العدد 5157 - الأربعاء 19 أكتوبر 2016م الموافق 18 محرم 1438هـ

هموم المحامين (2)

نفيسة دعبل comments [at] alwasatnews.com

محامية بحرينية

سأتحدث في هذا المقال عن هم آخر نال من المحامين، وعلى رأسهم جمعية المحامين، مساحة كبيرة - من حديثنا - عن التفكير والعمل لرفعه، إذ لجأوا للقضاء؛ لبيان عدم مشروعيته، وبذلوا الجهد الكبير بوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي واللقاءات والاجتماعات مع ذوي الشأن، وهو رفع الرسوم المتعلقه بقيد المحامين وتجديده، فأصبحت مثلا 500 دينار للقيد بجدول المحامين في التمييز، و300 دينار للقيد بجدول المحامين المشتغلين، و250 دينارا للمحامين المتدربين، وقد زادت أيضا للضعف تقريبا رسوم التجديد للمذكورين.

ورفع الرسوم الواقعة على الأفراد ببعض المسائل كرفع رسوم الشطب مثلا من10 دنانير لـ50 دينارا، ورفع قيمة الصور التنفيذية من الأحكام من 5 دنانير لعشرة دنانير، وغيرها مما لايسع المقام ذكره.

وفي ذلك أقو، هل رفع سقف الرسوم الواقعة على المحامين والواقعة على الأفراد، كان بعد دراسة جدوى أم كان أحد القرارات التي تعالج الوضع المالي لوزارة العدل فحسب، وكما أنتجته حديثا غالبية الوزارات؛ لتحسين ميزانيتها، دون النظر أن هذا التحسين قد يسبب ضررا كبيرا للأفراد.

هل كان لذلك القرار رؤية واقعية وموضوعية أو لا، ولن أقول رؤية قانونية -رغم أن ذاك مرتبط بهذا- فالقواعد الأولى التي درسناها ونحن على مقاعد دراسة القانون، بأن لا يسن قانون دون دراسة واقعية وموضوعية، فتلك الدراسة ومدى تحققها تحقق الشرعية إليه.

وعليه، فعندما نتمحص في رؤية واقعية وموضوعية، نجد بأن بأن مملكة البحرين حاليا تعاني من اضطرابات مالية واقتصادية -ولانختلف على ذلك- امتد أثرها لكافة الأفراد بشكل عام، وبالتالي على طائفة المحامين بشكل خاص.

ولو تمعنا في النظر للواقع نجد بأن الناس بدأت من فترة ليست بالقليلة بالعزوف عن حق التقاضي، فصاحب الحق حديثا قد وضع أمامه أحد خيارين تفاديا للجوء للمحاكم وتبعاتها التي تبدأ بالرسوم التي ترتفع يوما بعد يوم، وبطء التقاضي، وبطء الإجراءات، وتأخر حصوله على حقه بشكل كبير؛ بسبب الجهاز القضائي والإداري المرتبط به، فإما أن يكون خياره هو تفويض أمره لله في حقه، أو يأخذ حقه بيده، وهذا الخيار الأخطر والذي ازداد في الآونة الأخيرة، حيث أخذ قانون الغاب مساحة أكبر عن سابق عهده، فازداد حجم الجرائم عن ذي قبل، وأهم أسباب تلك الزيادة هو إحجام الناس عن التقاضي؛ لشعورها بأنها تتكبد عبئا فوق عبئها، كما أوضحت، هذا بحسب نظرة قريبة المدى، أما لو نظرنا بنظرة بعيدة المدى، فإن كل تلك الأمور ستضعف عملية الاستثمار من قبل المواطنين وبالنسبة للأجانب أيضا، وبالتالي سيزيد الوضع الاقتصادي لمملكة البحرين سوءا.

أما بالنسبه للمحامين، فإحجام الناس عن حق التقاضي، ينتج عنه قلة وجود الحاجة للمحامين، يقابل ذلك الإحجام الزيادة التي تمت حديثا للرسوم المتعلقة بالقيد ورسوم التجديد للقيد.

كما أننا لو نظرنا للرسوم من زاوية تعريفه، فسيعتبر مبلغا رمزيا مقابل خدمة، فهل تعتبر المبالغ المأخوذة بالنظر لما كانت في السابق وما آلت له حاليا مبالغ رمزية؟ طبعا مع الأخذ في الحسبان طبيعة البلد الاقتصادية، وواقع حال ودخل أفرادها طبعا.

أما من رؤية إنسانية، فهل من المنصف أن يقوم المحامي المتدرب، والذي يعطى مبلغ دعم وقدره 200 دينار من وزارة العمل لمساعدته، بدفع 250 دينارا لوزارة العدل لقيده بجدول المحامين؟ هل مع ذلك الأمر سيرتضي الدخول في سلك المحاماة، أم أن ذلك الأمر من بين أحد الأمور التي ستجعله يعزف عن العمل في المحاماة، وقد يعزف عن العمل القانوني أيضا. اما المحامون الذين قطعوا شوطا فصار الاستمرار بالنسبه إليهم قدرا، فلن يكون بمقدورهم إلا السعي نحو إعادة النظر للقرارات التي تسن ويفاجأون بها يوما بعد يوم.

لن أتحدث عن شرعية أو قانونية تلك القرارات من العدم، ولن أطيل عليكم الحديث فيما قال الدستور من مجانية حق التقاضي، وما سارت عليه الدول المتقدمة بمجال القانون، وما تقدمه تلك الدول التي تعنى بالقانون للمحامين وللناس كافة في هذا الإطار من مجانية حق التقاضي أو رمزيته، فضلا عن الخدمات الكبيرة المرتبطة به.

وأخيرا، أقول حتى وإن افترضنا بأن تلك القرارات صحيحة قانونا وشرعية، لكنها وبهذا التوقيت الزمني لم تكن بمحلها الصحيح، فنحن الآن بحاجة لإعادة الناس للجوء لحق التقاضي وزيادة وعي الأفراد بأنه الطريق الأمثل لحقوقهم، وزيادة موجة الاستثمار من الاجانب والمواطنين لترغيبهم في ممارسة حق التقاضي، فأولى خطوات الترغيب ستتم من خلال الإعفاء من الرسوم وخفضها؛ نظرا للظروف الاقتصاديه للأفراد والبلد.

ولاشك في أن تلك المسألة يتأثر بها المحامون، فكلما أقبل الناس على ممارسة حق التقاضي، كلما كان للمحامين عمل من وراء ذلك الإقبال، وكلما أدبر الناس عن ممارسة ذلك الحق كان للمحامين هم من وراء ذلك.

كما إنني أجد بأننا نحتاج لتدعيم دور المحامين وعلى الأخص جمعية المحامين، ومشاركتها في القرارات المتعلقة بحق التقاضي، والصادرة عن وزارة العدل. وعليه آمل أن تتم المشاركة في القرار والمبادرة في ذلك من وزارة العدل، وذلك كون تلك القرارات متعلقة بالجانب القانوني والعدلي على حد سواء، والمحامون هم الأدرى بواقع المهنة، وذلك الحق كونهم على احتكاك مباشر بالقضايا والأفراد.

إقرأ أيضا لـ "نفيسة دعبل"

العدد 5157 - الأربعاء 19 أكتوبر 2016م الموافق 18 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 9:23 ص

      الي الزائر رقم ٧ ؛ أرجو مساعدتي :
      بعد ان صدر الحكم لصالحي و انا المدعي ، اتفق المحامي مع المدعي عليه بان يسلمه المبالغ التي صدر الحكم عليه بأقساط شعرية في مكتبه. دفع المدعي عليه. لم يسلم لي المحامي وكيلي اي مبلغ و لم يرد علي مكالماتي و طلباتي. راجعت المحكمة لم يعرضوا لي الملف الا بحضور المحامي. المحامي المحترم المعروف ترك المحاماة بعد حصوله علي منصب حقوقي مرموق. ماذا افعل و لمن أراجع؟. أدعو القرّاء لكتابة تجاربهم مع المحامين. ليعلم الجميع كم هناك من اصحاب المهن التي لا يغيرون علي أنفسهم.

    • زائر 4 | 3:51 ص

      عودة موفقة أستاذة
      بخصوص قانونية رفع الرسوم فمع الأسف هذا كله قانوني لان وزير العدل حصل على بصمة وموافقة (نواب الشعب) قبل رفع الرسوم لذلك موافقة السلطة التشريعية المنتخبة (من الناس) هي ما ادت للزيادة الكبيرة والجنونية ومنرفع دعوى في المحكمة الإدارية ومنخسرها لان كل شيء قانوني للأسف
      الحل الوحيد محاولة الوصول لتوافق ودي مع سعادة الوزير وانا اعرف دماثة خلقه وطيبته وان موضوع رفع الرسوم جاء مجبر عليه لكن يا سعادة الوزير أتمنى تخفضها قليلا وهذا الحل الوحيد وكلنا ثقة فيك
      عبدالعزيز الجار
      محامي

    • زائر 1 | 12:04 ص

      من هموم الموكلين:
      - استلام الاجور بواسطة المحامين مقدما وعدم العمل.
      - عدم إخبار الموكل بتطورات القضية.
      - عدم القيام بما يجب حتي لو كانت القضية سهلة و بسيطة. لامانع للمحامين علي الخسارة دون ان يرجف لهم رمش.
      - استيلاء المحامي علي المال المستلم من الدعوي و تقسيط دفعه للموكل ، هذا ؛ إن دفع.
      - عدم الامتناع من خداع الموكل و دفع مبلغ أقل له بأعذار مختلفة.
      - عدم الامتناع من استغلال وكالته للحصول علي كسب المال دون علم و موافقة الموكل.
      استمر او اكتفيتي؟ كتبتي و كأنك تدافعين عن مظلوم كربلاء !!

    • زائر 3 زائر 1 | 3:30 ص

      التعميم صفة الجهل

    • زائر 5 زائر 3 | 4:01 ص

      تعليقي كان علي أساس العمل مع معظم المحامين و العمل كخبير في المحاكم لأعوام طويلة. اذا هناك محام لا يشمله نقاط تعليقي، أرجو منه ان يتقدم و يعرف نفسه حتي نعرف المستثنين من التعميم و لم نقدر علي التعمق في إنجازاته و نقض ادعاءآته.

    • زائر 10 زائر 5 | 12:49 م

      السلام عليكم
      اخي الكريم لتكن راقي في اختيار كلماتك ، لا يجوز التعميم في أي شي ، انا محامي وعندي مكتب وموجود نظام نمشي عليه وحق موكلنا اهم شي بالنسبة لينا ،، قد يكون هناك صنف من المحاميين مثل ما تفضلت لكن ليس الجميع ، هنالك محاميين محترمين يعملون بكل امانة

    • زائر 6 زائر 3 | 4:05 ص

      اذا كنت محاميا، دون تقديم الدليل اتهمت شخصا بالجهل. هل هذه هي الطريقة المثلي للتمنطق و إثبات الرأي لدي المحامين؟ نورنا يا فهيم !!!

    • زائر 7 زائر 6 | 5:36 ص

      ارجو من كل موكل تم ظلمة من قبل المحامي او بخس حق او اهمال انيتقدم الى مجلس تأديب المحامين وذااك لوضع حد للاستهتار ان وجد

    • زائر 8 زائر 1 | 6:43 ص

      كانت عندي قضيه في المحكمه ووكلت محامي المهم يوم اللي بيستلم هبشة الفلوس يعاملني بأدب واحترام ويوم اللي بيحضر الجلسه نيابه عني لا يخبرني وش صار ولا يرفع التلفون وإذا رد يرفع صوته ريقل أدبه اخذ فلوس غضب وفي النهايه الغيت توكيله ولا سوى ولاااااااا شي

اقرأ ايضاً