العدد 5 - الثلثاء 10 سبتمبر 2002م الموافق 03 رجب 1423هـ

مشكلة العضوية أم تضارب المصالح؟

من جمعية الصيادين إلى الصحافيين والمعلمين

في الظاهر، يتمحور الخلاف في جمعية صيادي الأسماك على مسألة العضوية، لكن المسألة تتعدى ذلك إلى اختلاف الدور الذي يعتقد كل طرف من طرفي المعادلة أن الجمعية معنية بالقيام به: هل تدافع عن البحارة والشغيلة، أم عن أربابهم، أم عن كلا الطرفين؟

يقول الناطق الرسمي باسم الجمعية وحيد الدوسري: «إن العضوية تشمل كل بحريني يملك رخصة صيد صادرة من إدارة الثروة السمكية، بغض النظر عما إذا كان يشغّل السفينة بنفسه، أم يشغّلها لصالحه بحارة آسيويون، ذلك أنه من الصعوبة إثبات من يتبع هذه الآلية أو تلك، لذا نلتزم الرخصة كمحك قانوني، كما هو شأن الجمعيات المهنية الأخرى التي تلتزم شهادة أو عرفا محددا وملموسا في قبول الأعضاء».

أما المعارضون لهذه الرؤية فيعتقدون أنه «يجدر التمييز بين مالك السفينة (أي المستثمر) وبين البحار الحقيقي الذي يمارس مهنة صيد السمك بنفسه»، ويقول عيسى حسن أحد المعارضين لتوجه الجمعية الحالية وتركيبتها بأنها «غير ممثلة للبحارة». ويطالب بإجراء استفتاء لمعرفة آراء البحارة في ذلك.

وكانت مصادر موثوقة قد أكدت إلى «الوسط» أن بعض أعضاء مجلس إدارة الصيادين هم إما «موظفون، أو متقاعدون، أو تجار، بعضهم فقط محترفون لمهنة صيد السمك». ولا يرضى محمد العريس إطلاق تسمية «محترف» على ملاك السفن، فالمحترف هو «البحار الذي يعيش أهوال البحر ومصائبه فعلا» كما يقول. أما جاسم المالكي فيعتقد أن «الجمعية أنشئت من دون تنسيق مع البحارة، لذا فإنها لم تفعل شيئا لهم».

في ظل ذلك، لم يكن مستغربا حدوث إرباك داخل الاجتماعات العمومية للجمعية. ففي فبراير/شباط الماضي، اضطرت الجمعية لتأجيل الانتخابات ستة أشهر، بعد تلقيها تعليمات من جهات رسمية، «كي يتسنى للبحارة غير المسجلين بالجمعية الانضمام إليها».

ولما حل الموعد الجديد في 27 أغسطس/آب الماضي، حدث أكثر مما هو متوقع، إذ تعالت الأصوات وتشابكت الأيدي بين من يعتقد أن إدارة الجمعية حذفت أسماء كثيرة من قائمة الذين يحق لهم التصويت (90 من أصل 240)، وبين من يرى أن المعترضين لم يلتزموا القانون حين تقديم طلباتهم.

الجمعية تصف تشكيلتها بـ «المتوازنة»، إذ تتكون من: «أربعة من سترة، أربعة من المنامة والمحرق، واثنان يمثلان الدير وسماهيج». وتتهم معارضيها «بالطائفية والعرقية» بحسب ما ورد في رسالة بعثتها إلى وزير العمل غداة المشاحنات التي واكبت الاجتماع الأخير. وطلبت فيها إجراء تحقيق فيما جرى من ممارسات «غير قانونية».

بينما المعارضون، كما يعبر حسين المغني، يعتقدون أن مربط الفرس هو «مصلحة البحارة، التي لا تدافع عنها الجمعية التي تؤيد عمليا الصيد بواسطة الغزل الذي يخرب المصائد، وأعاقت الاقتراح الذي تقدمت به الحكومة البحرينية إلى حكومة قطر للسماح للبحرينيين بصيد السمك في المياه الإقليمية القطرية، بشرط وجود نوخذة بحريني على السفينة».

ويضيف المغني: «حقيقة الصراع الدائر في الجمعية هو بين فئة تدعو إلى الحفاظ على ثروات البلاد البحرية، إذ لا يحتمل البحر كل هذا العدد من السفن، وبين من لا يهمه إلا زيادة دخله المادي، وبين من يؤيد المرسوم الملكي رقم (20) للعام 2002، الذي يشترط وجود نوخذة بحريني على كل سفينة، وبين من يعارض هذا القرار».

وترجع الجمعية تحفظاتها على تنفيذ قرار النوخذة البحريني إلى «وجود حوالي 500 بانوش، يدير غالبيتها الساحقة أجانب، و15 منها يديرها فقط بحرينيون، أي أن البحارة المواطنين غير متوافرين. ولما كان مالكو السفن أرباب أسر، وعليهم التزامات، فلا يمكن لهم أن يوقفوا أعمالهم». ولحل هذا الإشكال دعت الجمعية «وزارة العمل لتهيئة الكوادر اللازمة، وإذا وجد هؤلاء فنحن نرحب بذلك»، كما يقول الناطق باسمها.

الجدل الدائر - والذي لا يبدو أنه سينتهي - في جمعية الصيادين يعكس نموذجا لما هو حاصل في جمعيات أخرى أنشئت حديثا. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يشير المراقبون إلى جمعية المعلمين التي لا يرأسها معلم، وإنما إداري يعمل في وزارة التربية والتعليم.

وكان بعض المعلمين قد نبهوا مرارا إلى «سلبية ذلك على استقلال قرار الجمعية حاضرا ومستقبلا، وإضعاف قدرتها على اتخاذ مواقف متعارضة ورؤية الوزارة». لذا يفضل هؤلاء أن «تنحصر عضوية مجلس الإدارة في المعلمين العاملين في المدارس، ويعطى الإداريون في المدرسة، والاختصاصيون في الوزارة عضوية مشاركة لا تتيح لهم الترشح والانتخاب».

الوضع في جمعية الصحافيين البحرينية من ناحية العضوية والرئاسة يماثل حالة جمعية المعلمين والصيادين، إذ يرأسها رئيس تحرير صحيفة، وليس صحافيا. وهو بالضرورة - كما يعتقد بعض الصحافيين - ما يخلق تضاربا في المصالح، بين أعضاء الجمعية/الجمعيات وربابنة السفن، والصحافة - وإلى حد معين - المعلمين.

في نهاية القصة - وكأنها سيناريو مكتوب مسبقا - لجأ الصيادون والصحافيون إلى تأسيس جمعيات أخرى تمثلهم، ولن يستغرب إن فعل بعض المعلمين ذلك، رغم اعتراف الجميع بضرر التعدد النقابي

العدد 5 - الثلثاء 10 سبتمبر 2002م الموافق 03 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً