العدد 1885 - السبت 03 نوفمبر 2007م الموافق 22 شوال 1428هـ

أجندة الألفية... يد المعارضة المشلولة

شكّلت قوة جديدة بأيدي الشعوب تسمح لها أن تنظر إلى المستقبل

تستطيع المعارضة البحرينية أن تتمترس/ تتقوّس بما لا يسمح للأفكار الجديدة أن تنطلق، هذا «التقوّس» السياسي المرضي لا يمنع المعارضة من الاستفادة مما هو متاح فقط، بل يمتد تأثيره السلبي ليمنعها من تحقيق مستويات متقدمة من العمل السياسي الذي يدرك حدود ما هو متاح، وما هو اليوم بمثابة الورقة القوية التي لا يمكن أن تحرقها تجاذبات العمل السياسي التقليدي.

قد يبدو الأمر محاولة لتجهيل «المعارضة»، إلا أنه أكثر مما قد يحتويه هذا الاتجاه من الفهم. إن أية قراءة للسياسة الداخلية لا يمكن لأحد أن يفصلها في المجمل عمّا يدور في العالم ويحدث. ومن هنا، لا يبدو الحديث عن يد المعارضة المشلولة حديثا مبالغا فيه، أو طوباويا. فالعقد شريعة المتعاقدين، وحاكمية المواثيق الدولية ليست «مزحة» أو تحولا مزاجيا، بل هي مقررات ثمّةَ من يراقب تحققها، أما موعد المحاسبة فهو قريب. فليس العام 2015 ببعيد.

إن برنامج عمل «أجندة» أهداف الألفية يجب أن يكون مرتبطا بالأجندة السياسية. لذلك، لابد من وضع أهداف وسيطة للحفاظ على قوة دفعٍ على الصعيد الوطني، وضمان مساءلة الحكومات سياسيا عن تنفيذ التزاماتها بمهل زمنية متناسبة مع استمرار الحكومات.

تقرير الأمم المتحدة حول أجندة الألفية

لماذا هذه الأجندة تحديدا؟

لماذا عمدت الأمم المتحدة إلى إنجاز قراءتها الألفية الجديدة بين السادس والثامن من شهر سبتمبر/ أيلول 2000؟ ولماذا ذهبت مجموعة الثماني إلى دعم هذه الإطارات الألفية الجديدة؟ لماذا تمخضت أعمالها بأكبر محفل دولي في تاريخها تحت اسم قمة الألفية؟ 150 من زعماء دول العالم، و86 من زوجاتهم أو أزواجهن كانوا حضور القمة. من الناحية الرسمية أجريت أعمال قمة الألفية في إطار الدورة الخامسة والخمسين للجمعية العامة للأم المتحدة. ولكن الذي حدث خارج الإطار الرسمي تحديدا، هو أن شرعية النزوح نحو الإصلاح السياسي تم تحديثها حتى لا تقتصر على ما كانت عليه، منحصرة في شرعية الحرب التي أثبتت الأيام فشلها. الذي حدث هو أن امتدادا جديدا لمقررات الحكم الصالح قد تم إقراره، وبابا جديدا من الاهتمام بالإنسان العالمي قد بدأ، قد يذعر آخرون إلى اعتبار ذلك صورة من صور الدخول العربي للعالم الثالث خلاف وسيلة الحر التاريخية إلا أن ذلك لا يمنع من جهة أخرى أن نحصر مثل هذه الاتجاهات لدى البقية الباقية في الدول العالم التي مازالت تقمع شعوبها وتتحكم في مصادر الثروة لمصالح فئات محددة، بالاعتماد على أنظمة فاسدة يحفظ بقاءها السلاح لا أكثر.

لقد شكّلت أجندة «الألفية» عبر بنودها الثمانية، ورقة دولية جديدة بأيدي شعوب العالم الثالث، ومثّل توقيع غالبية الدول هذه الأجندة الفرصة الحقيقية أمام إعادة سلسلة أولويات الاهتمامات العالمية، ولم تغفل الأمم المتحدة ضرورة إيجاد جهاز رقابي على الدول في الالتزام بتلك الأجندة، وهو ما تم فعلا. الذي حدث بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 بعد الاعتداء الإرهابي في الولايات المتحدة هو أن بوصلة الألفية تحوّلت نحو الحرب على الإرهاب وأغفلت أجندة الألفية، أما وقد انتهت الحرب على الإرهاب بما وصلت إليه الحال اليوم في العراق فإن عودة جديدة للأجندة قد بدأت فعلا.

وفي حين تنحصر البنود الثمانية في أجندة الألفية في: القضاء على الفقر الشديد والجوع، نشر التعليم الأساسي، تمكين المرأة وتحقيق المساواة الجندرية، تقليل عدد الأموات عند الولادة، تحسين الصحة اثناء الحمل، مكافحة الايدز والامراض الخطيرة، والمحافظة على البيئة. إلا أن هذه البنود الثمانية تتطور وتتفرع لما هو أبعد من ذلك وأكثر أهمية في بعض الآحايين، فليس الحديث عن القضاء على الفقر إلا طريقا للوصول إلى مقررات الحكم الصالح المبني على التشارك السياسي بين أبناء المجتمع كافة، وبما يشمل الكثير من الموضوعات الحقوقية والتنموية خصوصا.

المعارضة البحرينية... والأجندة المُغَيَّبة

لا يزيد حضور مقررات أجندة «الألفية» في خطاب المعارضة على بعض المقالات المتناثرة هنا وهناك، ولاشك في أن حضور أجندة «الألفية» هو محصور في خطاب المعارضة الليبرالية الوطنية، فيما يندر حضورها لدى الخطاب السياسي للجماعات الإسلامية في المعارضة. وقبالة ذلك، يبدو الأداء الحكومي «الانتقائي» لأجندة الألفية. فعلى رغم أن تمكين المرأة سياسيا في البحرين أشبه ما يكون بالدعاية السياسية في مجتمع مريض بالذكورية المفرطة، نجد أن الإعلام الحكومي يجيد الترويج لعملية التمكين السياسي للمرأة في صوب المضي قدما في تحقيق مقررات أجندة الألفية من جهة، والتطور السياسي للتجربة السياسية من جهة أخرى.

الذي تهمله المعارضة، هو أن الحكومة البحرينية ملزمة المضي قدما في تحقيق تطلعات هذه الأجندة، ولابد للمعارضة أن تقوم بتفعيل بنود هذه الأجندة التي ستعتبر قوة ودعامة في خطابها، كما أنها ستضمن بطريقة أو أخرى غطاء دوليا لخطاب المعارضة، وستفوّت على الحكومة التمترس بالتعقيد الحالي في العملية السياسية المهووسة بالطرح والاصطفاف الطائفيين.

خلت الأجندة السياسية للجمعيات السياسية المعارضة إبان فترة الانتخابات من أية إشارة إلى الأجندة الألفية إلا أن ذلك لا يمنع وجود نقاط اتصال مباشرة بين الأجندتين، فالأجندة الألفية ذات التفرعات الثمانية تشمل في تفرعاتها الثانوية الكثير من النقاط التي تركز عليها المعارضة البحرينية، ولاشك في أن استثمار المعارضة لهذا التطابق هو بمثابة التصحيح السريع لمسارات المعارضة في العملية السياسية التي تبدو فاقدة بوصلتها الصحيحة في اتجاه الاستقطابات الطائفية.

التقارير التي أصدرتها هيئة الأمم المتحدة بين 2002 و2005 عن «التنمية العربية الإنسانية»، كان لابد أن تكون ورقة سياسية في انتقاد الحكومة البحرينية التي يشملها التقرير في بعض النواحي، وكان الأجدر بالمعارضة - ولايزال - تفعيل جهاز رقابي على الأداء الحكومي ومدى التزامه مقررات الأجندة الألفية لما سيمثله مثل هذا الجهاز من ورقة ضغط بيد المعارضة قبالة الأداء الحكومي الذي لا يلتزم ما وقّع عليه.

إن الإقرار بعودة الأجندة الألفية إلى سلم الأولويات للسياسة الدولية لا يؤكده فقط خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش في خطابه الرئيسي الذي افتتح به جلسات الدورة الستين للجمعية العامة للأمم المتحدة إذ أعلن أن «هذه اللحظة مواتية تلوح فيها فرصة عظيمة لقضية الحرية. إن القلوب والعقول في جميع أنحاء العالم تنفتح على رسالة الحرية الإنسانية كما لم تنفتح من قبلُ. وفيما تستعيد هذه الشعوب حريتها، فإنها إنما تمثل مصدر إلهام للملايين غيرها في جميع أرجاء الشرق الأوسط الكبير. ويجب علينا أن نشجع طموحاتهم وتطلعاتهم. يجب علينا أن نغذي تقدم الحرية ونتعهده بالرعاية. وعلى الأمم المتحدة دور مهم يجب أن تقوم به». الرئيس الأميركي أكد التزام الولايات المتحدة في كلمته مهماتها ودعمها إقرار وتفعيل أجندة الألفية في تحوّل مهم داخل السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وهو ما لم يلتفت إليه أحد!

الكثير من التقارير الرقابية تم نشرها عن مستويات الالتزام بمقررات الألفية الجديدة، منها تقرير الرصد العالمي للعام 2005 الذي حمل عنوان «الانتقال من مرحلة توافق الآراء إلى مرحلة التحرك» الذي جاء نتاجا لتعاون مشترك بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اعتبر العام 2005 عاما حاسما فيما يتعلق بحشد الجهود والهمم بغية تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة التي اتفق عليها المجتمع الدولي في اجتماع للأمم المتحدة العام 2000.

التقرير أكد أنه «إذا نظرنا إلى ما وراء الإحصاءات المتعلقة بالأهداف الإنمائية للألفية، فسنرى الناس وقد تأثروا فعلا بعدم إحراز تقدم يذكر نحو بلوغ هذه الأهداف». وأبدى التقرير قلقه من مستويات التقدم في موضوعتي «الصحة» و «التعليم». وطالب التقرير البلدان النامية والمتقدمة - على حدٍّ سواء - بوضع هذه الأهداف نصب أعينها وألا تألوا جهدا في السعي إلى الوفاء بها.

وفي سياق هذه التقارير الدولية والإقليمية، لا يجد المتابع من المعارضة البحرينية أي اهتمام بهذه المقررات ومستويات كفاءة العمل الحكومي على تحقيقها، وهو ما يعتبر عجزا واضحا في هذه المؤسسات.

- اتخذت الجمعية العامة في 17 ديسمبر/ كانون الأول 1998 القرار (53/202) الذي قررت بموجبه أن يُعقد - بصفته جزءا لا يتجزأ من جمعية الأمم المتحدة للألفية - مؤتمر قمة الأمم المتحدة للألفية. ويبدأ مؤتمر قمة الألفية أعماله في مقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم الأربعاء 6 سبتمبر/ أيلول 2000 (القرار 53/239).

- في 5 مارس/ آذار 2000، اتخذت الجمعية العامة القرار (54/254) الذي قررت بموجبه أن يعقد مؤتمر القمة في الفترة من 6 إلى 8 سبتمبر 2000 أن يكون موضوعه العام «دور الأمم المتحدة في القرن الحادي والعشرين». وقررت أيضا أن يتألف مؤتمر قمة الألفية من جلسات عامة وأربعة اجتماعات مائدة مستديرة تفاعلية يعقد كل اجتماع تفاعلي منها بالتزامن مع إحدى الجلسات العامة؛ ويتشارك في رئاسة هذا المؤتمر بلد رئيس الدورة الرابعة والخمسين للجمعية العامة (ناميبيا) وبلد رئيس الدورة الخامسة والخمسين للجمعية العامة.

- أقرت الجمعية العامة في 10 مايو/ أيار 2000 الجدول الزمني لمؤتمر القمة، وطرائق وضع قائمة المتكلمين في الجلسات العامة وتنظيم اجتماعات المائدة المستديرة (القرار 54/261).

- في 11 أغسطس/ آب 2000، قررت الجمعية العامة أن يتولى كل من رئيس وزراء جمهورية سنغافورة غوه تشوك تونغ، ورئيس جمهورية بولندا الكسندر كفاسنيوفسكي، ورئيس جمهورية فنزويلا البوليفارية هوغو رافاييل تشافيس فرياس، ورئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عبدالعزيز بوتفليقة، وأحد من اجتماعات المائدة المستديرة (القرار 54/281).

العدد 1885 - السبت 03 نوفمبر 2007م الموافق 22 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً