العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ

خطوات مشرقة في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي وصور مؤلمة في الجوانب السياسية والأمنية

في ندوة واقع حقوق الإنسان في البحرين

أشار نشطاء حقوقيون إلى تراجع البحرين في مجال حقوق الإنسان وقالوا: «أن هناك تراجعا في الأمور المتعلقة بالحريات العامة، وبالخصوص في مجال حرية التعبير من خلال ازدياد عدد القضايا المرفوعة على الصحافيين في المحاكم، بالإضافة إلى تضييق الخناق على الجمعيات السياسية في مسائل تتعلق بمشاركاتها في الخارج».

وأضافوا: «إن ذلك يعطي إحساسا بأن هناك جماعات ضغط في الحكومة تدفع نحو هذا الاتجاه وتحاول أن تحد من نشاط هذه الجمعيات، وإذا ما تطورت الأمور فإن معنى ذلك أن الحريات تسير نحو التدهور وليس نحو التطور».

وقال كل من رئيس الجمعية البحرينية للحريات العامة محمد الأنصاري ونائب رئيس جمعية المحامين البحرينية و عضو جمعية حقوق الإنسان البحرينية حميد الملا، خلال ندوة «الوسط» بشأن واقع حرية الإنسان في البحرين: «أن هناك قوى كثيرة في المجتمع البحريني بدأت تبرز وبدأت تبرز معها الطائفية والتمييز والدفع باتجاه العنف، وهذه القوى بدأت تهيمن على عقول الناس ومعتقداتهم ولذلك نلاحظ ارتفاع الأصوات الداعية إلى الطائفية والمذهبية». وأكدوا على أن الدولة لعبت دورا رئيسيا ومؤثرا فيما يتعلق بالتمييز بين المواطنين على أسس مذهبية، وقالوا: «إن هذا التمييز هو نتاج سياسة ولم يأتِ اعتباطا، فالدولة مازالت تحاول أن تلعب على الكثير من الأمور التي تمكنها من أن تظل مسيطرة ومهيمنة على المجتمع ومن ضمن هذه المسائل ملف التمييز». وأضافوا: «أن تصريح وزير الداخلية عن مشاركة النشطاء الحقوقيين والسياسيين في مؤتمرات في الخارج ينم عن ضيق صدر السلطة من الحوار مع المعارضة إذ وصل الأمر إلى التهديد بمقاضاة النشطاء بالمادة 134 من قانون العقوبات وهذه المواد تحمل نفسا مما تبقى من قانون أمن الدولة وبالتالي فإن محاولة إحياء هذه المواد في ظل مشروع جلالة الملك تعتبر ظاهرة «نكوصية» من جانب التضييق على الحريات». وفيما يلي نص الندوة:

*ونحن نحتفل هذه الأيام بالذكرى العاشرة للإعلان العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان، وبالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما هو واقع حقوق الإنسان في البحرين ؟

- حميد الملا: إن تقييم واقع حقوق الإنسان في البحرين يحتاج إلى الكثير من الدقة، ومعرفة مقدار ما توصلنا إليه من انجاز منذ المشروع الإصلاحي في العام 2001 وحتى الآن، في تصوري أن هناك تراجعا نوعا ما، فهناك تراجع في الأمور المتعلقة بالحريات العامة، وبالخصوص في مجال حرية التعبير والذي بالرغم من أن ذلك يحكمه قانون إلا أن ما نلاحظه هو ازدياد عدد القضايا المرفوعة على الصحافيين في المحاكم، الأمر الآخر هو ما بدر حديثا من مسألة تضييق الخناق على الجمعيات السياسية في مسائل تتعلق بمشاركاتها في الخارج وذلك ما يعطي إحساسا بأن هناك جماعات ضغط في الحكومة تدفع بهذا الاتجاه وتحاول أن تحد من نشاط هذه الجمعيات، وإذا ما تطورت الأمور في هذا الاتجاه فمعنى ذلك أن الحريات تسير نحو التدهور وليس نحو التطور.

الجانب الآخر هو ما حصل لجمعية المحامين في الآونة الأخيرة من خلال التعدي على صلاحيات الجمعية وأخذ إحدى الزميلات إلى مؤتمر دولي لتمثيل الجمعية دون الرجوع إلى الجمعية، هذا في تصوري ظاهرة لم تكن موجودة حتى في فترة قانون أمن الدولة، مما أدى إلى أن تتخذ جمعية المحامين مجموعة من الإجراءات منها نشر بيان تستنكر فيه هذا التعدي عليها.

الحريات لا تجزأ وبالتالي فأي اعتداء على أي حرية في أي جانب يعتبر اعتداء على الحريات العامة بمجملها، الجانب الآخر متعلقة بسكن الإنسان وصحته وراحته وهذه أجزاء مكملة لمبادئ أساسية تطرق لها الدستور أولا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإذا ما وجد الفقر والبطالة وتخلفت الصحة والمشاريع الإسكانية الموجهة للمواطنين فمعنى ذلك أن هناك تراجعا في مجال حقوق الإنسان للأسف.

