العدد 215 - الثلثاء 08 أبريل 2003م الموافق 05 صفر 1424هـ

الصحف الأميركية تجاوزت بغداد إلى ما بعد صدام

مع بدء الضغط العسكري على بغداد للإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين، بدأت الصحف الأميركية تثير مسألة الإدارة في العراق ما بعد العدوان. على رغم ان معركة العاصمة بغداد لم تنته، وانها المكان الذي ينوي فيه صدام أن يحارب دفاعا عن حكمه، وهي الميدان الذي يبدو ان الأميركيين سيخوضون فيه المعركة الحاسمة في الحرب، حسبما كتب مايكل غوردون في «هآرتس».

وكشف أكثر من موقع أميركي على الانترنت جملة خطط، من ضمنها احتمال أن يظهر الجنرال المتقاعد جاي غارنر، الوثيق الصلة بـ «إسرائيل» لترؤس الحكومة الأميركية المؤقتة قريبا على شاشات التلفزة لإطلاع العالم على خططه لعراق ما بعد الحرب حتى لو لم تدخل القوات الأميركية إلى بغداد. فيما وجّه البعض انتقادات لعدم السماح لوسائل الإعلام بالاطلاع على التطورات الميدانية. فحتى في عصر البث المباشر فإن الإعلام مازال عاجزا عن الكشف عن الخطط العسكرية، بحسب «غلوبل أنتلجنس». وارتفعت أيضا أصوات المطالبة بدور للأمم المتحدة في الصحف، وبدأ هذا الرأي ينتشر أيضا في صفوف أعضاء في الكونغرس. ووجّه عضوان في الكونغرس الأميركي (جوزف بيدن وتشوك هاغل) في «واشنطن بوست»، دعوة إلى إدارة الرئيس بوش، ألا يجعل مجلس الأمن أو حلفاءه في «حلف الأطلسي» ضحايا للحرب. أي باختصار «علينا أن ندول سياستنا من أجل إعادة إعمار العراق. ورأى عضوا الكونغرس ان أفضل طريقة لذلك هي تبني قرار جديد في مجلس الأمن يسمح بالمهمات السياسية الضرورية لحفظ الأمن والوضع الإنساني وإعادة إعمار العراق بعد انتهاء الحرب. وحذرا أخيرا من ان احتلال الأراضي العراقية يمكن أن يصعد المشاعر العربية المعادية للولايات المتحدة.

وكانت «واشنطن بوست» قد رأت في افتتاحية لها ان بوش سيكون حكيما إذا أشرك الأمم المتحدة في مرحلة ما بعد الحرب. وحذرت من انه إذا انتهت الولايات المتحدة إلى أن تبدو معزولة في الاحتلال وإعادة إعمار العراق فإن من الصعب وقف تحرك أولئك الذين يريدون نسف هذه المهمة بواسطة عمليات انتحارية بالمتفجرات.

ولاحظت «لوس أنجيلس تايمز»، ان تفسيرات الرئيس بوش وأوساطه لتبرير الحرب لم تكن مقنعة، بدءا بالبحث عن أسلحة دمار شامل وإقصاء صدام، مرورا باحتمال وجود علاقات بين العراق وتنظيم «القاعدة» أو إرساء الديمقراطية في الشرق الأوسط. وخلصت إلى ان إدارة مرحلة ما بعد الحرب ستتطلب مزيدا من الوضوح لمعرفة متى سيتعين على الولايات المتحدة الانسحاب إذا أرادت إقناع العالم بأنها أوفت بتعهداتها.

وكشفت وكالة «رويترز»، ان الولايات المتحدة تخطط لتشكيل إدارة مدنية أميركية لتولي شئون منطقة أم قصر خلال أيام. ولفتت إلى انه من المقرر أن يبدأ أعضاء في مكتب إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية التابع للبنتاغون، أعمالهم في أم قصر نهار أمس (الثلثاء). ونقلت «رويترز» عن مصدر أميركي مسئول ان مهمات الإدارة المدنية ستتوسع بشكل تدريجي وسريع وستشمل كل المناطق العراقية.

من جانبها، أشارت «فايننشال تايمز»، إلى ان اختيار واشنطن للجنرال المتقاعد جاي غارنر، الوثيق الصلة بـ «إسرائيل» لترؤس الحكومة الأميركية المؤقتة في بغداد أثار الكثير من التحفظات وخصوصا خارج الولايات المتحدة. ولفتت إلى ان غارنر، الموجود اليوم في أحد المنتجعات السياحية الكويتية، مشغول بمباحثات لمناقشة كل الأمور المتعلقة بإدارة العراق بعد الحرب مثل دور الأمم المتحدة، والرواتب التي ستدفع لعمال الإغاثة في أم قصر. وتوقعت أن يظهر غارنر، قريبا على شاشات التلفزة لإطلاع العالم على خططه لعراق ما بعد الحرب.

واعتبر جيم هوغلاند في «واشنطن بوست»، ان جهاز «سي.آي.إي» ليس الجهة الملائمة لاختيار أو تنصيب قادة يمكن الوثوق بهم، على الأقل من قبل شعوبهم، فهذه المهمة هي من اختصاص الشعب العراقي نفسه، وتحديدا أولئك الذين يملكون تاريخا حافلا بالنضال من أجل الديمقراطية.

ووضع نيكولاس كريستوف في «نيويورك تايمز»، الاصبع على «المشكلة» إذ رأى ان السؤال الأهم المطروح اليوم لا يكمن فيما إذا كنّا سنحقق انتصارا في الحرب، بل ما إذا كنّا سنتمكن من إقناع العراقيين بالقبول بانتصارنا إذ يكمن الخطر في أن يتحول العراق إلى لبنان أو غزة أخرى.

ورأى ديفيد إغناطيوس في «واشنطن بوست»، انه في الوقت الذي تضيّق فيه الولايات المتحدة الخناق حول بغداد فإن معركة دبلوماسية حادة ستبدأ بشأن المخططات الأميركية لإدارة العراق ما بعد الحرب. ولفت إغناطيوس، إلى ان هذا الموضوع موضع خلاف حاد داخل إدارة بوش، لافتا إلى انه حتى الآن مازال الموظفون المدنيون في البنتاغون يحكّمون السيطرة على مخططات ما بعد الحرب. وأشار إلى ان الدليل على تصميم البنتاغون وضع يده على خطط العراق بعد الحرب، هو تأجيل الموافقة على انضمام عدد من السفراء الأميركيين السابقين والحاليين إلى فريق إعادة الإعمار. لافتا إلى ان من بين هؤلاء سفيرا أميركيا سابقا في قطر، الذي سيتولى إدارة وزارة الشئون الخارجية العراقية، وسفيرا أميركيا سابقا في تونس سيتولى شئون وزارة التجارة، وسفيرا أميركيا سابقا في سلطنة عمّان سيتولى شئون وزارة التخطيط، والسفير الحالي في موريتانيا سيتولى شئون وزارة الشئون الدينية. وخلص إغناطيوس، إلى القول ان نفط العراق يشكّل مفتاح القضايا غير المحلولة لفترة ما بعد الحرب، مشيرا إلى ان الولايات المتحدة تريد السيطرة على المؤسسات العراقية الرسمية أكثر منها على وزارة النفط.

ولاحظ المحاضر في الشئون العربية والشرق أوسطية في معهد فرجينيا العسكري، دال ديفيس، في «يو.بي.آي» ان الحلم النبيل والمثالي بتحقيق وحدة عربية تحوّل إلى كابوس مخيف، فقادة الأنظمة العربية الفاشستية يرفضون الاعتراف بفشلهم وضعفهم السياسي والاقتصادي والعسكري. ولفت إلى ان ادعاءات وزير الإعلام العراقي هي خير دليل على الأسس الزائفة للإيديولوجيات السياسية العربية التي لم تؤد إلا إلى القمع والركود الاقتصادي، والتي شكلت الحافز الرئيسي لظهور الراديكاليين الإسلاميين

العدد 215 - الثلثاء 08 أبريل 2003م الموافق 05 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً