العدد 5118 - السبت 10 سبتمبر 2016م الموافق 08 ذي الحجة 1437هـ

15 عاماً على أحداث 11 سبتمبر

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

اليوم تمر الذكرى الخامسة عشرة على اعتداءات (11 سبتمبر/ أيلول2001). وهي الاعتداءات التي غيَّرت الكثير ودفعت في الوقت نفسه إلى تبني أفكار ومفاهيم أكثر تعصباً وتطرفاً، جعلت من عالم اليوم غارقاً في صراعات بين ما هو مقبول كمعتقد، وبين الإسلام السياسي والطرح المتطرف الذي استخدم لتفعيل وتشكيل تنظيمات جهادية تكفّر وتقتل وتلعب عبثاً في الأرض تحت حجج وأعذار مختلفة.

ولقد جددت التنظيمات الإرهابية موقفها عبر التهديد الذي بثه زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري ووعد بتكرار اعتداءات سبتمبر الإرهابية «آلاف المرات»، وقال: إن «الخلاص هو الدعوة والجهاد».

بالطبع، الظواهري وغيره ممن يسيرون على الفكر المتطرف، سيحتفلون بهذه الذكرى؛ لكن هذا الطرح خسر وتسبب في تحويل بلدان العرب والمسلمين إلى الخراب، هذا في الوقت الذي يشهد من يزور مدينة نيويورك (الهدف الأكبر لاعتداءات 11 سبتمبر) أنها لم تتراجع، ولم يؤثر ذلك على أهلها؛ بل بالعكس حُولت هذه الذكرى إلى شيء جميل، متحف تاريخي، وميدان عامر، يحمل في ذكراه مبادئ تدحر فكر الإرهاب والتطرف.

اعتداءات سبتمبر التي استخدمت كذريعة لبث الخوف والرعب في نفوس الأميركان، لم تنجح بعد مرور خمسة عشر عاماً، فمدينة نيويورك ليست مكاناً مُحاطاً بنقاط تفتيش وشرطة، هذا على العكس من فنادق ومناطق سكن تمتليء منافذها بنقتط التفتيش من كل مكان. بعد 15 عاماً تبدو المدن التي استهدفها الإرهاب أكثر عمراناً وأكثر حيوية، وأكثر أمنا من بلدان ومدن المناطق التي ترعرع فيها هؤلاء الإرهابيون.

تزور نيويورك والمدن الأخرى التي استهدفها إرهاب (11 سبتمبر) اليوم لتجدها أكثر أريحية على رغم ما حل بها، إذ تحولت اماكن الاعتداءات إلى متاحف وحدائق عامة، تحتضن أكثر من نصب تذكاري؛ تخليداً لضحايا الإرهاب، ومراكز تجارية، بينما بلداننا ومنطقتنا بكاملها أصبحت عكس ذلك وتم تدمير أهم متاحف الانسانية بعد تدمير الإنسان وثروات البلدان. ببساطة تحولت نيويورك وغيرها من الأماكن التي استهدفها إرهاب (11 سبتمبر) الى منبع حيوي لتجديد الانسان ودحر الارهاب، وتحولت إلى مقصد سياحي أكثر من ذي قبل، بينما ترى الأمر مختلفا تماماً حتى في المنطقة العربية، الغارقة في صراعات تقسم المجتمعات بلغة الكراهية وبحمامات دم غير منتهية.

إنَّ العالم العربي والاسلامي انقسم على بعضه بعضاً، وأصبح في السنوات الأخيرة مختلفاً على مستقبله، وتحولات التاريخ المرتبطة بالعام 2001 أكثر ألما لنا من الأميركان. لقد غيّرت هذه الاعتداءات وجه العالم حتى جعلت الصورة مختلفة في وقتنا الحالي، وأصبح العربي والمسلم متهماً، حتى ان قانونا جديدا في اميركا قد يفتح النار على حكومات وجماعات واشخاص بصورة لم تكن متخيلة من قبل. إننا اليوم نعيش مشاهد داخل مجتمعاتنا لم تكن موجودة من قبل، بدءاً من الحواجز وحصار المناطق ونزاعات وقتل واستغلال للنساء وللأطفال في أبشع صور، هذا في الوقت الذي يطالبنا العالم بالالتزام بأساسيات الحضارة وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الانسان.

وعلى رغم وجود الأزمات في المجتمعات الغربية التي استهدفها ارهاب 2001، فانها تخرج من تلك الأزمات وتجدد نفسها، بينما نغرق في المنطقة العربية في وحل الفكر الذي يكره الحياة ويكره الانسان ويحارب التنوع، وهو فكر فسحنا له المجال لينتعش في اوساطنا، نحن الأن اكبر ضحاياه، وشباب المنطقة يهلكون بسببه. مازلنا نعاني من مشكلة الخروج عن مفاهيم الاقصاء والتكفير إلى غيرها من المفاهيم التي تجعل التفكير يتوقف عند حد لا يتقبل فيه الفرد معنى التفكير النقدي، وتقبل الرأي الآخر، ولذلك فان مجتمعاتنا تضيق بالرأي الآخر ولا تسمح بالنقاش، ولذلك ايضا تمتلئ السجون بالمختلفين مع الرأي الرسمي. إن الإرهاب اشتد وازداد عنفاً وانتشاراً وتعددت تنظيماته وأنصاره في كل بلد، حتى بات بإمكان بعضها أن يسيطر على أراض شاسعة ليقيم دولته المتطرفة، ولينشر أفكاره إلى كل مكان خارج حدود البلاد العربية.

إن الإرهاب ليس في الواقع إلا تعبير عن حالة قلق عميقة أوجدتها مناهج لا تعترف بحق الانسان في العيش الكريم في بلاده، بل انها افكار تنظر الى ابن البلد وكأنه عدو يجب القضاء عليه ماديا أو معنويا عبر شطب كل حقوقه الأساسية... بعد 15 عاماً من أحداث سبتمبر، تعززت مكانة الانسان في كل مكان، الا في منطقتنا التي لاتزال تهدر طاقاتها بالقضاء على التعددية وعلى الأفكار الداعية للمواطنة والعدالة والمساواة.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 5118 - السبت 10 سبتمبر 2016م الموافق 08 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:49 م

      غريب منطقكم لقد تحيرنا واحتارت عقولنا معكم ساعة القاعده وداعش صنيعة أمريكية وغربية وساعة امريكا تعرضت الي هجوما إرهابي من نفس المنظمات الإرهابية ياجماعة الخير ارسو لكم على بر ورسونا معكم ولا هذي بعد تستخدم على حسب الأهواء.. الجواب لقد وصل العقل العربي الي حاله مزريه من قول الشي وضده في نفس الوقت وكل مشكلتنا عاجزون لذلك نظيرية المؤامره هي السلعة الجاهزة والسهله للاستهلاك والشماعه التي نعلق عليها فشلنا و المستوي الذي وصلنا له من اضمحلال في العقل والتفكير والتحليل والبصيرة نردد مايقوله الآخرين كالبقبقاوات دون منطق وبصيرة لذلك تجد مثقفينا ومفكرينا العرب في حال كئيب مزري .

    • زائر 7 زائر 6 | 5:02 م

      أقرأ مقال قاسم حسين

    • زائر 3 | 12:55 ص

      هم من خلق هذا الفكر ودعمه و11 سبتمبر ما هي الا احدى ارتدادات عملهم عليهم وقد استغلّوه ايضا افضل استغلال لضرب دول وشعوب

    • زائر 2 | 12:20 ص

      1

      أستاذي العزيز أنت ليس متابع جيد ؛؛ يوجد اعتراف من النافق بن لادن بأنه هو وزمرته من فعلوا هذا الجرم البربري والملف أغلق والآن أهالي الضحايا سيرفعون شكاوي ضد ممولي هذه العصابه وأتمنى أيضا تشمل هذه الشكاوى والدعاوى ضد "مدفدفي الإرهاب" مثل جناب حضرتك الكريم.

    • زائر 1 | 11:20 م

      تقول الكاتبة "اعتداءات سبتمبر" !! آية اعتداءات ومن قام بها؟ يا عزيزتي ما حدث هو عمل او ترتيب داخلي نفذته مافيا بوش الابن واتباعه وستظهر الحقيقة يوما ما وان غدا لناظره قريب .. هناك حركة يقودها الكثير من رجال العمارة والهندسة وخبراء السلامة الصناعية هدفها دراسة ما حدث من سقوط للبرجين في خلال دقايق معدودة وكذلك البرج. الثالث الذي لم يتعرض لأي هجوم بتاتا ..يقال تستطيع ان تخدع بعض الناس كل الوقت ولكنك لا تستطيع خداع الناس كل الوقت

اقرأ ايضاً