العدد 5292 - الجمعة 03 مارس 2017م الموافق 04 جمادى الآخرة 1438هـ

الآثار الإسلامية المبكرة في البحرين

الآثار الإسلامية المبكّرة في المحرق (Carter and Naranjo-Santana 2011)
الآثار الإسلامية المبكّرة في المحرق (Carter and Naranjo-Santana 2011)

تناولنا على مدى الحلقات السابقة من هذه السلسلة الآثار الإسلامية التي تعود للفترة الإسلامية المبكرة (630 - 1055م) في البحرين. وفيما يخص آثار الاستيطان في البحرين، فإن هذه الفترة تنقسم إلى ثلاث فترات أساسية هي: الفترة ما بين 630 و750م، والفترة ما بين 750 و929م، وفترة سيطرة القرامطة على البحرين (929 - 1064م)، وهذه الفترة الأخيرة تمتد قليلاً ضمن الفترة الإسلامية المتوسطة.

الفترة ما بين 630 و750م

وتشمل هذه الفترة، فترة صدر الإسلام وفترة الدولة الأموية (662 - 750م)، وفي هذه الفترة لم يتم العثور على أي دليل للاستيطان في البحرين إلا في جزيرة المحرق؛ حيث عثر بالقرب من قلعة عراد، وقلعة أبوماهر وكذلك في موقع بالقرب من عمارة يوسف عبدالرحمن فخرو، على فخار يعود للقرنين السابع والثامن الميلاديين، كما عثر في الموقع الأخير على آثار مبنى ضخم، ربما كان قصراً أو مسجداً، أو جزءاً من مدينة (Carter and Naranjo-Santana 2011, pp. 39-40 and p. 65).

فترة الدولة العباسية المبكرة (750م - 929م)

ويمكننا أن نقسم هذه الفترة إلى فترتين فرعيتين، الأولى وتبدأ في القرن الثامن الميلادي وبالتحديد بعد 750م، وتستمر حتى بداية القرن التاسع الميلادي، وفي هذه الفترة بدأت تظهر آثار الاستيطان في مناطق أخرى من البحرين. ومن أهم المواقع التي عثر فيها على آثار تعود لهذه الفترة هي: عالي، وسار، وباربار، وموقع عين أبوزيدان وموقع تل الحسن، وموقع مسجد الخميس، ومقبرة أبوعنبرة، وقد تناولنا هذه المواقع بالتفصيل في الحلقات السابقة.

أما الفترة الثانية فهي الفترة ما بين الأعوام 810 و929م، وتشمل هذه الفترة، فترة بروز مدينة سامراء كعاصمة للدولة العباسية، أي الفترة 836 - 892م؛ وهذا ما يفسر انتشار الفخار السامرائي في عدد من المواقع الأثرية الإسلامية المبكرة في البحرين. وفي هذه الفترة، اختفت فيها آثار الاستيطان من بعض المواقع السابقة، ولكن ظهرت مواقع استيطان جديدة، ومواقع هذه الفترة هي: عالي، وسار، وباربار وفاران القديمة، وموقع عين أبوزيدان، وموقع تل الحسن، كما عثر على عدد بسيط من آثار هذه الفترة في مقبرة أبوعنبرة. ويلاحظ أن منطقتين من هذه المناطق ربما كانتا تمثلان ميناءين جديدين استفادت منهما البحرين في تلك الحقبة، وهما باربار وفاران، وقد ساهم هذان ميناءان في زيادة الحركة التجارية في البحرين؛ حيث إن الآثار التي عثر عليها تمثل مدى ثراء بعض هذه المناطق، كما هو الحال في عالي، وباربار، وتل الحسن؛ حيث يرجح وجود قصور في هذه المناطق.

فترة سيطرة القرامطة (929م – 1064م)

تقدر هذه الفترة بقرابة 140 عاماً، وتمتد ما بين الأعوام 929م و1064م. هذا، ويختلف تاريخ بدء سيطرة القرامطة على أوال عن تاريخ بدايتها في البحرين الكبرى؛ حيث إن القرامطة سيطروا على البحرين الكبرى في قرابة العام 900م، وتم ضم جزيرة أوال إلى حكمهم في قرابة العام 929م (الجنبي 2012، ج4، ص 2257 - 2258). وفي هذه الفترة حدثت تغيرات في مواقع الاستيطان، حيث استمر الاستيطان في غالبية المواقع السابقة الذكر، وبالتحديد: عالي، وسار، وباربار، وموقع عين أبوزيدان، وموقع تل الحسن، بينما اختفت آثار الاستيطان من منطقة فاران القديمة، كما ظهرت آثار استيطان في مواقع جديدة.

المواقع الجديدة التي ظهر فيها آثار الاستيطان في هذه الفترة تنقسم إلى قسمين، الأول ويضم المواقع الجديدة التي ظهرت في بداية الفترة، أي في القرن العاشر الميلادي، وهي عبارة عن ثلاثة مواقع، الأول ويقع في شمال غرب قرية جنوسان ويبعد قرابة 100 متر عن ساحل البحر، أما الموقع الثاني فيقع في جنوسان أيضاً، ويبعد قرابة 800 متر جنوب الموقع السابق، وهو الموقع المعروف باسم تلال جنوسان والذي يوجد حالياً في مقبرة جنوسان. أما الموقع الثالث فيقع في الطرف الشرقي لقرية الدراز ويمتد غرباً في قرية باربار، ويمتد جنوباً من شارع البديع إلى شمال قريتي باربار والدراز، ويشمل موقع معبد الدراز وموقع عين أم السجور، وقد ناقشنا هذه المواقع بالتفصيل في الحلقات السابقة.

أما القسم الثاني من المواقع فيضم تلك المواقع التي ظهرت في نهاية فترة سيطرة القرامطة أي في القرن الحادي عشر الميلادي، وتضم هذه المجموعة موقع مسجد الخميس ومقبرة أبو عنبرة.

المواقع الأثرية المركزية

في الحلقات السابقة تم ترجيح وجود مواقع مركزية أساسية، سكن بها عدد من التجار وربما نشأت فيها إدارة مركزية، وسوق مركزية، وأصبحت مناطق ذات استقلالية جزئية، وهذه المناطق هي: المحرق، وعالي، وسار، وباربار، والبلاد القديم وبالتحديد حول موقع تل الحسن وعين أبوزيدان. فأما المركز الذي في المحرق فلا يوجد ما يدل على استمراريته بعد القرن الثامن الميلادي. أما بقيت المراكز فالاستيطان فيها كان متصلاً منذ منتصف القرن الثامن وحتى القرن الحادي عشر الميلادي، ومن دون شك، فقد كانت تلك المراكز تتفاعل فيما بينها، إلا أنه وبسبب قلة البيانات الآثارية وقلة المعلومات التاريخية، غير قادرين على تحديد أي تلك المراكز كان الأكثر أهمية أو يمثل مركزاً أساسياً لبقية المراكز.

الخلاصة، أن هناك آثاراً واضحة تدل على استمرارية الاستيطان في البحرين طوال الفترة الإسلامية المبكرة، مع بروز الفترة ما بين الأعوام 810م و929م، والتي تمثل فترة رخاء وازدهار تجاري؛ حيث ظهرت أربع مراكز أساسية في البحرين، كما يرجح بناء ثلاثة قصور فيها. بعد الفترة الإسلامية المبكرة تبدأ الفترة الإسلامية المتوسط (1055 - 1500م) والتي تبدأ بفترة سيطرة الدولة العيونية على البحرين قرابة العام 1064م، فكيف سيكون الوضع فيها؟، هذا ما سنناقشه في سلسلة المقالات القادمة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:06 ص

      يعطيك العافية استاذنا العزيز .. هذا التوثيق العلمي جدا مهم .. نتمنى من الوسط اتاحةالمجال للتوثيق العلمي لتاريخ البحرين بعيدا عن التهريج الجديد للتاريخ في السوشيالميديا والذي يلقى اقبال كبير من الغير مختصين ..

    • زائر 2 | 10:15 م

      حاليا يوجد تنقيب في مقبرة سماهيج
      لآثار قد تكون مسجدا أو كنيسة ولازال التنقيب مستمرا

اقرأ ايضاً