العدد 5262 - الأربعاء 01 فبراير 2017م الموافق 04 جمادى الأولى 1438هـ

العطاء في السفر أجمل

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

في السفر تنضج الذاكرة، تتأهب، وبكامل أناقتها لا تختار إلا الجميل لتكون انتقائية في جلب السعادة وتأجيج الحنين.

في السفر تغدو كل المشاعر نحو الوطن بكل ما يضمه من أماكن وشخوص وقلوب وأرواح إيجابية، كيف لا، وأنت تبعد عن قطعة من قلبك، إن لم يكن قلبك كله.

وفي السفر يعود كل سوي إلى فطرته الأولى: المحبة والقدرة على العطاء، والتسامح. إذ يقال دائماً: إذا أردت أن تعرف صديقك جيداً، سافر معه. ففي السفر يتعرض المرء إلى مواقف متعددة، بعضها يتطلب وجود معين وسند، ووجود صاحب يهون من الغربة، ويخفف من بعض المشكلات التي قد يتعرض لها، وحين لا يجد هذا المعين بعد الله سبحانه وتعالى، قد تتحوّل رحلته إلى جحيم.

كنت على ثقة دائماً أن أجمل ما في أي شخص يظهر في سفره مع غيره، واليوم تأكّدت من هذا اليقين بعد كل الذي شاهدت وعايشت خلال الأيام العشرة السابقة، فاليوم الخميس تنتهي رحلة إجازتي وطفليّ ونعود إلى وطننا وأحضان أهلنا ومن نحب، بعد أن قضينا عشرة أيام في دولتين أوروبيتين برفقة مجموعة من المسافرين، لم نكن نعرف منهم أحداً قبل هذه الرحلة، فيما عدا واحدة كنا قد التقيناها في سفر سابق، ولم نعلم بوجودها معنا هذه المرة، قبل سعادتنا برؤيتها في المطار.

مجموعة من مختلف مناطق البحرين الحبيبة، ومن قطر والسعودية. لكننا لم نشعر أبداً بهذا الاختلاف وهذا التباين، ببساطة لأن الجميع أراد أن يكون من معه سعيداً مثله تماماً.

مجموعة أفراد وأسر آثروا إلا أن يكونوا عائلة واحدة، بحسن تعاملهم مع بعضهم بعضاً، وتعاونهم الدائم في كل موقف ومحطة. حتى شعرنا أننا كنا نعرف بعضنا من قبل.

ولهذا أود أن أوجّه رسالة شكر لكل من يسافر وقلبه على من معه، محتمياً بفطرته السليمة، وجميل روحه التي مهما حاول الوقت إخفاءها تعود من جديد؛ لأنها الأصل والحقيقة.

وربما سأنقل هنا تجربتي على غير العادة؛ لأنني أشعر برغبتي في توجيه الشكر والمحبة من خلال هذه الزاوية لكل من كان معنا ابتداءً بقيس ورند، فلو كان أبوهما رحمه الله موجوداً لكان فخوراً بهما جداً. عائلة خالد الجميلة، التي نثرت عبقها على الجميع. عائلة «بو زينب» حيث كانت أم زينب فاكهة الوقت، وأبو زينب سيد المبادرة بالخير. عائلة أم علي التي ما رأينا منها إلا الابتسامة وأضفت روحاً عذبة على الرحلة. عبدالقادر وزوجته، وكم يليقان ببعضهما وهما حديثا الزواج. منى وسارة، لم نشعر بهما إلا أختين بقلبين من بياض. رجاء ويثرب، اللتان جسدتا معنى الصداقة والروح الشفافة. حليمة وفاطمة أنيقتا القلب والقالب، يعرفان كيف يسعدان من حولهما. ابتهال وأميرة، ربما لم تتح لنا فرصة التعرف إلى بعضنا جيداً ولكن جمال طباعهما جعلنا نثق بأنهما معجونتان بالطيبة. غنيمة وغدير بهدوئهما أضافتا روحاً أجمل للمكان. أم سامي القادمة من الدمام وحيدة؛ لكنها دخلت قلوب الجميع، كغدير التي تشاركني اهتمامات كثيرة وتفوقني قدرةً على العطاء ومنح الفرح. أمينة التي تصلح كثيراً لمهنتها كمربية أجيال وتصلح أن تكون كل ما تريد، وردة التي بهرتني بقدرتها على فعل ما تحب بالطريقة التي تشاء. زهرة التي عرفتها سابقاً، وها أنا أعرف وسع قلبها وجمال روحها أكثر اليوم. علي، القائد الذي عرف كيف يدير الرحلة بإتقان، ومتى كان عليه أن يرخي الشعرة أو يشدها. نزار الذي كان يقدم خدماته للجميع بابتسامة وطيب خاطر.

كل هذه الأرواح كانت كفيلةً بأن تخلق وقتاً مختلفاً، ورحلة ماتعة سعيدة. فكيف يكون المرء نقياً إن لم يكن على فطرته التي خلقها الله عليها: محباً متعاوناً يسعى لتعمير القلوب قبل الأرض؟

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5262 - الأربعاء 01 فبراير 2017م الموافق 04 جمادى الأولى 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:36 ص

      شكراً لكي على طيب مشاعرك
      نعم كانت المجموعه فوق الرائعه ما شعرنا إلا ونحن عائلة واحده عشرة أيام كانت من الجمال بحيث كنّا لانشعر بالوقت الذي يمر سريعاً لاوجود ل التعب .
      وأثني على حسن تربيتكي لطفليكي بدون مجامله كانا رائعين بحسن أدبهما وجمال أخلقهما لطيفين ودودين.

    • زائر 1 | 5:39 ص

      ام قيس امنياتي لك بكل بالتوفيق والنجاح وتحقيق كل احلامك..
      ورده

اقرأ ايضاً