العدد 4982 - الأربعاء 27 أبريل 2016م الموافق 20 رجب 1437هـ

"بنا": زيارة العاهل لمصر أسهمت بتدعيم التعاون الثنائي والعمل العربي المشترك

تعد زيارة عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحالية إلى مصر زيارة ناجحة بكل المقاييس وقد شهد بنجاحها الجميع لتكون زيارة تاريخية بامتياز، فقد حققت الزيارة أهدافها كاملة وأذنت بتاريخ جديد للعلاقات البحرينية المصرية زاهر ومفعم بالتعاون والأمل للشعبين الشقيقين نتيجة الجهود المضنية التي بذلتها قيادتا البلدين في الإعداد والتخطيط لتحقيق هذا الإنجاز الكبير ومن ورائهما فريق عمل استطاع تحقيق رؤية القيادتين بشكل سليم يستحق الثناء والتقدير.

وبدت رياح الأمل تهب منذ تم الإعلان عن الزيارة الكريمة لحضرة صاحب الجلالة الملك إلى مصر والتي جاءت بدعوة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لإرساء خطوات تدعيم التعاون الثنائي بين البلدين لتسير في المسار المناسب لها... وبدا الترحيب الكبير بالزيارة من الجانبين البحريني والمصري أول مؤشرات النجاح ومنح جميع المراقبين الثقة في أن هذه الزيارة لن تكون كغيرها من الزيارات السابقة وأنها تؤذن بميلاد فجر جديد للعلاقات ليس بين البلدين فقط ولا بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر فقط ولكن بين الدول العربية جميعها.

إن المتابع للزيارات المتتالية التي تمت من قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى مصر في الآونة الأخيرة والتي بدأت بزيارة خادم الحرمين الشريفين عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة الملك سلمان بن عبدالعزيز ثم زيارة ولي عهد أبوظبي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وتواصلت بزيارة عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يلاحظ أن جميعها يصب في إطار هدف واحد رئيسي وهو تدعيم قوة مصر في ظل إيمان القادة الثلاثة أن مصر هي بيت العرب وأن استعادة مصر دورها الإقليمي يعني تدعيم العمل العربي المشترك وبث الروح فيه من جديد بعد سنوات عجاف ذاق فيها الوطن العربي ويلات لم يشهدها في تاريخه أبداً إثر الفوضى الهدامة التي اجتاحت العديد من دوله وبذرت بذور الشقاق والحروب والتخريب والطائفية المقيتة حتى صار العالم العربي بحاجة إلى انتشاله من هذا المنحدر العميق الذي أوقعه فيه أعداؤه.

وقد قامت دول مجلس التعاون الخليجي بدور سيذكره لها التاريخ بحروف من نور في إنقاذ الأمة من هذا المصير المجهول فكان لها دورها المشهود في اليمن وفي سورية والعراق، وحمت الأمة العربية من الأطماع الإيرانية التوسعية ووقفت مع مصر وقفة مشهودة لاستعادة الأمن والاستقرار بها، وها هي مستمرة في أداء دورها رغم الأعباء الثقال لهذا الدور ولكن هكذا الرجال يصمدون وقت النزال والشدة فرغم المتاعب والمشاق لاتزال دول الخليج العربية تواصل دورها في إنقاذ الأمة العربية ولله الحمد فإن بوادر النصر ظهرت وها هي تذيق أعداء الأمة كؤوس الهزيمة يوماً بعد يوم.

إن مملكة البحرين بقيادة مليكها كانت من أوائل الدول التي أعلنت المشاركة في هذه المهمة التاريخية العظيمة وساهمت بما يفوق حتى إمكاناتها في هذا المجهود العظيم على عدة جبهات، لاستعادة الشرعية في اليمن وفي محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي وفي حماية الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية وفي حماية بحر العرب وفي حماية حياة اللاجئين السوريين... وها هو جلالة الملك يذهب لمصر ومعه فريق كبير لم تشهد علاقات البلدين له مثيلاً لتوقيع 20 اتفاقية تشمل مختلف المجالات وإعادة الروح للجنة البحرينية المصرية المشتركة وقد نجح جلالته في تحقيق ذلك وإيصال رسالة للعالم بأن مصر آمنة مستقرة.

وقد حرص جلالته خلال الزيارة على التأكيد على هذه المعاني الكبيرة حين شدد على أن المملكة ستسخر جميع إمكانياتها السياسية والاقتصادية لخدمة مصر، تعبيراً عن تقديرها لدور مصر العظيم في حماية المقدرات الوطنية.

وأعرب جلالته عن سعادته بنتائج اللجنة المشتركة بين مصر والبحرين والتوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في عدة مجالات، مؤكداً أن الزيارة ستشهد نجاحاً سيكون محطة قوية في تاريخ العلاقات بين البلدين.

وقد بادلت مصر جلالة الملك حبه الكبير هذا لأرض الكنانة بحب كبير أيضاً بدا جلياً في الترحيب الكبير والمنقطع النظير بهذه الزيارة من الرئيس عبدالفتاح السيسي وكل المسئولين والنواب وقادة المجتمع المدني واصطفاف أبناء الشعب المصري لتحية جلالته وتأكيد الرئيس السيسي وقوف مصر الدائم بجانب مملكة البحرين ضد أي تهديدات خارجية أو مساع للمساس بها، مضيفاً أن مصر القوية ستظل سنداً لأشقائها.

كما تم منح جلالة الملك قلادة النيل التي تعد أرفع وسام مصري، وذلك تقديراً للعلاقات التاريخية والوطيدة التي تجمع بين البلدين، بالإضافة إلى المواقف النبيلة التي اتخذها جلالة الملك إزاء مصر.

وعبرت وسائل الإعلام المصرية عن عظيم الامتنان لمواقف جلالة الملك ومملكة البحرين في دعم مصر وأفردت كبريات الصحف المصرية ومحطات التلفزة تغطية شاملة للزيارة وأهدافها مثنية على دور جلالة الملك وشعب البحرين في الوقوف إلى جانب القاهرة في هذه المرحلة التاريخية المهمة.

ولأن مصر هي ملتقى الأديان، حرص جلالة الملك خلال زيارته على زيارة رمزي الديانة الإسلامية والمسيحية في المنطقة، فزار جلالته الأزهر الشريف حيث أعرب عن عميق شكره وتقديره للأزهر الشريف على مواقفه الداعمة لوحدة شعب البحرين واستقراره، مؤكداً أن هذه المواقف المشرفة ليست بغريبة علي الأزهر المعروف بالوسطية والاعتدال والانتصار للحق، مضيفاً أن للأزهر وعلمائه دوراً رائداً في خدمة الإسلام والمسلمين منذ أكثر من ألف عام، منوِّهًا بالدور الحيوي والمهم الذي يضطلع به الأزهر الشريف في العناية بالثقافة الإسلامية الأصيلة وإعلاء قيم التسامح والفضيلة والخير.

كما زار جلالته الكاتدرائية المرقسية والتقي البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية حيث أكد جلالته أن الكنيسة لها مواقف مشرفة عبر التاريخ، وتعانقت منارتها مع منارة الأزهر الشريف، ونثمن دورها في ترسيخ قيم التسامح ونشر المحبة والسلام.

وهكذا كانت زيارة جلالة الملك لهذين المنبرين الدينيين المهمين في المنطقة تأكيداً لاهتمام جلالته وحرصه على تدعيم المؤسسات الدينية الوسطية لتكون قادرة على محاربة التطرف والإرهاب باسم الدين وتمارس دورها المنشود في حماية الشباب من الانضمام إلى المنظمات الإرهابية.

كما كانت الزيارتان من جلالة الملك رغبة في تعزيز التلاقي والحوار بين الأديان السماوية مما يساعد على نشر السلام والأمن والطمأنينة في ربوع العالم كله ونزع بذور التعصب والطائفية وجهود جلالته في هذا الصدد كبيرة ونتيجة لها نال جلالته جائزة منظمة التعايش بين الأديان والحضارات ومقرها الولايات المتحدة الأميركية في سبتمبر/ أيلول 2014. كما نجحت زيارة جلالته للمؤسستين الدينيتين الكبيرتين في تدعيم أواصر التعاون معهما وما سيتمخض عن ذلك مستقبلاً من أوجه تعاون مشتركة.

وجاء لقاء جلالة الملك مع أميني عام الجامعة العربية الحالي نبيل العربي والمنتخب أحمد أبوالغيط ليؤكد حرص جلالته على التباحث معهما حول هموم الأمة ومشاكلها وكيفية الخروج منها وتناول اللقاءان الوضع العربي الراهن وضرورة التضامن العربي في مواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة.

وتعهد الأمين العام الجديد للجامعة أبوالغيط لجلالته بأن يعمل على لم الشمل وخدمة الوطن، وكان وعده لجلالة الملك بأن تكون مملكة البحرين الدولة الأولى التي يزورها بعد انتهاء القمة العربية المقبلة المقررة في نواكشوط هو اعتراف آخر بالدور القومي الذي يلعبه جلالة الملك خدمة للأمة العربية.

وجاء في هذا الإطار تأكيد جلالة الملك أهمية مقترح مصر بإنشاء القوة العربية المشتركة تساهم في ضمان أمن واستقرار الأمة العربية وتكثيف التعاون العسكري بين البحرين ومصر وجميع الدول العربية من أجل تعزيز الاستقرار في المنطقة ككل.

إن هذه الجهود الكبيرة من جانب جلالة الملك لدعم العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين ومصر وتدعيم العمل العربي المشترك ومكافحة الإرهاب والعنف وتدعيم المؤسسات الوسطية المعتدلة كانت من أهم عوامل نجاح الزيارة التي قام بها جلالته لمصر، وإلى جانب ذلك الحب الكبير الذي يحمله جلالته لمصر وأهلها والرغبة الصادقة في أن تعود لأداء دورها الريادي والقيادي في المنطقة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً