال اللغات غير المنظّم من قبل المواطنين، في سياقات متنوّعة لاتصال اللغات، واختلال سوق اللغات المحلي والدولي، لطرح المشاكل المتولّدة على العدالة اللغوية، وتحديد مقوّمات ومبادئ فلسفة التقنين اللغوي، التي تقوم عليها سياسة لغوية منسجمة مع مبادئ القانون اللغوي الدولي والمحلي، وتحويل هذه المبادئ إلى نصوص قانونية، وتمكين المحاكم من إصدار الأحكام التي تتصدّى للخروقات والمظالم اللغوية.

وتحدّث عن ثلاثة أبعاد للعدالة اللغوية تبدو أساسية في اختيار لغات التعليم وهي: العدالة اللغوية الترابية أو المحلية والعدالة اللغوية السلالية، والعدالة اللغوية الكونية. وخلص إلى أن حاجات تعلّم المواطن من اللغات تكمن فيما يلي أساساً: لغة معيارية وطنية هي أساس التواصل الفعّال في مختلف مناحي المعرفة والتقانة والحياة لها الامتياز السيادي على التراب، ولغة كونية تحدّد بحسب الفوائد الأداتية لها لهجات تنوّعية تتكفّل بالوظائف غير الرسمية، وليست محكومة بالمعيارية، مشدّداً على أن العدالة اللغوية بأنواعها تتطلّب انتقاء هذه اللغات حسب معايير للرسمية وللكونية، وما غير هذا ممكن، ولكنه ليس معيارياً، ولا تتكفّل بضبطه العدالة المعيارية.

ثم قدّم محمد المومني مداخلة حول "أدب الطفل في موصولاته الجمالية والعرفانية"، أكّد فيها أن الهدف من هذا العرض هو إعادة النظر في المفردات المفهوميّة والتنسيق بين المقولات من ناحيتين أبستيمولوجية تأصيليّة، وتدبيري اقتضائيّ تحكمه الخلفيّة الموجّهة لهذا التصوّر. وأكّد أنه من حقّ الطفل علينا أن نقدّم له أدبه الّذي يرى نفسه فيه، لا أن نقدّم له أدباً يرانا فيه. ولفت إلى أن مخاطر تتهدّدنا في وطننا العربيّ باسم مصادرة المعنى أو امتلاك رأس المال الرمزيّ من دين ولغة، ومن واجب المدرسة ومن حقّ الطفل أن نقترح عليه متوناً أدبيّة تناسبه وتتغنّى بجماليّات الحياة لا جماليّات الموت.

وتحدث سامي الرحموني عن استخدام المعايير في الجيل المطوّر من مناهج اللغة العربية، فأكّد أن طريقنا إلى مجتمع القرائية يحتاج إلى إدارة مدرسية متعاونة وواعية بما لهذا المنهج التعليمي من تداعيات تفرض عليها أن تتغيّر، وتغيير طرائق تواصلها مع مجتمع التعلّم المدرسي وآليات إدارتها. ودعا إلى التغيير وحماية عاداتنا الحسنة بعقلنتها وتكييفها مع ما يقرّه البحث العلمي في عالم تعليم اللغات، إذ إن الأبقى للتلاميذ هو قدراتهم على الشرح والتأويل، وإنتاج المتنوّع من الخطابات لقضاء ما يُعرض لهم من شؤون معرفية ومادية ووجدانية.

وقدّم عبدالله الحامدي بحثاً موسّعاً تحت عنوان "شهرزاد أدب الطفل طريقاً لتصحيح أوضاع اللغة العربية"، فأكّد أن مشكلة العزوف عن القراءة، ومشكلة إهمال اللغة العربية تبدأ من مرحلة الطفولة، وتتوزّع مسؤوليتها على البيت والمدرسة والدولة ومؤسّسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المختلفة، المقروءة والمسموعة والمرئية.

وخصّص محوراً يتعلّق بصدمة التكنولوجيا والعودة إلى الينابيع وفوضى الإنترنت ونظم الاختيار، ورأى أن التطوّر التكنولوجي الهائل أدّى إلى استسهال التأليف والطباعة والنشر وفوضى في وصول الكتب إلى القرّاء، وزاد ظهور الكتاب الرقمي في المشكلة، ثم جاءت محرّكات البحث والمواقع الإلكترونية لتضع القارئ الكبير قبل الصغير أمام بحر متلاطم من المادة القرائية المتدفّقة، الأمر الذي يضعنا في مواجهة مباشرة مع هذه الفوضى، ببناء نظم استقبال جديدة تواكب هذه المستجدّات، من أجل الوصول إلى المصادر القرائية الموثوقة، داعياً إلى تخصيص برامج قراءة موازية للمناهج الدراسية كنشاط أدبي يوازي الأنشطة الأخرى.

وإذ اعتبر أن الصورة ليست قاتمة إلى هذا الحدّ، رأى أن ثمّة جهود كبرى بدأت تتلّمس طريقها من جديد، رغم الأعاصير التي ضربت المنطقة العربية منذ حرب الخليج الأولى سنة 1991، وها هي مؤسّسة الفكر العربي التي أنشأها صاحب السموّ الأمير خالد الفيصل في بيروت عام 2000، تقوم في إطار مشروعها "عربي 21"، بدعم تعلّم اللغة العربية وتطوير طرق تدريسها وتشجيع القراءة بها، وهاهي المنظّمة العالمية للنهوض باللغة العربية، والتي أنشأتها صاحبة السموّ الشيخة موزا بنت ناصر في الدوحة عام 2012، تسعى إلى تعزيز اللغة العربية وإعادتها إلى المكانة اللائقة بها بين اللغات الأخرى في العالم، وبين أبنائها في وطنهم العربي الكبير.

بعدها عُقدت ورش عمل المتخصّصين وورش عمل المدرّسين، واختُتم المؤتمر بجلسة نقاشية حول "أدب الأطفال مفتاح القرائية"، شارك فيها كلٌ من هالة صادق ومنى جنينغ، وأعقبها تكريم وشكر للمشاركين والمنظّمين.

 



أضف تعليق