العدد 5289 - الثلثاء 28 فبراير 2017م الموافق 01 جمادى الآخرة 1438هـ

كواليس مهرجان ريو بعيدة عن صورته المشرقة

على جادة سامبودرومو في ريو دي جانيرو أجسام رائعة بأزياء أروع تتمايل على وقع الموسيقى لكن على بعد امتار قليلة تعكس الشوارع القذرة واقعاً آخر بعيداً عن جمال أشهر كرنفال في العالم.

ومنذ انطلاق احتفالات الكرنفال مساء الجمعة تتالت مدارس السامبا على جادة سامبودرومو الممتدة على 700 متر فيما المدارج تنتشر على جانبيها.

ومن اجل متابعة هذه العروض التي تجمع بين الخيال الجامح والتنظيم المضبوط باحكام، اشترى نحو 70 الف شخص بطاقات دخول.

وطوال ليل الاثنين الماضي رقص مئات الراقصين والراقصات بملابسهم البراقة والمزينة بالريش على انغام السامبا في أحد أكبر الحفلات الشعبية في العالم. لكن قبل دقائق من بدء العرض، ينتظر الفنانون دورهم في جزء قذر لا يحظى بإنارة جيدة من جادة بريسيدنتي فارغاس بمحاذاة إحدى قنوات ريو دي جانيرو الملوثة بالمياه المبتذلة.

وتقول جورجينا دي اوليفيرا عاملة التنظيفات البالغة 62 عاماً وهي تنتظر في طابور طويل أمام المراحيض النقالة المقامة على الرصيف والتي تتصاعد منها رائحة نتنة "تمثل جادة سامبودرومو الحلم وهذا هو الهدف. لكننا هنا في صميم الواقع. هنا الحلم يتبدد".

وعلى جادة بريسيدنتي فارغاس تجمع مدارس السامبا افرادها (نحو 3500 شخص لكل واحدة منها) قبل العرض. هنا توضع اللمسات الاخيرة على عربات العرض وتوزع الازياء ويحصل التبرج ويأخذ كل راقص وعازف طبلة مكانه.

في هذا الشارع الكئيب الذي تكسو رسوم الغرافيتي جدرانه، ينتصب مبنى ضخم كان فيما مضى مستشفى جامعيا، مهجوراً وأفرغ من قسم من محتوياته. وتعلو مدخله لوحة بالية كتيب عليها: "في خدمة المجتمع". إلا أن هذه الجادة تنتعش مؤقتا خلال الكرنفال بفضل جمال الازياء والموسيقى الحماسية.

في مساء الاحد الماضي، مر في العروض مقاتلون أفارقة ورجال متنكرون على شكل شوك وسكاكين ونساء بأزياء براقة. وساهمت العربات في أجواء الحماسة مع واحدة مصممة على شكل حصان بحر بحجم حافلة كبيرة فضلاً عن قافلة جمال مذهبة وقصر عربي.

وكادت هذه العروض تحجب الواقع كلياً لولا الرائحة النتنة المثيرة للغثيان المتصاعدة من القناة والمراحيض. وتشدد السلطات البلدية على أن الكرنفال يدر سنويا نحو مليار دولار من العائدات الاضافية على مدينة ريو دي جانيرو.

لكن يبدو من الواضح أن هذا المال لا يستثمر لتحسين كواليس جادة سامبودرومو وإقامة نظام صرف للمياه المبتذلة في الحي على سبيل المثال.

وتقول ايلين بيريرا (60 عاما) التي أتت لحضور استعدادات مدارس السامبا قبيل العروض "الحكومة (المحلية) تريد فقط الحصول على المال".

ويشعر الكثير من السكان مثلها بخيبة أمل كبيرة جراء فضائح الفساد التي تطال الطبقة السياسية البرازيلية ما ادى إلى غضب مجتمع يعاني جزء منه من الفقر المدقع. وتقول ايلين بغضب "حتى لو شاهدونا نسد أنوفنا، لا يهتمون ابدا".

وفيما تتحضر مدرسة اونياو دا ايليا لبدء عرضها بعد استعدادات دامت ساعات على جادة بريسيدنتي فارغاس، تعلق ايلين قائلة "يا إلهي كم المشهد جميل" مع التنسيق التام في حركات الراقصين المتنكرين على شكل فراشات، متناسية، وإن مؤقتا، استياءها العارم من السلطات.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً