العدد 5164 - الأربعاء 26 أكتوبر 2016م الموافق 25 محرم 1438هـ

بالصور: مدرسة المعلم أيوب في الهواء الطلق في باكستان تخرج آلاف الأطفال من ظلمات الجهل


خرجت مدرسة المعلم أيوب جيلا كاملا من التلاميذ، تعلموا فيها القراءة والكتابة، لكنها وبعد ثلاثين عاما على تأسيسها في إسلام آباد ما زالت من دون جدران ولا سقف.

بعد ظهر كل يوم، يتوافد الأطفال من أحياء الصفيح إلى باحة في حديقة عامة واقعة في أحد الأحياء الراقية من العاصمة الباكستانية، ليتلقوا دروسهم لدى المعلم أيوب الذي يوافيهم راكبا على دراجته الهوائية.

وهذا الرجل ذو الشعر والشوارب الرمادية، والبالغ من العمر اليوم 58 عاما، متطوع في هذا العمل منذ ثلاثة عقود.

يعمل محمد أيوب في أحد أجهزة الإنقاذ الباكستانية، ويقضي عمله تحديدا بتعطيل الأجسام المتفجرة وإطفاء الحرائق، إضافة إلى ذلك، يواظب على تدريس الأطفال من بعد الظهر وحتى غروب الشمس، في بلد يعاني نقصا كبيرا في مؤسسات التعليم، ويقبع 24 مليونا من أطفاله خارج صفوف الدراسة.

أحد تلاميذ المعلم أيوب صار شابا في العشرين من العمر، وهو يدعى فرحات عباس، ويقول "لقد كنت في ظلمات الجهل وأنقذني منها المعلم أيوب مذ كان عمري تسع سنوات وكنت أعمل حينها في جمع الحطب".

وفاء لهذه المدرسة التي تخلو من الجدران والمقاعد وأي شيء سوى همة المعلم أيوب، تطوع فرحات ليكون معلما ثانيا إلى جانبه، فيما هو يتابع الآن دراسته الجامعية.

وعلى غرار فرحات، تردد على هذه المدرسة القائمة في الهواء الطلق آلاف الأطفال، منهم من صاروا يعملون اليوم في الإدارات الحكومية أو في التجارة أو غيرها من المهن التي ما كان لهم أن يدخلوها لولا المعلم أيوب.

خمسون تلميذا في الأسبوع الأول

بدأت المدرسة عملها في العام 1986، حين ترك مؤسسها بلدته الزراعية ماندي باهودين إلى العاصمة التي كانت متقدمة أكثر من المناطق الريفية بأشواط.

ويروي أيوب "حين وصلت إلى إسلام أباد، ذهلت برؤية الأطفال الصغار يعملون في الشوارع، يستجدون أو يغسلون السيارات أو يبيعون الورود، وتساءلت في نفسي كيف يمكن أن يؤول حالهم إلى هذا الحال في مدينة غنية كهذه".

وفي أحد الأيام، توجه إلى أحد أطفال الشوارع بالسؤال "هل تحب أن تتعلم"، فأجابه على الفور "نعم".

ويضيف أيوب الذي أنهى الدراسة الثانوية ولم يتابع التحصيل الجامعي كله "أعطيته دفترا وكتابا وقلما وممحاة، وبدأت بتدريسه".

في اليوم التالي، اصطحب الفتى رفيقا له، وبعد أسبوع صار عدد الأطفال الراغبين بالتعلم عنده يناهز الخمسين.

لم يكن هذا العمل خاليا من المصاعب، فكثيرا ما انزعج سكان الأحياء من رؤية صف دراسي للأطفال في جوار منازلهم، وانتهى الأمر بالمدرسة في حديقة عامة.

تأسست العاصمة الباكستانية في الستينات من القرن العشرين، وأريد منها أن تكون مركزا للنخبة السياسية والإدارية في البلد، لكنها الفقراء المقيمين فيها والعاملين في مهن متواضعة أو في منازل الأثرياء، يفتقرون إلى كل أشكال الخدمات.

مع الوقت، ظهرت على ضفاف المدينة مدن صفيح شكلت أحزمة فقر يعجز الكثير من سكانها عن وضع أبنائهم في المدارس.

قبل عامين، وصلت هينا شهباز البالغة من العمر 17 عاما مع عائلتها إلى إسلام أباد، لكنها لم تتمكن من دخول المدرسة لأسباب إدارية، فلجأت إلى مدرسة المعلم أيوب الذي وظف بعد ذلك علاقاته مع المسئولين المحليين لمساعدة الفتاة على دخول مدرسة حقيقية.

وهي اليوم تتابع دراستها في الرياضيات، وتخصص جزءا من وقتها لرد الجميل للمدرسة التي أنقذت مستقبلها، فتتولى تدريس التلاميذ من الأعمار الصغيرة.

بدايات شاقة

كانت السنوات الأولى للمعلم محمد أيوب في رسالته التعليمية شاقة، حتى انه وجد نفسه ذات يوم قيد التحقيق للاشتباه في انه مبشر مسيحي.

وبعدما زالت هذه الشبهات، بدأ يكتسب احتراما لدى السلطات المحلية ترجم بمنحه ميداليات من وزارة التعليم في العام 2012 ومن القصر الجمهوري العام الماضي.

لكنه يشدد على انه لا يفعل ذلك طلبا للتقدير من احد، بل ليساعد "هؤلاء الأطفال الذين أن لم يتلقوا تعليما سيقعون ضحية للاستغلال وقد يصبحون مجرمين أو إرهابيين".

ويضيف "أريدهم أن يتعلموا ليصبحوا أطباء ومهندسين وعناصر في الشرطة والجيش".

ينظر المعلم أيوب بشيء من القلق إلى مستقبل مدرسته من بعده، وهو اليوم يقارب الستين.

ويقول "لقد اشتريت أرضا ويجري الآن بناء غرفتين فيها، أريد أن أترك من بعدي مؤسسة تواصل إضاءة طريق الأطفال بالعلم".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:45 ص

      العلم نور خله ادرسهم \\ بس لايجيبونهم البحرين احنه مو ناقصين الي عدنه الووف منهم الله خلصنه منهم

    • زائر 3 | 3:40 ص

      جيبوهم البحرين في مكان ليهم

    • زائر 2 | 3:29 ص

      هذا ما يريده الله من الانسان مساعدة الناس بشتى الطرق وفي كل مجال. وليس التدمير والقتل كما تفعل داعش والقاعدة.

    • زائر 1 | 3:27 ص

      ونعم الرجال لكن هل هي مدرسه رسميه ...هل يحصل الطالب على شهادة تخرج مثلا

    • زائر 5 زائر 1 | 3:46 ص

      نعم يحصل على الشهادة والوظيفة في الحكومة ههههههههههههه

    • زائر 6 زائر 1 | 3:46 ص

      والحل يعني ما تشوف واحد يرد على التعليق هذا انت المفروض دارس ؟؟؟؟!!!!!!

اقرأ ايضاً