العدد 64 - الجمعة 08 نوفمبر 2002م الموافق 03 رمضان 1423هـ

انطوني لستر تجسس لحساب موسكو وأوقعه حب الصقور في الكمين

ضربة حظ ويقظة شرطي أنقذا اميركا من المهانة

لولا ضربة الحظ، ويقظة شرطي السير، لكانت واشنطن تعرضت قبل نحو عشرين عاما لنفس ذلك الذل الذي كان من نصيب لندن، حين افلت من يدها تباعا مواطنون تبين انهم جواسيس سوفيات. «بطل» الحكاية هذه المرة، أو بطل «الخيانة» شاب اميركي مثالي تحول بكل بساطة من فتى صياد وهاوي تاريخ إلى عميل يشتغل لحساب السوفيات... ايام كان هناك سوفيات ومن يشتغل لحسابهم. وهاكم الحكاية.

والواقع ان احدا لم يعرف حقا من اين جاء ذلك الشاب الذي عرفوه على الفور باسم انطوني ادوارد لستر. فهو ظهر بغتة في حياة قرية الحطابين والصيادين الصغيرة المسماة بورت انجليس. وهذه القرية التي تقع عند الحدود الكندية الاميركية على بعد مئة كلم إلى الشمال الغربي من سياتل، قرية منسية تماما، يعيش اهلها في كل هدوء ودعة، من دون ان يعني ذلك ان لهم موقفا منغلقا ضد الغرباء. وهكذا نراهم يستقبلون لستر بترحاب من دون ان يكثروا طرح الاسئلة عليه. كان يكفيهم انه يعيش حياته من دون صخب ومن دون ان يزعج الآخرين. وهو، من جهته، كان فتى وسيما نحيلا بعض الشيء دائم الابتسام. وكانت نظرته صافية، بل تبدو ساذجة إلى حد ما. اما شعره فكستنائي اللون كثيف مرمي إلى الخلف. وكان قد اشترى مركبا صغيرا، يبحر به مبتعدا عن الشاطئ بعض الشيء ثم يعود محملا، بشكل منتظم، بشيء من السمك سرعان ما يسعى إلى بيعه في السوق المحلية، غير ان هذا الامر بالذات لم ينطل على صيادي القرية. فهم بحكم التجربة كانوا يعرفون انه ليس صياد سمك حقيقيا. ففي الحقيقة ادرك الصيادون منذ البداية ان ذلك الشاب لا يمكن ان يكون إلا مثقفا رفيع المستوى... لكن هذا الامر لم يفهم كثيرا.

والغريب انهم لم يبالوا كذلك بكون لستر يتوجه عدة مرات في كل اسبوع إلى المطار المحلي الصغير لكي يتلقى فيه دروسا في الطيران.

ومع هذا كان لستر قد اندمج جيدا في عالم السكان المحليين. بل انه كان، لبعض الوقت، يُستقبل بألفة من قبل اسرة صيادين تعيش في يبفر على مبعدة ستين كيلومترا من بورت انجليس. وحينها لم يلحظ ان لستر قد استخدم عنوان اصدقائه الجدد ولكن من اجل الحصول على رخصة قيادة جديدة، بعدما «فقد» - كما قال - رخصته القديمة.

وفجأة طوّقوه

كان لستر أليفا متصالحا مع نفسه كما يبدو، يمارس رياضة الهرولة وبانتظام، وغالبا ما يتوجه في سيارة فورد قديمة يقودها بنفسه طبعا إلى الغابات الكثيفة التي يمتلئ بها الموقع، إذ يمشي ويمشي ساعات وحيدا هادئا مبتسما لمن يقيض له ان يلقاه. وفي بعض الاحيان، حين كان يعود إلى القرية، كان يتحدث عن الصقور التي كان يرصد وجودها في الغابات ويهوى مراقبتها. وهو كان صاحب خبرة في هذا الموضوع كما يبدو إذ كان لا يكف عن الشرح والتفسير والحديث عن انه كان عليه منذ حياته ان ينصرف إلى تربية الصقور وتعليمها الصيد، كما كان الحال في عهد الملك آرثر، وكما لايزال قائما في بعض مناطق الخليج العربي على حد تعبيره. وهو، حين كان يغرق في مثل هذا الحديث، كان يتوقف بغتة. وقد بدا على محياه اسفه لانه احتكر الكلام عن نفسه وعن هوايته المثيرة طوال ذلك الوقت. واذ يفضل هذا، كان يبتعد بسيارته مبتسما.

كان رجلا مثاليا، اذن، هذا الشاب.

فما الذي حدث، لكي يحيط به رجال الاف. بي آي. من كل جانب مساء 21 اغسطس/ آب 1981، في مرآب مكشوف للسيارات، فيما كان وسط معارفه يتحدث عن صيد الصقور؟ ومن اين طلع اولئك الرجال ومن اتى بهم إلى هنا ولماذا؟ هذه الاسئلة سرعان ما تركت وتنافرت وتطايرت فيما الرجال يشهرون اسلحتهم ونظراتهم تبدو مهددة إلى ابعد الحدود...

ولستر، الذي كان يحمل كتابا مصورا عن الصقور، رمى الكتاب بكل هدوء ورفع يديه... فيما عبر وجهه عن مفاجأته الحاسمة. على الفور وضعه عملاء الاف. بي. آي. في سيارة لهم، ثم نقل الشاب الذي لا يتجاوز سنه الثالثة والعشرين في طائرة مروحية، إلى مدينة سياتل إذ وضع رهن الاعتقال في سجن حصين.

اما في بورت انجليس فكانت مفاجأة السكان كبيرة حين نمى اليهم لاحقا ان لستر انما يدعى في الحقيقة كريستوفر جون بويس، وانه جاسوس يعمل لحساب الاتحاد السوفياتي. وانه حين قطن قريتهم انما كان مختبئا بعدما هرب من سجن كان اودع فيه.

والآن... هيا نعود القهقرى بضع سنوات... إلى الزمن الذي تقدم فيه بويس للعمل في مجال الالكترونيات. يومها كان بويس/ لستر في العشرين من عمره. وكانت اجهزة الأمن التابعة لشركة تي.آر. دبليو للالكترونيات، قد حققت معه يوم أراد العمل معها والشركة كانت - ولاتزال - واحدة من كبريات الشركات العاملة مع الحكومة الاميركية في المجال الالكتروني السري. فما الذي جاء في الملف الذي وضعته اجهزة الشركة الامنية عن الفتى؟

شاب ذكي

امور بسيطة: انه الاصغر بين تسعة ابناء وبنات انجبتهم نورين وتشارلز بويس. كان الفتى عميلا لمكتب التحقيقات الفيدرالي (الاف. بي. آي) قبل ان ينتقل إلى اشغال في الصناعة تدر عليه ارباحا افضل. واخوة كريستوفر واخواته كانوا يبجلونه مستمعين إلى كل نصائحه عاملين بها. اما القس ماكارثي الذي كان يرعى القداس الذي تؤمه العائلة كل أحد، فقال عنه انه كان شابا مثاليا: كان كريستوفر يؤمن بالمستقبل، وبوطنه، ويؤمن بالكنيسة بكل حماس.

اما ميزة كريستوفر الخاصة فكانت تكمن في حبه للحياة الطبيعية. وكانت هوايته، حقا تربية الصقور عند المغارات التي تطل على المحيط الهادي بالقرب من منزل اسرته الفخم الواقع غير بعيد من المباني الحديثة التي تضم مكاتب ومصانع شركة «تي. آر. دبليو». في بالوس فردس.

ومن ناحية ثانية، كان رئيس الجهاز الأمني في الشركة قد لحظ بعد اعتقاله بويس وتحقيقه معه في المرة الاولى ان معدل ذكائه لايقل عن 145 نقطة، ما يعتبر أمرا متميزا، حتى وان كان المحقق قد اختلطت عليه الامور حين حدثه بويس عن مستوى تعليمه: فبويس كان في وسعه، تبعا لمستوى ذكائه ان يحصل على علامات متفوقة حين يشاء، ولكنه اضطر إلى تبديل المؤسسة التي يتعلم فيها ثلاث مرات قبل ان يحصل على اجازة في التاريخ.

ان محقق شركة «تي. آر. دبيلو» لم يكن ليهتم بالتاريخ ولا بحصول بويس على اجازة فيه. كان همه الاساسي الالكترونيات. خصوصا وان تلك الشركة كانت، في ذلك الحين بالذات تركب اقمارا صناعية تجسسية لحساب وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (السي. آي. اي) وكان من مهمات تلك الاقمار حين ترسل لتستقر في مدار في الفضاء ان تلتقط المعلومات الغزيرة والمهمة، عبر تنصيت شديد التعقيد بالغ الحداثة. كما كان من مهماتها بعد ذلك، ان تحلل تلك المعلومات وتعالجها اجهزة حاسوب شديدة التطور والتعقيد، مرسلة استنتاجاتها بعد ذلك، ودائما عبر الاثير، إلى المقر العام لمعالجة المعلومات التابع لاقوى جهاز تجسس ومكافحة تجسس في العالم: مبنى السي. آي. اي في لانغلي. بالقرب من واشنطن.

انخراط في عمل جديد

بعد ذلك التحقيق الاول، وبعدما وضع بويس في جو عمل الشركة وأبدى، هو استعداده لتقبل كل متطلبات ذلك العمل، انبأه المحقق انه قد حاز على الوظيفة المرجوة، معلما اياه انه سيعمل في قاعة يطلق عليها اسم «الخزانة السوداء»، وفيها يتم فك شيفرة كافة الرسائل والاتصالات التي تأتي منبعثة من القمر الصناعي.

وخلال الاسبوعين اللذين تليا بدئه العمل، انصرف بويس إلى تدوين المئات من الملاحظات، ولاسيما منها تلك المتعلقة بالاسرار التي ترسلها الاقمار الصناعية السوفياتية إلى مراكز الكاجي في موسكو وغيرها. وكان ذلك، إلى حد ما، جزءا من عمله. لكن المشكلة - بالنسبة إلى الشركة وكما سيتبين لاحقا - كانت ان بويس اعطى، من دون حذر، تلك البطاقة التي تشير إلى ان ليس من الضروري تفتيشه عند خروجه من عمله كل يوم. وقد ظل المسئولون، لاحقا مندهشين كيف تمكن بويس من الحصول على تلك البطاقة باكرا!.

المهم، ان بويس، الطموح جدا، سرعان ما وجد نفسه يتصل بالملحق العسكري في السفارة السوفياتية في المكسيك، عارضا تعاونه، مرسلا إلى الملحق بعض النماذج من المعلومات والاسرار التي قال ان في امكانه تزويد السفارة بها. واذ تفحصت الاجهزة السوفياتية تلك النماذج وتبين لها مدى صحتها، جرى الاتصال ببويس، وأعلم عن خطة بسيطة تمكنه من توصيل معلوماته إلى معلمه الجديد: في كل اسبوع، عند ساعة محددة من الوقت، يتم القاء حزمة من الصحف الاميركية عبر جدار مرتفع يحيط بنباتات حديقة السفارة السوفياتية في المكسيك، وذلك انطلاقا من زقاق اعتاد ان يكون خاليا تماما من المارة طيلة ساعات اليوم تقريبا. اما الملاحظات والرسائل التي يبعث بها بويس، فستوضع بين صفحات تلك الصحف بشكل متفق عليه. وهكذا صار في امكان كريستوفر بويس ان ينفذ بشكل سهل ومنتظم، ما يحلم عادة بتنفيذه اعتى الجواسيس والعملاء.

ولاحقا، حين رأى بويس ان سفراته المنتظمة إلى مكسيكو سيتي قد تلفت اليه الانظار، عمد إلى تكليف صديق طفولة له، هو اندرو ودلتون لي، بان يقوم برمي حزمة الصحف عنه، مرة في الاسبوع قائلا له على سبيل الاقناع: «انها، يا صديقي، مجلات رجالية جنسية جريئة بعض الشيء ارسلها إلى صديق لي يعيش داخل حرم السفارة ويحب هذا النوع من المجلات حتى الجنون، لكنه لا يقدر طبعا على شرائها بنفسه».

من أجل حسناء

ولسوف يقول لي لاحقا انه قبل القيام بالمهمة، وبسرور عن طيب خاطر، لانه كان في ذلك الحين على علاقة بفتاة حسناء تعيش في مكسيكو سيتي... وكان أصلا يزورها كل اسبوع بحيث ان نفقات السفر كانت بدأت تزعجه لولا مهمة بويس التي وفرت عليه تلك النفقات. كانْت بويس يدفع إلى صديقه بشيء من السخاء... غير ان ما يجهله اخطر بكثير: لي كان في الحقيقة يهرب المخدرات بين الولايات المتحدة ومكسيكو سيتي... وكان مكتب المكافحة في هذه المدينة رصد تحركه وبدأ يراقبه لسوء حظ بويس طبعا.

ولكي يزداد سوء حظ بويس لم يختر مكتب المكافحة المكسيكي القبض على لي، الا في وقت كان فيه هذا الاخير، ذات مرة، يستعد لرمي رزمة الصحف من فوق السفارة السوفياتية. واذ صادر الشرطيون المكسيكيون الرزمة، وحللوها وتيقنوا من طبيعة الملاحظات المدونة في اوراق احتوتها، فهموا كل شيء وبادروا إلى الاتصال بزملائهم عند الجانب الاخر من الحدود.

وهكذا، جرى اعتقال كريستوفر جون بويس، للمرة الاولى، يوم 16 يناير/ كانون الثاني 1977. وبعد تحقيقات مطولة ومحاكمة سريعة تم الحكم عليه بالسجن اربعين سنة... وقد تبين خلال المحاكمة ان الفتى الوسيم النحيل حصل على ما يقارب سبعين الف دولار اتت من خزنات سرية سوفياتية، خلال فترة لا تزيد على بضعة شهور.

وأودع بويس في زنزانة محصنة داخل سجن لوحبوك الاتحادي في ولاية كاليفورنيا، وكان لي قد سبقه إلى زنزانة اخرى داخل السجن نفسه.

فطنة شرطي

ويتقدم الزمن بنا هنا، ثلاث سنوات اخرى، إلى الحادي والعشرين من يناير/ كانون الثاني 1980. ففي ذلك اليوم، كان بويس، العضو الآن في فريق يقوم ببعض الاشغال المهمة قرب حاجز السجن الشائك، كان قد دفن نفسه وسط حفريات الاشغال من دون ان ينتبه احد اليه، متنفسا عن طريق انبوب رفيع زرعه في التربة التي غمر نفسه فيها. وهو قبل ذلك كان وضع في زنزانته دمية من الورق جعلت الحراس يعتقدون ان الشاب عاد مثل زملائه الى الزنزانة بعد يوم عمل شاق.

وبويس، في مخبئه، انتظر حلول الليل، ثم اجتاز الجدار بصعوبة كبيرة. وما ان عبره حتى وجد نفسه حرا، ومشى بادئا رحلة هروب دامت نحو تسعة عشر شهرا. وهي رحلة انتهت على النحو الذي وصفناه اول هذا الكلام. اما الرجل الذي تمكن لاحقا من العثور عليه واعتقاله للمرة الثانية فهو هوارد سافير، خبير التجسس ومكافحة التجسس في الاف. بي. آي. وهو يتحدث عن الامر على النحو الآتي:

«لقد راودت أذهاننا، منذ تبين لنا ان بويس هرب من السجن، فكرة انه سيتجه إلى حيث يمكنه ممارسة هوايته التي لا غنى له عنها: هواية تدريب الصقور على الصيد... اذ كنا على يقين بأنه يمكن ان يستغني عن اي شيء من هذا العالم الا عن ممارسة الهواية. وهكذا حصرنا تفكيرنا واهتمامنا، في المناطق القليلة العدد، التي لايزال ثمة فيها وجود لذلك النوع من الطيور الجارحة.

وبعد ذلك كانت - كما يحدث دائما - ضربة الحظ: ذات يوم كان شرطي سير يعمل على طريق بورث انجليس، يدقق في رخصة القيادة التي يحملها المدعو بويس، تحت اسم لستر. ومن فوره تعرف من الصورة على بويس الذي كنا قد وزعنا صورته على نطاق واسع. وفور ذلك سجل الشرطي في مذكرته عنوان اسرة بيفر، التي كان الجاسوس يعيش بينها. وهكذا صار في امكاننا ان نوزع ثلاثين من عملائنا وقد تزيوا بأزياء الصيادين والحطابين وخادمات المطاعم. وهؤلاء جميعا انتشروا في المكان فاحصين كل مواطن وزبون وعابر سبيل، حتى تم العثور على الجاسوس».

رجل مثالي

والحقيقة انه كان لابد من العثور عليه، وفي ذلك اليوم تحديدا... وهذا امر لم يكن رجال الاف. بي. آي يعرفونه على اية حال. ذلك ان لستر/ بويس كان يستعد لاجتياز امتحان الطيران في اليوم التالي، بمعنى انه كان سيمكنه ان يستقل وحده، ومن دون رقيب، طائرة صغيرة يمكنها ان تقله إلى الاسكا.

إذ يتمكن من الاختفاء تماما وسط احضان الطبيعة البعيدة... بل من هناك كان في وسعه ان يصل إلى اراضي الاتحاد السوفياتي إن شاء ذلك، عبر اجتياز مضيق بهرنغ.

ولو فعل، مثلما فعل ذلك، باساليب وعبر طرق اخرى، عدد كبير من الجواسيس الذين عملوا مع الاتحاد السوفياتي في العواصم الغربية وتمكنوا دائما من الافلات قبل القبض عليهم، وبساعات احيانا، لتمكن من النجاة.

وربما كان في مقدوره ان يستأنف نشاطه من جديد، بأساليب مختلفة وبالكثير من الاسماء المستعارة.

ومن المرجح ان لستر/ بويس كان سيفعل هذا، مثلما فعله في الماضي، من اجل ما يطلق عليه الان اسم «حفنة من الدولارات». ولكن لربما كان من شأنه ان يفعله انطلاقا من مثالية تحدث عنها كثيرا، ومن دون ان يتمكن من اقناع المحلفين، خلال محاكمته، اذ قال انه انما قام بما قام به انطلاقا من قناعته بانه في الحقيقة يساهم في تحقيق توازن القوى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، اذ ان ما يفعله سيساهم « حقا، في إبعاد شبح الحرب النووية عن كرتنا الارضية»

العدد 64 - الجمعة 08 نوفمبر 2002م الموافق 03 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً