العدد 1777 - الأربعاء 18 يوليو 2007م الموافق 03 رجب 1428هـ

حارة النعيم... بين روايتين

وكأنما تلاشت جدران ومقاعد وتجهيزات مقر أسرة الأدباء والكتاب تلاشيا طفيفا حالما، للتحول إلى زمان ومكان آخرين بعيدين عمّا كنا نجلس فيه حينما بدأ الكاتب الروائي والناقد عبدالله خليفة استعراض قراءته في روايتي «قندة» و «السوافح»، إذ حملنا ووضعنا في وسط أحياء منطقة النعيم القديمة، وبدأ الأطفال يتقافزون بين أيدينا، وأصوات مطارق «القلاليف» تأتي من بعيد، مع نسائم البحر التي تعابث العاشقين المتخفين في أزقة تلك المنطقة.

وكانت اللجنة الثقافية بأسرة الأدباء والكتاب قد قدمت عبر الناقد خلال تلك الأمسية، قراءة نقدية عن حارة النعيم بين روايتي «قندة» للروائي حسين محروس، و «السوافح» للروائي فريد رمضان، في محاولة لاستقصاء صورة النعيم من بين الروايتين.

وكان عبدالله خليفة قد بدأ من خلال محاولة لتعليل سبب اختيار حارة النعيم، إذ وصفها بأنها نموذج مصغر من الأحياء والمناطق التي تنتظر الروائي والكاتب الذي يكتشفها، مبتدئا برواية «قندة» التي قسمها محورين أساسيين، أولهما هو علاقة عاطفية تربط الشابين عباس وخاتون، والآخر هو للحي وما يدور فيه من حوادث.

توسعه بدأ من المحور الأول، إذ وصف نمو العلاقة بين عباس وخاتون، التي أخذت شيئا فشيئا تجتذب إليها أطرافا أخرى تدور في محور العاشقين، إذ علّق خليفة بالقول: «الصانع لكل الحوادث هو ذلك الحي (حي النعيم) الذي يمثل الهوية والشخصية، اللتين يتكشف من خلالهما ملامح الحوادث».

جمال الرواية تجسد في رؤية خليفة في النسيج الشعري الحواري بين عباس وخاتون، مع التوسع في الفصول التالية إلى تصوير الحي القديم والعمل في الأسواق وتصوير مهنة القلافة، وصولا إلى استعراض دور نادي النعيم - وفق خطابات مسجلة للنادي - الذي لم يحوله إلى جزء من الرواية، مداخلا شخصية عباس مع جميع هذه المحاور، فالراوي ركز على العلاقة العاطفية مع إعطاء صور متفرقة عن الحي.

وفي استعراض رواية «السوافح»، قسّم خليفة الرواية أربعة أقسام، حملت أسماء الشخصيات الأربع الأساسية في الرواية، وتتحدث في فصلها الأول، الذي حمل اسم «خديجة»، عن خديجة التي قبل أبوها تزويجها من إسماعيل، بديلا لدفع الدين المتراكم عليه، والذي يقودها إلى حال اجتماعية غير مستكينة مع زوجها.

الفصل الثاني الذي حمل اسم «خاتون»، جاء تيمنا بالزوجة الثانية لإسماعيل، التي تمثل الخلفية الأكبر إذ هي الزوجة المهاجرة التي رأت من الدنيا أكثر من ضرتها خديجة، إذ يدمج الراوي في حوادث القصة شخصية رمضان، الذي تقوم المرأة من خلاله بعرض دور الابتهالات الدينية في إخضاع المرأة، فهو كاتب الرسائل في محله بقرب باب البحرين، والذي كانت خديجة تزوره بشكل مستمر كي يكتب لها رسائلَ تبعثها إلى الأئمة في الأماكن المقدسة كي يتحقق ما تتمناه.

الناقد عبدالله خليفة أكد أن الموروثات الدينية أضفت تلوينا ممتعا في الرواية، مؤكدا أن الاختلاف في النسق العام كان في شخصية الزوج إسماعيل، الذي تأتي أصوله من السعودية، مهاجرا بسبب صراعات الأمراء في المناطق، وهو شخصية تجمع الخير بالشر، العنف واللين؛ فهو عنيف وقاسٍ، ولكنه في جانب آخر له أسلوب راقٍ في الكلام يطفي صدقية في تضاداته.

ويسير الراوي خلال الاستعراض الذي قدمه خليفة إلى إشراك الخارج السياسي في حوادث الأسرة، والذي يفرض نفسه قدرا حينما يُحبس ابن إسماعيل في حدث مركز البلدية السياسي، وهو ما وصفه بأنه حدث مقحم على الرواية.

ويختم خليفة بالمحور الرابع الذي حمل اسم «رمضان»، والذي يظهر فيه رمضان أكثر من كاتب رسائل، إذ يسرد ظروف تطور الزوجة الأولى خديجة ونوعية أفكارها، كما يسرد تطور علاقة خديجة بخاتون، وهي إحدى جماليات الرواية، إذ يصف خليفة في ختامه الرواية بالقول: «لقد تحول الحي إلى مكان واسع لدمج الشخوص بالمكان».

العدد 1777 - الأربعاء 18 يوليو 2007م الموافق 03 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً