العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ

النيابيون في أدائهم تحت مجهر شديد الحساسية!

في هذه الأيام أضواء الناس مسلطة وأعينهم وأسماعهم مفتوحة بكامل سعتها وقدرتها البصرية والسمعية على ما قدمه وسيقدمه أعضاء المجلس النيابي من مقترحات، إذ لدى الناس طموحات ومطالب كثيرة في اعتقادهم أن بمقدور ممثليهم النيابيين الذين انتخبوهم باستطاعتهم تلبيتها، كما يعتقد الناس أن الوقت لن ينتظر النيابيين طويلا حتى يجدوا لأنفسهم الفرص السانحة لتقديم مقترحاتهم، فالوقت يهرول بهم أكثر مما يتصورون، فإن كان في جعبتهم ما ينفع الناس فليقدموه، من دون تسويف أو مماطلة أو تردد أو مجاملة، وعليهم ألا يضربوا أخماسا في أسداس كما يقال، مادامت مطالبهم تصب في الهدف الذي من أجله دخلوا المجلس النيابي، فإما إذا كان التأخير ناتجا عن تقصير في إعداد البرامج والدراسات لمقترحاتهم فتلك مصيبة لن ننتهي منها حتى نهاية انعقاد دورات المجس!

شبع الناس من العناوين الكبيرة التي تراها في الصحافة المحلية بشكل يومي. الناس يريدون من الكتل المختلفة التي يحويها المجلس النيابي أن تتنافس في إيجاد المقترحات التي تتحول إلى واقع يلمسه الناس عمليا، فدخول المجلس النيابي ليس نزهة وإنما مسئولية كبيرة وضعها النائب على عاتقه عندما قدم نفسه للترشيح لهذا المنصب، وعندما وقف وراء منصته الانتخابية مناديا بأعلى صوته «أنا ترشحت من أجلكم ومن أجل أن أطالب بحقوقكم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فمتى ما وجدتموني أحيد عن هذا الخط قوموني وسددوني».

فالآن من المؤكد أن النائب عرف نفسه أين يقف على خريطة المجلس النيابي، هل يقف على الخط الذي رسمه لنفسه وأعلنه للناس أيام حملاته الانتخابيه أم أنه يجد نفسه بعيدا كل البعد عن كل ما قاله للناس؟ نحن هنا لا نتكلم على مستوى الابتسامات والضحكات التي وزعها النواب في كل اتجاه وزاوية يوجد فيها إنسان يستفاد من صوته! نحن نتكلم عن البرامج الانتخابية التي وزعوها والتي على إثرها رشحوا من قبل الناس. لا يهم الناس في هذه المرحلة أن هذا النائب الذي كانت ضحكاته تملأ الوادي الآن يكاد لا يبتسم في وجه أحد من الناس وأصبح «لا يعطي وجه» كما يقال، ما يهمهم ويشغل بالهم ما إذا كان الذي انتخبوه قادرا على أن يكون الرقم القوي في المجلس في أطروحاته ودراساته التي يقدمها أم إنه لن يتمكن من أن يثبت أنه موجود ضمن المجلس النيابي؟!

والطامة الكبرى إذا كان من انتخبناه لا يمتلك الأدوات التي من خلالها يستطيع محاكاة البنود التشريعية والقانونية ويستنطقها ويوظفها لصالح مقترحاته وأسئلته! والأعضاء الذين كانوا قد أعدوا ملفاتهم التي ينوون التحدث فيها في حال دخولهم المجلس النيابي قبل أن يفكروا في الترشيح، اختصروا على نفسه الشيء الكثير، فلن يحتاجوا إلى عناء كبير ولن يتعرضوا إلى إحراج شديد لا في المجلس ولا في أوساط الناس، فكل ما يحتاجون إليه إضافة أو تعديل أو حذف بعض النقاط من هذا المشروع أو ذاك، ومثل هؤلاء الأعضاء حتما لن يعطوا المجال للصحافة من جهة، ولا للناس من جهة أخرى، لاصطياد الهفوات التي تصدر عادة عن الشخص الذي يعتمد في عمله على البركة - كما يسميها البعض - وليس على التخطيط المحكم! وإلا ماذا يعني عدم سماع الناس لكلمة من ذلك العضو يرجى منها خير لهم حتى الآن؟! أو ما لهم يرون البعض من النواب لم يتكلم إطلاقا في أي موضوع طرح في المجلس النيابي بما يفيد؟!

لن يقول الناس لأعضاء المجلس النيابي مازال الوقت طويلا، كما كانوا يقولون لأعضاء المجلس السابق حتى انقضت أيامه ولم يفعل الشيء الذي قطعه أعضاؤه على أنفسهم للناس. أقول وبكل صراحة «هناك من الأعضاء في مجلسنا النيابي من أعطى للعمل النيابي معنا إيجابيا ورائعا، وهناك منهم من أصبح عالة على المجلس بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى»! لا يفهم من كلامي أنني أنتقص من إمكان هذا العضو النيابي أو ذاك... معاذ الله أن أكون كذلك. ما أقصده أن العضو الذي أراد أن يكون وفيا للناس بصدق يبذل الجهود الكبيرة ضمن إمكاناته وقدراته في إعداد وطرح ومناقشة الموضوعات التي يعرضها على المجلس مع توظيف قدراته الإقناعية بفنونها المختلفة من دون أن أن يحتاج إلى الدخول في مهاترات كلامية أو ملاسنات لا تخدم الهدف الذي يطمح إلى تحقيقه، فليس الهدف من دخول المجلس كثرة الكلام وأن يسجل له في مضبطة المجلس أنه حاز الرقم الأكبر في التحدث. العبرة أيها السادة الكرام كثرة الموضوعات المحكمة في إعدادها وتقديمها وقبولها منطقيا وقانونيا وذوقيا.

لم أتطرق هنا إلى موضوع معين ولا إلى موقف بذاته، ولكن ما أردت إيصاله إلى النيابيين الأعزاء «أنكم في أعين الناس وفي عقولهم وكل كلمة تنطقونها في المجلس تصل إلى أسماعهم من مصادر مختلفة ومتنوعة، وأنكم تعلمون جيدا أن من الناس - وهم كثيرون - من له القدرة الفائقة على تحليل كل ما تقومون به داخل المجلس حتى على مستوى جلوسكم على مقاعدكم وحركاتكم في حال تحدثكم، والأسباب التي تؤدي بكم إلى الإنفعال أو التفاعل أو التشنج أو التراجع أو الهدوء أو التهدئة... كل ذلك يرصد من الناس ويعطونه تفاسير مختلفة بحسب الزوايا التي ينظرون من خلالها». ذلك ربما لم يتضح للأعضاء في وقتنا الحاضر، ولكن متى ما تسنح للناس الفرصة في مجالس عامة أو خاصة سيتبين لهم ذلك جليا وواضحا، وسيكتشفون أنهم كانوا أمام عدسات ترصد دقائق ما يحدث في المجلس بدقة فائقة ولديها القدرة على تحليلها ووضع تصوراتها من جوانبها المختلفة: الثقافية والفكرية والسياسية والاجتماعية والنفسية، ولابد أن يضع العضو النيابي أمامه حقيقة قد تكون ثابتة: «أن عين الناقد بصيرة في أكثر الأوقات»... وهنا لا أعني الناقد الذي يتصيد عليك كل شاردة وواردة فهذا له شأن آخر والتعامل مع نقده يحتاج إلى آلية خاصة... ما أعنيه: نقد من يريد لكم التطور والرقي ويتمنى التوفيق والنجاح لكم في كل ما تقدمونه.

ينتقدكم من أجل أن تصلوا إلى حال يسر به كل الناس بمختلف أطيافهم وفئاتهم وتياراتهم وطبقاتهم. نسأل الله تعالى أن يمن على كل أعضاء المجلس النيابي بالتوفيق والتوافق اللذين فيهما مصلحة الوطن والمواطن وأن يرزقهم الاختلافات التي تدفع بالعمل النيابي إلى الأمام ويبعد عنهم الخلافات التي تعصف بهم وتضعفهم... آمين رب العالمين.

سلمان سالم

العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً