العدد 142 - السبت 25 يناير 2003م الموافق 22 ذي القعدة 1423هـ

«About Schmidt» قد يرشح نيكلسون للأوسكار للمرة 12

لوس أنجليس - كريستي ليماير 

25 يناير 2003

كل ما نعرفه عن وارن شميدت: انه تقاعد لتوه بعد ان عمل أربعة عقود خبير تأمينات عقارية في شركة وود من أوف ذي وورلد للتأمين في اوماها بولاية نبراسكا. انه متزوج منذ 42 سنة من زوجته الطيبة ولكن الرثة هيلين. وابنتهما الوحيدة «جني» على وشك ان تتزوج من بائع فرشات مائية يدعى راندال.

وهذا كل ما يعرفه وارن ايضا عن نفسه. انه لم يحاول البتة ولم يهتم بمعرفة المزيد. ولكنه بعد ان بلغ سن السادسة والستين ينضم إلى دورة دراسية طارئة في اكتشاف الذات، في فيلم «About Schmidt».

لا تبدو مثل هذه القصة أساسا طبيعيا لواحد من أفضل أفلام سنة 2002. إلا انها كذلك - ليس فقط للأداء الرائع الهادئ الذي يقدمه جاك نيكولس، وهو أروع اداء مفاجئ في تاريخ عمله السينمائي الملئ بالذكريات والمفاجآت.

وليس فقط النص الحرفي الدقيق الذي اقتبسه الكاتب - المخرج ألكساندر باين الذي يثبت بفيلمه الجديد ان فيلم «Election» الحاد المتوحش الذي صنعه قبل ثلاث سنوات مجرد مصادفة أو فلتة شوط. ان كل قطعة صنعت «حفر وتنزيل» لكي تتواءم مع بقية اقطع. من أصغر تفاصيل الألبسة والمفروشات، تتواءم مع بقية المقطع. من أصغر تفاصيل الألبسة والمفروشات إلى الأداء المساعد من الممثلين الثانويين: در موت مالروني وكاثي بيتس اللذين يستأثران بالأضواء.

ويرسم باين صورة للمجتمع في الولايات الاميركية الوسط الساخر على نحو محبب - موجهة بذلك «نكزة» لطيفة في الاضلاع فيها قوة لكمة موجهة إلى الامعاء. وهذا كل ما يحتاج اليه شميدت - ضربة في البطن - ولكنه لا يراها آتية.

كل ما يفعله وارن هو انه يشغل مساحة في المكتب الخالي من الحياة ويعد الدقائق حتى موعد احالته إلى التقاعد للخروج ويجلس بهدوء قاعة المآدب، حيث يقيم زملاؤه حتى موعد حفلة تكريمة له. إن وارن دائما وحيد بشكل ميؤوس منه سواء كان لوحده أو وسط جمهرة من الناس. وخلال أحد الايام التي لا يفعل فيها شيئا غير مشاهدة التلفزيون يشاهد وارن اعلانا عن منظمة «Childreach» التي تعتني بالأطفال ويلتقط سماعة الهاتف لا شعوريا. وينتهي به المطاف بأن يرعى طفلا تنزانيا اسمه: نغودو، ويتلقى طلبا بإرسال رسالة مع تبرعه الشهري البالغ 22 دولارا. ولا يعرف كيف يجب ان يتحدث عن الأمر مع زوجته «جون سكويب» وابنته «هوب ديفيس» ولذلك لا يعرف ماذا يقول ليتيم أميّ في الجهة المقابلة من الكرة الارضية. ورسائله التي يفتحها بعبارة «عزيزي نغودو» التي تعكس القصة السردية هيكليتها مضحكة والمحزنة في آن واحد لعدم وجود مؤشر إلى كاتبها ولصوت نيكولس الخافت وهو يكتب على دفتر ملاحظات أصفر اللون.

وفجأة تموت هيلين، ويستفيق وارن من روتينه القاتل. وبعد تذمره لعدة اسابيع - لعدم وجود شخص يعتني به على ما يبدو وليس لأنه يفتقد زوجته - يستقل سيارته التي كان يخطط مع هيلين لاستخدامها في الرحلات البرية. انه متجه الآن إلى دنفر اذ يأمل بأن يقنع ابنته جني بإلغاء زواجها من راندال (مالروني) الذي يعتبره غير جدير بالزواج من ابنته العزيزة.

والتشبيه هنا بفيلم «Easy Rider» أمر محتوم، بنيكولس العائد إلى الطريق مرة أخرى لاكتشاف الذات. وهذه المرة لا توفر الارض الطريق إلى كشف ألغاز غاضمة، بل لكشف الحقيقة والصحوة ا لرصينة. وبعد وصوله إلى دنفر لا تجري الأمور كما كان يخطط وارن، وهو حقا لم يتوقع ان يجد نفسه في مغطس ساخن مع روبرتا (بيتس) والدة راندال البوهيمية التي لا تشعر بحرج في الدخول إلى المغطس عارية.

لقد كيل المديح الكثير لنيكولس لأدائه، وهو استحق ذلك عن جدارة. لقد اختفى في هذا الفيلم شعره المنفوش وحاجباه المقطبان وابتسامته الشيطانية التي أصبحت علامته الفارقة. لقد تضاءل حجمه لكي يتحول إلى وارن شميدت فأعطى ذلك نتائج هائلة. وقد يكون أداؤه «أداء السنة» ولا يستبعد ان يرشحه لجائزة الأوسكار للمرة الثانية عشرة. انه رجل حزين جدا، جدا - كما تقول امرأة يلتقي بها خلال رحلته البرية - وغير قادر على التعايش مع المجتمع على رغم حياته الحافلة بالتجارب.

ولعل الوصف الذي قدمه نيكولسن عن نفسه هو أفضل وصف بعد عرض الفيلم في مهرجان نيويورك السينمائي الذي افتتح به المهرجان: «لقد لفت نظري ان هذا الرجل الذي لديه عمق حسابي عن الحياة، يبدو انه لا يفقه شيئا عن حياته ذاتها». وقد لا يكون، مع اقتراب الفيلم من نهايته، قد توصل إلى معرفة كل شيء، غير انه يكون قد اتخذ خطوته الاولى في هذا الاتجاه

العدد 142 - السبت 25 يناير 2003م الموافق 22 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً