العدد 5328 - السبت 08 أبريل 2017م الموافق 11 رجب 1438هـ

من بين 3200 كتاب للأطفال... 93 منها تتناول قصص السُّود

«الخطأ في نجومنا»... غرين يدعو إلى التنوّع في مجتمع متنوّع...

جون غرين مُوقِّعاً أحد إصداراته
جون غرين مُوقِّعاً أحد إصداراته

بالعودة إلى دراسة تم إجراؤها في مارس/ آذار 2014، يتبيَّن بأن 93 كتاباً فقط من بين 3200 كتاب للأطفال نُشرت في الولايات المتحدة في العام 2013، كانت تتناول قصصاً عن السود، و69 عن الآسيويين، و57 عن اللاتين.

ما المناسبة؟ إنه كتاب «الخطأ في نجومنا» للروائي والمدوِّن الأميركي جون غرين، الذي يضم مجموعة خبرات هي بمثابة إلهام له، وخصوصاً أنه كان على ارتباط بالعمل مع أطفال مُصابين بأمراض تهدّد حيواتهم، (الأورام السرطانية على سبيل المثال لا الحصر، وكذلك الذين يعانون من التوحُّد وغيرها).

شكَّل له ذلك حافزاً للقيام بحملة في التوجّه من - خلال الكتابة - إلى أكبر قدر من التنويعات البشرية التي يضمُّها المجتمع الأميركي. التنويعات هنا لا ترتبط بالذين يعانون الأمراض تلك وغيرها، بل تشمل طبيعة التنوع الذي يسم المجتمعات البشرية، إن على مستوى اللون أو الأعراق أو حتى المعتقدات، في محاولة لإيصال الأفكار والقصص التي تتم معالجتها بالمفاهيم والقيم التي يُراد لها أن تكون راسخة، ومتحرّكة في الوقت نفسه. متحركة بمعنى قدرتها على التحول تبعاً للزمن، وتبعاً لتجدِّد المفاهيم أيضاً.

الكتاب الذي صدر في العام 2012م، صنِّف ضمن الكتب الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة الأميركية، ألقى بثقله وراء حمْلة لزيادة التنوُّع، وهذه المرة في كتب الأطفال. التنوع بمعنى المعالجات التي توجّه إليهم من دون تمييز. ليس الأطفال البيض الذين تتوجه إليهم القصص، على الأقل تتوجه في غالبيتها إليهم، وتشيح بنظرها عن بقية الأطفال، ضمن أعراق وأثنيات أخرى. لهذا يوضح غرين بالقول، نحن «بحاجةٍ إلى معرفة أنهم أيضاً يمكن أن يكونوا أبطال قصة». الأمر ليس قصراً على البيض وحدهم. ثمة تنوع في المجتمع الأميركي يضم الأميركيين من أصل إفريقي، اللاتين، الآسيويين، وغيرهم.

ضرورة فهم الآخر

ذلك يقودنا إلى استعراض - هو بمثابة تأملات واقعاً - للكاتبة والصحافية أليسون فلوود، نُشر في «الغارديان» البريطانية بتاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول 2014، أشارت فيه إلى الحملة التي تصدّى لها غرين، تلك التي يسعى من خلالها إلى التنويع في الكتب عموماً، وكتب الأطفال خصوصاً، وهو تنويع يتلمّس أهمية وضرورة فهم الآخر. وهنا يتضح تركيز غرين على أن القرّاء يُمكنهم أن يكونوا أبطالاً لكثير من القصص. وإلا ما الذي يدفع الكتَّاب إلى تحسّس المَوَاطن التي يمكن للقرّاء أن يقفوا عندها؟! ثم ما الذي يمكن للرواية أن تكتسبه من حيث التأثير والمضمون لولا استنادها على نماذج بشرية تظل موجودة بيننا، على اختلاف التفاصيل في تلك النماذج؟ إذ لكل منا قصته في هذه الحياة، وكثير منا أيضاً يجد نفسه في الكثير من الأعمال التي هو بطلها في صورة أو أخرى. ربما لم تُتح له الفرصة كي يكون جزءاً من أعمال لأبطال أخذوا مكانتهم في الذاكرة والحضور؛ ليس في المشهد الإبداعي والأدبي العالمي؛ بل في ما وراء القيمة التي تقدّمها تلك الشخصية/البطل/الأبطال في الأعمال تلك.

تحرِّي مثل تلك الحقائق أو ما يُكسب دعوة غرين الكثير من الصدقية، والكثير من التعاطف معها، والوقوف إلى جانبها، ومد يد المساعدة في سبيل إنجاحها.

وتظل الدعوة على اتصال بحالات في المجتمعات تلك لم تعد تعاني الإقصاء والتهميش؛ بل ثمة قانون يُجرّم كل شكل من أشكال التمييز ضد أصحاب تلك الحالات، من بين أولئك: المثليون و (...)، السود، ذوو الاحتياجات الخاصة، الآسيويون، اللاتين، وغيرهم. تتوجّه تلك الكتابة؛ أو المشروع لتحطيم الفواصل والحواجز بين تكوينات وحالات المجتمعات تلك.

في الولايات المتحدة الأميركية تبرز مثل تلك الدعوات بالانفتاح على الكتابات المتنوّعة التي تمسّ الاحتياجات، وتخاطب التنويعات تلك. الأطفال في صدارة الاهتمام بتلك المشاريع التي تجد لها امتداداً وصدى اليوم في عديد الولايات في الداخل الأميركي؛ وليس هناك فحسب، فالمشروع نفسه يجد حضوره وصداه في أمكنة أخرى من العالم، على سبيل المثال المملكة المتحدة.

الفشل في التنوّع: إساءة

من جانبه، أوضح غرين الحاجة إلى الكتب المتنوِّعة؛ «لأننا بحاجة إلى أن نعكس واقع مجتمعاتنا. وهذا الواقع هو واحد ومتنوع للغاية في الوقت نفسه».

وقال غرين في شريط فيديو تم إنتاجه للحملة التي انطلقت تحت شعار «نحتاج كتباً متنوعة»: «في حين أنه من المهم أن ترى نفسك في قصص ما - وأعتقد أن كثيراً من الناس لا يرون أنفسهم في ما يكفي من القصص - هو أيضاً جدُّ مهم لرؤية الآخر... وعندما لا نرى حياة الآخرين في القصص، فإنه من الصعب أن نتخيّل التعقيد الذي هم عليه، وأعتقد أن ذلك يساهم في الفهم الأساسي لاستيعاب الآخر».

استشهد غرين باثنين من كتبه المفضّلة عندما كان مراهقاً لكل من: زورا نيل هيرستون، في «أعينهم كانت ترى الله»، وتوني موريسون في كتابها «أغنية سليمان». مضيفاً «بالنسبة لي، فإن التنوُّع في أدب الأطفال والشباب والبالغين، يعني الحصول على فرصة لقراءة القصص عن جميع الناس بأنواعهم، وجميع تلك القصص التي تحمل نوعاً من الفرصة المتساوية للعثور على جمهور واسع». وأضاف «الفشل في عكس التنوُّع في مجتمعاتنا؛ سواء من حيث المؤلفين الذين يجدون جمهوراً عريضاً، وكذلك من حيث القصص التي تجد جمهوراً واسعاً، يسيء لجميع القرَّاء؛ وخصوصاً للمهمّشين منهم. إنهم بحاجة إلى معرفة أنهم أيضاً يمكن أن يكونوا أبطال قصة من القصص».

وبتنظيم فريق يضم مجموعة من المؤلفين والناشرين في الولايات المتحدة الأميركية؛ أعلن معرض الكتاب هيئة لـ «نجوم كتب الطفل» الذين كانوا جميعاً من الذكور المتّشحين بالبياض، في حملة انطلقت على وسائل التواصل الاجتماعي، مع شعار «رفع أصواتنا حدَّ الهدير بحيث لا يمكن تجاهلها». وقام المنظمون بحملة لإيصال رسالتهم إلى جمهور أوسع، محقّقين في حملة لجمع التبرعات أكثر من نصف هدفها بالوصول إلى 100 ألف دولار في غضون أسبوع واحد فقط.

غرين أضاف صوته إلى أصوات جوْقة من المؤيّدين بمن فيهم أولئك الذين في المملكة المتحدة، مثل باتريك نيس، الذي قال: «عندما كنت طفلاً مثْلياً، لم يكن لديّ كتاب واحد، أنبأني ذلك بأنني لم أكن وحيداً. أبداً. ليس إذا لم يكن بوسعي عمل شيء حيال ذلك الأمر». ومالوري بلاكمان، الذي دعا عبر حسابه على «تويتر» إلى «المزيد من كُتب قصص الأطفال، تتوجّه إلى ذوي الإعاقة، المثليين و (...)، الملونين، المسافرين، مختلِفي الثقافات، والأديان في تحولها وانتقالاتها».

ويخطط المنظمون إلى استخدام الأموال التي يتم جمعها لـ «تغيير صورة أدب الأطفال» من خلال سلسلة من المناهج، بجلب الكتب المتنوعة والمؤلفين إلى المدارس المحرومة، في توجُّه لإطلاق «مهرجان التنوُّع» الذي يُعنى بالأطفال.

ضوء

يذكر، أن جون مايكل غرين، أميركي ولد في الرابع والعشرين من أغسطس/آب 1977. مؤلف روائي ومدوّن على «يوتيوب»، كما إنه يمارس التعليم. فاز بجائزة البرينتز العام 2006 عن روايته الأولى، ووصل إلى المركز الأول في قائمة «نيويورك تايمز» لأفضل الكتب مبيعاً.

ترعرع غرين في أورلاندو بولاية فلوريدا؛ قبل انخراطه في مدرسة «إنديان سبرينغ»، وهي مدرسة نهارية خارج حدود برمنغهام بـ «ألباما». تخرّج من كلية كنون في العام 2000؛ إذ تخصص في الدراسات الإنجليزيّة والدينيّة. عمل كمرشد روحي مدرسي بعد تخرّجه لمدة خمسة أشهر في مشفىً للأطفال. التحق بجامعة شيكاغو، وفي الوقت نفسه، ألهمته خبرته في العمل مع أطفال مصابين بأمراض تهدّد حياتهم لكتابة «الخطأ في نجومنا». على رغم أنه لم يكن يحضر فعلياً في الجامعة، عاش غرين لعدة سنوات في شيكاغو؛ إذ عمل لصحيفة مراجعة الكتب، وقائمة الكتب كمساعد محرر النشر والإنتاج أثناء كتابة «البحث عن ألاسكا». وهناك راجع المئات من الكتب؛ وخصوصاً الأعمال الروائية والتوائم المتلاصقين، كما قام أيضاً بمراجعة كتب «نيويورك تايمز» وكتبَ للإذاعة الوطنية العامة في برنامج «كل الأشياء معتبرة» و «بيز» و «محطة اذاعة شيكاغو العامة».

أسس غرين وأخاه ما يُعرف بمؤتمر «الفدكون»، وهو مؤتمر سنوي متخصص في فيديوهات الانترنت، وذلك استجابة لنمو مجتمع فيديوهات الانترنت. ويسترعي الحدث اهتمام العديد من مستخدمي اليوتيوب المعروفين ومعجبيهم وتوفير مجال لهذا المجتمع للتفاعل. ويتضمن الحدث أيضاً مؤتمراً صناعياً للأفراد والشركات العاملة في مجال فيديوهات الانترنت. وتمت استضافة أول «فدكون» في شهر يوليو/تموز 2010. وعقد المؤتمر الثاني في الفترة ما بين 28 و 30 يوليو 2011. أما المؤتمر الثالث فكان في الفترة ما بين 28 و 30 يونيو/حزيران 2012.

كتبه

من بين كتب غرين: «البحث عن ألاسكا»، (2005)، «وفرة من كاثرين»، (2006)، «مدائن ورقية»، (2008)، «لت ات سنو: ثلاث إجازات رومانسية» مع ماورين جونسون ولورين مايرسل، (2008)، «ويل قرايسون، ويل قرايسون مع ديفيد لفيثن»، (2010)، «الخطأ في نجومنا»، (2012). وفي فضاء القصة القصيرة أنجز: «الكلفة التقريبية لحب كارولين»، «قيل مرتين: قصص أصلية مستوحاة من الأعمال الفنية الأصلية عن طريق سكوت هنت»، (2006)، «الأميركي العظيم مورب... ديفيد ودانيال»، (2007)، «فريك ذا جييك»، قصص من سرب الاذكياء، (2009)، «الأسباب، ماذا تتمنى»، (2011)، «دبل اون كول» وقصص أخرى قصيرة، (2012).

ومن بين أعماله الأخرى: «ثيسيسنوتوم»، رواية تفاعلية مخفية وراء الأحجيات، (2009)، «زومبكورنس»، رواية المشاع الإبداعي على الانترنت مرخصة عن الزومبي، (2010)، «حرب ضفتي الجزيرة» وهي تتمة «لزومبكورنس» نشرت عبر الانترنت للمتبرعين للمشروع، (2012)، «التتمة» وهي رواية غير منتهية، وتمت إعادة صياغة الكثير منها في رواية «الخطأ في نجومنا».

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً