العدد 2256 - السبت 08 نوفمبر 2008م الموافق 09 ذي القعدة 1429هـ

العالم اختلف بشأن أسباب فوز أوباما واتفق على صعوبة المهمة

اختلفت التحليلات التي ساقتها أبرز وسائل الإعلام في عدد من الدول الكبرى بشأن فوز باراك أوباما في الانتخابات الأميركية، فمنها من رآه بغضا للرئيس الأميركي الحالي، وآخرون عدوا فوزه يمثل شعار التغيير الحقيقي في الولايات المتحدة، لكن معظم وسائل الإعلام هذه اتفقت على صعوبة المهمة الملقاة على الرئيس الجديد، وهذه أهم وسائل الإعلام في أميركا وبريطانيا والصين وروسيا.

CNN: فرح العالم بفوز أوباما

في رسالة التهنئة التي أرسلها الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، إلى الرئيس الأميركي المنتخب، باراك أوباما، كتب يقول «إن انتخابكم يثير في فرنسا وأوروبا والعالم أجمع آمالا عريضة».

والجملة نفسها، وإن كانت بطرق مختلفة، وردت في معظم رسائل التهنئة التي وصلت إلى أوباما عقب إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وكذلك تم التعبير عنها في الصور التي وردت من مختلف أنحاء العالم، للتعبير عن فرحة شعوب الدول بانتخاب أوباما، أو ربما بانتهاء حقبة الرئيس جورج بوش.

وفي نهاية المطاف فإن هذه الفرحة وتلك الجمل مفادها أنه بانتظار أوباما نوايا عالمية حسنة عندما يتولى منصبه رسميا في العشرين من يناير/ كانون الثاني المقبل.

كذلك فإن انتخابه رئيسا للولايات المتحدة يقدم فرصة لتغيير وجه أميركا على الصعيد الدولي، فالكثيرون يرونه مثالا على «الحلم الأميركي».

وهذا الاهتمام الدولي لا يعود لكونه أسود البشرة، أو أن اسمه الأوسط «حسين»، أوأن أصول والده من كينيا، أو أنه عاش بعضا من طفولته في إندونيسيا... ولكن الواقع هو أن معظم هذا الاهتمام والترحيب يعود إلى أنه ليس الرئيس جورج بوش.

وفي ليلة فوزه بالانتخابات، قال أوباما: «إلى كل أولئك الذين يراقبون من بعيد... من وراء شواطئنا... قصصنا واحدة، ولكن مصيرنا مشترك... وها هو فجر جديد من القيادة بات في متناول اليد».

كانت هذه الكلمات... كلمات ترحيب لأولئك الذين كانوا ينظرون إلى السنوات الثماني الماضية باعتبارها سياسات بوش «الأحادية».

وأثارت كلماته الأمل بأن إدارة أوباما سوف تساهم في إصلاح العلاقات الأميركية مع بقية دول العالم.

«شينخوا» الصينية: إدارة البلاد أصعب من الفوز

بالنسبة إلى باراك أوباما تطلب الأمر عقلا قويّا وقلبا قويّا للفوز في سباق الرئاسة الأميركية الذي استمر عامين لكن قد يكون من الأصعب لأول رئيس أميركي من أصل إفريقي أن يدير البلاد نظرا للتحديات الرهيبة التي تواجهه والمتمثلة في «حربين» و»أسوأ أزمة مالية خلال قرن» على حد وصف أوباما نفسه.

والخطوة الأولى التي سيقوم بها هي شغل المناصب المهمة في إدارته والتأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام خلال 77 يوما هي الفترة الانتقالية التي تبدأ من فوزه بالانتخابات وحتى يوم تنصيبه في العشرين من يناير/ كانون الثاني العام 2009.

وهو يحتاج قطعا إلى موافقة الكونغرس على ترشيحاته للمناصب الرئيسية سريعا ويحتاج إلى الاتصال بالجمهوريين والمستقلين من أجل المساعدة.

ونظرا إلى كون الولايات المتحدة أكبر قوة اقتصادية في العالم ومنطقة كوارث العاصفة المالية فإن من سيشغل منصب وزير الخزانة الأميركي المقبل أيا يكن سيجتذب انتباه العالم وإيجاد شخص ينظر له على نطاق واسع على أنه مقتدر وحكيم سيعزز الثقة وسيكون له أثر إيجابي على الأسواق العالمية.

كما ستحتاج الحربان والقضايا الشائكة الأخرى بالسياسة الخارجية إلى أشخاص محل صدقية ليشغلوا منصبي وزير الدفاع ووزير الخارجية.

كذلك لا بد أن يحدد أوباما سريعا شكل إدارته لتيسير وتنظيم عملية صنع القرار.

وأظهرت أحدث التقارير أن عضو الكونجرس عن ولاية الينوي رام ايمانويل وهو مساعد سابق للرئيس بيل كلينتون عرض عليه شغل منصب رئيس العاملين فى البيت الابيض. وألمح أوباما إلى أن إدارته ستضم جمهوريين.

ولكي يتم انتقال السلطة بشكل سلس بدا واضحا أن الرئيس جورج دبليو بوش يتشارك مع خليفته في نفس الهدف حيث قام بتشكيل فريق انتقالي الشهر الماضي وتعهد بمساعدة أوباما.

كما حث المرشح الجمهوري المهزوم جون ماكين مؤيديه على مساعدة أوباما للتعامل مع التحديات.

من المنظور السياسي سيكون أوباما رئيسا ديمقراطيا قويا نادرا ما رأينا مثيله خلال العقود الاخيرة، فأولا حصل على تفويض الناخبين الأميركيين بقوة.

وأظهرت إحصاءات أعلنت (الأربعاء) الماضي أن أوباما حصل على أعلى نسبة من التصويت الشعبي منذ فوز الجمهوري جورج بوش الأب على الديمقراطي مايكل دوكاكس في عام 1988.

وتعد النسبة التي حصل عليها أوباما في التصويت الشعبي وهي 52 في المئة أو 63.4 مليون صوت أعلى نسبة يحصل عليها مرشح ديمقراطي منذ عام 1964.

وتم انتخاب بيل كلينتون وهو أيضا ديمقراطي لمنصب الرئيس مرتين دون أن يحصل على نصف نسبة التصويت الشعبي.

وتعد رئاسته في حد ذاتها رمزا تاريخيا على عبور فجوة التفرقة العنصرية ودليل حي على تحقيق الحلم الأميركي.

وإلى جانب ذلك فإن انتخابات يوم (الثلثاء) الماضي لم تشهد فقط فوز الديمقراطيين بالبيت الأبيض ولكن أيضا مد نفوذهم في الكونجرس ولذلك فعلى الأرجح سيحصل أوباما على كونجرس أكثر تعاونا من بوش.

وبالإضافة إلى ذلك فإن أوباما محبوب من العالم بأسره وقد يشكل ذلك فرصة لاستعادة صدقية الأميركيين التي تأثرت سلبا بسبب الحروب التي لم تلق تأييدا ومعتقل جوانتانامو.

ويعتقد العديد من المفكرين أن أوباما يعد أفضل علامة أميركية مسجلة في الوقت الراهن.

ولكن أوباما لا يعد استثناء بين الرؤساء وقد يجد شعبيته تنخفض بعد عام واحد من توليه الرئاسة.

BBC: تحديات كبرى في انتظار أوباما

ربما لن تطول نشوة الانتصار التي يشعر بها أول رئيس أسود يغير التاريخ الأميركي ويطمح في تغيير العالم، فالإرث الذي تركته إدارة الرئيس جورج بوش ثقيل حتى على رئيس شديد الطموح كباراك أوباما.

فمن الأزمة المالية التي هزّت وول ستريت وتهدد بمزيد من الهزات قد تطال مفاصل الاقتصاد الأميركي، إلى الحرب في العراق التي شغلت حيزا كبيرا على أجندة الحملة الانتخابية مرورا بمشكلات الشرق الأوسط والإخفاق الذي منيت به إلى الأن السياسات الأميركية في عملية السلام، كلها قضايا تفرض نفسها على ساكن البيت الأبيض الجديد.

فأوباما يواجه عملا مضنيا لتحقيق تغيير بشر به، وتعهد بتحقيقه داخليا وخارجيا بعدما انتخبه الأميركيون ومنحوه تفويضا كبيرا لتحقيق ما بدا أنه حلم أميركي سيسطع على العالم أيضا.

وقد غير أوباما فعليا أميركا بمجرد انتخابه كونه أول رئيس أسود يقود الأمة الأميركية منذ استقلالها.

لكن ينتظر أوباما تحديات جسام سواء على الصعيد الداخلي الأميريكي أو على صعيد ارتباطات أميركا العالمية وما ينتظره العالم من رئيس شاب وعد العالم كله بإحداث التغيير. أزمة الاقتصاد

يجمع المراقبون على أن أولى أولويات باراك أوباما، بعد تشكيل طاقمه الجديد، ستكون سبل معالجة الأزمة المالية الخانقة التي تهدد الاقتصاد الأميركي بالدخول في ركود.

ففي أحدث استطلاعات للرأي التي أجريت في أعقاب تصويت الناخبين في مراكز الاقتراع قال 6 من بين كل 10 ناخبين إن الاقتصاد هو أهم قضية تواجه الأمة. وإن الاقتصاد هو المجال الذي ينبغي على أوباما أن يوليه الاهتمام.

بينما عبر 8 من كل 10 عن قلقهم مما يمكن أن يحدث على الصعيد الاقتصادي العام المقبل.

فالاقتصاد يأتي في صدارة التحديات التي تواجه الرئيس الجديد، فهو المشكلة الكبيرة التي ورثها ومعها المطلب الشعبي بإيجاد حل. الحروب الأميركية.

إذا كان الاقتصاد ومعه مد مظلة التأمين الصحي لأكبر عدد من الأميركيين، وتغيير التشريعات الضريبية ليستفيد منها الفقراء هي هموم الداخل الأميركي وهي كذلك تحديات أوباما الداخلية الكبرى، فإن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة في الخارج تحت مسمى الحرب على الإرهاب ستمثل التحدي الأكبر خارجيا.

وسيستفيد أوباما بلا شك من سيطرة الحزب الديمقراطي على الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ، وإن كان الديمقراطيون لم يحققوا في انتخابات الكونجرس، التي تزامنت مع انتخابات الرئاسة، الأغلبية التي تؤهلهم لتمرير القوانين دون عرقلة من الجمهوريين في مجلس الشيوخ.

أوباما تعهد في غير مناسبة وعلى امتداد حملته الانتخابية بسحب الجيش الأميركي من العراق ووضع العراقيين أمام مسؤولياتهم دون الإرتكان الى القوة الأميركية.

«نوفوستي» الروسية: أوباما غير قادر على انعطافات جذرية

حقّقت أميركا انقلابا نفسيّا ثقافيّا وعنصريّا. في العقول طبعا. فقد أصبح باراك حسين أوباما الرئيس رقم 44 للولايات المتحدة.

ليس أوباما البالغ من العمر 47 عاما أصغر رئيس للولايات المتحدة (ترأس البلد تيودور روزفلت وجون كندي وبيل كلينتون وحتى ويلز غرانت في الزمن الغابر، بعمر أقل)، لكنه ذو بشرة سوداء. وهذا بالنسبة إلى بلد، حيث كان التمييز العنصري يمارس بشكل واسع حتى نهاية ستينات القرن الماضي، يشكل من جميع الجوانب إنجازا تاريخيا.

فقد كان يبدو حتى قبل ستة أشهر أن هيلاري كلينتون ستترأس الولايات المتحدة، أول امرأة في تاريخ البلد.ومع ذلك لم تظهر مشاعر تمييز عنصري في الولايات المتحدة إبان الاقتراع، كما كان يعوّل على ذلك منافس أوباما الرئيسي جون ماكين. وعلى ما يبدو، أخذت تتغير الأمور في أميركا، فعلا، أم لا؟

هنا لا بد من الاعتراف بأن أسلاف أوباما (وبصورة أساسية جورج بوش) حطّموا الكثير في عقول وقلوب أبناء الوطن، مما دفع الأخيرين لانتخاب شخص، لا يزال اسمه غريبا ـ باراك حسين أوباما، الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة.

وحدث، على العموم، ما تنبأت به عمليات استطلاع الرأي العام والعقل السليم ـ أعيت البلد المحافظة الجديدة، و»الريغانية» وأصولية السوق، والبوشية، والحروب، وإنه مستعد لقيادته في اتجاه آخر نسبيا. وكسب أوباما صك الثقة. وبالمناسبة أكثر بكثير من أغلب الرؤساء قبله. لقد كسب أوباما 52 في المئة من أصوات الناخبين، وأما ماكين ـ فأقل من 46 في المئة. كما تقدم أوباما على ماكين وفق أصوات المفوضين الذين سينتخبون الرئيس في 15 ديسمبر/ كانون الأول، بأكثر من الضعف. فلدى أوباما قبل الفرز النهائي 349 صوتا في ظل العدد الضروري للفوز 270 (هيئة الانتخابات الأميركية تتكون من 538 مفوضا)،مقابل 162 لدى ماكين.

كما أن الديمقراطيين الذين سيطروا على الكونغرس منذ عام 2006 ـ في مجلس النواب سيطرة تامة، وفي مجلس الشيوخ نسبيا، سيمتلكون الآن أغلبية قوية في المجلسين. ولم يحدث هذا إلا في عام 1932، عندما وصل إلى السلطة فرانكلين روزفلت، وفي عام 1980 عندما استلم السلطة الجمهوري رونالد ريغان.

هذا وهيهات أن يكون أوباما قادرا على تحقيق انعطاف جذري، و»تدخل جراحي»، مثل «النهج الجديد» لروزفلت. ولو تذكرنا، لم يكن هناك من كان يتوقع من روزفلت مثل هذا التغيير الجذري، الذي أنهض أميركا من جديد بعد الركود العظيم. وإن الأزمة المالية الحالية مشابهة تقريبا، ولكن بالأبعاد الفعلية لا تقارن بصعوبات عشرينيات القرن الماضي. وكانت الأمور هناك في الحقيقة أكثر جدية.

وإذا حكمنا على أوباما من خطاباته، فإنه يعرف المشاكل وطرق معالجتها. ولكن لن يتحقق هذا. ذلك أنه لا تتوفر لدى البلد مثل هذه الإمكانات، وخصوصا المالية

العدد 2256 - السبت 08 نوفمبر 2008م الموافق 09 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً