العدد 1731 - السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ

سلمان وتميم... لبنة لبنة نحو المستقبل

الغاز القطري/ النظام المالي والسيولة النقدية والعمالة البحرينية/ جسر المحبة

حظت زيارة ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة للعاصمة القطرية (الدوحة) في 13 مايو/ أيار 2007 بمتابعات سياسية واقتصادية واهتمام إعلامي بارز.

ويأتي هذا التركيز الإعلامي على الزيارة لمسببات عدة. ليس أولها، ترقب الحدث الكبير المتعلق بجسر المحبة بين البحرين وقطر وما قد يستجد في هذا الملف، وليس آخرها الحديث عن شراكات اقتصادية جديدة بين البلدين وخصوصا فيما يتعلق بمجال استفادة البحرين من الغاز القطري وفتح البوابة القطرية للعمالة البحرينية المدربة والجاهزة من جهة، ودخول رساميل المصارف البحرينية في الاستثمارات القطرية التي تشهد طفرة اقتصادية واعدة من جهة أخرى.

ولي العهد الذي ترأس خلال زيارته الجانب البحريني في اجتماع الدورة السابعة للجنة العليا المشتركة للتعاون بين مملكة البحرين ودولة قطر - التي أنشئت في مدينة المنامة في 20 فبراير/ شباط 2000 - والتي ترأسها من الجانب القطري ولي عهد دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وتأتي أعمال هذه اللجنة المشتركة لتشكل «العصب» الحقيقي لنمو العلاقات البحرينية القطرية. إذ حققت اللجنة على مدى السنوات الماضية من خلال اللقاءات الدورية بين وليي العهد الكثير من التفاهمات على أكثر من صعيد. أما أهم ما انتهى إليه اجتماع اللجنة المشتركة في دورته السابعة فقد جاء في سياق النقاط الآتية:

أولا: توقيع محضر اجتماعات اللجنة العليا المشتركة للتعاون الذي اشتمل على متابعة تطورات إنشاء الجسر بين البلدين. ومن المقرر أن يشهد هذا العام تحديدا البدء الفعلي في الخطوات النهائية للبدء في المشروع، الذي تعول عليه قطاعات متعددة آمالها في تحقيق وإيجاد مجالات جديدة من التعاونات الاقتصادية المشتركة.

ثانيا: توقيع محضر اجتماعات اللجنة العليا المشتركة للتعاون، الذي اشتمل على متابعة في مجالات التعاون بين وزارتي خارجية البلدين، ومجالات الأمن، الطاقة، العمل، المال والاقتصاد والتجارة والصناعة، الصيد البحري والثروة السمكية، الإذاعة والتلفزيون، وكالات الأنباء، السياحة، الأشغال العامة والبنية التحتية، التخطيط والتطوير العمراني، التنمية الاجتماعية، والتربية والتعليم. والملاحظ خلال السنتين الماضيتين قيام الكثير من اللجان المشتركة بين البلدين وليس على الصعيد الاقتصادي فحسب بل بما يتصل بالعمل الثقافي وشئون المرأة، وكان البلدان قد وقعا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للمرأة بالمملكة والمجلس الأعلى لشئون الأسرة بقطر تنص على تبادل التجارب في مجال إعداد السياسات والبرامج وخطط العمل والتشريعات النافذة والدراسات والمطبوعات والوثائق المطبوعة والمرئية والمسموعة ذات الصلة بالمرأة إضافة الى تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية المتعلقة بتنمية المرأة بالإضافة الى تبادل الزيارات والخبرات في مجالات المرأة بين البلدين.

ثالثا: وقع البلدان محضر الاجتماع الأول للجنة الوزارية البحرينية القطرية المشتركة للتعاونين الاقتصادي والتجاري. وتأتي هذه اللجنة لتفعيل أكثر من مشروع مشترك كالمصرف المشترك بين البلدين وتعاون غرفتي التجارة والصناعة فيما بينهما.

رابعا: اتفق الجانبان على عقد الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين في المنامة في العام 2008، على أن يتم تحديدها عبر القنوات الرسمية.

زيارة ولي العهد... والتكامل الاقتصادي المرتقب

تشغل البوابة القطرية - التي تشهد طفرة اقتصادية تعتبر الأكبر بين دول الخليج - أذهان المهتمين بالجانب الاقتصادي وتطوره في شتى بلدان الخليج. وتعتبر الدوحة اليوم مقصدا استثماريا رائدا من الدرجة الأولى، ويعقد المتابعون الاقتصاديون للجنة العليا المشتركة بين البحرين وقطر باهتمام بالغ آمالهم في مد شراكة اقتصادية حقيقية تعود على البلدين بالفائدة. ويذكر أن أهم ما خرجت به اللجنة المشتركة حتى اليوم هو إقرار مذكرة التفاهم الخاصة بإنشاء الجسر الذي سيربط البحرين بقطر، والتي وقعت في الدوحة في 27 فبراير 2005. وستنشأ كذلك مؤسسة جسر قطر - البحرين، التي سيعهد إليها الطرفان بوظائف إدارة الجسر طبقا لنصوص اتفاق إنشاء مؤسسة الجسر وسيكون مقرها في قطر؛ لإنشاء وإدارة الجسر واستغلاله وتشغيله وصيانته واستثمار مرافقه. وستكون مؤسسة الجسر مسئولة عن الحصول على التمويل من جميع المصادر بشروط تعتبرها المؤسسة صحيحة، طبقا لنصوص اتفاق إنشاء المؤسسة، ويشترط دائما للاقتراض، أو تحمّل التزامات مالية مشابهة، حصول الموافقة المسبقة للطرفين. ويبرز في السياق ذاته إنشاء البنك البحريني القطري، الذي سيكون لأصحاب الأعمال في البلدين الشقيقين ضمان استمراره وتفعيله. وكان قد تم تشكيل لجنة المشروعات المشتركة البحرينية - القطرية، بين غرفتي تجارة وصناعة البحرين وقطر، والتي عقدت اجتماعها الأول في الدوحة في العام 2004، وبدأت دراسة المشروعات المشتركة التي يمكن تنفيذها في البلدين. وقد وافقت السلطات المالية القطرية على امتلاك البحرينيين 25 في المئة من أسهم الشركات المدرجة في سوق الأوراق المالية في الدوحة. بحرينيا، تتطلع البحرين أيضا إلى أن يكون لمرفأ البحرين المالي حضورُه في هذا السياق، وخصوصا أن النظامين المالي والمصرفي في البحرين يعتبران «الأقوى» والأكثر تكاملية من الناحية القانونية من جهة، ومن ناحية وجود السيولة النقدية الكافية لضمان تدفق استثمارات كبرى. وسيكون لمساهمات استثمارات المصارف البحرينية في قطر تحقيق المزيد من قوة الدفع للنمو الاستثماري في قطر، وخصوصا فيما يتعلق بمجال الاستثمارات الإسكانية والصناعية. يذكر أن العمالة البحرينية التي تتطلع إلى دخول السوق القطرية والإسهام فيها تعتبر هي الأخرى أحد أهم الملفات الاقتصادية؛ إذ تعتبر السوق القطرية سوقا ملائمة - وخصوصا بعد انتهاء الجسر - لاندماج العمالة البحرينية وتخفيف مستويات البطالة التي تعصف بالبحرين، وهي في السياق نفسه تمسك بجماح العمالة الأجنبية والعربية التي تزداد معدلات وجودها في الشقيقة قطر.

التكامل البحريني القطري في الصعيد الاقتصادي يعتبر أهم الملفات التي تعوّل عليها الزيارات التي يقوم بها وليا العهد بين المنامة والدوحة. وفي أجواء سياسية مفتوحة تتسم بالاستقرار وتوحد وجهات النظر في الكثير من الملفات الأخرى، يبقى الملف الاقتصادي الأهم والأكثر جاذبية، وخصوصا أن صعود أسعار النفط ووصولها إلى مستويات قياسية وزيادة نسب السيولة النقدية في خزائن المال الخليجية قد زادت هذه كلها من شهية الاستثمارات في الخليج. وتأتي فرص استفادة البحرين من الغاز القطري بوصفها أكثر الفرص الاقتصادية تعقيدا، وخصوصا عبر مقترحات تفعيل مشروع «الدولفين» العملاق باتجاه الشمال من دون أن يقتصر على الجنوب صوب الإمارات العربية المتحدة وعُمان. البحرين التي تحتاج إلى «الغاز» - وخصوصا لتشغيل قطاع صناعة الألمنيوم لديها - تواجه الكثير من المشكلات في هذا السياق. ويُعتبر «الغاز» القطري الأقرب والأقدر على سد حاجة البحرين، إلا أن المشكلة تكمن في أن مستويات الاستهلاك البحرينية لا تصل إلى حدود المستويات التجارية المقنعة بالنسبة إلى الدوحة. فالدوحة تحتاج إلى أن تزيد من حدود امتدادها شمالا وصولا إلى الكويت وما بعدها.

العدد 1731 - السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً