العدد 1731 - السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ

مشــــروع جســـــر المحبة «قتل بحثا»

بلغت الفترة الزمنية التي طرح فيها مشروع جسر المحبة ليربط بين مملكة البحرين ودولة قطر حتى اليوم حدا تجاوز بحساب الشهور عدد الكيلومترات التي سيبلغها طول الجسر. ولم يظل الحلم الذي يراود الشعبين الشقيقين حبيس جلسات اللجان السياسية العليا بين البلدين ولم يمنح بعد للجهات التنفيذية ليصير واقعا وتوأما لجسر الملك فهد الذي يربط البحرين بالمملكة العربية السعودية.

منبع الفكرة

تم افتتاح جسر الملك فهد في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني العام 1986 وصار إنجازا تاريخيا حقق الكثير من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للسعودية والبحرين ولدول مجلس التعاون الخليجي. وبعد انتهاء الخلاف الحدودي بين البحرين وقطر بشأن جزر حوار الذي فصلت فيه محكمة العدل الدولية العام 1993 حدثت نقلة نوعية في مسار العلاقات الثنائية وتم التفكير في سبل تطوير هذه العلاقات وتمتينها من خلال مجموعة من الأفكار، منها إقامة جسر المحبة. ولكن هذه الفكرة قتلت بحثا ولم تر النور بعد.

ففي 28 أكتوبر/ تشرين الأول العام 2002 توقع مسئول قطري في اللجنة البحرينية - القطرية المشتركة أن يبدأ العمل في إنشاء الجسر خلال العام 2003. وقال إن الكلفة الإجمالية لإنشائه ستبلغ ما يقارب مليار دولار أميركي (أي ما يساوي 377 مليون دينار بحريني) موضحا أن البلدين مهتمين بإنجاز هذا المشروع المهم الذي سيربط بينهما وسيكون له دور كبير في تنمية التعاون في المجالات جميعها ودعم العلاقة التاريخية المتميزة.

وأشار المسئول إلى أن إنشاء الجسر سيستغرق من ثلاثة أعوام ونصف العام إلى أربعة أعوام ونصف العام، ويذكر أن طول الجسر سيبلغ 45 كيلومترا وعرضه 15 مترا.

وكانت اللجنة البحرينية - القطرية حددت نقطة بداية الجسر من الجانب القطري في منطقة عشيرج، وفي البحرين ستكون نقطة البداية في منطقة سترة. وتوقع اقتصاديون أن يكون لإنشاء الجسر مردود اقتصادي كبير للبلدين، إضافة إلى فتح أبواب العمل للبحرينيين في دولة قطر.

وفي فترة لاحقة، وتحديدا في15 مايو/أيار العام 2003 نفى مسئول رفيع المستوى في وزارة الأشغال والإسكان في البحرين أن يكون مشروع الجسر جمد أو تم إلغاؤه، وأرجع سبب التأخير في تنفيذ المشروع إلى أمور يتدارسها البلدان للاتفاق عليها، منها تحديد مكان النقطة الجمركية للجسر والتي ستكون موحدة.

وقال المصدر انه حال الاتفاق على هذه الأمور ستحدد الفترة التي ستبدأ فيها عملية إنشاء الجسر بعد طرح مناقصة دولية لتنفيذه، موضحا أن الدراسات والمخططات والوثائق أصبحت شبه مكتملة.

وأوضح أن البلدين وقعا سابقا عقد الأعمال الاستشارية الخاصة بمرحلة الدراسات والمسح البري والبحري والتصميم المبدئي للجسر والفتحات الملاحية في جسمه، إذ بلغت كلفة العقد مليارين و605 آلاف و900 دينار بحريني قدم من شركة عالمية لها خبرات أعمال سابقة في المجال نفسه، وبدأ العقد منذ شهر سبتمبر/ أيلول 2001 وانتهى في يوليو/ تموز العام 2002، فيما قدرت كلفة الإنشاء بـ 1.5 مليار دولار أميركي.

وعن الفترة الزمنية المحددة لإنشاء الجسر قال المصدر إنه كان مقررا البدء في عملية الإنشاء هذا العام (2003)، ولم يحدد بعد موعد آخر وتوقع أن يستغرق الإنشاء من 3.5 إلى 5 أعوام.

كما ذكرت مصادر دبلوماسية قطرية في مطلع يناير العام 2004 أن اللجنة الوزارية المشتركة الخاصة بجسر المحبة تقرر أن تجتمع في المنامة في منتصف فبراير/ شباط لاستئناف أعمالها التي توقفت لمدة عامين ومناقشة خطوات تنفيذ المشروع بعد أن قطع البلدان شوطا طويلا في دراسته وتحديد مساره، ويأتي هذا الاجتماع بناء على ما توصل إليه البلدان خلال اللقاء الأخير الذي جمع بين عاهل البحرين جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في ديسمبر/ كانون الأول.

وعقب ذلك، وجهت اللجنة العليا المشتركة في24 فبراير العام 2004 الجهات المعنية في البلدين على الإسراع في الانتهاء من الدراسات اللازمة لمشروع الجسر.

وتوصلت اللجنة المشتركة في30 أبريل/ نيسان العام 2004 إلى التصور المبدئي لمشروع الجسر، إذ يتكون المعبر الذي يطلق عليه تعبير «الجسر» اختصارا من عدة جسور بنسبة دفن تتراوح بين 40 و60 في المئة. والمعبر له مساران ومسار للطوارئ في كل اتجاه، بالإضافة إلى الجزيرة الوسطى التي ستحوي مصابيح الإنارة. وسيكون ارتفاع الجسر الرئيسي على الجانب البحريني 27 مترا ويكون ارتفاعه على الجانب القطري 40 مترا لتسهيل مرور معدات التنقيب عن النفط.

ثم توقع مصدر مسئول في الجانب القطري في 22 يوليو العام 2004 البدء في عملية إنشاء جسر المحبة نهاية العام 2005، وقال إن القيادة السياسية في البلدين حريصة على تنفيذ المشروع في أسرع وقت ممكن.

كما قال وزير الأشغال والإسكان في البحرين فهمي الجودر في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني العام 2004، إن «جسر المحبة بانتظار إشارة الموافقة على البدء من الجانب القطري بعد أن استكملت كل الدراسات الفنية الخاصة به.

وأوضح الوزير على هامش المنتدى الفرنسي/ البحريني «المواصلات والبنية التحتية الحضرية» أنه تم الانتهاء من إعداد وثائق أول مناقصة والخاصة بإدارة المشروع، متوقعا أن يتم طرحها في حال سارت الأمور كما هو مخطط لها مع نهاية العام 2004 أو الربع الأول من العام 2005.

توقيع الاتفاق

وفي في 12 يونيو/ حزيران العام 2006 وقعت البحرين وقطر اتفاقا لإنشاء الجسر وذلك عقب اختتام اجتماعات اللجنة المشتركة التي ترأسها عن الجانب البحريني ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، ومن الجانب القطري ولي العهد صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وبثت وكالة أنباء البحرين نصوص الاتفاقات الموقعة بين حكومتي مملكة البحرين ودولة قطر. وتضمن الاتفاق الأولي تفاصيل إنشاء الجسر تنفيذا لمذكرة التفاهم الموقعة في الدوحة بتاريخ 27 فبراير 2005. فيما أورد الاتفاق الثاني تفاصيل إنشاء مؤسسة جسر قطر/ ­البحرين، وأوضحت تشكيلاتها في اختصاصاتها والأغراض التي أنشئت من أجلها. كما أعلن رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس النواب البحريني عبدالعزيز أبل في 14 مايو/ أيار العام 2007 أن اللجنة «تنوي الاطلاع على بعض نقاط تتـعلق بالجسر، كي يسير المشروع قدما». ولفت إلى أن الحكومة «حسمت الموقف وثبتت وزير المالية مسئولا أمام المجلس عن شئون الجسر بدلا من ثلاثة وزراء كان عملهم مرتبطا بالمشروع».

وأكد أبل أن موقف اللجنة «داعم لإقامة الجسر لأسباب قومية واستراتيجية، إلا أنها تريد معرفة جدواه الاقتصادية». وأوضح أن اللجنة «حصلت على دراسة بيئية مطمئنة عن التأثيرات الجانبية لإنشاء الجسر على البيئة البحرية، إلا أنها لاتزال تريد الأخذ بآراء الجمعيات الأهلية المعنية بالموضوع». وأشار إلى أن التوقعات «تقدر كلف الجسر بـ 4 مليارات دولار، وسيستغرق بناؤه 4 أعوام، وستضمن الحكومة القطرية القروض».

وشكل اجتماع اللجنة العليا المشتركة القطرية البحرينية، والمباحثات المهمة التي جرت في الدوحة في14 مايو العام 2007، بين قيادتي البلدين، دفعة جديدة للعلاقات الأخوية الراسخة.

وأشارت القضايا المهمة التي تناولتها اللجنة المشتركة، إلى مدى المستوى المتقدم الذي قطعته اللجنة في سبيل تعزيز علاقات التعاون، خصوصا ما يتعلق منها بدعم التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والطاقة، إضافة إلى الموضوع المتعلق بإنشاء الجسر المرتقب.

وكان مشروع الجسر شق طريقه نحو التنفيذ وسط صعوبات، تمثلت في مخاوف مهتمين بالحفاظ على البيئة وتحديدا منطقة فشت العظم الغنية بالحياة البحرية من جهة، والمرتبطة بتاريخ البحرين البحري من جهة أخرى.

كما يثير الجسر جدلا لارتباطه بمشروع جسر آخر بين قطر والإمارات، ويمر في مياه يثير بعضها خلافات بين الدول الخليجية. ويفتح الجسران المجال لمشروعات طموحة، ليس أقلها مشروع ربط الإمارات وقطر والبحرين بالسكك الحديد. فمتى يضع حجر الأساس لمشروع الجسر وتنطلق فرق العمل لمد حبل تواصل جديد بين شعوب المنطقة؟.

العدد 1731 - السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً