العدد 5247 - الثلثاء 17 يناير 2017م الموافق 19 ربيع الثاني 1438هـ

مقبلون على أعوام عجاف

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

توقعت شركة التصنيف الائتماني «موديز»، وهي إحدى أهم ثلاث وكالات للتقييم الائتماني في العالم، أن ينمو عجز موازنة البحرين بنحو 10.2 في المئة وذلك في العام 2017 وكذلك في العام 2018.

كما توقع البنك الدولي أن يستمر عجز الموازنة العامة للبحرين في الثلاثة أعوام المقبلة، قبل أن تتقلص لنسبة تقارب الصفر في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2019.

دول الخليج الأخرى ستكون أفضل حالاً من البحرين، حيث ستتمكن كل من السعودية وسلطنة عمان، اللتين تسجلان عجوزات مالية في الوقت الراهن، من تغطية العجز وتحقيق وفورات مالية بحلول العام 2019.

الوضع الإقليمي السياسي متوتر، يواكبه وضع مالي متأزم، فيما مازالت الحكومة غير قادرة على تحديد سعر برميل النفط الذي على أساسه ستبنى الموازنة العامة الجديدة للدولة للعامين 2017 و2018، وعلى إثر ذلك وقعت في مخالفة دستورية واضحة بتأخرها وفق قانون الموازنة للسلطة التشريعية، إذ تنص المادة (24) من قانون الموازنة العامة، على أن «يعرض الوزير مشروع قانون اعتماد الموازنة الذي تم إعداده وفقاً لأحكام هذا القانون على مجلس الوزراء لإقراره، ويجب إتمام إقرار المشروع في وقت يسمح بتقديمه إلى مجلس النواب، قبل انتهاء السنة المالية الجارية بشهرين على الأقل لمناقشته وإحالته لمجلس الشورى للنظر فيه وفقاً لأحكام الدستور»، وهو ما يعني تأخر تسليم الموازنة من قبل الحكومة لأكثر من شهرين، بموجب الدستور.

مضت قرابة الشهرين ونصف الشهر على الموعد الذي يفترض أن تعرض فيه الحكومة الموازنة الجديدة على مجلس النواب، إلا أنها لم تقم بذلك إلى الآن، وذلك نتيجة واضحة لتذبذب أسعار النفط وعدم استقرارها.

الواضح أن سعر البرميل الذي على أساسه سيتم تحديد الموازنة المقبلة لا يخرج عن ما بين بـ 50 و55 دولاراً، ما يعني أن الحكومة ستضطر إلى التوجه نحو المزيد من خفض الإنفاق يصل على الأقل إلى 15 في المئة عن العامين الماضيين - لكي تستمر الموازنة بالعجوزات ذاتها التي شهدتها الموازنات السابقة - وإلا فإنها ستشهد المزيد من العجز، أي أن الحكومة ستحتاج إلى المزيد من الاقتراض في ظل تنامٍ غير مسبوق للدّين العام للدولة.

«موديز» توقعت أن تسجل البحرين أكبر زيادة في الديون ما بين العامين 2016 و2018، مع ارتفاع نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 14 نقطة مئوية.

الحكومة، على علم بأن المزيد من الاقتراض وارتفاع الدين العام الذي بلغ معدلاً «خطيراً»، والاتجاه نحو تعميقه بمثابة «الانتحار» الاقتصادي، وبالتالي فإن الحديث عن فرض ضرائب مباشرة أو غير مباشرة على الأفراد لن يكون «خياليّاً»، بل هو واقع ملموس في الكثير من الخدمات، في ظل توجه رسمي واضح للبحث عن مصادر دخل جديدة يمكن من خلالها تقليص ولو جزئيّاً حالة العجز في الموازنة الذي هو الآخر بدأ في التفاقم، والحد من ارتفاع الدين العام غير المقبول دوليّاً، حتى صنفت البحرين ائتمانيّاً بدرجة «عالي المخاطر» بعد التراجع من -BBB إلى BB بسبب تدهور أسعار النفط في السوق العالمية.

أعوام عجاف مقبلون عليها، أعوام صعبة على مختلف الأصعدة، سياسياً، اقتصادياً وحتى اجتماعياً، لتجاوز تلك الأعوام، لابد من تصافي نفوس، ليقف الجميع في خندق واحد متعاونين ومتكاتفين من أجل عبور المرحلة المظلمة، ذلك التكاتف لن يكون حقيقياً ما لم تكون هناك حلول جذرية لجميع المشاكل العالقة، وأن يصبح المواطن شريكاً في كل شيء، شريكاً في القرار، والعمل، وتحمل المسئولية، وحتى حصد الثمار والنتائج.

ولكي يتحقق ذلك، ويقبل المواطن بالحلول «المرة والصعبة»، يجب على الدولة أن تقدم الضمانات الكافية والفاعلة في المشاركة بصنع القرار، ووجود الرقابة الحقيقية وشفافية الاستثمار، والقضاء على سياسات الهدر في المال العام.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 5247 - الثلثاء 17 يناير 2017م الموافق 19 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:50 م

      وقت الرخاء يحرم المواطن من الرفاه ووقت العجز يتم قصبه بالضرائب وأيضا لا يحق له التحلطم فضلا عن الاشتراك في القرار ، مبروك عودة الوسط منبر الشعب

    • زائر 2 | 5:38 ص

      مبروكين عودة الوسط

    • زائر 1 | 4:51 ص

      للأسف، الواقع المُر...
      يحملوننا أخطائهم، ودائماً الشعب المستضعف هو الذي يدفع الثمن

اقرأ ايضاً