العدد 5284 - الخميس 23 فبراير 2017م الموافق 26 جمادى الأولى 1438هـ

«خور عبدالله» بين السراب واليقين

غانم النجار ghanim.alnajjar [at] alwasatnews.com

كاتب كويتي

عندما سقط نظام صدام في 2003، تحركت مجاميع كويتية بشكل ذاتي لمساعدة الشعب العراقي، وحالما أعلنت جمعية الهلال الأحمر عن تحريكها مساعدات للجنوب، تطوعت أعداد كبيرة من الكويتيين للمساهمة في تلك الحملة. في الوقت ذاته تحركت شخصيات عامة، لتؤسس جمعية الأخوة العراقية - الكويتية، وكانت لي مساهمتي في المَنشَطَين، إضافة إلى قيادة مجموعات دولية للدفاع عن الشعب العراقي أمام الغزو، استناداً إلى مبادئ القانون الدولي الإنساني، وانطلاقاً من أن استقرار وازدهار العراق وشعبه يمثلان مصلحة استراتيجية ومباشرة للكويت.

واستمرت الحكومة الكويتية بدعم العراق على كل المستويات، بمنحٍ ومشاريع متنوعة كان أبرزها قطاع المدارس؛ تصميماً وبناءً وتجهيزاً، ثم تسليمها لوزارة التربية العراقية، حتى تم رفع العراق من طائلة الفصل السابع وتأجيل المطالبة بالتعويضات عدة مرات.

وهكذا، لا يمكن تفسير الضجة المفتعلة التي أطلقتها بعض الزوايا السياسية بشأن «خور عبدالله» إلا بأنها معنية بشأن عراقي داخلي، وأنها بالضرورة غير معنية بسيادة العراق، أو سلامة أراضيه. فالعراق الذي يتحدثون عن سيادته مقسم ومبعثر ويعاني انتقاص سيادته، فكم هو عدد العسكريين الأجانب في العراق؟ وكم عدد الميليشيات التي تتحرك في كل اتجاه، وما حالاتفاقية الجزائر 1975 مع إيران والسيادة على شط العرب؟ الاتفاقيات مع الكويت هي الأكثر وضوحاً ورصانة دولياً، وجاءت بعد أن غزا صدام الكويت في 1990، وقتل وسفك دماء زكية، وعاث فساداً، وألغى الكويت من الخريطة، وجعلها المحافظة 19، بحجة أن العراق الحديث المخلوق سنة 1920 هو الوريث الشرعي للإمبراطورية العثمانية!

الكويت تريد ضمانات بعدم تكرار ما جرى في 1990، ومجرد الكلام العبثي يعيدنا إلى نقطة صفرية.

العلاقات الكويتية - العراقية منذ «السقوط» تسير وتتطور في الاتجاه السليم، بل إن الحدود الكويتية - العراقية هي الأكثر سلماً وأمناً للطرفين.

إن استقرار العراق وازدهاره يمثلان مصلحة أولى للكويت، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً، ذلك كان هو الوضع، وهكذا يفترض أن يكون.

هناك الكثير من التدليس في الحديث عن خور عبدالله، وبشأن ما أخذته الكويت، فإن كان هناك ما هو غير مُرضٍ، بالنسبة إلى إخوتنا في العراق فليتم نقاشه خلال لجان فنية مشتركة، لا عبر المزايدات. ولابد أن ندرك جميعاً أن السلام وحسن الجوار مسألة تحتاج إلى تمرين وتدريب، وفي تقديري أن استمرار العلاقات وتحسنها سيتجاوزان الحديث العبثي، إلى برامج تخدم المصلحة الثنائية، فإن لم يحدث ذلك فسيكون وبالاً على الطرفين.

ولابد من التنويه بأمر إيجابي حدث هذه المرة، حيث لم تحصل الإثارة على الاهتمام الشعبي المطلوب، ولم يتظاهر إلا أعداد يسيرة من الناس، منهم من كان يظن أنه ذاهب للحصول على تعويضات، بل ترددت تصريحات لسياسيين عراقيين متزنة وعاقلة ومدركة لمصلحة البلدين. وكان لافتاً أن المظاهرة الكبرى التي اجتاحت قلب بغداد في الوقت نفسه لم يكن «الخور» موضوعها، بل كان موضوعها الفساد الذي ينخر الجسم السياسي ومفوضية الانتخابات، حيث يبدو أن تلك هي القضايا التي تشغل الإنسان العراقي، والتي لا يبدو أنها تشغل بعض ساسة العراق. وكان لافتا كذلك أن الإثارة جاءت في الوقت الذي يستعد فيه العراق لتطهير الجانب الغربي من الموصل.

اللهم احفظ العراق والكويت ممن أراد بهما شراً، وأعنهما على إقامة علاقات يستفيدان منها وتعود عليهما بالخير والاستقرار والازدهار، إنك سميع مجيب الدعاء. وللحديث بقية.

إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"

العدد 5284 - الخميس 23 فبراير 2017م الموافق 26 جمادى الأولى 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:33 ص

      العراق والكويت بلدان عربيان شقيقان تربطهما ببعضهما اواصر كبيرة وعلاقات حميمة وما خرّب في هذه العلاقة الا الديكتاتورية الصدامية والانسياق وراءها من بعض ..
      لذلك يا شعب العراق و يا شعب الكويت الشقيقان خور عبد الله منطقة بين البلدين يمكن اقتسام منافعها وحدودها ودّيا
      وبما يخدم مصلحة كل بلد دون الاضرار بالبلد الآخر ويكفينا حروبا ومشاكل في المنطقة .
      خذوا من الدول الأوروبية مثالا لاقتسام الانهار والبحار والحدود حتى يعبر الناس الحدود من دون ان يشعروا باختيازهم

اقرأ ايضاً