العدد 209 - الأربعاء 02 أبريل 2003م الموافق 29 محرم 1424هـ

خريطة «بوش»: شروط مهينة للعرب لحساب «إسرائيل»

استحوذت عناوين الصحف العربية وتعليقاتها حديث الرئيس الأميركي جورج بوش عن نيته نشر «خريطة الطريق» واستكمال إجراءات حل النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، الأمر الذي وصفه جوزيف سماحة في السفير (اللبنانية) بأنه «استحضار للراية الفلسطينية» أو «بوش يذهب للحرب عبر خريطة الطريق» حسبما عنونت البيان (الإماراتية). فقد أعلن الرئيس بوش، في بيان مفاجئ ان خطة «خريطة الطريق» للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ستقدم رسميا للجانبين بعد المصادقة على تعيين رئيس وزراء فلسطيني ذي صلاحيات قوية وواسعة، هذا المنصب الذي استحدثته السلطة الفلسطينية أخيرا تحت ضغوط دولية تهدف إلى استبعاد الرئيس ياسر عرفات.

وإذ ردت السلطة الفلسطينية، بفتور على تصريح بوش ودعا وزير الحكم المحلي الفلسطيني صائب عريقات، بوش إلى توضيح ما إذا كانت خريطة الطريق ستطرح للتنفيذ أم للمزيد من المناقشة... أثار توقيت الإعلان أسئلة المعلقين العرب عن مدى جدية واشنطن التي تشن حربا على العراق لا تحظى بالتأييد العربي والدولي، وان الهدف هو تعمية العالم عن الحرب بـ «خريطة الطريق»، في الوقت نفسه الذي تعامى فيه بوش نفسه عن مجازر «إسرائيل» الجديدة التي تنفذها قوات الاحتلال في الضفة الغربية اذ سقط عشرة شهداء، فيما سقط شهيدان آخران في نابلس وبلدة صيدا قرب طولكرم.

وكان وزير الخارجية الاميركي كولن باول، حمّل الفلسطينيين أمام الكونغرس الاميركي المسئولية الكاملة عن تدهور الأوضاع بينهم وبين «إسرائيل»، وأعفى الاحتلال الإسرائيلي من أية مسئولية، بل ادعى ان «إسرائيل» «لم تتمكن من عمل بعض الأشياء التي كنت أود أن تفعلها لتحريك العملية» بسبب ما سماه «استمرار العنف والارهاب من الجانب الفلسطيني ضد دولة «إسرائيل»!

كلام من القبر!

ووصفت الأهرام (المصرية) بيان بوش بأنه «مهم» لافتة إلى ان الرئيس الأميركي وقبل أن يلقي ببيانه المهم عن أزمة الشرق الأوسط تبادل مع الرئيس حسني مبارك وجهات النظر عن التطورات على الساحة الدولية بالنسبة الى الأزمة العراقية. كما تبادلا الرأي عن التحرك السريع لإنقاذ الوضع المتدهور بين الفلسطينيين والإسرائيليين. واعتبر رفيق خوري في «الأنوار» (اللبنانية) ان «خريطة الطريق» إلى الدولة الفلسطينية مجرد كلام والواقع هو «خريطة الطريق» إلى الحرب... ورأى خوري، انه لولا ثلاثة عوامل تكتيكية تواجه استراتيجية الحرب لما أخرج بوش، «خريطة الطريق» من القبر. معددا العوامل الثلاثة، فالأول هو المأزق الذي وجدت فيه أميركا نفسها داخل مجلس الأمن. والثاني هو الوضع الداخلي الصعب للشريكين في الحرب: رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه ماريا أزنار. والثالث هو الحرج الذي يقع فيه أصدقاء أميركا العرب. ويقول جوزيف سماحة ان إعلان بوش، في الحقيقة، تدخل مربح يسمح برصّ صفوف التحالف من أجل حرب العراق ورأى ان هذه الخديعة المكشوفة لا تأخذ في الاعتبار موازين القوى الناجمة عن الحرب، ولا تهتم باقتراب الحملة الرئاسية في أميركا، ولا تتوقف عند تركيبة الحكومة الإسرائيلية الجديدة وغياب الإشارة في برنامجها إلى خريطة الطريق، أو الدولة. ومن أجل اكتمال الخديعة سنتوقع ضجة كبيرة في «إسرائيل» تزعم ان التدمير الذي يهدد الأمة العربية هو، في الحقيقة، تهديد غير مسبوق لـ«إسرائيل»! ولاحظ سماحة ان بوش فعل ذلك في عز المواجهة المندلعة في مجلس الأمن. وفي غمرة الحصار المضروب على مشايعيه الأوروبيين. وفي سياق تسهيل الأمور أمام حكومات عربية لم تعد تستطيع ستر عورتها. لذلك لن يكون مستبعدا أن ترتفع أصوات تصرخ: «ألم نقل لكم؟». انها أصوات الأنبياء الكذبة في الخارج، وأصوات القادة المذعورين بين العرب الذين سيتمسكون بحبال الأوهام ويحاولون إقناع شعوبهم بأن تحدو حدوهم.

ووصف علي حمادة في «النهار» البيروتية، كلمة الرئيس بوش، بـ «الآيس كريم» الفاسد، ورأى انها تقذف في وجه العرب لحساب رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ «عظمة» علهم يتلهون بها ريثما يتم احتلال العراق. واعتبر حمادة، ان حروب أميركا في الشرق الأوسط هي حروب إسرائيلية صافية واحتلال الجيش الأميركي للعراق سيكون بمثابة احتلال إسرائيلي آخر لأرض عربية جديدة... ورأت سحر بعاصيري في «النهار»، ان توقيت الإعلان يتجاوز محاولة تطمين العرب ليكمل بوضوح وظيفة في الحرب الدبلوماسية ضد العراق، ويتجاوز الفلسطينيين ليحاول ضمان غطاء سياسي لحليفه بلير الذي يزداد وضعه الداخلي صعوبة.

ورأت «الوطن» (القطرية) انها محاولة مكشوفة تماما وبشكل مفاجئ برز اهتمام أميركي مثير للشبهة يدغدغ الحلم الفلسطيني بقيام دولة مستقلة مهّد بوش في لمسة أخرى لقرار الحرب لكسب الشارع العربي أو محاولة شقه بتعهده بإعلان خريطة الطريق التي تمنّي العرب والفلسطينيين بقيام دولة ولكن أيضا بشروط مهينة كلها لصالح «إسرائيل». واعتبرت ان المساومة مرفوضة، والعرب لن يضحوا بالعراق مقابل وعد بدولة، لأن كليهما حق عربي لا يمكن المساومة أو التفريط بهما.

شروط مهينة

ورأت «الراية» (القطرية) انه من الواضح ان هذه محاولة جديدة لخداع الرأي العام في سياق الحرب على العراق، إذ أن واشنطن ولندن بحاجة إلى قرار دولي كغطاء للحرب، كما انهما تحاولان من خلال الحديث عن خريطة الطريق، كسب تأييد الحكومات العربية أو حتى سكوتها على الحرب.

ورأت «اللواء» (اللبنانية) انها مناورة أميركية مكشوفة «العصا للعراق والجزرة لفلسطين».

ورأت «المستقبل» (اللبنانية) ان الرئيس بوش، وضع الحجر ما قبل الأخير في «خريطة الطريق» إلى بغداد، وأكمل خارطة الحرب خلال القمة بينه وبين طوني بلير، وخوسيه ماريا أزنار. وقالت ان «خريطة الطريق» ظهرت كورقة كبيرة أراد إلقاءها على الطاولة في لحظات حاسمة تعيشها المنطقة بأمل أن ينجح في تخفيف الرفض العربي، خصوصا ان بوش، ونائبه تشيني، أرفقا هذا الإعلان بحملة اتصالات واسعة بالزعماء العرب. واعتبرت «المستقبل»، ان إعلان بوش، هو أيضا محاولة لإرضاء الدول الإسلامية وغير المنحازة لأعضاء في مجلس الأمن، التي كانت معارضة أو مترددة في دعم مشروع استخدام القوة العسكرية. مضيفة ان هذا الإعلان، أتى في أعقاب تقارير نقلت مخاوف الأوساط السياسية الأميركية من احتمال اندلاع موجة عنف جديدة في منطقة الشرق الأوسط، لم يسبق لها مثيل في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي

العدد 209 - الأربعاء 02 أبريل 2003م الموافق 29 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً