العدد 4910 - الإثنين 15 فبراير 2016م الموافق 07 جمادى الأولى 1437هـ

الشرق الأوسط... مطبخ للبلاء

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

 المستشرق برنارد لويس (عمره الآن تقريباً 100 عام) يُعتبَر من أكثر المفكرين الغربيين الذين أثروا في إعادة تعريف وتوجيه السياسة الأميركية نحو الشرق الأوسط في فترات ماضية. لويس لديه تعريف مختلف للشرق الأوسط، فهو يرى بأنّ نابليون بونابرت هو الذي أسّس منطقة «الشرق الأوسط»، عندما غزا مصر بسهولة في 1798، وهذا التعريف يختلف عن آخرين يرون أن الشرق الأوسط تشكَّلَ بعد اتفاقية «سايكس-بيكو» في 1916.

بالنسبة إلى لويس، فإنّ بونابرت دخل مصر وحكمها مؤقتاً، وإنّه بشَّرَ المصريين بأنّه سيُعَرِّفهم على قيم الجمهورية الفرنسية التي تأسّست على مفاهيم الحرّية والمساواة، وقام بإرسال نخبة من المصريين إلى باريس لاستلهام فلسفة الثورة الفرنسية. وعندما غادر مصر، تسلّمها البريطانيون، الذين واصلوا المسيرة ذاتها وأكملوا تشكيل ما سُمِّيَ لاحقاً بالشرق الأوسط.

لويس قال إنّ الشرق الأوسط الذي أسّسه بونابرت انتهى في العام 1991 بعد تحرير الكويت، وانتهاء الحرب الباردة، وبروز الولايات المتحدة الأميركية كقوّة عالمية منفردة في العالم، وإنّ منطقة الشرق الأوسط أصبحت أكبر من ذي قبل، واعتبر أنّها تمتدُّ إلى دول آسيا الوسطى. وتطوّرت هذه الأفكار لاحقاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، وما تبعها من تنفيذ نهج «تغيير الأنظمة» التي تضرُّ بمصالح أميركا. ذلك النهج استعان بأفكار لويس الذي طرح فكرة Bring Them Freedom Or They Destroy Us، بمعنى أن على أميركا أن تنشر الحرّية بالقوّة في بلدان الشرق الأوسط، وذلك قبل أن تتحوَّل هذه البلدان إلى بلاء يتسبّب في دمار الغرب.

ذلك النهج أوصَلَنا إلى ما نحن فيه؛ إذ اشتعل الشرق الأوسط، وذلك بعد أن تغيّرت قواعد اللعبة فيه، وتضاربت المصالح بشكل لم يتوقّعه أحد. فالأفكار التي بَشّر بها لويس وآخرون أصبحت الآن من الماضي، والاستراتيجية الأميركية تغيّرت، كما أن اللاعبين وتحالفاتهم تغيّرت.

في فترة سابقة، كان لويس وآخرون يضربون المثل بتركيا كأنموذج عصري ومعتدل للمسلمين، وجسر بين الغرب والشرق، أمّا اليوم فإنّ هذه التعريفات أصبحت لا معنى لها، وتحوَّلَ الشرق الأوسط إلى مطبخ للبلاء الذي يُمَزِّقُ مجتمعاته ويُخربُ بلدانه ويُصدِّرُ الإرهاب إلى مختلف بقاع العالم. الحرّية والديمقراطية والعدالة وغيرها من القيم السامية لا تُفرَضُ ولا تنزل من الأعلى، وإنّما هي تجارب يجب أن تمُرَّ بها الأمم وتقتنع بها، على أن ينتُج عنها أمن واستقرار وعزّة وكرامة.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4910 - الإثنين 15 فبراير 2016م الموافق 07 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:15 م

      ^^^

      دوله واحده في الشرق الأوسط هي سبب البلاء ، هي سبب الغمه ،، إن تم مواجهتها ستحل معظم مشاكل و بلاء الشرق الأوسط وبل العالم الإسلامي، ، لكن حاجة هذه الدول للمال فقط لا غير يمنع مواجهتها.

اقرأ ايضاً