العدد 5 - الثلثاء 10 سبتمبر 2002م الموافق 03 رجب 1423هـ

المدارس تفتح أبوابها لـ 120 ألف طالب

عدنا... والعود أحمد

انتظم أمس أكثر من 120 ألف طالب وطالبة في 199 مدرسة بمحافظات البحرين كافة ليعلنوا بدء اليوم الأول في العام الدراسي الجديد.

«عدنا والعود أحمد»، عبارة رددها الكثيرون بهذه المناسبة التي اقتربت من يوم العيد، فكانت بداية جديدة للبعض خصوصا هؤلاء الذين ينتقلون من مرحلة إلى مرحلة، فيما كانت نهاية تحمل رصيدا من الذكريات للبعض الآخر.

الفرحة والحماس والحزن والقلق مشاعر اختلطت على أحاسيس الطلبة، بعضهم سعيد بانتهاء الإجازة التي أبعدتهم عن زملاء الدراسة، وبعضهم يشكو من عودة الواجبات والامتحانات والمسئوليات بعد اشهر من الاسترخاء.

«الوسط» كانت في موقع الحدث الأكبر يوم أمس، الشوارع التي عجت بالحياة، الزحام في الطرقات المؤدية إلى معظم المدارس، الآباء الذين يتسابقون لإيصال أبنائهم إلى مدارسهم قبل الاتجاه إلى مواقع العمل. وجموع الطلبة الذين يتزاحمون مع بعضهم بعضا ليبحثوا عن أصدقائهم، كلها كانت مشاهد تتكرر قرب كل مدرسة من المدارس الـ 199.

في زاوية من بوابة إحدى المدارس وقف سعيد محمد منزويا، يتأمل و ينتظر «علي» أحد أصدقائه الذين يعرفهم منذ العام الماضي. وعندما ظهر من بعيد انطلق إليه بشوق وانضم معه إلى جموع الطلبة الذين يمرحون وسط ساحة المدرسة التي احتضنت آمالهم وطموحاتهم في اليوم الأول.

أمّ محمد أوصلت ابنتيها للمدرسة، تركاها بسرعة لتخترقا البوابة التي تفصلهما عن الصديقات اللاتي لم تريانهن منذ مدة. علقت أم محمد قائلة: «هذا حماس اليوم الأول، لن يطول حتى ينتهي ويبدأ موّال الملل المعتاد من المدرسة والدراسة».

مريم شاكر تلميذة جديدة جهّزت ملابس المدرسة منذ الليلة السابقة، وباتت ليلتها تحلم بالمدرسة. أما أمّ بشاير فقد أحضرت بشاير التي ستنتقل إلى الصف الثالث الابتدائي بعد أن درّستها اللغة الانجليزية في العطلة الصيفية استعدادا لهذا العام. تسير أخت بشاير الصغيرة برفقة أمها بعد أن أصرّت على اللحاق بهما في مشوارهما المبكر إلى المدرسة. تنظر الصغيرة إلى البنات من حولها،تفكر في اليوم الذي تنضم فيه إليهنّ.

سارة ستذهب للصف الثاني الابتدائي بدت سعيدة بعودتها إلى المدرسة، وهي ترفض الحديث مع أحد، وتجري مسرعة للطابور.

مروة كانت تجلس في الفصل، لم تنضم للطابور، ببراءة قالت زميلتها: «مروة لا تستطيع السير لتنظم إلى الطابور». فقاطعتها مروة لتقول: « بل أستطيع». وحملت رجليها العاجزتين لتقف بصعوبة و تتلفت خشية أن يعلّق أحد على مشيتها. كانت مروة تعاني من إعاقة بسيطة في رجلها تمنعها من السير بشكل طبيعي، إلا أن ذلك لم يمنعها من التفاؤل في أول يوم دراسي.

وفي ركن بعيد من إحدى المدارس الابتدائية التي استطعنا حضور طابورها الصباحي اجتمعت طالبات الصف الأول الابتدائي برفقة أمهاتهن. تناديهن مربيات الفصول للذهاب إلى الصفوف. فتمسك معظمهن أيادي أمهاتهن خوفا أو قلقا من هذا المكان الجديد، تجلس الصغيرات ترمق الواحدة منهن الأخرى على استحياء لتتحدث الوجوه بما لا تقوله الشفاه. هل تصبح صديقتي؟ ربما أجلس إلى جانبها، حقيبتها أجمل من حقيبتي، دفترها عليه صورة «باربي»... وغيرها من الأفكار الطفولية. وقفت حوراء والدموع في عينيها، تمسك يد أختها بقوة ولا تريد أن تتركها. أختها تلك تنتمي للمدرسة نفسها، وبصعوبة اقتنعت حوراء أن أختها لن تذهب بعيدا وتفصلها عنها مجرد بضعة أمتار.

و بدا الأولاد على الطرف المقابل أكثر نشاطا، بين من يلعب ويضحك ويجري، كان هناك من يبكي... من بين هؤلاء محمد سمير الذي كان ممسكا بوالده والدموع تجري على خديه. تقول والدته أنه كان قبل عدة أيام مترددا في رأيه حول المدرسة. فتارة يقول: سأذهب وأخرى يقول: لن أذهب. يقول والده: «كان الليلة الماضية مستعدا للمدرسة وقد استيقظ باكرا في الخامسة والنصف فجرا ، و لا أدري ما الذي حلّ به الآن؟!

مرتضى مسعود كان يبكي في حضن أمه بشيء من الدلال، تقول أمه: لابد من أن تكون لبعض الأولاد ردة فعل في بداية العام (...) سيتأقلمون مع الوضع تدريجيا.

ووسط أجواء لا تتكرر عبّرت بلقيس عبدالله عن ضيقها وتذمرها فقالت: «ابني من مواليد يناير/كانون الثاني 1997، لم يقبل في هذه المدرسة مع أنه قبل في مدارس أخرى، لكنه لا يريد أن ينظم إلى أخوته في هذه المدرسة».

إدارة المدرسة أخبرت بلقيس أن عليها الانتظار لمدة أسبوع أو أسبوعين على الأقل للنظر في إمكانية قبول ابنها.

خلال ذلك، علّقت أحداهن: «إنه الواو... حرف الواو يسيّر كل شيء» وأكدت أمّ محمد على إن الواسطة لها دور كبير في قبول بعض الأولاد من دون غيرهم.

كانت تلك مشاهدات اليوم الأول في العام الدراسي الجديد، تلك المشاهد تتكرر دوريا بداية كل عام لتسجل مفارقات كثيرة تتجدد بالتفاصيل ذاتها ليتغير فيها الشخوص جيل بعد جيل

العدد 5 - الثلثاء 10 سبتمبر 2002م الموافق 03 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً