العدد 5210 - الأحد 11 ديسمبر 2016م الموافق 11 ربيع الاول 1438هـ

الممثل الإقليمي لـ «UNEP»: «خليج توبلي» بحاجة لإدارة متكاملة...والتغير المناخي أبرز المخاطر البيئية في البحرين

المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) في غرب آسيا متحدثاً إلى «الوسط»    - تصوير : محمد المخرق
المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) في غرب آسيا متحدثاً إلى «الوسط» - تصوير : محمد المخرق

أكد المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) في غرب آسيا، إياد أبو مغلي، أن محمية خليج توبلي بحاجة لإدارة متكاملة، ولمعرفة حجم ونوعية المياه التي تدخل أو تخرج منها، وقياس نسبة التلوث فيها بانتظام.

واعتبر في لقاء مع «الوسط» أن التغير المناخي من أبرز المخاطر البيئية، التي تهدد البحرين، باعتبارها دولة جزرية، وأن ذلك يتطلب من البحرين اتخاذ الخطوات للتكيف مع هذه الإجراءات، بوضع مصدات ورفع مستوى الأبنية والطرق.

وفيما يأتي نص اللقاء مع أبو مغلي:

ما هو الدعم الذي تقدمونه إلى البحرين لإيفاء التزاماتها الدولية لاتفاقية مونتريال؟

- بروتوكول مونتريال بدأ مع بدايات الأمم المتحدة لمكافحة ما يسبب ثقب الأوزون، إذ اكتشف العلماء أن هناك مواد كيميائية يتم استخدامها في الممارسات اليومية وتسبب ثقب الأوزون واتساعه، ومنها المواد المستخدمة في مزيلات العرق والمستخدمة بشكل عام في قناني الرش، بالإضافة إلى المواد التي تستخدم في التبريد، كغاز الفريون، والذي كان يستخدم في الثلاجات وأجهزة التكييف وكل العمليات الصناعية والتجارية الأخرى التي تستخدم في أجهزة التبريد.

إذ اتفقت 193 دولة على الحد من استخدام هذه المواد، وأنشئ صندوق بروتوكول مونتريال لمساعدة الدول على التكيف والتقليل من استخدام هذه الغازات ومنعها فيما بعد، والتحول لاستخدام غازات صديقة للبيئة، وبالفعل تم إيجاد غازات بديلة لهذه الأجهزة.

والبحرين وقعت على هذه الاتفاقية والتزمت بالتخلص من هذه الغازات في صناعتها واستخداماتها، وبالفعل نجحت البحرين في التوقف تماما عن استخدام هذه الغازات واستخدام الغازات البديلة التي كانت مطروحة في هذا الوقت.

وبمساعدة من الأمم المتحدة للبيئة والبروتوكول، تمت مساعدة البحرين في عملية التخلص هذه، وخصوصا على صعيد الصناعات التي تستخدم التبريد في صناعتها، وذلك تحت إشراف المجلس الأعلى للبيئة.

وما هي المدة التي استغرقتها البحرين للتخلص من هذه الغازات؟

- بدأ العمل على هذا الأمر منذ تسعينات القرن الماضي، ونعمل الآن على أمور أخرى طرأت، بعد أن اكتشف العلماء أن الغازات البديلة التي استخدمت، تسبب التغير المناخي، وهي غازات الدفيئة.

وقبل أسابيع في مؤتمر كيغالي بإفريقيا، وقعت الدول من جديد على اتفاقية للحد من استخدام هذه الغازات، وبالتالي يجب أن تلتزم كل الدول بإيجاد بدائل للتقليل من استخدام هذه الغازات واستخدام الأخرى الصديقة للبيئة.

وما هي هذه البدائل؟

- البدائل متوافرة، لكن العلماء لم يقتنعوا بها تماما، لأنها يجب أن تكون في متناول الأيدي، بمعنى أنها متاحة صناعيا، ومجدية اقتصاديا وصديقة للبيئة، وبالتالي هناك معايير لإيجاد بدائل. والتحدي الذي تواجهه البحرين ودول الخليج بشكل عام في هذا المجال، أنها من أكثر دول العالم حرارة، وبالتالي فإن استخدامها للتبريد أعلى ما يكون.

ومن ضمن المساعدات التي قدمناها في إطار بروتوكول مونتريال، تدريب ضباط الجمارك في الكشف عن ومنع المواد الكيميائية من التصدير والاستيراد والتداول.

وخصوصا أن ثقب الأوزون يسمح بمرور أشعة ضارة تسبب سرطان الجلد، وخصوصا لمن يقومون بتسمير البشرة.

قدمتم للحكومة الدعم لإعداد البلاغ الوطني الثالث بشأن اتفاقية التغير المناخي، فما هو هذا الدعم؟

- البحرين وقعت على اتفاقية التغير المناخي، وهذه الاتفاقية تطلب من الدول إصدار تقارير دورية عن استخدامها والإجراءات المتبعة في التخفيف والتقليل من استخدام غازات الدفيئة، ومنها غاز ثاني أوكسيد الكربون والميثان والكبريتات وغيرها، وبذلك يتطلب من هذه الدول إجراء جرد لغازات الدفيئة في كل المصانع وكل الممارسات التي يقوم بها القطاع الحكومي أو الخاص، بما يتضمن الصناعات النفطية ومعالجة النفايات، وقطاع المواصلات والأنشطة الإنسانية، فالتقرير يقوم بجرد ويضع خطة استراتيجية للتقليل من هذه الغازات.

مثلا تحسين كفاءة إنتاج الطاقة من مشتقات النفط، ومعالجة النفايات بطريقة صحية وسليمة تقلل من انبعاث غاز الميثان، والتقليل من أثر النقل والمركبات على التغير المناخي، مثل استخدام وسائل نقل عامة، وهناك حاجة لتوسيع وتيرة هذه المواصلات وزيادة مسارات هذه الباصات، والتفكير في الباصات التي تعمل على الطاقة الكهربائية لا الديزل أو البنزين، أو القطارات أو قطارات الأنفاق.

هل تعتقد أن الازدحام الذي تشهده شوارع البحرين يسير في عكس خطط التقليل من انبعاثات غازات الدفيئة؟

- لا شك في أن أزمة المواصلات تنتج من عدم وجود استراتيجية وطنية للنقل تأخذ في الاعتبار الأثر البيئي.

وهناك إجراءات قامت بها بعض الدول للتخفيف من آثار التغير المناخي، وتسمح بمرور السيارات الفردية في يوم ما والزوجية في أيام أخرى، وهي مطبقة في الكثير من دول العالم.

كما يتم في دول تخصيص مسارات في الشوارع السريعة، للسيارات التي يستقلها شخصان أو أكثر، وتمنع السيارات براكب واحد من السير في هذه المسارات، لتحفيز استخدام السيارة من قبل أكثر من شخص، ودبي بدأت بالتفكير للعمل وفق هذا النظام.

وهناك الكثير من الإجراءات التي تقلل من استخدام السيارات، من بينها وضع ضرائب على استيراد السيارات.

ألا ترى أن هناك مشكلة في تقبل الناس لفكرة تغيير عاداتها حفاظا على البيئة؟

- القيادة ليست فقط محفزا وإنما نموذج يحتذى به، فممارسات الأشخاص الذين يضعون الاستراتيجيات والقوانين والأنظمة تؤثر على الشعب بأكمله، فالتغيير يبدأ بالنفس.

وربما هنا أود الإشارة إلى عدم وجود قانون في البحرين يجبر المباني على استخدام الطاقة الشمسية أو أية طاقة ثانية، ولكن الأمر الجيد أن الحكومة البحرينية وضعت في خطتها الاستراتيجية تنويع مصادر الطاقة، الأمر الذي يفتح المجال للصناعات أو القطاع الخاص والأفراد باستخدام بدائل سليمة بيئيا لإنتاج الطاقة، وهذا يحتاج إلى معايير وقوانين منظمة.

ما هي ملامح الاستراتيجية الوطنية بشأن تغير المناخ؟

- الاستراتيجية هي جزء من البلاغ الوطني الثالث، وحتى يتم التوقيع على اتفاقية باريس طُلب من دول العالم إرسال تقارير تحدد طموحات الدول في التقليل من غازات الدفيئة، وما يسمى بالمؤشرات الوطنية للالتزامات الطوعية، ومعظم دول العالم -ومن ضمنها البحرين- قدمت هذا التقرير، والبحرين التزمت بالتقليل من إصدار هذه الانبعاثات، وخرجت بتوصية بالتقليل من هذه الانبعاثات حتى العام 2020 بنسبة تصل إلى 14 في المئة.

وطلب بعد توقيع اتفاقية باريس إعادة إصدار مثل هذا الالتزام الطوعي ليتناسب مع الاتفاقية الطوعية الجديدة بالإبقاء على درجة حرارة الأرض درجتين مئويتين أقل، فالالتزامات التي قُدمت من دول العالم لا تحقق هذا الطموح، لذلك طلب من هذه الدول تقديم التزامات طوعية أكثر طموحا.

وما الذي تستطيع البحرين تقديمه في هذا المجال؟

- نأمل أن يكون تقرير البحرين المقبل رقميا ومحددا بالتزامات تتعلق بالتخفيف من الانبعاثات بنسبة 14 في المئة، وأن تنتج «صفر كربون»، مثلما التزمت دبي أن يكون إنتاجها من الكربون صفر بحلول العام 2050.

وهذا الأمر يمكن تحقيقه، وخصوصا بالنسبة للبحرين؛ لكونها دولة صغيرة وليست لديها انبعاثات عالية، ويمكن أن تحول طاقة الكهرباء كليا إلى طاقة متجددة، وهناك دول كثيرة بدأت في هذا المجال، فـ20 في المئة من إنتاج دبي من الطاقة الشمسية للكهرباء، والأردن تسعى لأن يكون إنتاجها 20 في المئة، ومصر إنتاجها 14 في المئة من الطاقة المتجددة، وألمانيا إنتاجها 80 في المئة. فالبحرين إذا أنشأت مزارع الطاقة الشمسية يمكنها تحقيق ذلك، ويمكنها تحويل الصناعات النفطية لإنتاج الطاقة إلى صناعات بتروكيمائية عالية الجودة منخفضة التأثير على البيئة، واستخدامات أمثل للصناعة والزراعة، ويجب أن أشير في هذا المجال إلى الكويت التي بدأت بتحويل صناعاتها النفطية لإنتاج صناعات قليلة الكربون.

وما نوع الدعم التقني الذي ستقدمونه لتطوير استراتيجية التنوع البيولوجي في البحرين؟

- من أهم مقومات البيئة في أية دولة، التنوع البيولوجي، وهو تنوع الكائنات الحية النباتية والحيوانية، مثل النخيل والغزلان والحياة البحرية، فالاستراتيجية حددت الأنواع الحياتية الموجودة في البحرين، وتم بالتعاون مع المجلس الأعلى للبيئة حصر كل النباتات ووضعت خطة عمل لحمايتها والحفاظ عليها، والبحرين وقعت على الاتفاقيات الدولية التي تنظم الاستخدام المستدام للتنوع الحياتي أو البيولوجي.

وهل شملت الإستراتيجية محمية خليج توبلي؟

- بالطبع، وربما المحمية بحاجة الآن إلى خطة متكاملة لإدارتها، وخصوصا لمعرفة حجم ونوعية المياه التي تدخل أو تخرج منها، وقياس نسبة التلوث فيها بانتظام، وأن يتم استخدامها كموقع سياحي بيئي، وكل ذلك يجب أن يتم وفق معايير عالمية.

ماذا عن الدعم الذي تقدمونه لتطوير مواقع المحار؟

- هناك مشروع بالتعاون مع جهات أخرى لإجراء تقييم لمواقع اللؤلؤ في البحرين، وتم تحديد أكثر النقاط سخونة، بمعنى المناطق التي تتعرض للتلوث بسبب النشاطات الإنسانية، منها حركة السفن والصيد الجائر والردم، ووضع خطة عمل بإشراك المجتمع المحلي والصيادين في هذا الشأن، بغرض الحفاظ عليها وإعادة تأهيلها.

فإنتاج اللؤلؤ في هذه المواقع قل كثيرا، وابتعد اللؤلؤ عن أماكن وجوده الأصلية، ولإعادة تأهيلها، تتم إدارة الحركة البشرية حول هذه المناطق، والتقليل من الصيد في هذه المناطق، وتنظيم عمليات الردم بعيدا عنها.

إلى جانب تأثيرها على مواقع المحار، ما هو الأثر البيئي لردم السواحل؟

- لا شك في أن ردم السواحل له تأثير بيئي سيئ، ولكن يجب اتخاذ إجراءات التكيف للتعامل معه، من خلال إجراء تقييم بيئي للسواحل والثروة الحياتية البحرية، وتحديد الأماكن الخطرة التي قد تتعرض للدمار أو التلوث أو الاختفاء، ومن ثم إبعاد نشاطات الردم عن هذه الأماكن، وإذا كان لا بد من اتخاذ هذه الإجراءات، فلا بد من اتخاذ الإجراءات البيئية التي تحمي هذه الموائل البحرية أو تعيد تأهيلها.

فدبي على سبيل المثال، اتخذت عدة إجراءات للحفاظ على الشعب المرجانية المحيطة بشواطئها، من بينها نقلها إلى مواقع أخرى بعيدة عن الضرر، ووضع هياكل تعيد بناء الشعاب المرجانية من جديد. وأود أن أشير في هذا الإطار، إلى مشروع مع مجلس التعاون الخليجي لإجراء مسوحات بشأن الخليج العربي ووضع الخطة الاستراتيجية لحماية مياهه من آثار الردم، ووضع القوانين المنظمة لذلك، وذلك بالتعاون مع المنظمة الإقليمية لحماية الحياة البحرية.

بشكل عام، ما هي المخاطر البيئية التي تهدد البحرين؟

- التغير المناخي من أبرز المخاطر البيئية، لأن البحرين دولة جزرية، والمعروف أن الجزر الأكثر تأثرا بالتغير المناخي، لأن مستوى الأرض منخفض وتقريبا متساو مع مستوى سطح البحر، وأي ارتفاع في منسوب سطح البحر يسبب غرق المناطق الساحلية، لذلك يجب اتخاذ إجراءات التكيف مع احتمال ارتفاع مستوى سطح البحر، وهذا ما يتطلب من البحرين اتخاذ الخطوات للتكيف مع هذه الإجراءات، بوضع مصدات ورفع مستوى الأبنية والطرق، وهذه الخطط جزء من الاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي.

وأود في الختام، أن أشكر مملكة البحرين على استضافتنا ودعمنا في تسهيل عملنا بالمنطقة العربية بشكل عام، وتسهيل عقد المؤتمرات الإقليمية في البحرين، ونفخر بوجود جائزة الأمير خليفة للتنمية المستدامة والتي تؤكد دعم البحرين العالمي للتنمية المستدامة.

العدد 5210 - الأحد 11 ديسمبر 2016م الموافق 11 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:16 ص

      ستظل كارثة تدمير خليج توبلي ووضع البحرين البيئي المتردي عامة والمعامير خاصة وثيقة ادانة ....لاتسقط بالتقادم

    • زائر 1 | 1:13 ص

      لا حياة لمن تنادي .. همهم نفسي نفسي

اقرأ ايضاً