العدد 1667 - الجمعة 30 مارس 2007م الموافق 11 ربيع الاول 1428هـ

المرأة محور التكامل من خلال النظرة الإنسانية

أشار تقرير نشرته صحيفة «اللواء» اللبنانية في الأسبوع الماضي إلى أن الإسلام يتعامل مع المرأة على أنها محور متكامل من خلال نظرته الإنسانية إلى المرأة والرجل على السواء في كل تشريعاته ومفاهيمه ونظرته إلى المرأة بما هي أنثى.

وقالت رئيسة دائرة الرعاية الاجتماعية في جمعية شئون المرأة اللبنانية زهرة شعيتلي في التقرير: «قد يكون أهم ما يميز الإسلام في موقفه من المرأة من غيره من المبادئ والنظم التي عاشت قبله واستجدت بعده، نظرته الإنسانية إلى المرأة والرجل على السواء في كل تشريعاته ومفاهيمه ونظرته إلى المرأة بما هي أنثى، إلى حين نظرته إلى الرجل بما هو ذكر، وأنهما سواءٌ في كرامة الإنسانية وحاجاتها ومتطلباتها».

وتطرقت شعيتلي إلى أن المرأة نصف المجتمع، فهي تمتلك طاقات عظيمة، ولديها مواهب واستعدادات ضخمة، فقد عمل الإسلام على تفجير طاقات المرأة وتنمية مواهبها، وتوجيه اهتماماتها نحو سعادتها وكمالها، ونمو مصلحة المجتمع البشري والحياة الإنسانية.

وأوضحت أن إلغاء دور المرأة، يعني أن يعيش المجتمع أعرجَ يعتمد على رِجل واحدة. المرأة إنسان يتوازع أدوار الحياة مع الرجل في عملية التكامل الإنساني ليعطيا الحياة الكثير من طاقاتهما في حركة الوجود وحيوية الحب وإبداع المعرفة وروحية العطاء.

فيما أكدت شعيتلي أن المرأة هي محور التكامل الفردي للإنسان الأخير، ومحور التكامل هو الهدف المركزي للمشروع الحضاري الإسلامي، وبمعنى آخر أن مشروع التكامل يشمل الإنسان بخاصية المرأة والرجل؛ لبناء الشخصية المتكاملة فكريا وشعوريا وسلوكيا؛ لإيجاد الإنسان الحضاري الذي يستطيع أن يجسد مفاهيم ومقولات هذا المشروع على المستويين النظري والعلمي، فالمرأة في مجتمعنا الحالي والمجتمعات العربية مازالت ترزح تحت ثقل الذكورية والنظرة الدونية، التي تسجنها في زنزانة الأنوثة ذات القضبان الناعمة.

وتقول شعيتلي: «إن المرأة يمكنها أن تؤدي دورها في الساحة الاجتماعية بكل متطلبات الحياة: بالعلم، الثقافة والحضارة والعمل، والتركيز على مثالية دورها كونها أكثر تأثيرا وأغزر إنتاجا، ولاسيما فيما يختص بشئونها وبشجونها لخبرتها أكثر من الرجل، وكما يقال (أهل مكة أدرى بشعابها)، وذلك يعني إفساح المجال لدورها، ولا يعني ذلك إلغاء دور الرجل أو تقليل دوره وطاقاته، بينما ذلك يتطلب تفعيل دور المرأة بشكل أغزر إنتاجا وأكثر تأثيرا، وإثبات وجودها وقيمة نفسها، وذاتها في المجتمع إنسانا، عالمة، فاضلة، قائدة، ناشطة، متألقة في أدوارها مسجلة لنفسها في التاريخ ذكرى عطرة كأروع ما يسجله إنسان مستقل له عقيدته ورسالته السماوية».

وبهدف فرض وجودها على الساحة العامة عموما، وعلى النصف الآخر خصوصا، يتطلب الأمر من المرأة العمل أكثر على إبراز الجوهر وليس المظهر، وبالأحرى عدم الالتفات إلى المظهر على حساب الجوهر والمضمون، والعمل على تغذية نفسها، وصقل شخصيتها روحيا لتطوير قيمتها، لا أن تُشغل بتغذية وتطوير جسدها من دون تطوير العقل وتغذية الروح كيلا تكون أداة طيعة بيد الغرب والنصف الآخر.

وقد عرِفت المرأة المسلمة قيمة النصر الذي أحرزته، والمستوى الرفيع الذي ارتقت إليه بعد أن قضت عصورا عاشتها في مهملات التاريخ، ولهذا فقد سعت جاهدة إلى العمل على إثبات كفاءاتها.

فكما كانت للرجل المسلم بطولاتٌ في التضحية والجهاد، وفي مجال الدعوة إلى الله تعالى، كانت بطولة المرأة المسلمة أيضا في المجالين نفسهما، وفي كلا الصعيدين، تعمل كإنسان لا كأنثى. وكذلك على صعيد حمل الفكرة ونشر الثقافة، ومساهمتها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بأشكالها المختلفة، وعلى المستويين القومي والوطني، إلا أن المرأة في هذه الأوقات على رغم تقدمها في الشأن العام والعمل على إبراز ذاتها وقيمتها في المجتمع مازالت تفتقد المساواة في الحقوق والواجبات فيما بينها وبين الرجل، على رغم أن ذلك واجب وضرورة، إضافة إلى حريتها كائنا حيا في الاختيار والإرادة لتحقيق الأهداف.

وهناك أيضا العدل بما يمثله من قيمة أساسية كبرى في المجتمع الحضاري، ناهيك عن التمييز وأنواعه في المجتمع، والعنف ضد المرأة، علما أن المرأة لديها القدرة على الاستمرار من دون الرجل في الحياة، بينما الرجل يبقى فاقدا لأحبته من دون المرأة، إلا أن التكامل في المشروعين الحضاري والإنساني لا يتم إلا بوجود الطرفين، فالمرأة لا تستطيع أن تعيش وحدها في المجتمع وحسب، بل تستطيع أن تبني الأجيال الصالحة وحدها، فمسئوليتها أما لا يُمكن أن يقوم بدورها الرجل مهما بلغ معرفة ودراية، وهذا يعتبر موقعا متقدما للمرأة في كل الخصوصية.

وأية قراءة لحقوق المرأة في الدساتير العربية، تتطلب إعادة مرجعية حقوق الإنسان في عالميتها وفي شمولها، ولاسيما على المواثيق الخاصة بالمرأة، وعلى رأسها اتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز والعنف ضد المرأة، الذي نص على المساواة في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية.

إذا فالمرأة شريكة الحياة، وشريكة في القرار المجتمعي، وتستطيع أن تقدم أروع النماذج في كل الحقول الإنسانية، وذلك لا يتم إلا إذا كان النصف الآخر ينظر إلى المرأة نظرة احترام واعتزاز وتقدير لمكانتها الكريمة التي خصها بها الإسلام.

فالمرأة صاحبة مسئولية مقدسة كبيرة في بناء الأجيال الصالحة، لا - كما هي في الغرب المتحلل مثلا - مفرغا لشهوات المستهترين وتسلية لعبث المعتدين، إلا أنها تبقى عنصرا أساسيا لتقدم المجتمع وتطوره، ومن دونه لا تقوم للمجتمع قائمة.

العدد 1667 - الجمعة 30 مارس 2007م الموافق 11 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً