العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ

هَدَموا أم هُدِموا!

يمر بنا قطار الزمن هذه الأيام لنتوقف عند محطة تحمل في جنباتها ذكرى أليمة ومصيبة كبيرة، لنقرأ في صورها محاولة بغيضة من طُغمَةٍ حاولت أن تحجب نور الشمس ولكنها عبثا لم تستطع وهل يقدر أحد أن يغطي الشمس بحقده وجنونه! إنها ذكرى تفجير مرقدي الإمامين الهمامين العسكريين أبي الحسن الهادي وأبي محمدٍ العسكري(ع) بسامراء.

ويتساءل البعض عن هدف مثل هذه الأفعال الشنيعة وعلاقتها بالإسلام المحمدي الأصيل، وكيف تجرأ من تلبس بالدين ولم يدخل الإيمان قلبه بمثل هذا الفعل؟ أتراه قرأ القرآن أم كانت مجرد تراقٍ على اللسان، كما سبحانه وتعالى: «أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها» (محمد: 24)، نعم على قلوبٍ أقفالها. إنهم لم يقرأوا «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى» ( الشورى: 23) أو قرأوها ولكن لم يعيروا لكلام الله ووصية الرسول (ص) اهتماما، فكيف يدعي هؤلاء الإسلام؟! وبأي وجه يقابلون ربهم ورسوله وابن من فجروا ضريحه! لقد ملأ الحقد أبصارهم بل وقلوبهم كما قال تعالى: «فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور» (الحج : 46)، حتى صاروا لا يفقهون حديثا ولا يعون موعظة كأنهم غنمٌ مسيرون وراء ما يشتهون، بنوْا لعقولهم وسائد من حرير وجروا وراء ظهورهم أوزارا لا قبل لهم بها، نسوا عقولهم ونسوا الله ولم يعوا أن القرآن خاطب غيرهم أصحاب العقول.

هدموا قبورهم – الظاهرية – ولكنهم لم يعلموا أنهم هدموا بذلك أنفسهم وفي الجحيم زرعوا أجسادهم، أتراهم يعلمون أن قبري هذين الخليفتين الراشدين كما سماهما جدهما المصطفى (ص) قد تحولا في قلوب محبيهما ويصعب نزعهما منها طالما الروح في الجسد. وهنا أود أن أثني على إخواننا من أهل السنة بسامراء الذين رعوا هذين الضريحين خيرَ رعاية ولم يألوا جهدا في المحافظة عليهما على مر الزمن، إذ كانا ملاذا لكل المسلمين وروضة من الرياض التي تسبح فيها النفس إلى عالم الملكوت والعلم والحرية.

وأخيرا، أذكر الجميع بواجبنا تجاه ابني الرسول الكريم (ص) وانطلاقا من آيات الله في كتابه المنير، أن نعمل جاهدين على إعادة تعمير قبورهما وألا نغفل عن ذكراهما فهما طالما تحركا من أجلنا وأسسا لنا مناهج قويمة ودروسا سديدة نحو الرقي الإنساني والإسلامي، فسلام الله عليك يا أبا الحسن الهادي ويا أبا محمد العسكري أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار.

محمد عبدالرسول عبدالله

العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً