العدد 118 - الأربعاء 01 يناير 2003م الموافق 27 شوال 1423هـ

لـمـســة صـقـيــع

كمثل كل مسرحيات تشيكوف، تمتلئ مسرحية Uncle Vanya بالكثير من البهجة والفكاهة، ولكن بخلاف مسرحياته الاخرى فإن نهاية هذه المسرحية قاسية ووحشية. وقد شاهدت هذه المسرحية أكثر من مرة وفي كل مرة كنت اذهب بشعور جيد لكني أخرج حاملا شعورا سيئا. وقد قدم لنا سام منديز عملا يمتلئ بالأحاسيس المرهفة ويشبعنا عاطفيا لكنه يخوننا من الناحية الجمالية.

بدلا من الصورة التقليدية للمنزل الريفي الروسي المليء بالفوضى نرى على المسرح طاولة صغيرة ذات لون غامق، وبيانو عادي في الزاوية وعلى الهامش نرى اعشابا مقطوعة بعناية. وفي بعض الأحيان تستخدم الطاولة الموجودة كجدار يفصل بين الممثلين ولكن من الواضح ان من يعيشون في هذا المنزل يعشيون في غربة ليس عن بعضهم البعض فقط ولكن أيضا عن أنفسهم. ونرى أستروف يوبخ نفسه في أحد المشاهد قائلا «دكتور اسينين، دكتور اتروفيد» وذلك بحسب ترجمة براين فرايل الجديدة وهي ترجمة قوية كما تحوي الكثير من الفكاهة ولكننا نجد استخدامات لبعض الكلمات الحديثة مثل Stuff بدلا من Possessions. نرى آمرة القلعة «يلينا» وكأنها في موكب تشييع جنازة، ترفع كوب الشاي وتضرب الملعقة بالكوب بطريقة ساخرة ثم تغادر من دون أن تتفوه بكلمة واحدة أو أن تلقي نظرة على أي أحد، ويلخص زوجها الحال بقوله «حلمت أن رجلي اليسرى ليست جزءامن جسدي ولكنني كنت ما ازال اشعر بالألم فيها». كان الأداء رائعا على رغم من محدودية قدرات بعض الممثلين.

اشك في أن يتفق أي أحد مع وصف ايميلي واتسون لنفسها وهي تمثل دور ابنة سربرياكوف (سونيا) بأنها بسيطة وإنها تفتقر لعدم الكياسة واليأس اللذين تعاني منهما امرأة وحيدة وغير مرغوبة، ولكن في الجزء الأخير من المسرحية نرى أن جمالها يجعلها تتوق الى المجد. يبدو سايمون راسل ممتلئ الجسم وظريفا وطاهرا جدّا ليقنعنا بمعاناة سونيا ورغبتها في ايذاء نفسها وليقنعنا باحباطه الشديد بسبب حبه إلى يلينا. اما مارك سترونج الذي يمثل دور آستروف فهو ضعيف جدا ويصعب على من هو مثله أن يفقد الأمل ويتجه للشرب كما ان لهجته التي تعتبر غليظة وفظة أكثر من أي شخص آخر تجعله يبدو أدنى من مستوى الآخرين اجتماعيا وهو أشد قوة من آستروف ولكن ما يجذبه إلى يلينا هو مجرد محاولة تحاشي شعوره بالاشمئزاز من نفسه.

هيلين مكروري التي تمثل دور يلينا تعاملت بطريقة خاصة مع الجزء الأصعب من دورها في خلق الموازنة بين استغراقها الذاتي في الأمور الجسدية «الشهوانية» وبين القيام بالواجب والخوف بثقة كبيرة. في مشهد ممتع تمشي بهدوء حول الطاولة متمتمة بالحديث مع نفسها،يرتفع صوتها وينخفض وهي تقلب فكرة الوقوع في الحب مع آستروف.

على رغم كل شيء فإن هذا الفيلم يلامس شعور الجميع ما يؤدي لعدم تصديقنا لثورة فانيا الاجرامية كما اننا نستطيع تحمل آلام سونيا ومعاناتها بسبب العنوسة والوحدة. وهذا بسبب أداء الممثلين الرائع وبسبب كتابات فريل التي تفضل الاختزال في القول على نقل مشاعر الألم.

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً