أنت تهرب منها بعيدًا في كل اتجاه، فلا تعرف لأجل الجلوس في هدوء أي اتجاه، قد فقدتها وسط ضجيج الطريق وجنون أفكارعقلك، وأصبحت حياتك كمن يركض في لا نهاية لا يعرف لمعاناته من نهاية، لكنك بمجرد أن تستشعر المساحات الخالية التي في داخلك، تلك المساحات الخالية من الأشياء التي يملؤها حضور قلبك، ستختبر تجربة جديدة مجهولة تحيط بك مثل الأذرع من كل جانب، إنك لم تر النور المخفي فيك بعد؛ لأنك صادقت الضجيج والزحام، وإحساسك المادي بالكيان، إحساسك المادي بوجودك، بنفسك الذي هو أضلك وأبعدك عن الحياة، إنه لا يعدو كونه وهمًا مؤقتًا حينما ينهار هذا الوهم ويتداعى لن يبقى إلا كيان من نور، وحتى ترى هذا الكيان، حتى تدرك وتحيا هذا الكيان، عليك أن تكون صامتًا ساكنًا بعدها ستحدث تلك المعجزة.
إن ما يظهر لك على أنه لا شيء، هو في الحقيقة كل شيء، وما يظهر على أنه شيء، سيختفي يومًا ولا يعود له وجود في أي شيء، كذلك هو الحب الذي في قلبك، لذلك أبحر إلى المساحات الخالية التي في داخلك، فإن كانت ذات صمت شديد عميق سحيق لتستشعر دقات قلبك التي هي تحتضنك، سترى كل من في العالم جميعا يضمك ويعانقك.
أبحر بعيدًا عن عقلك لتستشعر الحب، داخل صمتك، داخل سكونك واكتشف السر والخفاء الذي يحيا فيك، استشعرالنور في داخلك، استشعر معدنك ولا تظن نفسك أنك هذا الجسد، هذا العقل وهذه الأنا؛ لأنك لست كذلك.
علي العرادي
العدد 4985 - السبت 30 أبريل 2016م الموافق 23 رجب 1437هـ