العدد 2158 - السبت 02 أغسطس 2008م الموافق 29 رجب 1429هـ

جمهورية شمال قبرص... البحث المحموم عن الاعتراف الدولي

يعتمد شمال قبرص على أنقرة في الموازنة والأمن، والاستيراد والتصدير، فتركيا هي المتنفس لهذه الجمهورية الصغيرة المعزولة منذ 34 عاما، والتي تعاني من تراكم عدة مشكلات بسبب الحصار. إحداها ما تعانيه الزراعة فيها، بسبب شحّ المياه، وهو ما دفع إلى تبني مشروع نقل المياه بحرا عبر وسائط النقل البحرية. ونشرت الصحافة المحلية أثناء زيارتنا خبرا رئيسيا عن قرب تنفيذ مشروعٍ لمدّ أنابيب الماء تحت البحر سيشرع فيه العام المقبل، بعد أن تأخّر عدّة سنوات.

من هنا فإن العلاقات التي تربط شمال قبرص بتركيا هي علاقات حياة او موت، ومع ذلك وفي ظلّ الانقسام السياسي الحاد، يرفض بعض من ينادون باستمرار الانفصال، أن تكون قضية أتراك قبرص ورقة بيد تركيا، تستخدمها من أجل تحسين موقعها التفاوضي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. بل ان صحيفة ( Today`s Zaman) نشرت في عدد 21 يوليو، خبرا يكشف الجو العام، يوم وصل طيب اردوغان للجزيرة، وما أحاطه من اجراءات أمنية في الشارع. فنجل رئيس الجمهورية السابق، سردار رؤوف دنكتاش، (وهو نائب رئيس وزراء سابق) احتج على هذه الاجراءات بإطلاق بوق سيارته على حاجز للشرطة المحلية التي طلبت منه التوقف وتغيير اتجاهه، وصاح في وجوههم: «أنا لا أكترث ما إذا كان هو رئيس الوزراء، فكيف أصل إلى منزلي؟» بينما كان اردوغان وزوجته أمينة يستمتعان بتناول العشاء في مقر إقامة السفير التركي كما قالت الصحيفة. ومثل هذا الحدث لا يمكن اعتباره عارضا أو نتيجة لحظة غضب، وإنّما يوحي بعمق الخلافات حول خيارات المستقبل. فالرجل من قيادات الحزب الديمقراطي المحافظ، وعُرف بمواقف أكثر براغماتية من والده المخضرم، وقد ترك الاتئلاف مع حزب طلعت (حزب الجمهوريين الأتراك) الذي يلقى كل الدعم من أنقرة.

لقاء في وزارة الخارجية

في اليوم الأول من الزيارة، التقى الوفد الاعلامي بنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية البروفيسور تورغاي اوجي، بمبنى الوزارة، الذي حرص على مصافحة الجميع قبل أن يأخذ مكانه في القاعة. وحين عرف أحد الزملاء من لبنان، قال: «أنا درست في لبنان في الفترة ما بين عامي 80 و85. وعشت في أسوأ الظروف التي مرّ بها. لقد أحببت هذا البلد وعشت فيه يوم خرج منه الكثير من اللبنانيين».

ثم تناول المسألة القبرصية ماضيا وحاضرا ومستقبلا من وجهة نظر الجانب القبرصي التركي، بدءا بحمام الدم في الستينيات نتيجة الصراع الطائفي في الجزيرة، انتهاء بالمفاوضات وخطة الأمم المتحدة للحل التي دعمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي، ووافق عليها الأتراك بنسبة 70 في المئة وعارضها الجانب اليوناني بنسبة كبيرة أيضا، و «هو ما شكّل لنا صدمة كبيرة، بل ان الامين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان قال في تقريره عام 2004 انه لابد من مكافأة الأتراك ورفع العزلة عنهم، ولكن ما هي النتيجة؟»، هكذا تساءل الوزير.

وأضاف «لا يصلنا إلا القليل من المساعدات التي أقرها الاتحاد الأوروبي. وعندما تغيرت القيادة في الجنوب استبشرنا بالتغيير، وجلس الرئيس طلعت معهم وطلب وضع جدول للحل، لأننا انتظرنا 40 سنة، ولكن لا نريد الانتظار 40 سنة أخرى». وتساءل: «ما هي المشكلة؟ عدم قبول القبرصي اليوناني فكرة أننا جاران متساويان. نحن لا نريد أكثر من أن نعامل كقبارصة متساوين، وإذا لم تعتبر الطرف الآخر موجودا فلن ينفع شيء حتى الزواج والصداقة لن تقوم».

وأشار إلى سعي وزارته للحصول على عضوية الاتحاد الاوروبي، وقال: «لو انتظرنا حتى يتفهم العالم مشكلتنا لكان علينا الانتظار 500 سنة، فكل دولة متقدمة أو نامية لها مشكلاتها الخاصة. وهو ما يضع على وزارتنا عبئا إضافيا. سنستمر في المفاوضات ولكننا لن ننتظر للأخير».

وعندما سألته عن العلاقات مع الخليج والبحرين خصوصا، قال: «إن العلاقات تتحرك في الاتجاه الصحيح، فمندوبونا ذهبوا للبحرين قبل فترة، وسأزورها قريبا، وأنا أشكر الحكومة البحرينية على حسن ضيافتها». كما أثنى على بعض دول الخليج التي أتاحت الفرصة لفتح مكاتب تمثيل تجاري بسبب ما تربطهم بها من علاقات جيدة مثل الكويت وقطر وأبوظبي.

لقاء رئيس الجمهورية

في اليوم نفسه كان هناك لقاء آخر مع رئيس الجمهورية محمد علي طلعت، الذي انتقد الجانب اليوناني على إضاعة الفرصة التاريخية بالوصول إلى حل خلال السنوات الأربع الماضية، ولكنه استدرك قائلا: «اليونانيون مدّوا أيديهم وعلينا أن نمدّ أيدينا لهم، وقد صوّتوا لصالح ديمتريس خريستافيوس، وهو شخص كان شريكا لتاتوس بابادوبولوس الذي كان يكرّر دائما انه لن يتناول الشاي مع أي مفاوض قبرصي تركي، ويبدو كما لو أنه على غير قناعة، وربما يريد كسب الوقت ليقنع شركاءه أو يستفيد من مواصلة تقديم الصورة الإيجابية التي خلقها حول نفسه. ونأمل أن تتمخض اللقاءات المقبلة هذا الشهر (أجريت يوم 25 يوليو) عن نتائج تساعدنا في الحل عندما نلتقي معهم».

وانتقد طلعت الموقف الفرنسي الذي يصب باتجاه استمرار العزلة، فـ «مشروع ساركوزي للمتوسط لم يراعِ جانبنا، فلذلك ان الخطة الفرنسية للمتوسط لن يكون لها أثر في حل المشكلة القبرصية».

وعن العلاقات مع العالم العربي والإسلامي، قال إنها أفضل من السابق، وخصوصا بعد أن اتخذت منظمة المؤتمر الإسلامي بعض القرارات العملية لرفع العزلة الظالمة.

معرض تاريخي للسيارات القديمة

أثناء زيارة إحدى الجامعات، كانت المفاجأة تخصيص ورشة كبيرة كمعرض للسيارات القديمة داخل حرم الجامعة، تضم نحو 60 سيارة، من مختلف الموديلات القديمة، أغلبها بريطانية، ثم تأتي بعدها السيارات الألمانية وقليل منها أميركية، وكان لافتا عدم وجود أي سيارة يابانية. بعض هذه السيارات للمسئولين وبعضها لعامة الناس.

كثيرٌ من الزملاء حرصوا على التقاط الصور أمام هذه السيارات الأثرية، وبعضهم ركب داخلها وأمسك بمقود القيادة لتكون اللقطة أكثر حيوية، بينما أخذت أقرأ سنوات صنعها التي يعود أقدمها إلى العام 1903، وأحدثها يعود إلى مطلع الستينيات.

العدد 2158 - السبت 02 أغسطس 2008م الموافق 29 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً