العدد 5263 - الخميس 02 فبراير 2017م الموافق 05 جمادى الأولى 1438هـ

الجهد الاجتماعي في التغيير البيئي

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

التغيير البيئي مطلب إستراتيجي في تحسين واقع حياة الإنسان، وبناء ضمانات الأمن البيئي للمجتمعات البشرية، والتغيير في مضمون جوهره منهج للارتقاء بمستوى الحياة الإنسانية وتحسين الحالة القائمة، وبمقاربة مضمون ذلك بالواقع المعاش في البحرين، يمكن القول إنه يمثل في جزئه الرئيسي منجزا فعليا للوعي والمسئولية الاجتماعية الآخذة في التفاعل في أنشطة الجماعات البيئية، التي صارت ظاهرة تميز الأنشطة المجتمعية في خريطة العمل البيئي في مملكة البحرين، ويشير ذلك الواقع إلى البعد الاستراتيجي للمسئولية الاجتماعي في التأثير الإيجابي على إنتاج القرار البيئي، وفي بناء الوعي والثقافة البيئية للمجتمع، وفي تحفيز الحراك الاجتماعي الإيجابي في العمل البيئي، وفي إنجاز أهداف المشروع الوطني للتنمية المستدامة، وتؤكد تلك المؤشرات على ثوابت الأهمية الإستراتيجية في ضرورة أن تعمل الإدارة المعنية بالإشراف على إدارة تنظيم العمل الأهلي في البحث عن مخارج قانونية وإدارية، كمدخل لتقنين وتنظيم وتعزيز وتحفيز الجهد الاجتماعي، للمساهمة في جهود إنجاز الأهداف الوطنية للتنمية المستدامة، والارتقاء بمناهج عمل المجموعات المهتمة بشأن البيئي.

المحفز الرئيسي في دعوتنا الإدارة المعنية في الإشراف على تنظيم النشاط الأهلي، في العمل على تبني نظام قانوني وإداري لتنظيم جهود مجموعات العمل الأهلي الناشطة في الشأن البيئي، يتمثل في ما شهدناه من جهد مسئول في تبني هذه المجموعات الأنشطة البيئية، التي تمثل محورا إستراتيجيا في خريطة المشروع الوطني البيئي، ومعرفتنا بالمصاعب التي تعيق تحقيق طموح تلك المجموعات في تنظيم الأنشطة البيئية، بما يؤهلها في المساهمة بفعالية في إنجاز الأهداف الإستراتيجية للمشروع الوطني البيئي، وأيضاً في المخاوف التي تحيط بواقع ما تضعه من آمال في إيجاد مخارج عملية تساهم في تمكينها، مضاعفة أنشطتها واعتماد وإنجاز المشاريع التي يمكن أن تساهم في بناء الوعي والمسئولية المجتمعية في العلاقة مع النظم البيئية، وتعزيز جهود العمل الموجه في تحسين وتأهيل معالم النظم البيئية الرئيسة، وصون حقوق الأجيال الحالية والمقبلة في العيش في بيئة خالية من المخاطر بما يفضي في توفير متطلبات الأمن البيئي الشامل.

المجتمع المدني صار رُكْنٌ ركِيْن في مقومات خريطة الطريق للمشاريع الوطنية بشأن إنجاز أهداف التنمية المستدامة في البلدان المتحضرة، التي عملت بمسئولية في توفير المتطلبات القانونية والإدارية التي تساهم في تذليل الصعاب، وتوفير الضمانات المُؤسَسَة لتعزيز فاعلية المجتمع المدني في إنجاز المشاريع التنموية والبيئية، وذلك المنهج حظي بمباركة ودعم المجتمع الدولي في تضمين المواثيق الدولية للقمم العالمية للتنمية المستدامة بالمبادئ التي تعزز فاعلية ذلك النهج، وأن المباركة الدولية تمثل إدراك للأهمية الإستراتيجية لنشاط المجتمع المدني في منظومة العمل المدني العام، الذي أكد فاعلية جهودها في الأنشطة المتمثلة في الأنشطة الاستراتيجية الكونية في إدارة الأزمات الطارئة، ومكافحة الكوارث الإنسانية، ومواجهة الأزمات والحالات الطارئة التي تتعرض إليها المجتمعات، والمشاركة الفاعلة في عمليات الإنقاذ في مناطق النزاعات المسلحة، والمواقع التي تتعرض للكوارث الطبيعية، والمساهمة في عمليات الإغاثة، ومساعدة المتضررين في المناطق التي تتعرض لحالات الجفاف والأوبئة.

المجموعات البيئية في البحرين على رغم اختلافها في الوظائف والمهام والأهداف المتمثلة في خصوصية طبيعة أنشطتها، المحددة في الاهتمام بالقضايا البحرية والزراعية وقضايا التنوع الحيوي والمناخ والرقابة والإدارة البيئية والبحث البيئي والنشاط البيئي العام، إلا أنه بقراءتنا مضمون جوهر ذلك النشاط يمكننا ان نلمس على رغم ذلك التباين أن هناك قاسما مشتركا يجمعها يتمثل في المسئولية الوطنية في دعم المشروع الوطني البيئي، ويتجسد واقع المسئولية في الجهود التطوعية التي تمارسها المجموعات المرتكزة على مبدأ الشفافية البعيدة عن مظاهر الأنا والبهرجة والبروز لتحقيق المكاسب الخاصة، إذ تحرص في العمل بنكران للذات في تبني المبادرات، والعمل والانجاز كمنهج إستراتيجي في تغيير الواقع البيئي، ويمكن أن نشهد ذلك في ممارسات عدد من المجموعات الناشطة في الشأن البيئي، والتي منها مجموعة (نظفوا البحرين-Cleanup Bahrain) وتتبنى في نهج عملها أهداف نشر الوعي و ثقافة المحافظة على البيئة، وتعزيز المسئولية الاجتماعية لجميع فئات المجتمع، وتحفيز وتأهيل الشباب في القيام بالأعمال التطوعية، وتشجيع روح التعاون في المجتمع، وغرس حب المبادرة والمسئولية الاجتماعية في دعم الأنشطة البيئية.

وبالارتكاز على الأهداف المحددة نظمت (مجموعة نظفوا البحرين-Cleanup Bahrain) في العام 2016 منظومة من الأنشطة استهدفت في سياق مهامها عددا من المواقع البيئية المهمة، وجرى في سياق نشاطها إزالة كمية من المخلفات الملقاة على السواحل، وتشير بيانات المجموعة إلى أن (المجموع الكلي للمخلفات العامة التي جرى إزالتها من على شواطئ البحرين في سنة كاملة بلغ 10.000 كيلوجرام، والمجموع الكلي للبلاستيك التي جرى إعادة تدويرها في سنة كاملة 1.315 كيلوجراما) وتعزيزاً لأهداف المجموعة تبنت مبادرة تنظيم حملة تنظيف ساحل جد الحاج، وتمثل المبادرة بداية انطلاق نشاطها في العام 2017، وجرى تنظيم 3 حملات متتالية لتنظيف الساحل جمعت في سياقها كمية من النفايات، وجرى في الحملة الأولى في 13 يناير/ كانون الثاني 2017 جمع 42 كيلوغرام بلاستيك و261 كيلوغراما من المخلفات العامة، وفي الحملة الثانية 21 يناير2017، 52 كيلوغرام بلاستيك و350 كيلوغراما من المخلفات العامة، والحملة الثالثة 27/ يناير2017 89.725 كيلوغراما من البلاستيك وكيلوغرام من المخلفات العامة، وتواصل جهدها صباح اليوم بمشاركة (مجموعة دعوا الطبيعة تتكلم) و(لجنة التحسين البيئي لساحل جد الحاج) والمحافظة الشمالية.

دوافع تنظيم الحملة تتمثل في المحافظة على نظافة الشاطئ الذي على رغم حالته البيئية السيئة، لم تبادر أي من الجهات المختصة والمجتمعية في اتخاذ ما ينبغي من إجراء لإزالة المخلفات وإعادة تأهيله، وتشير البيانات التي شخصها أعضاء المجموعة بشأن حالة الساحل قبل بدء حملة التنظيف بأنه (كان مكتظاً بالمخلفات والنفايات والمواد البلاستيكية الخطيرة على الحياة الفطرية والبيئة البحرية، وكوم الملابس المستعملة الملقاة على الساحل، والطيور الميتة على الساحل، إضافة الى الروائحة الكريهة والخطيرة على الصحة العامة المنبعثة من المياه الساحلية). وقال أعضاء المجموعة بأنهم (كأبناء هذا الوطن يودون أن يضعوا حدا لهذه المشكلة، من أجل مستقبل أنظف وأجمل لمرتادي الساحل، وتوعية البحارة المتواجدين في الجهة المقابلة للساحل بمخاطر السلوك والممارسات غير الرشيدة على التنوع الاحيائي في البيئة البحرية، وحثهم في الحد من إلقاء علب زيوت القوارب التي يجرى رميها بكثرة في عرض البحر، وتجرفها المياه البحرية إلى الشريط الساحلي).

الإنجاز، الهدف الذي نبتغيه في الجهد الاجتماعي، ومن المفيد أن يكون منزها من المصالح الذاتية، وذلك ما ينبغي إدراك فوائده في صناعة التغيير البيئي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 5263 - الخميس 02 فبراير 2017م الموافق 05 جمادى الأولى 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:23 ص

      بوركت يادكتور
      فكم اهل الخير محتاجين تشجيع

    • زائر 1 | 1:15 ص

      مقال رائع والذي استنتج الحاجه الماسة الي زيادة الوعي البيئي بأهمية المحافظه على بيئة خاليه من التلوث فالكميه كبيره في السنه الواحده لمجموعه نظفوا البحرين وهذا مؤشر للمطلب في التغييرالسلوكي نحو البيئة

اقرأ ايضاً