العدد 219 - السبت 12 أبريل 2003م الموافق 09 صفر 1424هـ

«مدينة اللّه» فيلم برازيلي فائق الوحشية والواقعية

فتيان صغار يركضون في شوارع مشروع إسكان مدينة اللّه، وهم يحملون الأسلحة بأيديهم ولكنهم حفاة.

وتهرول الكاميرا وراء هؤلاء الصبية مقطوعة الأنفاس، وتنضم إلى زمرتهم في مطاردة دجاجة من مسافة بوصات قليلة كادت أن تتحول إلى عشاء، ولكنها تمكنت من الفرار.

هذه مجرد وصلة افتتاح (Cidade de deus) (مدينة اللّه)، ولكن الحدة نفسها تكهرب أجواء الفيلم من أوله إلى آخره.

إن السرد السينمائي الذي حققه المخرج البرازيلي الفريد ومايريليس لحروب عصابات المخدرات في أحياء ريو دي جانيرو الفقيرة صاعق بوحشيته ومتقن في واقعيته، ومع ذلك يتمتع بالدفء الساحر أيضا.

القصة الرائعة والمرعبة في آن واحد هي قصة ضخمة لكن سردها يجري عن طريق تقديم القصص الشخصية لعدد ضئيل من شخصياته الذين عايشوا الحوادث حين وقوعها.

لقد أخذ كاتب النص السينمائي بروليو مانتوفاني رواية باولو لينو المؤلفة من 700 صفحة والتي تحمل الاسم نفسه وفيها 352 شخصية، وقلصها بشكل فيلم يستغرق عرضه ساعتين. وجادت النتيجة ملفتة في شموليتها ومؤثرة بحميميتها.

إننا نرى مشروع اسكان مدينة اللّه عبر التجارب التي مر بها اثنان من الشباب الذين نشأوا وترعرعوا هناك في أواخر الستينيات حتى مطلع الثمانينات من القرن الماضي.

رويكت - «الصاروخ» (يمثل دوره الكساندر رودريغيز) وهو المحور الأخلاقي المتين للفيلم تراوده أحلام بأن يصبح مصورا، وهو يكوّن لنفسه هوية، وإحساسا بالأمل، مع أنه يملك آلة تصوير قديمة ورخيصة.

ويهرب روكيت وأصدقاؤه من أجواء الجريمة والقذارة في الأحياء الفقيرة باللجوء إلى الشواطئ القريبة التي تشتهر بها ريو دي جانيرو، إذ يدخنون الماريجوانا ويخالطون تجار المخدرات، من أمثال كاروت «الجزرة» (ماثيوس ناختر غايلي) وبني (فيليب هاغنسن) «أشهر الأوغاد» في الأحياء الفقيرة، غير أن الفيلم لا يصدر أحكاما على روكيت ورفاقه لمخالطتهم الأوغاد، لأنهم إذا لم يفعلوا ذلك لن يصاحبهم أحد.

وبعض هؤلاء يدمنون على الكوكايين كمراهقين في السبعينات مع ازدياد الإقبال على استعمال المخدرات ويتحولون إلى عبيد للتجار الذين يزودونهم بها.

هناك وصلة عظيمة تعكس هذا التوجه الذي يبقي عدسة الكاميرا مصوبة على المشهد نفسه داخل شقة تاجر المخدرات، ولكن الناس يأتون ويذهبون، ويترهل داخل الشقة مع أفول شعبية الماريجوانا وحلول الكوكايين مكانها. و المخرج يجعل مرور الزمن سهلا جدا في هذه المشاهد.

وهكذا ينقلنا المخرج إلى «زي الصغير» (ليوناردو فيرمينا داهورا) وهو من نفس عمر روكيت، ولكنه يعتبر قوة يحسب لها الحساب في أحياء الأكواخ. وحتى في صغره كان زي يلقب «دايس الصغير» أي زهرة النرد الصغيرة (يلعب الدور بروعة بوغلاس سيلفا) وكان مشهورا بعدم الخوف يقتل الناس من دون أن يرف له جفن.

ومدفوعا برغبته الجامحة في السطو يسيطر زي الصغير على مدينة اللّه - ببساطة - عن طريق قتله تجار المخدرات الآخرين. إنه لا يتبع أية استراتيجية في أسلوبه هذا ومهارة، بل مجرد قوة نارية.

والمواجهة الكبري للفيلم هي بين زي وكاروت اللذين يملك كل منهما 30 من الاتباع الأوفياء وكلهم مسلحون بأسلحة حصلوا عليها من رجال الشرطة المفسدين نفسهم.

ويقف في جانب كاروت قناص سابق في الجيش فارع القامة ووسيم يلقب «نوكاوط نيد» (سيو يورغ) الذي كان في السابق قد تحاشى التورط في المعمعة بين العصابتين، ولكنه الآن يسعى إلى الانتقام بعد ان قتل زي أفراد عائلته ودمر منزله.

وروكيت موجود هناك يوثق بكاميراته المدبحة الدامية من أولها إلى آخرها لأن تلك الصور من داخل مدينة اللّه هي فرصته الوحيدة للخروج.

ويستخدم المخرج مايريليس ومساعدته كاتيا لوند واقعية من النوع التوثيقي ما يجعلنا نحس كأننا وقعنا بين نارين أيضا بصور ملتقطة بكاميرا يدوية وألوان باهتة وظلال مصفرة.

ويعزز طاقم الممثلين غير المحترفين صدقيّة الفيلم. فقد اختار المخرجان 200 طفل من مسابقة في ريو دي جانيرو وعلموهم مهارات تمثيلية أساسية وشجعوهم على الابتكار.

وثمة مشاهد تصعب مشاهدتها، وخصوصا المشهد الذي يجبر فيه زي أحد أتباعه اليافعين على إثبات ولائه له باطلاق النار على طفل آخر في قدمه أو يده - وهو يختار الطفل الذي يريده - قبل أن يقتله.

في حال اليأس والفقر المرقع في مدينة اللّه قتل طفل أمر هيّن مثل ذبح دجاجة للعشاء.

«مدينة اللّه» من توزيع ميراماكس فيلمز

ومصنف (R) بسبب وحشيته الفائقة ومحتواه الجنسي والمخدرات. والفيلم باللغة البرتغالية مع دبلجة باللغة الإنجليزية، ويستغرق عرضه 130 دقيقة

العدد 219 - السبت 12 أبريل 2003م الموافق 09 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:39 م

      مدينة الرب وليس مدينة الله

      مدينةًالرب افضل من مدينة الله.
      لو سمحتم
      الفيلم يحاكي فساد مخدرات وقتل. لايجوز ترجمتها الى الله

اقرأ ايضاً