العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ

أكد أن نشر ثقافة حقوق الإنسان تحتاج لوقت طويل

البحارنة: أمام الحكومة والجمعيات فرصة لتطوير الواقع الحقوقي عبر تنفيذ «التعهدات» 

05 ديسمبر 2008

المنامة - أماني المسقطي

أكد وزير الدولة للشئون الخارجية نزار البحارنة أن أمام الحكومة والجمعيات الحقوقية فرصة لتطوير الواقع الحقوقي من خلال تنفيذ تعهدات والتزامات البحرين في مجال حقوق الإنسان، وذلك عبر ممارسة ممثلي الجمعيات لدورهم الرقابي والاستشاري في اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ تعهدات والتزامات البحرين الحقوقية.

واعتبر البحارنة - في حديث إلى «الوسط» - أن نشر ثقافة حقوق الإنسان في البحرين يحتاج إلى وقت طويل، مشددا على ضرورة بناء القدرات قبل توقيع البحرين على المزيد من الاتفاقيات الدولية أو رفع تحفظاتها عن بعض الاتفاقات، مشيدا في الوقت نفسه بمستوى النضج الذي وصلت إليه عدد من الجمعيات الحقوقية في التفريق بين مفهومي السياسة وحقوق الإنسان.

وفيما يأتي نص المقابلة التي أجرتها «الوسط» مع الوزير البحارنة بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

*هل ستشارك البحرين في احتفالات الأمم المتحدة بشأن الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟

- ستشارك البحرين في احتفالية كبيرة تقيمها الأمم المتحدة في جنيف بهذه المناسبة، ويتوقع أن تصل فيها المشاركات إلى مستوى رؤساء بعض الدول، وسيتم في الحفل افتتاح قاعة أسبانيا. والجيد في الأمر أن الاحتفالية ستكون في جنيف بدلا من نيويورك، ما يؤكد أهميتها بالنسبة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ونتيجة لكون الاحتفالية ستشهد مشاركة من كثير من الدول، فستكون فرصة للتباحث في بعض القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والأمم المتحدة.

*البعض يرى أن الحكومة مقصرة في التعريف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فما رأيك؟‏‏

- يجب ألا يلقى اللوم على الحكومة فقط، لأن الجمعيات والأفراد لهم دور في ذلك، وباعتقادي أن الحكومة خطت خطوات كبيرة للتواصل مع الصحافة والمجتمع المدني لنشر هذه الثقافة والتواصل مع المجتمع في هذا الشأن، ولكن العملية التوعوية عملية شاقة وتستغرق وقتا كبيرا. لذلك نتطلع أن تضطلع هيئة حقوق الإنسان بعد أن يتم إنشاؤها بمثل هذا الدور التوعوي والتواصل مع المواطنين، ولا شك أن كونها تمثل مختلف فئات المجتمع سيكون له دور في خلق اهتمام أكبر بحقوق الإنسان.

صحيح أن الحكومة هي التي يجب أن تبدأ دائما بأية عملية توعوية، ولكن يجب أن يتجاوب المجتمع المدني بصورة أكبر مع الحكومة، كما يجب ألا نغفل دور الإعلام بصورة عامة للقيام بهذا الدور، وعملية نشر ثقافة حقوق الإنسان هي عملية بناء طويلة المدى وتتطلب مجهودات كبيرة حتى يلم بها المواطن والمقيم على حد سواء.

*ألا تعتقد أن البحرين تعتبر متأخرة في نشر ثقافة حقوق الإنسان وخصوصا بعد مرور ستون عاما منذ صدور الإعلان العالمي؟

- العقود التي تلت صدور الإعلان العالمي كانت تشكل بدايات للبحرين على مختلف الأصعدة، مرورا بفترة التسعينيات التي كان فيها زخم كبير، وثم الأعوام القليلة الماضية التي حدث فيها تطور على مختلف الأصعدة، وتقنية الاتصالات جعلت المجال أوسع للتواصل والمعرفة في هذا المجال.

صحيح أننا يجب أن نربط أنفسنا مع العالم كوننا جزء من الأمم المتحدة، ولكننا يجب أن نأخذ بالاعتبار وضعنا وواقعنا، الذي تشوبه الكثير من المعوقات، وأعود لأؤكد أن العملية التوعوية لا تعتمد على جهة واحدة... قد تصرف الحكومة ملايين الدنانير لتثقيف المواطنين بحقوق الإنسان، ولكن يبقى في نهاية الأمر أن العملية مجتمعية وليست عملية ملقن ومتلق.

كما أن حقوق الإنسان ليست قضية قانون وإنما امتصاص للواقع ككل، الغرض منها أن يكون الفرد جزءا من تطوير واقع حقوق الإنسان.

أعتقد أننا مازلنا بحاجة إلى تواصل مع المجتمع المدني في بعض القضايا الحقوقية، ويجب ألا يكون هناك تحسس من ذلك من أي طرف.

*هل من الممكن أن تسهم قاعدة البيانات الحقوقية التي تم تدشينها أخيرا في مثل هذا الدور التوعوي؟

- نعم، من ضمن المبادرات التي نقوم بها في هذا الإطار هي وضع قاعدة البيانات، والتي تصب في عملية تطوير حقوق الإنسان بصورة شاملة، وتؤسس على واقع جديد يستطيع أن يحرك الواقع من جيد إلى أحسن، وعلى قدر التفاعل الإيجابي من قبل المجتمع سيكون هناك تطور. قد تكون قاعدة البيانات أقل من المتوقع، ولكن المهم هو أن نبدأ بالعمل عبر بناء هذا الهيكل ومن ثم تطوير العملية.

*جهات حكومية وأخرى محسوبة على الحكومة اتهمت في أكثر من مرة بعض ممارسي حقوق الإنسان بأنهم يخلطون في ممارساتهم بين المفهوم السياسي والحقوقي، وهو الاتهام الذي يرفضه الحقوقيون، فما تعليقك على ذلك؟

- سبب الخلط بين المفهوم الحقوقي والسياسي يعود إلى النظر للأمور من منظار الوقائع، فأي واقعة تحدث يمكن أن توضع في إطار معين.

فجمعيات الرصد على سبيل المثال، ترصد كل الحوادث من دون النظر إلى جميع جوانب الحادث من كل أطرافه، وهذا الحديث لا ينطبق على جميع الجمعيات الحقوقية.

ولكنني يجب أن أشير إلى أننا لقينا تجاوبا لا بأس به من قبل لجان حقوق الإنسان التابعة للجمعيات السياسية، وآخرها في مؤتمر المراجعة الدورية الشاملة، ولم يكن الجانب السياسي يطغى على الحقوقي، ومن الواضح أن هناك نضجا في هذا الجانب، وأعتقد أن البحرين تمتاز بكونها مرت بتجارب عدة جعلتها قادرة على غربلة الجوانب السياسية عن الحقوقية وعدم الخلط بين كلا المفهومين.

*هل تعتقد أن عضوية الجمعيات الحقوقية في اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ التزامات وتعهدات البحرين في مجال حقوق الإنسان فرصة لتقريب وجهات النظر بين الحكومة وهذه الجمعيات؟

- أعتقد أن اللجنة كانت نتاجا لهذا التقارب في وجهات النظر الذي بدأ أثناء إعداد التقرير الوطني الأول لحقوق الإنسان ضمن آليات المراجعة الدورية الشاملة. وحين عرضنا تقريرنا كحكومة والجمعيات ناقشت تقريرها هي الأخرى كانت فرصة لتداول الكثير من الأمور.

وحين تحدثنا عن التزامات وتعهدات البحرين في مجال حقوق الإنسان، تم اعتبارها من قبل الجمعيات بأنها فوق سقف قدرة الحكومة على تنفيذها، وطلبنا منهم المشاركة في تطبيقها حتى يتأكدوا من أن التعهدات ستتحول بدعمهم إلى حقيقة.

ولا شك أن خطة العمل التي وضعناها وجديتها هي التي تقرب بيننا، فنحن نريد من هذه الجمعيات التعبير عن الجانب الآخر، حتى نتمكن من تطوير الواقع، وأعتقد أننا والجمعيات أمام فرصة كبيرة لتطوير الواقع الحقوقي من خلال تنفيذ هذه التعهدات.

ويجب الإشادة ببعض الجمعيات التي حاولت النظر بصورة أوسع من الوقائع، وبالتالي ساهمت مساهمة كبيرة في تعزيز هذا التعاون، وهذه فرصة للعمل معا يدا بيد بغرض تطوير مفهوم حقوق الإنسان.

وحين يتم تعيين مدير لبرنامج تنفيذ التعهدات، فإن ذلك سيعطي دورا أكبر للحكومة في التفاعل مع الجمعيات.

وصحيح أننا نجتمع كلجنة اجتماع واحد في كل شهر، ولكننا نرى في ممثلي الجمعيات أنهم عبارة عن خبرات تستوجب الاستعانة بهم، والمشاركة بآرائهم لتطوير الواقع الموجود، وطرح أفكار ربما تكون خلاقة حتى تساعد في عملية هذا التطوير.

*البعض مازال يشكك بأن الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان سترى النور؟

- نتوقع أن يتم الإعلان عن الهيئة قبل نهاية العام...

*هل هناك توجه لدى الحكومة للتوقيع على أي من الاتفاقات التي لم توقع عليها بعد؟

- يجب أن نبني النظام المؤسسي في البحرين أولا ومن ثم نبني عليه أية أمور أخرى، فما الفائدة من توقيع الاتفاق إذا كنا نفتقر إلى بناء القدرات والأنظمة؟

لذلك يجب أن يُنظر إلى بناء القدرات والأنظمة والقوانين ومن ثم الارتقاء.

*هل تتجه الحكومة لرفع تحفظاتها عن أي من الاتفاقات التي انضمت أو صادقت عليها، وخصوصا أن البعض يرى في رفع هذه التحفظات أساسا لتقدم أوضاع حقوق الإنسان في البحرين؟

- هذا الأمر قد يستغرق وقت طويل، ونحن لا نريد توقيع اتفاقات من دون تطبيقها، لذلك نحن نهدف إلى التدرج في ذلك، باعتبار أن القضية لا تقتصر فقط التوقيع على الاتفاق، وإنما أعود لأؤكد على دور بناء القدرات في ذلك، وهو الأمر الذي يستغرق وقت طويل.

ونحن على سبيل المثال طلبنا من جمعية مناهضة التعذيب (APT) أن تساعدنا في بناء القدرات حين طلبت منا رفع تحفظنا عن البروتوكول الاختياري في اتفاق مناهضة التعذيب.

*وهل هناك توجه لدى الحكومة لرفع تحفظها عن البروتوكول الاختياري في اتفاق مناهضة التعذيب؟

- لو قارنا البحرين بدول أخرى لوجدنا أننا أفضل منها، إذ إننا نسير في خطى يمكن تطويرها حتى أفضل من الدول التي لم توقع أو تحفظت على بعض الاتفاقات.

وبالنسبة لنا في البحرين فأعتقد أن سحب التحفظ عن المادة 20 من اتفاق التعذيب يعتبر تطورا جيدا، ولكن من المبكر الحديث عن رفع التحفظ عن البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاق.

*ما هي الخطوات التي قامت بها الحكومة حتى الآن لتطبيق تعهدات البحرين الحقوقية؟

- قمنا بعدة خطوات ومن بينها عقد ورشة تعريفية بمبادئ باريس، ومؤتمر المراجعة الدورية الشاملة الذي عقد على مدى يومين قبل أسبوعين، وإنشاء قاعدة البيانات الحقوقية، وبناء القدرات بحسب المخرجات، إضافة إلى أمور أخرى قد يستغرق تطبيقها عامين أو أربعة أعوام.

كما أن تنفيذ جميع التعهدات عملا ليس سهلا وإنما يحتاج إلى جهد، والجيد في الأمر أن هناك تجاوب في تنفيذها من قبل أعضاء اللجنة الوطنية لتنفيذ التعهدات، وسيتضح دورهم قريبا كلجنة.

*بعض أعضاء اللجنة يرون أن اللجنة «شكلية» وليس لها الدور الذي كان من المتوقع أن تقوم به...

-اللجنة استشارية ورقابية، وهي ليست لجنة شكلية، ودورها متابعة تنفيذ تعهدات والتزامات البحرين في مجال حقوق الإنسان من خلال خطة عمل مكتوبة نحاول أن نفي بها، وهذا يعني أنه ليس هناك اختراع جديد ستقوم به اللجنة، كما أنها ليست مجالا للنقاش في أمور خارجة عن هذا الإطار.

إذا فاللجنة تمارس دورها الرقابي للتأكد من أن المشروع سيتم في الوقت المحدد والموازنة والمخرجات المطلوبة، إضافة إلى ممارسة دورها الاستشاري، وذلك عبر تحديد الجهات وآليات تنفيذ خطة العمل، ناهيك عن الاستفادة من الخبرات الموجودة في اللجنة

العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً