العدد 168 - الخميس 20 فبراير 2003م الموافق 18 ذي الحجة 1423هـ

متحف «بيت الأمة» بمصر يفتح أبوابه للشعب

شهد ميلاد الحركة الوطنية القرن الماضي

القاهرة - أحمد أبوالمعاطي 

20 فبراير 2003

من بين بيوت القاهرة الاثرية الشهيرة يبرز بيت الزعيم الراحل سعد زغلول باعتباره واحدا من أهم الأماكن التى شهدت صفحات من النضال المصري للتحرر من الاستعمار الانجليزي في بدايات القرن الماضي.

تسمية نشأت عن شجار! وأطلق على بيت سعد زغلول «بيت الأمة» بعد ذهاب وفد من السياسيين المصريين إليه ذات ليلة من ليالي العام 1917 ليوكلوا إليه مهمة التفاوض نيابة عن الشعب المصري مع الانجليز، لجهة حصول مصر على استقلالها.

ويقول مؤرخون إن نقاشا احتدم بين زغلول وأعضاء في الوفد الذي ذهب اليه بالتوكيلات التى جمعوها من المصريين، فقال لهم سعد غاضبا: كيف تهينونني في منزلي؟ فقال أحد أعضاء الوفد: «انه ليس بيتك الآن... هذا بيت الأمة»، فوافق الزعيم على قبول التوكيلات والتفاوض مع الانجليز باسم مصر.

وشرع سعد زغلول في إنشاء بيته الكائن بمنطقة عابدين وسط العاصمة المصرية في منتصف العام 1901، وانتقل للإقامة به في 24 أبريل/نيسان من العام 1902، وكان قد تزوج قبلها بخمس سنوات من صفية هانم ابنة رئيس الوزراء مصطفى فهمي باشا التى اطلق عليها في أثناء المفاوضات التى أجراها سعد مع الانجليز لقب أم المصريين.

فخامة أوروبية

وصمم زغلول بيته على طراز قصور الأثرياء في فرنسا، وحرص على أن يشتري بعض أثاثه من فرنسا وبعضه الآخر من فيينا وثالث من ألمانيا، غير أنه وعلى رغم الطابع الارستقراطي للبيت فقد انطلقت منه التظاهرات الحاشدة في مارس/آذار من العام 1919، وهي المظاهرات التي عرفت بمظاهرات طلاب المدارس، وكانت تخرج متجهة إلى بيت الأمة وهي تنادي بحياة سعد باشا، فيما كانت تنتظرهم وقتها صفية زغلول، تلوح لهم بمنديلها من شرفة البيت الكبير. وفى الشهر ذاته انطلقت من البيت أول مظاهرة نسائية في تاريخ مصر الحديث، عندما خرجت بنات العائلات الكبيرة الراقية إلى أنحاء القاهرة يرددن الهتافات المطالبة بالحرية والاستقلال وسقوط الحماية الانجليزية. ومع مرور الوقت تحولت شرفات البيت الى منبر عام لخطباء الثورة، الذين كان يتجمع حولهم المصريون، ومن بين هؤلاء الخطباء مكرم عبيد، وعبدالمجيد بدر وغيرهما.

وفي 21 فبراير/شباط من العام 1923 أغلق بيت الأمة، اذ توجهت قوة من رجال الشرطة بمساعدة الحكمدار الإنجليزي لحصاره وتفتيشه طالبين إغلاق جميع غرفه وختمه بالشمع الأحمر، إلا أنه في 8 يوليو/تموز من العام ذاته فتح البيت من جديد، وعاد رجال الوفد للاجتماع فيه، وأرسلوا إلى سعد زغلول في منفاه في جبل طارق برقية يؤكدون فيها تمسكهم بحقوق الوطن وإخلاصهم له. غير أنه لم تمض سوى أيام حتى عاد زغلول من منفاه إلى العاصمة، في 18 سبتمبر، واستقبله الشعب استقبالا حماسيا يفوق يوم استقباله من أوروبا يوم شارك في مفاوضات الجلاء.

وظل بيت سعد زغلول بيتا للأمة حتى رحل صاحبه مساء الثلثاء الموافق 23 أغسطس/آب من العام 1927، إلا أنه وبعد رحيله ظلت الروح المحركة للعمل الوطني تنبع من هذا البيت، إذ أبقت عليه زوجته صفية هانم ليكون مقرا لاجتماع الوفديين، وظلت تشجّع رجاله على الصمود أمام ديكتاتورية الملك فؤاد وتدخل الإنجليز حتى انقسموا على أنفسهم في العام 1937، فأغلقته أمامهم، حتى توفيت في العام 1946 لتسجل اسمها ضمن السيدات العظيمات في تاريخ مصر.

مقتنيات بيت الأمة

ويتكون المنزل من ثلاثة أدوار تحيط به حديقة من ثلاثة اتجاهات، إضافة إلى غرفة حراسة ملتصقة بالسور الخارجي من الداخل. وتركزت فكرة تطويره على الحفاظ على الروح المعمارية الخاصة به، وإعادة ترميم «البدروم» لاستخدامه مركزا ثقافيا متعدد الأغراض.

وروعي أثناء الترميم الحفاظ على الشكل الكلاسيكي لحديقة المتحف وإضافة نوعيات خاصة من النباتات لتكون مكملة لنوعية النباتات الموجودة في الحديقة، وتوفير إضاءة كلاسيكية لإنارة الحديقة، وتجهيز البيت/المتحف بتجهيزات حديثة تمثلت في أنظمة الإنذار ضد السرقة، وإضافة إذاعة داخلية، وأماكن لعرض المجوهرات والنياشين الخاصة بالزعيم وحرمه.

ويضم المتحف مقتنيات سعد زغلول وزوجته من بينها ملابس ومجوهرات ونياشين يبلغ عددها 16 نيشانا من الذهب الخالص أهمها نيشان محمد علي ونيشان مجلس النواب، ونيشان الكمال الخاص بصفية زغلول المهدى إليها من الملك فاروق وخطاب الإهداء.

كما تضم المقتنيات بدل التشريفة الثلاث لسعد زغلول التي كان يرتديها في التشريفات الرسمية أيام كان صاحب المعالي، والثانية بعد أن أنعم عليه برتبة «الرئاسة الجليلة»، أما الأخيرة فكان يرتديها في افتتاحات الدورة البرلمانية أيام كان رئيسا لمجلس النواب. كما يضم البيت قطع أثاث ثمينة فرنسية وألمانية ومجموعة من السجاد العجمي والشيرازي، إضافة إلى ملابس وإكسسوارات وميداليات أم المصريين، وتماثيل نصفية لسعد زغلول وأدوات كتابية أهدتها «صاحبة السمو أم المحسنين إلى المغفور له سعد باشا»، إلى جانب بعض الوثائق المهمة أبرزها خطاب من رئيس الوزراء مصطفى النحاس إلى صفية زغلول، وإقرار تنازل من سعد عن منزله إلى حرمه، وبرقية شكر إلى صفية زغلول من الملك فاروق

العدد 168 - الخميس 20 فبراير 2003م الموافق 18 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً