العدد 1794 - السبت 04 أغسطس 2007م الموافق 20 رجب 1428هـ

الهند تضع منطقة الخليج في إطار مجالها الحيوي

يؤكد الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة «الأهرام» محمد فايز فرحات انه لا يمكن إغفال الرؤية الهندية الخاصة للعلاقة بين أمن الخليج العربي والأمن القومي الهندي. ويوضح الباحث أن نيودلهي تنطلق في هذا الإطار من مفهوم واسع لمجالها الحيوي يمتد من الخليج العربي غربا إلى بنغلاديش ونيبال شرقا. ويقول: إن المفهوم الهندي في هذا الإطار يستند إلى الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي استنادا إلى عوامل عدة، أشار إلى ثلاثة منها:

أولها هو الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي كمصدر مهم للطاقة، سواء على المديين القصير أو المتوسط. وقد ارتفعت حساسية الاقتصاد الهندي لأية تطورات سلبية محتملة في سوق النفط الخليجي بعد تسارع عملية التنمية الاقتصادية والتكنولوجية وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، وهو ما فرض ضرورة تنويع مصادر الطاقة الخارجية. وفى هذا الإطار، يمكن فهم الجهود الهندية لإقامة مشروع نقل مصادر الطاقة من إيران إلى الهند، بالإضافة إلى مشروع خط نقل النفط العماني إلى الهند وتوقيع الاتفاق الثلاثي بين الهند وتركمانستان وإيران العام 1995.

العامل الثاني هو العمالة الهندية المكثفة في منطقة الخليج العربي، والتي تقدر بنحو 4 - 5 ملايين عامل يشكلون مصدرا مهما للتحويلات الخارجية وتخفيف الضغوط على سوق العمل الهندية.

العامل الثالث وهو تحول منطقة الخليج العربي إلى أحد ساحات المنافسة بين الهند وخصومها التقليديين، وهو ما كشفت عنه خبرة الصراع الهندي الباكستاني خلال العقود الماضية، وذلك بالنظر إلى ما تمثله منطقة الخليج كمصدر مهم للطاقة، والفراغ البشرى والديموغرافي في المنطقة، والأهم من ذلك هو عدم وجود منطقة أخرى بديلة تعمل كساحة خارجية يمكن نقل الصراع إليها.

فمن ناحية، يصعب على الهند الاتجاه شرقا خوفا من الاصطدام بالصين، كما يصعب عليها أيضا التوجه شمالا خوفا من الاصطدام بروسيا. وهكذا، تصبح منطقة الخليج العربي هي الفضاء الأيسر نسبيا لطرفي الصراع، إذ تتوافر فيها المقومات والشروط المهمة كمنطقة لنقل الصراع والتنافس إلى الخارج.

وقد بدأت بوادر نقل الصراع إلى منطقة الخليج العربي من خلال محاولة طرفي الصراع توظيف البعد الإسلامي في الصراع، ومن ناحية أخرى حاولت باكستان توسيع نطاق الصراع مع الهند ليشمل العالم الإسلامي بكامله، من خلال الربط بين صراعها مع الهند والصراع العربي الإسرائيلي من خلال إعطاء القنبلة النووية الباكستانية بعدا أو غطاء إسلاميا، ومطالبة الدول العربية والخليجية بدعم برنامجها النووي باعتباره يصب في التحليل الأخير في ميزان القوى العربي والإسلامي. وقد جاء هذا الطلب الباكستاني بشكل مباشر خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف عقب التفجيرات النووية الباكستانية مباشرة لدول الخليج العربية والتي طالب خلالها بتوفير الدعم المالي لمواجهة احتمالات فرض عقوبات اقتصادية على إسلام أباد.

وعلى رغم أن تراجع الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الخليج في إطار الصراع الهندي الباكستاني بدءا من دخول العامل النووي في إدارة الصراع والتي دفعت دول الخليج إلى اتخاذ مواقف أكثر حيادية من الصراع، ثم التحولات الاستراتيجية الأخيرة في أفغانستان وجنوبي آسيا، فإن هذا لم يعنِ افتقاد المنطقة أهميتها الاستراتيجية في هذا المجال، خصوصا بعد دخول الصين كمنافس مهم في المنطقة بعد طرح مشروع منطقة التجارة الحرة مع مجلس التعاون الخليجي.

وتبرز في هذا الإطار، أهمية إيران كحليف مهم للهند لضمان النفوذ الهندي في المنطقة، والتي تعد لاعبا رئيسيا في معادلة التوازن والأمن الإقليمي في الخليج العربي، من ناحية، وكمصدر مهم للطاقة، من ناحية أخري، ولضمان منع الانتشار النووي في المنطقة من ناحية ثالثة.

الانعكاسات الاستراتيجية المحتملة للتحالف الهندي- الإيراني

على رغم الغموض الذي مازال يكتنف هذا المحور، فإن الثابت أنه سيؤدى إلى خلق واقع اقتصادي واستراتيجي جديد في منطقة الخليج العربي وجنوبي آسيا، وإعادة صوغ الكثير من دول المنطقة لأنماط علاقتها الإقليمية وتوجهاتها الخارجية.

الانعكاسات المحتملة

تعد باكستان في مقدمة الدول التي يتوقع تأثرها بهذا التحالف، الذي يمثل إحدى الآليات الإضافية لسياسة الحصار السياسي الهندي ضد باكستان، خاصة بعد التطور المهم في العلاقات الهندية - الصينية، وما تبعه من تبنى الصين سياسة أكثر حيادا تجاه مشكلة كشمير منذ أواخر التسعينات. وتأتى أهمية هذا التحالف أنه يسعى إلى حصار باكستان داخل العالم الإسلامي. وقد أشارت بعض التقارير الصادرة عن Defense Weekly، Defense News عقب توقيع إعلان نيودلهي إلى توقيع البلدين اتفاقا سريا يسمح بموافقة إيران على استخدام الهند للقواعد العسكرية الإيرانية في حال نشوب حرب هندية - باكستانية رابعة.

وعلى رغم تأكيد الطرفين الهندي والإيراني أن تحالفهما لا يستهدف أطراف أخرى، فإنه من الناحية العملية لا تستطيع باكستان تجاهل تلك الاحتمالات، الأمر الذي يفرض على مخططي السياسة الدفاعية الباكستانية إعادة صوغ السياسة الدفاعية الباكستانية على أساس الحرب على جبهتين متزامنتين، الأمر الذي يضيف أعباء اقتصادية باهظة على الاقتصاد الباكستاني. وحتى بافتراض قصر استخدام الهند لتلك القواعد لأغراض التدريب العسكري، فإن نفاذ الهند إلى تلك القواعد يوفر لها ميزة إضافية في مجال الإنذار المبكر.

حال الخليج العربي بعد التحالف الإسرائيلي - الهندي

في أعقاب حرب الخليج الثانية صدرت تقارير كثيرة في الولايات المتحدة من ضمنها تقرير تحليلي مستقل صدر عن لجنة خبراء متخصصة في شئون جنوب وسط آسيا ومنطقة الخليج العربي مفاده أن أربعا من دول مجلس التعاون الخليجي هي: البحرين وقطر والإمارات وسلطنة عُمان مرشحة لطوفان ديمغرافي يشكل نقطة تحول فاصلة؟!

وفي تحليل عبر قناة «الجزيرة» في 29 مايو/ أيار العام 2000 قالت الصين: إن للهند عينا فاحصة تمتد من الأرخبيل الاندونيسي الماليزي شرقا حتى قناة السويس غربا وتحاول الهيمنة على منطقة جنوب وسط آسيا وشبه الجزيرة العربية... ولا سيما منطقة الخليج ذات الفراغ السكاني.

العدد 1794 - السبت 04 أغسطس 2007م الموافق 20 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً