العدد 5089 - الجمعة 12 أغسطس 2016م الموافق 09 ذي القعدة 1437هـ

شباب... قنابل!

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

سيكون من اللازم على الباحثين والمتخصصين في شئون علم النفس والمجتمع، سواء في البحرين أم في سائر الدول العربية والإسلامية، تكثيف دراساتهم وأبحاثهم وإصدار توصياتهم التي تمكن الجهات المعنية من (فهم واقع الشباب الخليجي والعربي)، فكلما اضطربت الأوضاع في هذه البقاع، كلما دفعت الشباب إلى مسارات غاية في الخطورة يلزم أن تتنبه لها، وإلا فإن واحدة من أخطر النتائج، وقوعهم في أحضان الإرهاب والدمار.

تشير إحدى الدراسات إلى رقم خطير، فهناك ما يزيد على 25 مليون عاطل في الوطن العربي يضاف إليهم سنوياً 3.4 ملايين عاطل سنوياً، وتوقعت الدراسة أن يصل عدد العاطلين من الشباب في الوطن العربي إلى 80 مليون عاطل.

الدراسة توضح أيضاً أن هذا العدد الهائل من العاطلين يتطلب ضخ نحو 70 مليار دولار لرفع معدلات النمو الاقتصادي في الدول العربية لخلق ما لا يقل عن 5 ملايين فرصة عمل سنوياً... هذا على مستوى الوطن العربي، لكن، ليس في يدنا ما يمنحنا دليلاً قويّاً على أن المستقبل سيكون مشرقاً بالنسبة لغالبية فئة الشباب والناشئة في البحرين!

لست متشائماً، ولكنني وددت أن أنقل تجربتي الشخصية مع فئة الشباب لنقترب - بشكل واقعي ودقيق - من صورة هي خافية عن الكثيرين وهي حالة «الضياع» التي تعيشها نسبة كبيرة من الشباب لربما سترفع مستقبلاً من معدل إصابتهم بالاكتئاب والأمراض النفسية على اختلافها... والأخطر من ذلك، ستخلق فئة متصادمة مع المجتمع ورافضة للقيم والتقاليد وهاربة من الحياة.

فئة كبيرة من الشباب في البلد، لم تعد راغبة لا في الدراسة ولا في التفكير في المستقبل! وليست صورة عدد كبير منهم وهم يسهرون حتى ساعات متأخرة من الليل في المقاهي رغم أن يوماً دراسياً ينتظرهم في الغد، هي الصورة التي تعطي حقيقة أوضاع الشباب، بل توزعهم في المجمعات التجارية وفي الإسطبلات وفي الأسواق حتى أثناء الدوام المدرسي، يجعل الخوف على مستقبلهم أمراً حتمياً.

نجحت قبل سنوات تجربة أطلقنا عليها اسم «رسالة المحبة» بين عامي 2003 و2004 بالتعاون مع بعض المراكز الشبابية والجمعيات واللجان الشبابية لتنظيم دورات تدريبية ومحاضرات، وكانت الدورات تشمل جانباً أكثر أهمية، وهو اكتساب المهارات في مجال تكوين الشخصية، وفي التخطيط للمستقبل، وتنظيم دورات أخرى في مجال تجاوز الأزمات النفسية وتغيير الأنماط الخاطئة، وخصوصاً في شأن تحسين النظرة إلى الحياة، بل كانت بعض اللقاءات تتم بطلب من الأهالي أنفسهم للاجتماع مع أحد أبنائهم أو بناتهم ممن يواجهون مشكلة في الشعور بصعوبة التأقلم مع حياتهم أو مع بيئتهم أو مجتمعهم.

نسبة كبيرة من الشباب، بدأوا يتأثرون كثيراً بالمغيبات... فما من مصاعب تواجه بعضهم في الدراسة، وخصوصاً في المرحلتين الثانوية أو الجامعية، حتى تجد البعض يعيد سبب المشكلة إلى الحسد أو إلى إصابته بمس من الجن، أو يعتقد بأن هناك من عمل له عملاً وخبأه في مكان ما، وذلك العمل، وربما فيه سحر، أثر على حياته كثيراً! والمشكلة الأصعب، هي أن البعض منهم تجده وقد استسلم تماماً للفكرة التي أصبحت تسيطر على حياته لتقلبها رأساً على عقب.

أود أن أقول للجهات المعنية في البلاد، وأولها وزارتا التربية والتعليم، والعمل والتنمية الاجتماعية، وزارة شئون الشباب والرياضة، إن فئة الشباب المثقف الذي ينضم إلى الجمعيات واللجان الشبابية، ليست هي النموذج الحقيقي للغالبية العظمى من شباب البلد! هناك الآلاف من الناشئة والشباب الذين يتوجب إنقاذهم عبر تنفيذ مشاريع وبرامج موجهة للأسرة البحرينية عموماً وفئة الشباب والناشئة خصوصاً، ويتوجب على الدولة تنشيط الأندية والمراكز الشبابية والمرافق التي يمكن أن تستقطب عدداً كبيراً من الشباب المتسكعين في كل مكان وفي كل زاوية اليوم في البلد... الآلاف من شباب القرى الذي تتلاقفهم المخاطر هنا وهناك، لم يعد لدى غالبيتهم شعور بأن الدراسة ستنفعهم يوماً، والفكرة الأخطر التي بدأت تترسخ في أدمغتهم هي أن طريق البطالة مفتوح بلا نهاية!

حتى الآن، نحن لا نتكلم إلا عن أمنيات وشعارات، ولاتزال مقولة «الشباب عماد الأمة» مفرغة من مضامينها!

ولو أردنا أن نقدم مثلاً واحداً فقط عما قدمنا لفئة الشباب المهملين أولئك والهاربين من الحياة والأمل والمستقبل إلى أحضان التسكع والضياع والتدخين وإدمان المخدرات والسرقة والفقر والجوع، ومن يريد من المسئولين أن يرى الأمر على حقيقته، فليتجول يوماً في القرى ليبحث عن مرفق يمكنه أن يوفر لأولئك الشباب الخدمات الترفيهية والثقافية والرياضية والتأهيلية.

*همسة: بعض المجتمعات، عجزت حتى الآن من أن تنجح في منع أعداد كبيرة من الشباب من تبني أفكار التكفير والتشدد والإرهاب، رغم برامج المناصحة والإرشاد والتأهيل... وبعضهم مستعد لأن يكون قنبلة مدمرة لا تبقي ولا تذر.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 5089 - الجمعة 12 أغسطس 2016م الموافق 09 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 1:46 م

      الله ياخد الحق

    • زائر 10 | 9:11 ص

      كل الشباب ليس لهم في البحرين منتجع ومركز شباب إلا جو ومنها لنعيم الجنة

    • زائر 8 | 2:14 ص

      شل فراق الي تتكلم عنه الي يخليك تخرب ديرتك وتقطع الطرق وصير م......

    • زائر 6 | 2:02 ص

      موضوع مهم الله يحفظ الشباب ويبعد عنهم الفاسدين , أن الحكومات عاجزة عن احتواءالشباب وايجاد طرق وضعهم ع الصراط المستقيم وابعاد الشرور المحدقه بهم , الله المستعان .

    • زائر 5 | 1:57 ص

      جيل الشباب هو رائد المستقبل رغم مرارة الظروف , يا فرج الله . اللهم صل على محمد وآل محمد .

    • زائر 7 زائر 5 | 2:04 ص

      الشباب طاقة و قوة كامنه مهدرة علينا الاستفاده منها , ولكن .

    • زائر 3 | 1:17 ص

      احذروا احذروا هناك تيار جديد خطير يغزوا عقول ابناءكم ورغم ثبات فشل التجربة ال....... والماركسية إلا أن البعض عاد لينفث في رمادها ليشعل نارها من جديد

    • زائر 2 | 1:10 ص

      ليس الإرهاب وداعش فقط: لقد عادت بعض المنظمات المشبوهة لفتح مواقع لها لكي تدغدغ غرائز الشباب عن بث فكرة الإلحاد والكفر بالأديان السماوية وتشجيع طرق الانحلال الاخلاقي .
      نعم هناك عمل دؤوب قائم على تخريب الفئة المتبقية من شبابنا والتي تنبذ داعش والارهاب لكي تستقطبها وتجذبها لفكر الالحاد واللاّ دين

    • زائر 1 | 11:01 م

      اصبت كبد الحقيقه يا استاد: وتقع المسؤليه على حكومة البلد فى الدرجه الاولى لتركها هذا الجيل للضياع.

    • زائر 4 زائر 1 | 1:45 ص

      الخليجى طيب وعايش ولاكن ايادي خفيه واري تدميره فكريا

اقرأ ايضاً