العدد 1589 - الخميس 11 يناير 2007م الموافق 21 ذي الحجة 1427هـ

سولسكيار «السفاح صاحب الوجه الطفولي» عاد لجلد الحراس

الفتى المدلل للسير فيرغسون يؤكد قدراته العالية

أصبح المشهد تقليديا إلى حد ما بالنسبة إلى مدرب مانشستر يونايتد «السير» الاسكتلندي أليكس فيرغسون وجماهير الفريق الإنجليزي في كل مرة تطأ فيها أقدام المهاجم النرويجي اولي غونار سولسكيار ارض الملعب قبل ان تلفظ المباراة انفاسها الأخيرة.

الكرة داخل الشباك، لاعبو يونايتد يحتفلون بفوز ثمين تحقق في الدقائق القاتلة، والصحف تشيد بعبقرية «فيرغي» وتزين مواضيعها بعنوان «فعلها السفاح صاحب الوجه الطفولي مجددا».

غاب سولسكيار ما يقارب العامين عن الملاعب بسبب إصابات مختلفة كادت توقف مسيرته، الا ان مشجعي يونايتد لم ينسوا يوما هدافهم التاريخي وظلوا يرددون الأغنيات التشجيعية الخاصة به في كل احتفال بفوز «الشياطين الحمر» آملين عودة مهاجمهم المفضل الذي لا ينفك يدب الحماسة في نفوسهم بفضل أهدافه الحاسمة.

صحيح انه يصعب على أي لاعب في كرة القدم العودة إلى مستواه الطبيعي بعد سلسلة إصابات وعمليات جراحية مريرة، الا ان سولسكيار عاد بعزيمة الأبطال الأسطوريين ليمارس هوايته المفضلة بالقفز عن مقاعد الاحتياط مهديا فريقه انتصارا آخر على غرار ما فعله في الدور الثالث من كأس انجلترا الأحد الماضي عندما سجل له هدف الفوز في مرمى استون فيلا (2/1) في الوقت المحتسب بدل الضائع.

لا شك في ان تاريخ كرة القدم سيعرف اولي غونار سولسكيار على انه أفضل احتياطي عرفته اللعبة، بسبب مآثره المتلاحقة ولعبه دور الورقة الرابحة بامتياز مع مانشستر يونايتد على مدار 10 أعوام، فهذا المهاجم الموهوب الذي لم تفارق ملامح الطفولة وجهه على رغم تقدمه في العمر (33 عاما) وصفه مدربه فيرغسون في سيرته الشخصية بأنه «الاحتياطي القادم من الجحيم»، وفي هذه العبارة دقة لا يعرفها سوى المتابعين عن كثب للاعب ومانشستر، اذ لطالما قلب أفراح الفرق المنافسة قبل دقائق قليلة على صافرة النهاية إلى أتراح ودموع، وتبقى الواقعة الأشهر على ملعب «نو كامب» في برشلونة عام 1999 عندما سجل هدف الفوز ليونايتد في مرمى بايرن ميونيخ الألماني (2/1) في الوقت المحتسب بدل الضائع في المباراة النهائية الأكثر دراماتيكية التي عرفها دوري الأبطال الأوروبي.

وأدخلت المباراة المذكورة مانشستر يونايتد التاريخ لتحقيقه ثلاثية نادرة عامذاك (ألقاب الدوري والكأس ودوري الأبطال)، لكن الأهم توقيع سولسكيار بهدفه الصاعق (سجله بعد دخوله بتسع دقائق بديلا لاندي كول) اسمه في سجلات عظماء النادي الانجليزي، مؤكدا أن صفقة انتقاله عام 1996 إلى صفوفه قادما من مولده النرويجي مقابل مبلغ زهيد تعتبر الانجح طوال فترة العشرين عاما التي قضاها فيرغسون على رأس الجهاز الفني للنادي الشمالي.

ويبدو لافتا ان سولسكيار لم يجد يوما نفسه في مواجهة فيرغسون على رغم تألقه وإبقاء الأخير له على مقاعد الاحتياط، اذ رفض كل العروض المقدمة اليه للعب أساسيا في أندية أخرى من دون ان يضغط على الاسكتلندي لحجز مكان دائم في تشكيلته الأولية، وكأنه يجد لذة او يمارس هواية ما عبر الدخول إلى الملعب في النصف الثاني من المباريات ليصنع مآسي حراس المرمى المنافسين، علما أنه في بداياته بالقميص الأحمر لم ينتظر أكثر من 6 دقائق ليسجل أول أهدافه في مرمى بلاكبيرن روفرز. أما الآن فرصيده 125 هدفا في 352 مباراة خاضها في صفوف مانشستر يونايتد في مختلف المسابقات منها 144 نزل فيها احتياطيا، كما سجل 24 هدفا في 62 مباراة دولية.

من هنا، وصف فيرغسون عودة «الاحتياطي السوبر» سولسكيار من الإصابة للقيام بعمله المفضل عبر تغيير الوجه النهائي للمباريات، بأنه اشبه بضم مهاجم جديد قائلا: «يكفي ان يوجد على ارض الملعب لمدة 45 دقيقة او اقل ليأتيك بهدف. انه هداف بالفطرة يدأب على فعل ما اعتاد عليه بشكل بارع، مستخدما ذهنه المتفوق داخل منطقة الجزاء ليتوقع مكان وصول الكرة ويسبق الجميع إليها».

قلة هم اللاعبون الذين يتم تمديد عقودهم وهم في خضم صراع يائس مع إصابات خطرة، لكن فيرغسون ضرب ضربته مرة أخرى عندما طلب تمديد عقد سولسكيار لعامين اضافيين على رغم غيابه طوال الموسم الماضي، مراهنا على عودة ناجحة للنرويجي ترجمها في سبتمبر/ أيلول الماضي بهدفه في مرمى سلتيك الاسكتلندي ضمن دوري الأبطال، ودائما بقدومه من مقاعد الاحتياط ليسجل أول هدف له في المسابقة الأم منذ عامين و362 يوما، والأول له في «اولد ترافورد» منذ أيلول 2003 عندما دك مرمى باناثينايكوس اليوناني ليدخل بعدها النفق المظلم للمستشفيات والعمليات الجراحية في ركبته التي هددت حياته الاحترافية، إلى إصابته بعد محاولة عودة فاشلة بتمزق حاد في الفخذ وبكسر في عظمة الوجه.

وأيا يكن من أمر، فإن اهداف سولسكيار تحمل طعم فرحة مزدوجة بالنسبة لجماهير يونايتد حول العالم، والتي تجاهلت إشهار الأخير حبه الازلي للغريم التقليدي ليفربول، وذلك بعدما سطر ملاحم تهديفية قل نظيرها ومنها تسجيله 4 أهداف بعد مشاركته في 12 دقيقة فقط خلال مباراة فاز فيها مانشستر يونايتد على نوتنغهام فوريست 8/1! علما ان المهاجمين الأساسيين اندي كول والترينيدادي دوايت يورك سجل كل منهما ثنائية في تلك المباراة، لكن النروجي خطف منهما الأضواء في اليوم التالي.

ليس مؤكدا ان طموحات سولسكيار تجعله يضع نصب عينيه اليوم المنافسة على مركز اساسي في تشكيلة مانشستر التي تعج بالهدافين المميزين وعلى رأسهم الدولي واين روني والفرنسي لويس ساها والوافد الجديد السويدي هنريك لارسون الذي سجل أمام استون فيلا أيضا في أول مشاركة له ليحمل الفوز طابعا اسكندنافيا محضا، لكن في حال أراد النروجي تحقيق مبتغاه فإن مراكز رفاقه في خطر حقيقي، اذ سيدفعهم تألقه المتوقع لمواجهة مصير الثنائي الشهير كول ويورك اللذين اضطرا لمغادرة الفريق (2002-2003) بعدما فرض سولسكيار نفسه التوأم المكمل لهداف يونايتد السابق الهولندي رود فان نيستلروي. سولسكيار باق في «مسرح الأحلام»، هذا ما اكده فيرغسون الذي وعد بمنح دور فني للاعبه المفضل عند إعلانه اعتزاله، وخصوصا ان الأخير قضى فترة ابتعاده عن الملاعب يطلع على خبايا التدريب واستراتيجياته، ما سيجعله واقفا بحلة المدربين في المستقبل القريب، لكن حتى قدوم ذلك الوقت سيأخذ مدربو الفرق المنافسة أقصى حذرهم ويعملوا على إقفال مناطقهم بإحكام عندما يرفع الحكم الرابع اللوحة الالكترونية وعليها الرقم 20.

العدد 1589 - الخميس 11 يناير 2007م الموافق 21 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً