العدد 5159 - الجمعة 21 أكتوبر 2016م الموافق 20 محرم 1438هـ

ليف النخلة وصناعة الحبال و«الكر»

الحاج حسن من النبيه صالح يعمل في صناعة الكر
الحاج حسن من النبيه صالح يعمل في صناعة الكر

ليف النخلة عبارة عن نسيج رقيق ينمو على جذع النخلة، ويتم الحصول عليه إما بعد قطع النخلة التي لا يستفاد منها أو التي لا تنتج ثمراً جيداً، أو يمكن الحصول عليه من النخلة النامية، وذلك بقطع السعف من قاعدته المرتبطة بالجذع (أي الكربة). وأحياناً يستخرج الليف من النخلة بواسطة عملية يدوية تعرف بـ «التمشيگ» أو «التمشيع» من دون اللجوء إلى أية عملية قطع. ويستفاد من ليف النخلة في العديد من الصناعات، والتي أصبحت نادرة في الوقت الراهن، كصناعة الحبال، وصناعة الأرسن (مفردها رسن)، وصناعة الكر، وصناعة البدود.

في الغالب، فإن العامل في صناعة الحبال يعمل أيضاً في صناعة الكر والبدود والأرسن. على سبيل المثال، الحاج علي بن يوسف الروساني، من كرزكان، كان يعمل في صناعة البدود والكر والحبال والأرسن، ومنه جاء لقبة الروساني. والرسن هو حبل تقاد به الدابة (يوسف وآخرون 2010، ص 88 - 89). كذلك، في الوقت الراهن، الحاج حسن من النبيه صالح، مازال يعمل في صناعة الحبال والكر بالطريقة التقليدية من ليف النخيل.

هذا، وقد سبق أن تطرقنا في الحلقة السابقة لصناعة البدود من ليف النخلة، وسنتطرق في هذه الحلقة لصناعة الحبال والكر من ليف النخلة، وكذلك صنع الحبال من عراجين النخلة.

صناعة الحبال

في دولة الكويت، يسمى صانع الحبال باسم الدماچ (أي الدماك)، وقد أشتق اسمه من عملية الدمچ أي البرم أو الفتل (جمال 2003، ص 278). والدماچ لفظة عربية فصيحة، جاء في معجم تاج العروس (مادة دمك): «دَمَكَ الرشاءَ دَمْكاً: فَتَلَه»، والرشاء هو الحبل، أي أن الدمك هو فتل أو برم الحبل، ومنها الاسم الدمَّاك أي صانع الحبل. وقد كانت الحبال قديماً تصنع إما من ليف النخيل أو من أنسجة العسگة (العسقة) أي عرجون عذق النخلة. وكانت هناك حبال الگمبار المصنوعة من ألياف جوز الهند، وقد كانت تستورد من الهند. أما الحبال الأكثر شيوعاً فهي الحبال التي كانت تصنع من ليف النخلة.

بعد عملية تمزيق الليف من النخلة، يوضع الليف في الماء حتى يبتل ويلين ويسهل استخدامه، وبعدها ينشف تحت أشعة الشمس، لكي يتفكك، يلي ذلك عمليتا الضرب والتمشيط بعده يصبح الليف جاهزاً لعملية صناعة الحبال. وتتم عملية صناعة الحبال على مرحلتين، المرحلة الأولية، وتسمى في الكويت الدماچ، والمرحلة الثانية وتسمى في الكويت الكسار (جمال 2003، ص 278).

فأما المرحلة الأولى أو مرحلة الدماچ، فيتم فيها دمچ أو برم القطع الصغيرة من الليف بواسطة راحتي اليدين، حتى يتكون منها حبل رفيع. وبعد ذلك تستخدم هذه الخيوط الرفيعة في صناعة حبل غليظ وقد يكون الحبل الناتج «مثنى» أو «مثلوث» أو «مربوع». وتتم عملية الكسار إما بربط قطع الحبال الرفيعة في إحدى أقدام الصانع ويتم برمها مع بعض باليد، أو يستخدم في ذلك آلة خاصة تسمى المكسار، وهي عبارة عن قطعة خشبية بها عدد من الثقوب، يتم إدخال الحبال الدقيقة داخل هذه الثقوب، ومن ثم يتم تدوير المكسار لتتم عملية برم الحبال (جمال 2003، ص 279).

وهناك أنواع أخرى من الحبال تصنع من عراجين النخيل، وتبدأ عملية صناعة الحبال من العرجون بترطيب العرجون وذلك بدفنه تحت الرمل بالقرب من ساحل البحر لعدة أيام ليتشرب بالماء ويسهل تفكيكه واستخدام أنسجته, وبعدها يتم إخراج العرجون من الأرض ويتم ضربه بقطع كبيرة من الخشب حتى يتفكك ويتحول إلى ألياف (جمال 2003، ص 278), بعد ذلك تبدأ عملية فتل الحبال بطريقة صناعة الحبل من ليف النخيل نفسها. وفي الغالب تستخدم الحبال التي تصنع من ألياف العرجون على ظهر السفينة، كحبل (الزيبل) الذي يمسكه السيب لإنزال الغيص وحبل (الإيدة) الذي يمسك به الغيص أثناء تحركه بحثاً عن المحار في قاع البحر (جمال 2003، ص 279).

صناعة الكر

الكر، هو أداة، تستخدم لركوب النخلة، وهو يشبه الحزام، وله جزء عريض لين يسند به الفلاح ظهره، وقد عرفته العرب منذ القدم باسم «الكر»، جاء في معجم لسان العرب:

«الكَرُّ: حَبْلٌ يُصعَد به على النَّخْل، وَجَمْعُه كُرورٌ، وقال أبوعُبَيْد: لا يُسمَّى بذلك غَيْرُه من الحِبال. قال الأَزْهَرِيّ: وهكذا سَماعي من العرب في الكَرِّ. ويُسوَّى من حُرِّ اللِّيف».

وقد كان الكر يصنع من الحبال القوية التي كانت تصنع من ليف النخلة، وعادة ما يقوم الدماچ أو صانع الحبال بصناعة الكر أيضاً. ويتكون الكر من ثلاثة أجزاء رئيسية هي:

1 - السيجة

هي الجزء من الكر الذي يستند إليه ظهر راكب النخلة، وهي عبارة عن مجموعة من الخيوط تم فتلها وبرمها وخياطتها مع بعض لتعطي شكلاً بيضاوياً له فتحة مستديرة في كل طرف. وتصنع السيجة بخيط مثلوث مصنوع من الليف. يتم لف الخيط حول نفسه بشكل بيضاوي، وبذلك تتشكل الخيوط الأفقية للسيجة، بعد ذلك تتم خياطته باستخدام إبرة وخيوط رفيعة أخرى تمثل الخيوط الرأسية. ويتم ترك كلا الطرفين خالياً من الخيوط الرأسية وذلك لصنع الحلقتين أو الفتحتين الجانبيتين.

2 - العظم

هو ذلك الجزء من الكر الذي يحاط بجذع النخلة، وكان يصنع من الخيوط الليفية الغليظة، وحالياً يصنع من الأسلاك المعدنية المبرومة مع بعض.

3 - الربگة (الربقة)

وتسمى أيضاً الوصلة، وتوجد وصلتان، وهي قطعة صغيرة تصنع من الحبال الغليظ، وهي تربط بين السيجة والعظم، بحيث تربط في حلقة السيجة من طرف وفي الطرف الآخر لها ما يشبه الحلقة تكون مع طرف العظم ما يشبه القفل، تفتح وتقفل.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:39 ص

      شكرا معلومات مفيدة عن شجرة شامخة واصيلة في ومتجذرة في اوال

اقرأ ايضاً