العدد 67 - الإثنين 11 نوفمبر 2002م الموافق 06 رمضان 1423هـ

أميركا وصورها والسخرية منها في معارك الـ «كيبورد»

أحدث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 تحولا قويا في المنتديات الحوارية العربية على الإنترنت. وقبله، كانت حواراتها تتركز في موضوعات مثل القضية الفلسطينية، والأحداث الداخلية للدول العربية وانتقاد المسئولين فيها، تركز تلك المنتديات على كل ما له علاقة بأميركا و«الحرب على الإرهاب».

وأدى اشتداد الحملة الأميركية على العرب والمسلمين إلى دخول تلك المنتديات في انتقاد أميركا ومسئوليها ووسائل إعلامها وصحافييها، بطرق لا تخلو من السخرية مرة.

عندما تكون السخرية صورا

وبالنسبة إلى غالبية المنتديات العربية، يسود كلام هجاء انفعالي حيال الولايات المتحدة. ولجأ البعض الآخر إلى إغراق بعض المواقع الأميركية بسيل من الرسائل الإلكترونية، ودعا الآخرون إلى اتباع الأسلوب نفسه. وبرر الأمر بالعمل على توصيل «رسالة» إلى المؤسسات الأميركية مفادها عدم رضا العرب عن تلك السياسات. وتعمد آخرون نشر صور مركبة للرئيس الأميركي جورج بوش وبعض أعضاء إدارته في أوضاع غالبيتها غير أخلاقية. ومثلا، انتشرت صورة الرئيس الأميركي جورج بوش وهو في أحضان رئيس وزراء إسرائيل ارييل شارون الذي وضعته الصورة أنه غوريلا تحمل طفلها الصغير. وثمة صورة أخرى تظهر الرئيس الأميركي في وضع جنسي غير لائق مع شارون. وكذلك انتشرت «كليبات» لأسامة بن لادن، مأخوذة من تصريحاته التي بثتها قناة «الجزيرة»، بعد أن «حرفت» ليظهر وكأنه يتلفظ بألفاظ لا أخلاقية على نفسه. وشملت معارك «الكيبورد» نشر عناوين البريد الإلكترونية للرئيس الأميركي جورج بوش وعناوين البيت الأبيض مع دعوات لإمطارها برسائل معدة سلفا توضح وجهة النظر العربية في قضايا العرب والمسلمين. ولوحظ أن الاستجابة لمثل هذه الدعوات العقلانية كانت ضعيفة الأمر، فاختفت بعد فترة غير طويلة من ظهورها.

وتنقل بعض المنتديات العربية أقوالا ومعلومات صادرة عن صحف ومجلات أميركية، وتطلب من الزوار التعليق عليها. ولعل الأشهر راهنا، هو طلب تعليق على الحلقة التي بثها تلفزيون «سي إن بي سي» التي وصفت الرسول (ص) بالإرهاب. وقبلها، برزت الدعوة إلى إبداء الرأي عن مقال أميركي دعا إلى ضرب مكة المكرمة بالقنبلة النووية!

ولم تكتفِ المنتديات بنشر ذلك الموضوع بل إن أحد الرواد «ركب» صورة للكعبة المشرفة والحجاج من حولها، فيما الصواريخ تنهال عليهم. ولوحظ أن كتابات الصحافي الأميركي الشهير توماس فريدمان صارت موضوعا ثابتا لدى المنتديات الشبكية العربية. وتجده غالبيتها صهيونيا حتى النخاع. ويرى بعضها أنه يكتب بموضوعية. ووجهت رسائل مفتوحة إلى فريدمان، غلبت عليها نبرة هجومية لاذعة. ووصفته بأنه عميل للاستخبارات الأميركية والبيت الأبيض.

المقاطعة التي لا تغيب

ان تزايد العداء للسياسات الأميركية وضح تماما أثناء دعوات المقاطعة للمنتجات الأميركية. وسرت في مواقع منتديات العرب الشبكية كلمات المقاطعة. وأورد بعضها دلائل تشير إلى نجاح تلك المقاطعة. فمثلا، نشرت صور شركة مأكولات تم تحريف شعارها بحيث يظهر الرجل الذي كان يلتهم قطع الدجاج وكأنه مصاص دماء يمص دماء الأطفال الفلسطينيين. واتخذت كثير من المنتديات من الإعلانات المدفوعة الثمن التي قامت بها إحدى شركات المأكولات السريعة الأميركية الموجودة في السعودية موضوعا للسخرية، خصوصا بعدما قالت الشركة إنها شركة سعودية وعربية «مئة في المئة».

وازدادت ضراوة تلك الأمور مع تصاعد التوتر بخصوص المسألة العراقية، والحديث عن نشر مخططات أميركية تشمل تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة. وظهر كتاب يدعو إلى المواجهة العسكرية مع الأميركان، لأن «العرب ليس لديهم ما يخسرونه»! ودعت بعض المواقع الشبكية رجال الأعمال السعوديين إلى سحب أموالهم من مصارف أميركا، تحسبا من تجميدها. ودعت تلك المواقع إلى استثمار تلك الأموال في المنطقة العربية، خصوصا مع وجود بطالة عالية في العالم العربي من الاستقطاب الحاد!

وبدت بعض منتديات العرب الرقمية وكأنها تقلد شعار الرئيس بوش «من ليس معنا، فهو ضدنا». وأشارت إلى أن «الذي لا يقف ضد أميركا، فهو ضد العرب والمسلمين». ووصل الأمر إلى أن أحد كتاب المنتديات وصف من يؤيد وجهة نظر أميركا في بعض القضايا بأنه «منافق وعدو للإسلام والمسلمين وان نفاقه ثابت وعليه أن يتوب ويعود إلى جادة الصواب»! وبالطبع، حاولت مجموعة من المنتديات وزوارها الدفاع عن أميركا، وتعرضت لهجمات وصلت في البداية إلى الوصم بـ «التبعية والعمالة» وما إلى ذلك من مألوف الألفاظ والصفات التي يهواها الكثير من العرب! ووصلت الأمور إلى حد الشتم، وحاول البعض اختراق البريد الإلكتروني لـ «المدافعين» عن أميركا، بهدف الوصول إلى خصوصياتهم ونشرها على الملأ، حتى يجبروا على الهرب من الدخول إلى المنتديات. إضافة إلى دعوة المشرفين على المنتديات إلى منع «هؤلاء المدافعين» من المشاركة في النقاشات السياسية

العدد 67 - الإثنين 11 نوفمبر 2002م الموافق 06 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً