العدد 4705 - السبت 25 يوليو 2015م الموافق 09 شوال 1436هـ

داعش/ أردوغان... لحظة إعلان الطلاق!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هل كان أحدٌ يتصور قبل خمسة أيام، أن ينفجر الوضع التركي دفعةً واحدةً من الداخل، بسبب عملية تفجير واحدة في مدينةٍ على الحدود السورية؟

لقد جاءت هذه العملية لتحرق آخر الأوراق في سياسة «تصفير المشاكل» التي اعتمدها حزب العدالة والتنمية قبل 15 عاماً مع دول الجوار، ولتفتح على الحزب الحاكم ثلاثة أبواب جديدة للمشاكل في الداخل، بعدما أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان الحرب في خطاب واحد، على ثلاثة أطراف: الأكراد واليسار و»داعش».

أردوغان اليوم في أضعف حالاته السياسية، فبعد انتكاسته الكبرى بسقوط حكم حلفائه (الإخوان المسلمين) في مصر، وتراجع حركة النهضة في تونس، وارتكاس ليبيا في الحرب الأهلية، لم يعد لديه في الأشهر الأخيرة من أمل بإحداث اختراق إلا في جارته سورية، التي راهن منذ أربعة أعوام على سقوط عاجل لنظام بشار الأسد، وتبيّن أن حساباته - الإقليمية والدولية - كانت خاطئةً. ومع ذلك ظل يراهن على الحصان الخاسر، ويستثمر في عملية إغراق سورية، ومن ورائها العراق، بسيلٍ من المقاتلين الأجانب من 80 بلداً. وعلى رغم تراجع الكثير من البلدان ممن دعمت هذا الخيار المدمّر، فإن أردوغان ظلّ مصِرّاً على المضي فيه حتى النهاية، مراهناً على حصان طروادة الأخير: «داعش».

إن ما بناه أردوغان خلال خمسة عشر عاماً، وما حققه حزبه من نجاح اقتصادي، يبدو مهدَّداً اليوم بالانهيار، بفعل مغامرته الكبرى في سورية والعراق أيضاً، حيث عمّقت الصراعات الأهلية وزادت من نزيف الدماء. لكن مثلما مثلت «غزوة الموصل» انقلاباً في موقف الكثير من دول المنطقة، فإن «غزوة سروج» أحدثت انقلاباً في الموقف التركي تجاه حليفه الأحبّ: «داعش». لقد كانت عملية طلاق بائن، يتبعها الكثير من الأضرار على الطرفين.

ردود الفعل على تفجير مدينة سروج كانت انفعالية وسريعة، فلم تمض غير أربعة أيام حتى وجدت تركيا نفسها منقادةً إلى الفخ برجليها، ليبدأ تورطها المباشر في الحرب وجهاً لوجه، بعدما كانت تؤجّجها عبر آخرين. وما يدل على الإرباك هذه التصريحات المتسارعة، المتناقصة، التي يغلب عليها الانفعال.

نشرات الأخبار طوال أمس (السبت) كانت تتحدث عن غارات الطائرات التركية التي استمرت طوال الليل على مواقع لتنظيم «داعش» داخل الأراضي السورية. وسارع وزير الداخلية إلى إعلان نية أنقرة إنشاء منطقة آمنة داخل سورية. وهي أمنيةٌ قديمةٌ عمرها أربع سنوات، كان الأتراك يحلمون بها ولم يوافقهم عليها أحد من حلفائهم الأوروبيين أو الأميركيين. وفيما هم يعبّرون اليوم عن أمنياتهم بتطبيقها، إلا أن الواقع لا يسير معهم فيما يشتهون، فالمنطقة الحدودية التي ظلت بفضل تدخلاتهم غير آمنة لأكثر من أربعة أعوام، ستكون أكثر اضطراباً مع إعلانهم الحرب على الأكراد من جهة، وعلى «داعش» من جهة أخرى.

لن يحقّق الأتراك ما يريدون بعد اليوم، وسيكون تدخلهم المباشر على الأرض أكثر ضرراً عليهم وانكشافاً لسياساتهم. فحزب العمال الكردستاني الذي بادرت أنقرة إلى قصف مواقعه داخل العراق، أعلن انتهاء الهدنة مع تركيا؛ لأنه لم يعد هناك من معنى لاستمرارها بعد القصف. لقد كان بإمكانك أن تحيّد هذا الطرف في وقت أنت في أمسّ الحاجة إلى تقليل أعداد الخصوم، لكنك دفعته دفعاً لإعلان الحرب. هذه ليست سياسةً رشيدةً، بل سياسة متوتّرة مشدودة الأعصاب.

هذا التوتر تلاحظه في ردود الأفعال المتسرعة والتصريحات المتناقضة، فخلال يومٍ ونصف اليوم فقط، تم اعتقال أكثر من 600 شخص، حسب تصريح رئيس الوزراء داوود أوغلو، بينما اعترف وزير الداخلية باعتقال 1600، من بينهم 320 أجنبيّاً، ومنع 6500 آخرين من «داعش»، وكان من سوء حظّ هذه الدفعة من «الغزاة/ المجاهدين» أنهم وصلوا في اللحظة الخطأ، حيث انقلب السحر على الساحر، فقد ذهبوا إلى الحج والناس راجعون.

إنها لحظة الطلاق والفراق، ونهاية الأحضان والعناق، ورحم الله الشريف الرضي القائل: وصبرتُ حتى نلتهن ولم أقل... ضجراً دواءُ الفاركِ (المرأة الكارهة لزوجها) التطليقُ!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4705 - السبت 25 يوليو 2015م الموافق 09 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 6:43 ص

      اللهم اشغل الظالمين بالظالمين

      كما تدين تدان يااردوغان وسياتى الدور على باقى الظلمه الي على بالى والله ياخد الحق

    • زائر 14 | 5:19 ص

      عجبني التعليق ههههههه

      "فقد ذهبوا إلى الحج والناس راجعين"

    • زائر 13 | 4:37 ص

      ليس هناك طلاق.

      وعلاقة الزوجين علاقة حب. داعش طلبت من عااار دوغان مساعدتها على ضرب بعض المواقع الصعبه التي لم يستطيعوا الدواعش الدخول اليها لشراسة الاكراد .لذلك خرج عااار دوغان بهذه المسرحيه .سيأتي الرد له قريباً خلال هذه الشهور .

    • زائر 12 | 4:19 ص

      بطل سحره اردوغان

      هاي شاروخان الي شايف نفسه ويدعم الارهاب واسقاط الاسد
      الان نرا هو سيطيح به شعبه قريبا وينقلب عليه وع حزبه الارهابي

    • زائر 10 | 3:46 ص

      نفاق أصلي

      الرجال صار له أربع سنوات يتآمر على سوريا وامنها واليوم يصيح لن نقبل بأي اختراق لأمن تركيا.

    • زائر 8 | 3:03 ص

      في العرف الإستخباراتي .... الجميع يستعمل الإرهاب و الإرهابيين للوصول لهدف معين.. تكلم عن الأمريكان (استعملوا الطالبان لضرب الروس) ... تكلم عن الإيرانيين (أيضا استعملوا القاعدة لضرب أمريكا في أفغانستان و العراق) .... تكلم عن بشار (استخدم القاعدة لضرب الأمريكان في العراق).
      ليس هناك برئي و ذلك يشمل إيران و سوريا.

    • زائر 6 | 2:10 ص

      تركيا تدفع الثمن اليوم لحمايتها داعش و التفطية على جرائمها ... ام محمود

      السيد حسن نصر الله في خطابه امس (قلنا من قبل إن من سيأتون بهم إلى سوريا والعراق من أجل ضرب المقاومة سينقلبون عليهم وان الدول التي أمنت كامل التغطية لـ"داعش" بدأت تدفع الأثمان ونحن لا نشك في رعاية تركيا لـ"داعش" لكنها تقول اليوم ان "داعش" تشكل تهديدا لها، ورأينا داعش الافعى انقلبت على من يتولى رعايتها)التنبؤات تقول ان ..... ايضا سيصلهم شيء من ارهاب داعش مثل ما وصل السعودية و الكويت..


      الالعاب الخطيرة احرقت دولا ومن دربها على قطع الرؤوس ستقطع رأسه انه الانتقام الالهي لجراءم البشر

    • زائر 5 | 2:06 ص

      هذا عبرة

      من اكبر نماذج غرور القوة.تخيل نفسه سيكون خليفة جديدوسيعيد امجاد الامبراطورية العثمانية.

    • زائر 4 | 2:04 ص

      مسلسل قتل الجنود الاتراك والانفجارات مستمر .... ام محمود

      انفجرت سيارة مفخخة امس اثناء مرور دورية عسكرية في احد المحافظات الكردية و ادى ذلك الى قتل جنديين تركيين و اصابة اربعة و تأتي هذه العملية ردا على ضرب تركيا ل الاكراد في العراق هذه التطورات و الانتفاضة الشعبية المصغرة يعني هناك عدو في الخارج و عدو و اناس غاضبة في الداخل هذا سيطيح بحكومة أردوغان سريعا
      داعش تهددتركيا و حماس و دولا جديدة من اجل التوسع و التحالف الامريكي مع 50دولة لم ينجح في ضرب التنظيم في العراق و سوريا و هذا سيكون له تداعيات ماذا نتوقع ان يحدث غير المزيد من القتل و التفجير والتدمير

    • زائر 3 | 1:48 ص

      راحت ايامك يا اردوغان

      انتهت سياسة التآمر على الاخرين وتعيش انت في امان.

    • زائر 1 | 11:19 م

      Game Over لداعش كما فعلت امريكا مع القاعدة

      باخفاء او موت بن لادت اعلنت امريكا Game Over للقاعدة و البدأ بكائن مستنسخ جديد اسمه داعش متخصص بمقاتلة اعداء اسرائيل و النيل منهم و خلق اجواء مسمة بملوثات الطائفية او العقدية فيكفي ايقونة سب الصحابة للولوج في مجازر ضد الشيعة و ايقونة الارتداد لمجازر في السنة

اقرأ ايضاً