العدد 4792 - الثلثاء 20 أكتوبر 2015م الموافق 06 محرم 1437هـ

خطباء: أنصار الإمام الحسين أدركوا في «كربلاء» طريق النجاة في الآخرة وخلد التاريخ أسماءهم بحروف من نور

الحسينيات خصصت الليلة السادسة من المحرم لذكر أصحاب الحسين

واصلت الحسينيات إحياءها لليالي شهر المحرم الحرام، حيث خصصت الليلة السادسة لأصحاب الإمام الحسين (ع)، حسبما ذكرت صحيفة "الأنباء" الكويتية، إذ تحدث الخطيب الحسيني الشيخ علي غلوم في حسينية دار الزهراء (ع) حول تفسير مجمع البيان للطبرسي، والذي جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه خبر بعض أصحابه المجتمعين في دار عثمان بن مظعون، وقد عاهدوا أنفسهم على اعتزال الحياة والانقطاع إلى العبادة، وقد نهاهم الرسول عن ذلك وأمرهم بالاستنان بسنته.

وأضاف غلوم، ان الرسول صلى الله عليه وسلم جمع الناس وخطب فيهم قائلا: «ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا، أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهبانا، فإنه ليس في ديني ترك اللحم ولا النساء ولا اتخاذ الصوامع، وإن سياحة أمتي الصوم، ورهبانيتهم الجهاد، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان واستقيموا يستقم لكم، فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد، شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فأولئك بقاياهم في الديارات والصوامع»، لافتا الى ان الإسلام عمل على بناء الشخصية الإسلامية في عدة أبعاد، منها البعد الفكري والاجتماعي والأخلاقي والروحي، مبينا ان المقصود من البعد الروحي في شخصية المسلم هو الصلة الداخلية للمؤمن بالله تعالى وانشداده النفسي والعاطفي به، انطلاقا من الإيمان والحب والإخلاص والتقوى.

وأكد انه من خلال هذه العناصر الممثلة للبعد الروحي في شخصية المسلم، تتجلى عبادته، في صورة الصلاة والزكاة والصوم والحج والذكر وغيرها، وبمقدار ما تكون تلك العناصر أقوى، كانت صور العبادة أكثر وضوحا وجلاء وصفاء، وكلما ازداد حب العبد لربه، ازدادت صلاته خشوعا وكلما ازداد إخلاصه لله، كانت زكاته وعطاءاته المالية أقرب إلى الصور المحببة منها، كالعطاء في السر، مشيرا الى أهمية البعد الروحي، فقد حرص القرآن في مبتدأ نزوله على توجيه النبي صلى الله عليه واله وسلم والمسلمين إلى هذا المكون الرئيسي في شخصيتهم الإيمانية، كما في سورة المزمل (يا أيها المزمل، قم الليل إلا قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا، إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا، إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا، إن لك في النهار سبحا طويلا، واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا).

وتابع غلوم: من هنا نفهم أن التنمية الروحية لا تعني العزلة عن الواقع الذي يعيشه المؤمن، ولا تستدعي ذلك، وإن كانت العزلة المؤقتة مطلوبة، بصورة الانقطاع في جوف الليل للتعبد وتلاوة القرآن والمناجاة ومحاسبة النفس، او الاعتكاف في المساجد لأيام محدودة لاسيما في شهر رمضان، وقد شخص أمير المؤمنين علي (ع)، الخلل الواضح الذي أصاب المسلمين في البعد الروحي بعد أن فتحت لهم كنوز الشرق والغرب، وتنافسوا على الدنيا، واعتبر ذلك مرضا يجب معالجته ولو بصورة قاسية ليعود للشخصية المسلمة شيء من اتزانها الذي فقدته، ومن هنا زخرت خطابات الإمام (ع) بكل هذا الكم من التحذير من الدنيا والتزهيد فيها والتذكير بالآخرة والتخويف من الموت والتشديد على التقوى.

وزاد: «وبين أمير المؤمنين علي بوضوح أثر ضعف البعد الروحي في شخصية من تبقى من أنصاره بعد المعارك الثلاث التي خاضها ضد مناوئيه، فلم يستقيموا بعدها، وأذاقوا الإمام مرارة التمرد والتثاقل إلى الأرض» فقال: «أما والذي نفسي بيده، ليظهرن هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنهم أولى بالحق منكم، ولكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم، وإبطائكم عن حقي، ولقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فما أرى أحدا يشبههم منكم، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا، قد باتوا سجدا وقياما، يراوحون بين جباههم وخدودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفا من العقاب، ورجاء للثواب».

ولفت غلوم إلى أن الإمام الحسين (ع) شخص في خطبته العاشورائية الأولى موطن الخلل، ففي الخبر أنه: «دعا براحلته يوم عاشوراء فركبها ونادى بصوت عال يسمعه جلهم أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا، حتى أعظكم بما هو حق لكم علي، وحتى اعتذر إليكم من مقدمي عليكم، فإن قبلتم عذري، وصدقتم قولي، وأعطيتموني النصف من أنفسكم كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم علي سبيل، وإن لم تقبلوا مني العذر، ولم تعطوا النصف من أنفسكم، فأجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة، ثم اقضوا إلي ولا تنظرون، إن وليي الله الذي نزل الكتاب، وهو يتولى الصالحين»، فلما سمعت النساء هذا منه صحن وبكين، وارتفعت أصواتهن، فأرسل إليهن أخاه العباس وابنه عليا الأكبر، وقال لهما: «سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن»، ولما سكتن، حمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد وعلى الملائكة والأنبياء، وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره، ولم يسمع متكلم قبله ولا بعده أبلغ منه في منطقه، ثم قال: «الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال، فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا، فإنها تقطع رجاء من ركن إليها، وتخيب طمع من طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحل بكم نقمته، وجنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا، وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة، وآمنتم بالرسول ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته، تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليكم الشيطان، فأنساكم ذكر الله، فتبا لكم ولما تريدون، إنا لله وإنا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم، فبعدا للقوم الظالمين».

وتطرق غلوم إلى انصار الإمام الحسين (ع)، مؤكدا انهم أدركوا في كربلاء المعادلة التي ستحقق لهم النجاة في الآخرة وإن لم تحقق لهم النجاة من حر سيوف أعدائهم في ساحة المعركة ففازوا وسعدوا وكتب التاريخ أسماءهم بأحرف من نور.

وفي الحسينية الجديدة تطرق الشيخ مرتضى البالدي إلى الأنبياء وما كانوا يواجهونه من مصاعب ومتاعب في نشر دعوتهم للجميع، مؤكدا ان الانبياء والرسل والمصلحين كانوا يواجهون العديد من المتاعب والمشاكل مع السلاطين الطغاة والطبقة الفقيرة والضعيفة في المجتمع وابسط على ذلك زمن سيدنا موسى.

وأوضح البالدي: «هناك حالات يجب أن نسلط الضوء عليها وهي الطبقة الفقيرة والوسطى في المجتمع، وابسط مثال على ذلك هم بنو إسرائيل لأنهم اكثر الشعوب طغيانا وعصيانا وتمردا على الانبياء، وعندما أتاهم سيدنا موسى لإنقاذهم انقلبوا عليه متخاذلين مستشهدا بقوله تعالى (ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين)، لافتا إلى أن هؤلاء المستضعفين من ظلم فرعون وطغاة بني إسرائيل خذلوا سيدنا موسى، معللين ذلك بانهم اوذوا قبل قدومه وزاد اذاهم بعد قدومه، مستشهدا بقوله تعالى (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا، قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون).

ولفت البالدي إلى أن الإمام الحسين (ع) خذل يوم كربلاء عندما طالبه القوم بالقدوم إلى الكوفة ومبايعته، مشيرا إلى خطبة الإمام الحسين في يوم عاشوراء عندما واجه القوم قائلا: «تبا لكم أيتها الجماعة وترحا أحين استصرختمونا والهين، فأصرخناكم موجفين، سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم، وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا وعدوكم فأصبحتم ألبا لأعدائكم على أوليائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، فهلا لكم الويلات تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لما يستصحف، ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدبأ، وتداعيتم عليها كتهافت الفراش ثم نقضتموها، فسحقا لكم يا عبيد الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ومحرفي الكلم، وعصبة الإثم، ونفثة الشيطان، ومطفئي السنن، ويحكم أهؤلاء تعضدون، وعنا تتخاذلون».

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:16 ص

      صلى الله عليه وآله وسلم

      ليش تحذفون وآله؟
      هداكم الله..

اقرأ ايضاً