العدد 1731 - السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ

كلفة جسر قطر - البحرين تبلغ نحو أربعة مليارات دولار

يشعل فتيل التجارة البينية

قال اقتصاديون ومصرفيون: إن بناء جسر «المحبة» الذي سيربط البحرين بقطر قد تبلغ كلفته نحو أربعة مليارات دولار، أي ضعف ما كان متوقعا عند التفكير في إقامته قبل نحو سنتين على رغم أنه لم يتم تحديد الكلفة النهائية للجسر الذي سيشعل فتيل التجارة البينية بين الدولتين ويزيد من الارتباط والتعاون في المجالات كافة خصوصا في نقل البضائع والتنقل.

كما قالوا إنه على رغم أن البحرين قادرة على تمويل حصتها في هذا المشروع الضخم إلا أنهم يتوقعون قيام قطر الغنية بالنفط والغاز بتمويل كلفة الجسر بأكمله أو على الأقل تحمل الجزء الأكبر من الكلفة والتي وصفت بأنها «كسور» من مجمل دخل قطر من النفط والغاز والبالغ نحو 100 مليار دولار في السنة.

وكانت المملكة العربية السعودية وهي أكبر مصدر ومنتج للنفط في العالم قد تكفلت بتمويل الجسر الذي يربطها مع البحرين والذي يعتبر أكبر جسر في المنطقة وذلك بسبب العلاقات القوية التي تربط بين القيادتين مما انعكس إيجابيا لاحقا على التعاون بين البلدين.

المصرفي المخضرم ورئيس مجلس إدارة بنك البحرين والكويت مراد على مراد أبلغ «الوسط» أنه يعتقد أن البحرين لديها القدرة في توفير حصتها في كلف الجسر عن طريق المصارف الكثيرة المنتشرة في المنطقة خصوصا الأخذ بالتمويل الإسلامي.

وقال مراد: «أعتقد أن المملكة لديها القدرة والسوق فيها سيولة كبيرة وإن هذه السيولة تستخدم في تمويل الكثير من المشروعات الحيوية. أعتقد أن البحرين قد تلجأ إلى استخدام طرق متعددة للتمويل ومن ضمنها التمويل الإسلامي والتمويل الخارجي».

وأضاف أن جهات متعددة يمكن أن تشارك في مشروع بهذا الحجم والكلف وأن قطر لديها إمكانات كبيرة جدا لتحمل كلفة المشروع بالكامل ولكن إذا كان ولابدّ فإن فرص التمويل متوافرة عن طريق المصارف أو قروض مشتركة».

ولم يعلن عن كلفة مشروع الجسر رسميا ولكن شركة ديار القطرية وشركة عوالي التابعة لشركة أملاك البحرينية كلفتا بدراسة كلفة الجسر.

المدير العام بنك البحرين للتنمية نضال العوجان ذكر أنه لتمويل كلف بناء الجسر يجب أن يكون المشروع تجاريا أي بنظام الدفع عن استخدام الطريق على رغم أن البحرين قد تكون قادرة على تحمل حصتها في الكلفة «ولكن الأهم من ذلك هي الجدوى الاقتصادية واستخدامه في توصيل الكهرباء والغاز من قطر وكذلك تسيير القطارات».

وأضاف «نحن نتحدّث عن استثمار لمدة طويلة والفوائد المترتبة على ذلك مثله مثل الجسر الذي يربط بين البحرين والمملكة العربية السعودية. ومنذ إنشاء الجسر الذي يبلغ طوله نحو 25 كيلومترا في العام 1986 بكلفة بلغت نحو مليار دولار، زاد التواصل بين الشعبين ونمت التجارة البينية بين البلدين.

الاقتصادي حسين المهدي أبلغ «الوسط» أنه بلا شك أن هناك أكثر من طريقة ووجهة نظر بشأن تمويل الجسر فإما أن يأتي عن طريق تخصيص مبالغ من كلتا الدولتين أو تحمل إحدى الدولتين وهي قطر الجزء الأكبر من الكلفة إذ تتوافر السيولة النقدية بكثرة «والتي تعكس بلا شك حجم صادرات النفط التي فاقت 100 مليار دولار سنويا وأن كلفة الجسر تعتبر كسورا».

وقال مهدي: «البحرين تستطيع أن تموّل حصتها في مثل المشروع بأسلوب تجاري وبطريقة تعارف عليها الغرب والدول الأخرى ذات السيولة المحدودة عبر تمويل الجسر ذاتيا من خلال الرسوم التي تفرض على العابرين أو ما يسمى باللغة الإنجليزية (Toll)».

وأضاف أن هذه الطريقة تم تطبيقها على الجسر بين بنسلفانيا ونيوجيرزي في الشرق الأميركي ومن خلال هذه الطريقة التي لا تستغرق أكثر من 10 سنوات وتتم بأسلوب مؤسسي يضمن للجميع عوائد مربحة أو طرح شركة الجسر للاكتتاب العام وتدار من خلال شركة تابعة للقطاع الخاص التي يتميز بالكفاءة في استخدام الموارد المالية وتعظيم الفوائد مع وجود ترتيبات خاصة للزوار يتم بموجبه طلب رسوم منخفضة».

وذكر مهدي أن إنشاء مثل هذا المشروع الكبير يهدف إلى تقوية «اللحمة ووشائج الاتصال بين الأخوة في قطر والبحرين ويعبّر عن ميزة ذات قيمة عالية لتعزيز التعاون المشترك ضمن رؤيا منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية».

كما قال إن إنشاء الجسر بين البلدين الجارين سيساهم في تخفيض رسوم النقل والمواصلات على المدى الطويل «وسينعكس إيجابيا على تخفيض قيمة السلع والخدمات التي يستفيد منها شعبا البلدين» وأن الجسر يعتبر جزءا من مسعى دول الخليج العربية إلى تمتين التبادل التجاري البيني.

وكانت البحرين وقطر قد وقعتا اتفاقا لإنشاء جسر يربط بين البلدين من بين اتفاقات ثنائية ومذكرة تفاهم للتعاون الدبلوماسي والاستثماري وذلك عقب اختتام اجتماعات اللجنة البحرينية القطرية المشتركة التي ترأسها عن الجانب البحريني سمو ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، ومن الجانب القطري ولي العهد القطري صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ومنذ أن بدأ الحديث عن احتمال إنشاء جسر بين البحرين وقطر والأنظار تتجه إلى اليوم الذي يعلن فيه فعلا البدء في طرح مناقصة الجسر لما لهذا المشروع من أهمية استراتيجية على المستوى البعيد بالنسبة إلى البلدين وللمنطقة.

ويقدر أن الفترة الزمنية لإنشاء الجسر ستتطلب ما بين أربع إلى خمس سنوات، وأن الكلفة قدر لها أن تبلغ نحو ملياري دولار ولكن مصادر صناعية ذكرت في وقت لاحق أن كلفة المشروع تقريبا تضاعفت إلى نحو أربعة مليارات دولار بسبب إمكانات إضافة سكك حديد إلى الجسر وأمور فنية وأخرى إنشائية للمشروع الذي سيمتد عبر مسافة بنحو 40 كيلومترا

وذكرت بعض التقارير أنه تم اختيار مسار الجسر من بين 10 مسارات مقترحة، وتم اختيار المسار النهائي بحيث يبدأ من شمال قرية عسكر في الجانب الشرقي من جزيرة البحرين الأم حتى «رأس أشيرج» في الجانب القطري وسيفتح أمام البحرين وقطر فرصة للتكامل الاقتصادي عبر جسر استراتيجي يفسح المجال أمام تنمية مستدامة يستفيد منها شعبا البلدين.

ويقول اقتصاديون: إنه في الوقت الذي تسعى في دول الخليج إلى إقامة اتفاقات تجارة حرة مع دول بعيدة مثل التي جت بين البحرين والولايات المتحدة الأميركية فمن الأحرى في ذات الوقت أن تكون مثل هذه الاتفاقات بين الدول الخليجية ذاتها. وعلى رغم أن مجلس التعاون يسعى لإقامة سوق مشتركة وعملة موحدة خلال السنوات المقبلة، فإن عدم وجود مشروعات كبرى مشتركة ومتكاملة قائمة على أساس قوانين السوق أدى إلى إحباط كثير من تلك الآمال.

ويقول الاقتصادي جاسم حسين: إن توقيع مذكرة التفاهم بين البحرين وقطر لإنشاء جسر مشترك نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين ويحمل المقترح في طياته الكثير من الإيجابيات خصوصا للبحرين مثل الانفتاح على السوق القطرية الأكثر نموا في المنطقة.

وأضاف «يعتقد أن البحرين ستكون المستفيد الأول من الجسر بملاحظة أن حجم الاقتصاد القطري يبلغ ضعف الناتج المحلي الإجمالي البحريني «17 مليار مقابل 8,5 مليارات دولار على التوالي». لكن يتوقع أن يتضاعف حجم الناتج المحلي الإجمالي القطري في غضون ست سنوات وذلك على خلفية النمو السريع للاقتصاد».

كما يمثل إنشاء الجسر فرصة لجلب أموال من قطر للاستثمار في العقارات وسوق الأسهم ،الأمر الذي سيعزز النشاط في اقتصاد البحرين وسيوفر فرصة تاريخية لتطوير مناطق أخرى من البحرين وخصوصا جنوب شرق وشرق المملكة مثل عسكر وسترة، إذ يمر الجسر المقترح.

وتوقعت دراسات حديثة أن يصل عدد السيارات التي تمر على الجسر بعد إنشائه إلى 4000 سيارة يوميا ويرتفع إلى 5000 في العام 2010 والى 12 ألف مركبة مع حلول العام 2050.

وبدأت البحرين الاستعداد فعليا إلى بناء الجسر بالتعاقد مع شركة استشارية لدراسة تأثيرات الحركة المرورية وحجم الكثافة المتوقعة للسيارات القادمة من قطر وإدخال تطويرات على الطرق لمواجهة الأعداد الكبيرة للسيارات القطرية وركزت على تطوير شارع حوار الواقع شمال قرية عسكر إلى دوار ألبا وأيضا شارع الشيخ جابر الأحمد الصباح الذي يبدأ من شارع سترة إلى تقاطع جسر سترة بالإضافة إلى شارع الشيخ عيسى بن سلمان. ويقول مسئولون: إن مشروع إنشاء جسر سترة الجديد يأتي ضمن خطة الاستعداد لأفواج الزوار.

العدد 1731 - السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً