العدد 210 - الخميس 03 أبريل 2003م الموافق 30 محرم 1424هـ

هاليداي يطالب بفرض عقوبات على واشنطن ولندن

بحسب رأي الرئيس الأميركي جورج بوش، تملك بلاده مطلق الحرية باستخدام القوة العسكرية لضمان مصالحها الأمنية. واستخدمت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا هذا (الحق) ضد إرادة المجتمع الدولي بحجة أن مجلس الأمن الدولي فشل في تحمل مسئوليته. هذا التصرف كشف بما لا يدعو إلى الشك أن الولايات المتحدة تستخدم مجلس الأمن الدولي لتحقيق مصالحها وإضفاء شرعية دولية على سياسة المصالح التي تعمل بها. والواضح أيضا أن الولايات المتحدة وبريطانيا خالفتا ميثاق الأمم المتحدة ومعاهدات جنيف الأمر الذي يؤكده النائب السابق للأمين العام للأمم المتحدة دنيس هاليداي الذي أجرى في اليومين الماضيين محادثات مع المسئولين في عدد من المنظمات الإنسانية غير الحكومية لوضع استراتيجية ترمي إلى جمع وتوزيع مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين العراقيين، لكن أهم العراقيل، استمرار العمليات العسكرية التي تتسبب بصورة متزايدة في إلحاق أشد أذى بالمدنيين.

هاليداي الذي أشرف على برنامج (النفط مقابل الغذاء) الذي أقرته الأمم المتحدة، في الفترة من العام 1997 حتى العام 1998 ثم استقال من منصبه احتجاجا على تمسك الأمم المتحدة بسياسة الحصار التي كبدت الشعب العراقي خسائر فادحة. وطالب الدبلوماسي الدولي السابق في مؤتمر صحافي بفرض عقوبات سياسية واقتصادية على الولايات المتحدة وبريطانيا، وطرد الدبلوماسيين الأميركيين والبريطانيين من الدول المضيفة لهم، احتجاجا على الحرب غير المشروعة التي يقومان بها على العراق.

هل بوسع مجلس الأمن الدولي الاتفاق على قرار يدعو إلى طرد الدبلوماسيين الأميركيين والبريطانيين من الدول المضيفة لهم؟

- ينبغي على دول العالم التعبير بوضوح عن رفضها للحرب، كما ينبغي عليها أن تطالب بتطبيق القانون الدولي على جميع دول العالم. داخل الأمم المتحدة ليس هناك قوى صغيرة وقوى عظمى، جميع الدول متساوية أمام القانون الدولي. من دون شك أن فرصة التوصل إلى قرار داخل مجلس الأمن الدولي يدعو إلى طرد الدبلوماسيين الأميركيين والبريطانيين، عملية صعبة بل تكاد تكون مستحيلة، لكن بوسع الجمعية العمومية للأمم المتحدة الدعوة إلى هذه الخطوة، كما هناك مطلق الحرية للدول الأعضاء في طرد الدبلوماسيين الأميركيين والبريطانيين احتجاجا على حرب مخالفة للقوانين الدولية.

قلت إنك زرت بغداد مطلع هذا العام، ما الانطباعات التي سجلتها وخصوصا بشأن أوضاع المدنيين؟

- إنني أستغرب تصريحات أولئك الأكاديميين الذين يحذرون من كارثة إنسانية في العراق. الكارثة الإنسانية موجودة قبل وقوع الحرب. اثنا عشر عاما من الحصار الاقتصادي أسفر عن انتشار ضعف بدني ونفسي في صفوف فئات كبيرة من المواطنين العراقيين، مجتمع بأكمله تعرض للانهيار. ربع عدد المواليد يعانون من سوء التغذية ولا يزيد وزن الواحد منهم على 2 كلغ ونصف والآن زادت الأمور سوءا بسبب الحرب التي كان بالإمكان تفادي وقوعها.

ما تعليقك على قرار مجلس الأمن الدولي بالمضي في تنفيذ برنامج (النفط مقابل الغذاء) بعد توقف المعارك؟

- إن ما يعتزم مجلس الأمن الدولي القيام به، يتعارض مع القانون الدولي. إن الأموال المعتزم استخدامها في تمويل شراء بضائع، هي ملك للحكومة العراقية. وينبغي أن نتعامل وفقا للأعراف والمواثيق الدولية. العراق بلد مستقل له حكومة شرعية، لا يجب سرقة أمواله والسير في ركاب الدول التي خرجت عن القانون. يجب الأخذ برأي الحكومة العراقية بهذا الصدد. وإذا سعت الأمم المتحدة إلى وضع يدها على الأموال العراقية المحفوظة في إطار برنامج (النفط مقابل الغذاء) البالغة بين عشرة وعشرين مليار دولار، فإنها تخرق القانون الدولي.

يزعم دبلوماسيون في الأمم المتحدة أن الهدف من هذه الخطوة هو تقديم مساعدة عاجلة إلى العراقيين لكن الصور التلفزيونية التي تردنا من المدن التي تحتلها قوات التحالف تكشف عدم خبرة الجنود الأميركيين والبريطانيين في توزيع المساعدات وبطريقة هشة...

-لا أعتقد أن أي نوع من المساعدة سيكتب له النجاح في المرحلة الحالية، لأن نظام توزيع المساعدات انهار بعد مغادرة موظفي الأمم المتحدة الأراضي العراقية واندلاع الحرب. كان من الصعب جدا تنفيذ برنامج توزيع المساعدات قبل الحرب، وأي عاقل يرى كم زادت الأمور سوءا بعد بدء الحرب.

لماذا إذن يصر مجلس الأمن الدولي على متابعة تنفيذ برنامج (النفط مقابل الغذاء)؟

- لأسباب سياسية. تريد فرنسا وروسيا ومعهما ألمانيا دفع الأمم المتحدة إلى العودة وأخذ مكان في اللعبة العراقية.

هناك أصوات في أوروبا ترفض أن يتحمل المجتمع الدولي نتائج الحرب غير العادلة التي تشنها الولايات المتحدة وبريطانيا والحديث هنا يدور حول إعادة تعمير ما تدمره الطائرات والدبابات الأميركية والبريطانية...

- نعم، هناك مجموعة من السياسيين تخشى أن تكون الحرب على العراق بداية لحروب مقبلة أدخلها الأميركيون في حساباتهم لهدف إقامة عالم أفضل بحسب أقوالهم. عملا بـ «معاهدة جنيف» تلتزم الولايات المتحدة وبريطانيا بتحمل مسئولية رعاية المدنيين وحمايتهم. ما لا يجب أن يغيب عن بال أحد أن برنامج (النفط مقابل الغذاء) ليس مساعدة إنسانية من خزينة الأمم المتحدة أو من أية دولة أخرى. الصحيح أنه يجري تمويلها بأموال الحكومة العراقية بما في ذلك رواتب موظفي الأمم المتحدة العاملين في هذا البرنامج إذا كانوا في العراق أو في نيويورك. إن الصور التلفزيونية التي نشاهدها صور مخزية في الواقع، تكشف عجز الجنود عن توزيع المساعدات القليلة التي يشيد بها الإعلام الأميركي والبريطاني لأن المطلوب هو الحصول على صور يظهر فيها عراقيون يرحبون بقوات التحالف، لقد صعقت حقا حين شاهدت صور الجنود وهم يرمون الصناديق على جموع المدنيين كما لاحظت أن الجنود كانوا ينظرون باستمرار إلى الكاميرا ما يؤكد الاعتقاد بأن هذا ليس أكثر من دعاية للحرب.

ترمي سياسة التجويع والدعاية المركزة إلى دفع العراقيين إلى التخلي عن قيادتهم، هل تعتقد أن التحالف سيفلح في تكتيكه الذي يجري أيضا على حساب المدنيين؟

- لا أعتقد أن الشعب العراقي سيتخلى عن قيادته، طبعا نسبة مئة في المئة منهم لا تؤيد القيادة، لكن الشعب العراقي بغالبيته يقف اليوم للدفاع عن بلده. يرفض الناس فكرة إقامة حكم احتلال، والديمقراطية والحرية لا تفرضان على الناس بالقوة، لهذا السبب يتدفق العراقيون من المنفى للمشاركة في معركة الدفاع عن بلدهم

العدد 210 - الخميس 03 أبريل 2003م الموافق 30 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً