العدد 5094 - الأربعاء 17 أغسطس 2016م الموافق 14 ذي القعدة 1437هـ

قصة قصيرة...وحوش

قصة قصيرة - لطيفة راشد الميل 

تحديث: 12 مايو 2017

كنتُ سعيداً جداً بين أهلي وقومي... أعزف ألحان السعادة بغنج مستميت محاولاً استمالة قلب وطني... أدخل في ردهات فؤاده بشغفٍ متيم و أقبل عينيه التي تطأطئ خجلاً.. وطني عبارة عن غابة مُلِأت بالحشائش والأشجار والعيون النضاحة... ما إن تُلامس أقدامنا أغصان أشجارها حتى تقهقه فرحاً بقدومنا... تغرقنا دوماً بأبحر أفضالها.

ذهبتُ ذات صباح إلى إحدى الأشجار... أغني على غصنها وأتغزل بجمال قوامها الممشوق.. يأتي وحش ضخم البنية... سمين الجسم.. قاسي الملامح وفي يديه بندقية... يبدأ بإطلاق رصاصات غدره عليَ بوحشية وبلا رحمة... أستيقظ متألماً... مثخناً بجراحي... أرى نفسي في مكان صغير ومظلم... كظلام قلب ذلك الوحش.

جالت في خاطري فجأة صورة غابتنا الجميلة.. صوري أنا وإخوتي نلعب ونرتع بين الحشائش الخضراء... يقاطع ذلك الوحش اللعين ذكرياتي .. يتقدم نحوي... يضع على الأرض بعض الحبوب والماء... يذهب... أنظر إليه بحقد وهو يتوارى عن المكان كطيف خبيث... أبكي بحرقة... لماذا أنا هنا بعيد عن أهلي وموطني.. و لماذا أُستعبد هكذا وأستنشق كل هذا التهميش السافر... مضى وقت طويل وأنا حبيس هنا.. أستسلم.. لقد حاولتُ العثور على طريقة للهرب من هنا مراراً... ولكن هذا الوحش محكم تضييق الخناق عليَّ.

الأيام تمرُّ كحلزون سقيم... في كل يوم كانت وجبتي الوحيدة هي الخيبة.. أما شرابي فهو الوهن.. لقد طفِحت معدتي منهما و صارت تستغيث... لا أحد يسمع صراخها سواي أنا... بالطبع لا أستطيع فعل شيء سوى اللجوء إلى ربي الذي لن يخذلني.

كنتُ في موطني مبتسماً... لا أحد يقوى على نزع ابتسامتي و لو بشق الأنفس... أما الآن فأنا ضعيف جداً... أخاطبكم وقلبي يقطر دماً... رسالتي إلى كل بني جنسي... استمتعوا بالتحليق في هذه السماء الجميلة... وحذارِ أن تقتربوا من وحش اسمه الصياد... هو لم يأتي إلا ليخطف حرياتكم التي وهبها الله لكم.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • شويه أمل | 11:25 م

      قصه رائعه في نفس الوقت تتكلم عن الانسانيه .. اتمنى اليكي التوفيق اختي

    • زائر 7 | 4:06 م

      رغم افتقار القصة للحدث المتصاعد إلا أنها تعبر بصدق عن موهبة واعدة، من حيث لغة الوصف، وانتقاء العبارات والكلمات، المضمون الجميل طاغ فيها ولا يخطئه قارئ، لكنه يحتاج إلى نسجه ضمن حدث تعلو وتيرته باتجاه مفارقة مذهلة، مع تخلص الأديبة الصغيرة من لغة النصح، لقد اسمتعت كثيرا بهذه القصة

    • زائر 6 | 6:03 ص

      قصه جميلة
      مبدعه ما شاء الله عليج ❤️

    • زائر 5 | 4:19 ص

      إبداع

    • زائر 3 | 8:10 ص

      قصة جميلة جدا ، سلمت أناميلك الذهبية

    • زائر 1 | 2:15 ص

      هذه ليست قصة بل هي شبيهة بمقال اخلاقي وتعليمي اكثر.

اقرأ ايضاً