العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ

خطباء الجمعة يستنكرون العدوان، ويدعون إلى الوحدة الوطنية

أوصوا بالدعاء والصلاة

تفاعل خطباء المساجد مع أجواء العدوان الأميركي على العراق، فأدانوا هذه الهجمة ودعوا إلى المحافظة على الوحدة الوطنية والإسلامية، والابتعاد عن كل ما يثير الفرقة والخلاف في ظل هذه الحملات التي تستهدف أمن المنطقة وسلامة أراضيها، ولم يكن الهم المحلي بعيدا عن أجواء هذا الخطاب، إذ وجهوا دعوة إلى استنكار وشجب الحملة الأميركية بمختلف الوسائل، مع ضرورة الحفاظ على الأمن الوطني والسلم الأهلي، في إشارة إلى ضرورة تجنب خروج المظاهرات والاعتصامات عن إطارها المألوف وهدفها المحدد لها.

قال الشيخ عيسى قاسم في خطبته التي ألقاها في جامع الإمام الصادق في الدراز «إن الحرب التي أُشعلت نارها بقيادة أميركا ضد العراق وسائر المسلمين، يجرمها الدين الإسلامي وغيره من الأديان السماوية وتجرمها الأخلاق والعرف العالمي، والضمير الإنساني والمؤسسات الدولية»، مؤكدا ضرورة تجريمها وإعلان الرأي فيها والتظاهر ضدها، لأنها تريد أن تلتهم أرواح المسلمين وثرواتهم وتريد أن تستأصل أصالتهم، فهي ضد حاضرنا وماضينا... ضد مستقبلنا... ضد وجودنا كله، على حد تعبيره.

الاحتياطات الوقائية

ولفت قاسم لمسألة الاحتياطات الوقائية المطروحة من قبل الجهات المختصة، مضيفا «أنه كلما وجد احتمال عقلائي بالضرر البالغ والهلكة من أمر من الأمور كلما احتمل الناس خطرا حادقا، وكانت لهم وسيلة دفعه، كان عليهم أن يطلبوا هذه الوسيلة ويتعاملوا مع الخطر المرتقب من منطلق الاحتياط، ومن منطلق التوقي فلا خوف ولا فزع ولا بلبلة ولا رعب ولكن لابد من الأخذ بالأمور الوقائية الاحتياطية وذلك من منطلق الواجب الشرعي إذا بلغ الاحتمال مبلغا عقلائيا مؤثرا فضلا عن أن تصل درجة الاحتمال إلى الظن الراقي أو الاطمئنان الكامل وإلا كان الإنسان مسئولا فيما فرط به تجاه نفسه وتجاه من يقع تحت مسئوليته»

وفي ذات الموضوع، أشار قاسم إلى أن التعاون الاجتماعي في المجتمع المسلم سمة من سماته، ومطلب أساسي في حياته، وهي شيمة هذا المجتمع إذا كان على دربه الصحيح، هذا في الأحوال العادية أما في الأزمات فيتحول الأمر إلى ضرورة بالغة لا يغفلها أي مجتمع عقلائي فضلا عن المجتمع المؤمن بقيمه الرفيعة، مشددا على ضرورة المحافظة على الحال الأمنية الوطنية وعدم إرباك الوضع الأمني في البلد.

أمية عسكرية وصحية

واستنكر إمام جامع الإمام الصادق في الدراز ما تقوم به الدول العربية والإسلامية من خطأ فيما تركزه في شعوبها من الأمية العسكرية، والأمية الصحية المرتبطة بالكوارث، إذ لا يوجد تدريب عسكري، ولا أثر للتوعية الصحية المرتبطة بالكوارث، في وقت تتهدد الأمة الأخطار من غير توقف، وتتربص فيه أميركا و«إسرائيل» الدوائر بهذه الأمة، متسائلا: «هل حال المسئولين يشبه حال هؤلاء الضعفاء والفقراء فيما يفتقدونه من وسائل الوقاية الثقافية بكيفية التعامل مع هذه الحوادث؟ أم أن هناك طبقة لابد أن تعيش وطبقة أخرى لو ماتت لا اكتراث ولا مبالاة بها وهي والحشرات سواء» متعجبا من «مرور المنطقة بالحروب المتتالية من دون تثقيف على المستوى الصحي المرتبط بالكوارث ولا تدريب للمجتمع على حمل السلاح والمواجهة القتالية».

تصور خاطئ

من جهته لفت إمام جامع العدلية الشيخ فريد هادي أن هناك تصورا خاطئا يسود عند شريحة كبيرة من الناس، بأن الإيمان بقضاء الله وقدره معناه أننا مجبرون على ما يجري من ظلامات تجاه الشعوب، مشددا على خطأ هذا التصور باعتباره يقود الأمة إلى روح الاستسلام والانكسار والخضوع، مضيفا «أن قضاء الله وقدره يستتبع أن يملك الإنسان الحرية والإرادة على الفعل والحركة»، مؤكدا ضرورة التوكل والأخذ بأسباب النصر، وعدم الركون للتواكل، حتى في القضايا المعلوم فيها قضاء الله وقدره، كقضية النصر والهزيمة، معتبرا أن عقيدة القضاء والقدر تفجر طاقات الأمة لأنها ترجع الأمة إلى قوة الله المتفرد والمتصرف في هذا الكون، كما أنها تفجر فيه الإحساس بعدم الانهزام واليأس والقنوط من النصر، فالمؤمن لا يعرف الانهزام والانكسار والهزيمة والذلة على حد تعبيره.

جريمة بكل المقاييس

وعلى صعيد العدوان الأميركي على العراق، أوضح هادي أن العدوان الأميركي هو إجرام بكل المقاييس، لأنه تعد سافر على القوانين والأعراف الدولية، وتشريع لإسقاط الدول من خلال قوة خارجية، من دون أن يكون هناك احترام لسيادة هذه الدول، وأضاف «كما أنه جريمة لأن الشعب العراقي الذي ذاق مرارة الحصار الأميركي طيلة عشر سنوات، هو اليوم يتجرع مرارة القصف الصاروخي الأميركي أيضا، ليخرج من دائرة الحصار الأميركي إلى دائرة الموت الأميركي، ويكون الموت بالنسبة إليه رحمة وخلاصا من هذا الحصار».

ودعا إمام جامع العدلية المسلمين إلى أن يكونوا بمستوى الحادث، من خلال رفع مستوى الوعي الفكري، وتيقظ المشاعر والضمائر، وإلا طبق العدو ما يدبره الصهاينة في البيت الأبيض، مؤكدا ضرورة الوحدة بين المسلمين، ونبذ الفتن والخلافات، وأن نكون فاعلين بكل ما نستطيع من قوة لمناهضة هذه الحرب، كاشفا دعوة قدمها لأئمة المساجد لجمع تواقيع المصلين وإرسالها إلى السفارة الأميركية للتعبير عن رفض الشعب البحريني للحرب.

الشعوب لا تصدق أميركا

من جانبه أكد عبدالوهاب حسين في خطبته أمس الجمعة، أن أميركا بحربها على العراق تهدد النظام العالمي كله بصورة أخطر مما يفعله نظام صدام، وتقود العالم إلى دكتاتورية أسوأ من دكتاتورية النظام العراقي، واصفا إياها بالمارقة والخارجة عن الشرعية الدولية، ملفتا إلى أن الشعوب لا تصدق أميركا في دعواتها إلى الديمقراطية وأنها ترفض هذه الدعوات وتعتبرها إهانة لها، لأنها تعتقد بأن الديمقراطية يجب أن تنبع من ذاتها وقيمها على حد تعبيره، معتبرا أن أسوأ نظام عربي خير لنا من أميركا. وأشار إمام مسجد النويدرات إلى أن فرنسا قامت بأضعف الإيمان، ولم تعط الشرعية الدولية لأميركا لضرب العراق، حتى لو افترضنا أنها تنطلق في ذلك من مصالحها الخاصة، إلا أن السؤال يتوجه إلى الدول العربية والإسلامية عن المصلحة التي ستجنيها من سكوتها عن ضرب العراق، معتبرا أن هذا الموقف ينم عن عجز تام عن الفعل، وعدم غيرة وطنية وإسلامية، داعيا إلى عدم تقديم تسهيلات لهذه الحرب، مؤكدا في الوقت نفسه أن المعول على الشعوب في رفض هذا العدوان بمختلف الأساليب، بشرط المحافظة على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي من خلال استخدام الأساليب السلمية في التعبير عن رفض هذا العدوان.

الخليج مبتلى

إلى ذلك، قال إمام مسجد مدينة حمد الشيخ جلال الشرقي «إن الله منَّ على منطقة الخليج بالثروات والخيرات، وكان الناس طوال السنين الماضية يحسدون أهل الخليج على النعمة التي يعيشون فيها، وها هو الله يبتلينا بالنكبات والحروب، وعلينا أن نستقبل هذا البلاء بالصبر والاستغفار والثبات وعدم اليأس والقنوط، لأن القنوط يعني الاعتراض على حكم الله، واعتبار القوى البشرية أقوى من الله، معتبرا أن الحرب على العراق تحدث بمشيئة الله، وأن فيها الخير للمسلمين، لأنها قد تنذر بزوال الطواغيت والحكومات الظالمة التي ضيعت مقدرات الشعوب وأذلتها، فالنصر لا يأتي إلا من بعد محنة وشدة وقتل ودماء، متمنيا أن تكون هذه الحروب بردا وسلاما على المسلمين».

وأوضح القاضي بالمحكمة الكبرى الشرعية السنية الشيخ فريد المفتاح أنه لا يجوز أن يكون خطأ الحاكم مبررا للعمالة والتعاون ضد المسلمين، مشددا على أن ظلم النظام العراقي لا يبيح الاستعانة بغير المسلمين بحجة إقامة نظام يقوم على العدل، فأي عدالة تلك التي تقوم على أشلاء الأبرياء، مؤكدا أن الهدف هو تدمير العراق وتمزيقه إلى دويلات بين الشمال والجنوب، وإرضاء الصهاينة الإسرائيليين وتوفير الأمن لهم، مبديا تخوفه من وجود نظام عميل لأميركا كما هو حال النظام الأفغاني، ما سيؤدي إلى تمزق الأمة، وإلى مزيد من التسلط الأميركي والغربي على ديارنا وبلادنا، لتطال أيديهم أنظمة عربية وإسلامية أخرى بهدف الضغط عليها لدعم صمود الشعب الفلسطيني

العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً