العدد 4985 - السبت 30 أبريل 2016م الموافق 23 رجب 1437هـ

مناديل لجميع الاستعمالات

«سارق النعل» والأحذية في السابق وفي بيت الله الحرام الذي جاء للحج أو العمرة، لكنه وجد ضالته في سرقة نعل وأحذية الحجاج والمعتمرين أفضل مما طلعت عليه الشمس وغربت فراح يسرق النعل والأحذية ويبيعها ثم يسرق ويبيع مكوناً ثروة لا بأس بها، وفجأة يمسكه أحد الحجاج متلبساً ببيعه حذاءه الذي سرقه أصلاً، فما كان من هذا الحاج إلا أن مسح به الأرض أمام الحجاج لتنهار دموع «التماسيح» على خديه، لكنه لم ييئس وبحركة منه استخرج منديلاً لجميع الاستعمالات والسرقات يمسح به كذبه وسرقاته! فهل هذا المنديل لمرة واحدة؟ أو مثل المدمن على المخدرات، تارك الصوم والصلاة طول شهر رمضان، ثم تراه يوم العيد مع المأمومين في الصف الأول ورائحته النتنة في فمه وملابسه تنبعث منه رائحة المخدرات وهو يقرأ معه آية «إذ انبعث أشقاها» حتى فرغ الإمام من صلاته، وانفتل المأمومون، سُمع بكاؤه ونحيبه كنحيب الناقة أو البقرة إلى الشارع ومنديله أبو جميع الاستعمالات يقطر دموعاً لماذا؟ كي يحصد زكاة الفطرة يوم العيد! وحينما خرج لا يدري أين هو أصلاً لتعود حليمة لعادتها القديمة! إنني لا أجد استغراباً في هذين المثلين إنما استغرابي في مواقف أكبر حجماً، كمثل الشعبي الدارج «من باق بيضة باق جمل» فالناس اليوم تخطئ حينما يتصورون أن «المناديل» هي المناديل لم تتغير وتستخدم مرة واحدة وترمى في الزبالة، «ون يوزد» لا وألف لا، لأن المناديل هذه الأيام غير... فمناديل هذا الزمان تبقى رغم الممارسات والاستخدامات التي يستخدمها صاحبها فيها ورغم الأوساخ والمواقف النجسة لكنها لاتزال قوية كما يقولون بالعامية «وجه بليته» حتى أقرب المعنى، ولنبتعد قليلاً عن الحساسية، الشخصية القومية في العالم العربي الثالث، صاحب القلم الوطني والقومي متعدد الاستخدامات الذي عينه النظام العربي كمنديل، كبقية المناديل القومية التي يجندها يمسح به في المواقف الحرجة، متى ما أراد مسح زلاته وشوائبه وأخطائه ليدافع عنه، حتى أصبحت هذه الشخصية مضرب المثل، ألا تنطبق عليه آية «جمع مالاً وعدده» ؟ حيث يعتاش هذا القلم على راتب قوي جداً كوجه «بليته» ولسان، طول ربطة عنقه، وعينين زائغتين، ومركبة فارهة، وفيلا تطل على البحر، وعلاوات كثر وبدل سفر وإعانات واحترام وتبجيل في الإعلام ومن كل حدب وصوب، ثم فجأة يمسحه النظام من حاسوبه وتشكيلته كرجل بسبب سرقة مال عام، أو زلة لسان أو موقف صدر منه، فهل يكتفي بمسح دموعه بمنديل أبو مرة واحدة بسبب فضيحته وخسارته منصبه؟ لا وألف لا بل ستراه قد استخرج منديله أبو عدة استعمالات كغيره ومسح سرقاته، بدليل تراه قد عين في منصب آخر أسوأ من السابق، فهل يطلق على هذه الشخصية القومية منديل أبو مرة واحدة.

مهدي خليل

العدد 4985 - السبت 30 أبريل 2016م الموافق 23 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً