العدد 5384 - السبت 03 يونيو 2017م الموافق 08 رمضان 1438هـ

لقاء مع الدكتور نبيل أبوهشام

this will be replaced by the SWF.
لقاء مع الدكتور نبيل أبوهشام

أعزاءنا زوار ومستمعي الوسط اون لاين، أهلا وسهلا بكم من جديد، في حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي "الناصية".

يسعدنا وإياكم أن نلتقي في هذا الأسبوع مع الفارس البحريني المنتصر في غزة الفارس الدكتور نبيل أبوهشام...

• أهلا وسهلا بك...

- مرحبا أخ محمد، يشرفني ويسعدني ويبهجني حقيقة عرضك عليّ هذا اللقاء.

• أبوهشام؛ فاجأت الجميع في صفحتك على "الفيس بوك" بما أسميته بالسرطان الشرياني، هل لك أن تعطينا نبذة بسيطة حول ماهية المرض، وإصابتك به؟

- كما تعرف، أي شخص يصاب بمرض خطير خبيث فتاك مثل هذا بالتأكيد سوف يصاب بالهلع نتيجة لهذا المرض، هذه الفترة قد تتراوح بين أيام إلى أسابيع وتنعكس بشكل سلبي على الشخص نفسه. حقيقة أنا مريت بهذه الأزمة في أول يوم من إعلاني لنفسي هذا التشخيص، لكن حقيقة حاولت قدر الإمكان أن أتمالك نفسي ولا أدخل في هلع وجزع.

بعد مرور 24 ساعة حاولت أصفي ذهني في محاولة أخذ قرار، فأخذت قرارا يكمن في أنه من الضروري أن أوجه هذا المرض، وبصفتي طبيبا اطلعت على معلومات كثيرة عن هذا المرض في ذلك اليوم، وأخذت قرارا بأن أواجه هذا المرض.

كان شعوري بأن من أوائل ومقدمات مواجهة هذا المرض والاستعداد له هو أن أعلن عنه لأهلي، لأصدقائي، للناس، فأنا حقيقة أرسلت الخبر إلى صفحة "دروب" الحوارية وبلغتهم الخبر، ومباشرة في نفس اليوم أعلنت الخبر لأهلي جميعا دون استثناء، الوالد، الوالدة، الإخوة، الأخوات، زوجتي، وفي الليل أنزلت الخبر على "الفيس بوك"، وأنا لدي أصدقاء كثيرون، أكثر من ألف صديق من مختلف أنحاء العالم، وأعلنت الخبر لهم.

• ما هي ردود فعل الأهل والزوجة أم هشام والأصدقاء على "الفيس بوك" والأصدقاء في الواقع، بعد تلقيهم هذا الخبر؟

- حقيقة ردود الفعل كانت متفاوتة، هناك أناس كثيرون أصيبوا بالهلع مثلي، أو ربما أسوأ مني، وأنا كنت أهدأهم وأطمئنهم وأبيّن لهم أنني مسيطر على القرار. كانت هناك ردود فعل كثيرة إيجابية وتعاطفية، وحتى الردود الإيجابية تبلورت بعد ذلك في شكل دعم معنوي نفسي أثر فيّ بشكل إيجابي.

• وننتقل إلى الزوجة أم هشام: كيف ومتى تلقيت خبر إصابة أبوهشام بهذا المرض؟

- كان لدينا نسبة كبيرة بأن نسمع خبرا غير جيد، ولكن كنا نحاول أن نربي داخل نفسنا أن نقتنع بهذا الشيء أنا ونبيل. قلنا لا، ربما فعلا لديه مرض غير خبيث، ربما نهرب ونهرب ونهرب، كان ذلك لمدة ثلاثة أيام. يومها كنت أنا بالدوام وهو بالبيت، وكان من المفترض أن يكلّم مختبر السلمانية وكنت على متابعة معه، فأخبرني بأن النتيجة ليست التهابات، فسألت إذا ماذا؟ قال: أخبروني إن دكتور المختبر ليس متأكد بعد، والظاهر أنهم لم يكونوا يودون إخبار زوجي بالنتيجة مباشرة وإنما كانوا يودون بإخباره على جرعات بسيطة.

بعد ذلك اتصلت به وسألته ماذا قالوا؟ فقال: إنهم قالوا إن بي السرطان! فقلت له: هل أنت متأكد؟ فقال: نعم! حينها كنت أود الهرب، حيث كنت أشعر في لحظتها بأنني أتمنى أن يكون نبيل يهذي وهو مستيقظ، فاللحظة التي كنا نعيشها لم تكن من الواقع حينها.

أنا بعيدة في العمل، وهو في البيت، أغلقت الخط، كان لدي نوع من الإحساس بأنه وسع الدنيا كله أصبح كخرم الإبرة من ضيقها عليّ، المكان كله في سكون.

أكثر شيء شعرت به هو أن جسمي يتقد في محرقة، هذا أبو عيالي، أبو أولادي، وقتها لم أستطع أن أعبّر عن شيء سوى بكائي مع صاحبتي وهي زميلة من زميلاتي كانت موجودة معي، زعلانة كثيرا، لم أكن أتمكن من التعبير أو حتى التفكير في شيء، بالرغم أنه ليس من طبيعي أن أنهار حينما أسمع خبرا سيئا، إذ إنه أكثر من مرة واجهني بأخبار ليست جيدة ولكن دائما كنت صامدة.

• ثم ماذا، ماذا قررتم، وما الذي اتخذتموه من خطوات لاحقة، هل كان لكِ دور في إعلان الخبر والإفصاح عنه، أو تشجيعه؟

- الكلام الذي ذكرته، بخصوص سؤالك الأول، لحظتها كانت فترة قصيرة مرّت بشكل سريع جدا، فقط أعلنت الخبر لأخي وهو صديقنا أنا ونبيل (أبو مظفر)، بعد ذلك مرة واحدة أخذت قرارا، فهذا واقع إما أن يتغلب علينا أو نتغلب عليه. نفس الشيء الخبر حينما تسمعه بفقدان إنسان عزيز عليك، هو واقع موجود تتحمله وتحس بنفسك إما أن تواجهه وتنهيه أو ينهيك.

فرجعت إلى المنزل، فتناقشنا في الخطوات المقبلة وسلّمنا للواقع الموجود، فقال إنه لا يود التكلم عن هذا الموضوع في البداية لأنه مازال في مرحلة الصدمة ويريد أن يرفضها وهذا شيء طبيعي جدا، لكنني أتذكر أنني جلست معه وقلت له إن ذلك قضاء وقدر، والإنسان لم يصب نفسه بنفسه كالمدمنين والمصابين بأمراض خطيرة تسببوا فيها بأنفسهم جراء تصرفهم غير السوي كأمراض الإيدز وغيره، وبالتالي دعنا نفكر بالشكل الصحيح. فكنت أشجعه بالاعتراف بالموضوع والاعتراف بالمرض لأنه نصف العلاج، ولنتعرف على طبيعة المرض حتى نحاول مقاومته، لأنه – من وجهة نظري – لن يتمكن مقاومته لوحدة، فلو أن أحد الطرفين غير مقاوم أي أن أحدهما منهار والآخر يحاول تهدئته فإن ذلك صعب، فقد ينقطع الحبل في حالة السحب، لكن الشيء الجميل أنه نحن الاثنين قررنا مقاومة المرض، إذ إنني أرى نفسي جزءا منه هو فأنا النصف الآخر في محاولة المقاومة معه.

بعد اعترافي بالمرض وهناك قناعة بأن أخبر زملائي، ونفس الشيء اعترف حتى لابنه وعمره 14 سنة، فأخبره بما يعانيه بالضبط. فتصور صبي في هذا العمر كيف يتقبل الموضوع ولكن رأى أباه قوي وأمه قوية فقوي هو الآخر، وسأله أباه؛ وماذا بعد؟ فقال إنه سيتعالج وطمأنه.

فبدأ يعترف من واحد إلى الثاني، من عائلته إلى أهله، إلى إخواني، بعد اعترافه لنفسه، لأن الإنسان حينما يعترف داخل نفسه أن لديه مشكلة حقيقية فهنا تكمن المواجهة.

• أثناء دخول الدكتور غزة كان يواجه مرضا خطيرا في الشريان، وأتذكر أنكِ زرت الوسط وكان الاستقبال بحفاوة وكنتِ تبكين لحظة عرض الصور، حينها كان الدكتور يواجه نفس الخطر ولكن بصورة إنسانية، فالصورة متقاربة حيث إنه في المرحلتين يواجه خطرا ما، فما رأيك؟

- ربما في المواجهة الأولى هو بعيد عني ولم أكن أراه أمامي، وكنت أحاول أن أشجعه باستمرار، لا تتردد، لا تتقاعس، ادخل غزة، هنا دورك الآن بأن تقاوم وتنفذ قناعاتنا ضد اليهود الإسرائيليين، ولابد أن تحاول. فكان دائما يخبرني بأنهم مازالوا رافضين دخولنا، وأنا أضغط عليه بألا يتراجع، رغم أنني كنت خائفة عليه ولكني كنت أشعر بأن دخوله هو تنفيذ لما نشعر به نحن الاثنين في نفس الوقت، لأننا نصب في نفس الأفكار، في نفس المهام، في نفس التوجهات.

أيضا الآن مواجهته وهو أمامي فأنا أشعر أن ذلك أخف عليّ من مواجهته وهو بعيد عني، ففي الأسبوع الأول كان في أميركا فكنت أتعب أكثر مما لو كان بجنبي أمام عيني، أرى ماذا يحصل، ماذا يدور، كيف يفكر، فكنت أحاول بأن أدعم قوته أكثر قدر الإمكان، لذلك منذ إصابته بالمرض لم يرني إلا مرة واحدة فقط أبكي وذلك حينما وضع له طلابه في كلية الخليج العربي بطاقة كبيرة كل طالب يعبّر فيها عن نفسه ويكتب عن دكتور نبيل تمام، هنا انفعلت أنا بطريقة كثيرة جدا، وهي المرة الوحيدة التي يراني فيها نبيل أبكي، حيث لم يرني أبكي أمامه، لأني كنت بالفعل أريد أن كون قوية أمامه، ولابد أن أكون قوية لأنني لو انهرت سينهار وستنهار العائلة، لابد أن أكون أعمدة، فالبيت قائم على أربعة أعمدة، وأنا لابد أن أكون الأعمدة الأربعة في هذا الوقت بالذات.

هو يعاني من مرض ومرض غير بسيط، فليس من السهل عليه أن يقاومه لوحده، لكن في الأخير نقول هو واقع لابد أن نعيشه ونواجهه.

• في النهاية هل من كلمة أخيرة توجهينها لأبوهشام بهذا الشيء؟

- لا أظن أنه لوحده، زملاؤه كلهم موجودون حولنا، محبوه كثر، والجميع سواء الذي يعرفه أو لا يعرفه... يكفي أنني حينما أدخل منطقتي في النعيم، أرى أن كل الناس تدعي له بالخير، أشعر أنني أمشي بفخر بصراحة في كل مكان أذهب له، حتى أن أحد الزملاء قال لي: أنا لا أقدر ولا توجد كلمة في هذا العالم أختارها تعبّر عما بداخلي لأبوهشام. فما أقوله له: إنني أتمنى أنه في يوم من الأيام لم أقصّر، وأتمنى أن لا أقصّر في بقية الأيام القادمة، وأتمنى أن أكون فعلا داعمة له.

• نعود إلى الدكتور نبيل؛ الخطوات اللاحقة كيف قررتها، كيف توصلت لها، بعدما أخبرت الزوجة أم هشام واقتنعت بالواقع، ثم ماذا؟

- أنا أعرف بأن هذا المرض منتشر وجالس ينتشر في العالم، أنا حاولت قدر الإمكان، بغض النظر عن المصاريف، حاولت أن أذهب إلى أحسن مركز متخصص في هذا النوع من السرطانات لشيء واحد وهو التأكد من التشخيص ووضع خطة للعلاج، لأن دائما الدول المتقدمة بالتأكيد أفضل من دول العالم الثالث في مجالات كثيرة ومن ضمنها المجالات الصحية والطبية، إلى جانب مجال البحوث العلمية، فحقيقة أنا فكرت في أميركا وكان هناك مركزان حسبما وصلني الخبر، أحدهما في تكساس بالاس والآخر في مدينة ولاية منيسوتا، بعثت إليهما إيميلات، فالمركز الأول طلب مني أن أدفع مقدما يقدر بـ 38 ألف دولار ولم يكن حقيقة هذا المبلغ متوافر لدي حينها، لكن المركز الآخر طلب مني 5 آلاف دولار مقدم، وهذا المبلغ كان نسبيا معقول ومتوافر في نفس الوقت، فقمت بدفع المبلغ وأكدت على الخبر، وخلال 72 ساعة أخذت قراري وسافرت، خصوصا أنه كانت لدي فيزا لدخول أميركا حتى العام 2012، لكن زوجتي لم يكن لديها فيزا، فأخبرتها بأن عليها استخراج التأشيرة وأنا سأنتظرها في أميركا هذا إذا قررت المكوث هناك لأخذ العلاج، وأتوجه أنا لأميركا لأخذ الفحوصات والتأكد من التشخيص، لأن بعض الفحوصات غير متوافرة في البحرين، وكان لابد من عمل بعض الفحوصات خارج البحرين لكي أتأكد في أي مرحلة أنا من مراحل المرض.

• بعد التأكد من المرض والتشخيص وظهور النتيجة، أعلنت محاربة المرض، كيف وصلت إلى هذا القرار، وما هي خطواتك المقبلة؟

- بعد أن عرفت أنا أين أقف، مرضي تم تشخيصه أنه بالنسبة للدرجات من 1 إلى 3 فهو في الدرجة الأولى، وبالنسبة لمراحل تطور المرض هناك

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5384