- محمد الأنصاري: هناك محاور أربعة لقضية حقوق الإنسان دائما ما يشار إليها ويجب أن تقاس هذه المحاور بتفصيلاتها، فلا يمكن أخذ هذه المحاور بصورة عامة بسبب أن المحاور مختلفة وهناك تراجع في بعض هذه المحاور وتطور في أخرى، المحاور الأربعة هي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية، فإن أخذنا المستويين السياسي والأمني نلاحظ أن هناك تراجعا، فبالرغم من أن الوضع السياسي أفضل حالا منه قبل عشر أو عشرين سنة ماضية ولكن كانت الآمال ما قبل العام 2002 أكبر بكثير والطموحات أكبر بكثير، هناك الآن نوع من التقييد، أيضا في الجانب الأمني نلاحظ أن هناك رجوعا في هذا الجانب من خلال حدوث بعض الصدامات في الشارع، ولكن من ناحية أخرى إن قارنا المستوى الحقوقي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي نلاحظ أن هناك تطورا، فعلى المستوى الاقتصادي هناك تحسن في مستوى مدخول الفرد وانخفاض معدلات البطالة والوضع الاقتصادي يتجه للأفضل بالرغم من الظروف الحالية والأزمة المالية العالمية، فهناك الكثير من المشاريع الجديدة في البلد والكثير من المؤسسات الاقتصادية التي تستهدف البحرين كمركز لمزاولة أنشطتها، كما ينسحب ذلك على المستوى الاجتماعي فالدولة أعطت المزيد من الاهتمام في هذا الجانب وخصوصا في جانب زيادة المساعدات الاجتماعية وتخصيص مبالغ وموازنات لبدل الغلاء ووجود مراكز اجتماعية لاحتضان المتعرضين للعنف الأسري وأيضا مراكز للمتسولين والمشردين، و هناك تحسن في وضع السجون، كل ذلك قضايا اجتماعية يمكن قياس ما قدمته الدولة من خلالها، ولذلك يمكن القول أن هناك جوانب مشرقة يمكن الإشادة بها في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي أما من الناحية السياسية والأمنية فإنها مازالت تلقي بظلالها وتعكس صورة مؤلمة في الواقع.

أعتقد أن المجتمع يقيس الظروف السياسية والأمنية كمجس رئيس لوضع الحريات في البلد وأعتقد إن كان ذلك صحيحا فيمكن القول أن هناك تراجعا في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان في البحرين.

الواقع والمبالغة

*تشير بعض البيانات الصادرة عن منظمات حقوقية في البحرين إلى دخول البحرين مرحلة قمعية جديدة من ملاحقات أمنية شبيهة بفترة تدابير قانون أمن الدولة السيئة الصيت ألا يوجد مبالغة في ذلك؟

- الملا: هناك بعض المؤسسات التي يمكن أن تكون لديها مصلحة في إصدار مثل هذه البيانات والتي تحتوي على نوع من المبالغة، إذا أخذنا الأمور بشكل متوازن فلا يمكن لنا أن نتجاهل وجود تراجعا في الحريات العامة فهناك حودث فردية حصلت كما أن هناك حديثا عن عودة التعذيب في السجون ولكن كمنظومة متكاملة لعمل تراجعي مستمر لا أعتقد ذلك.

*ولكن البعض يقول أن هناك مؤشرات على ذلك مثل تحويل بعض المحاكمات السياسية من محاكمات علنية لمحاكمات سرية وذلك ما يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟

- الملا: من الطبيعي أن تحدث ذلك لبعض القضايا، إذ إن للمحكمة إن ارتأت في جلسة من الجلسات أن تتحول إلى سرية فيجوز لها ذلك قانونا ولكن الأساس هو علنية المحكمة، كسياسة رسمية واتجاه عام باتجاه نكوصي لا أجده بشكل واضح، هناك حوادث فردية تحدث، هناك تعذيب في السجون بدليل أن لجنة من الأطباء أثبتت من خلال تقريرها أن هناك تعدي وتعذيب بعض المساجين المتهمين بقضايا سياسية.

- الأنصاري: إن التراجع لا يقاس فقط من خلال أن هناك تراجعا في حقوق الإنسان على مستوى تصرفات الدولة فالعملية متبادلة، هل الدولة تراجعت وهل القوى السياسية الأخرى تراجعت أم لا ؟ ففي فترة من الفترات قد تقوم الجمعيات بانتهاكات لحقوق الإنسان، ولنأخذ مثلا العراق، فإن القوات الأميركية تنتهك حقوق الإنسان هناك ولكن هناك أيضا مجموعات سياسية تنتهك حقوق الإنسان أيضا عبر التفجيرات والقمع والإرهاب الذي تمارسه، ولذلك يجب دراسة هذه القضية هل هناك تراجع في حقوق الإنسان من قبل الحكومة وهل هناك ممارسات من قبل الشارع تنتهك فيها حقوق الإنسان، هناك قوى كثيرة في المجتمع البحريني بدأت تبرز وبدأت تبرز معها الطائفية والتمييز والدفع باتجاه العنف وهذه القوى بدأت تهيمن على عقول الناس ومعتقدات الناس ولذلك نلاحظ ارتفاع الأصوات الداعية إلى الطائفية والمذهبية وبالرغم من أن هذه الأصوات أصوات نشاز ولكنها تسيطر على الشارع، نلاحظ أن المنابر قد ازدادت فيها الانتهاكات لحقوق الإنسان على عكس ما كان في السابق، فإن كنا نلوم الدولة على أنها تمارس استنفار أمني في الشارع فمن ناحية أخرى هناك أطراف أخرى في المجتمع تزيد من انتهاكاتها لحقوق الإنسان وهذه الانتهاكات لا تقل عن انتهاك الدولة.

مما لا شك فيه أن ظاهرة النزول إلى الشارع قد اختفت في فترة من الفترات أي خلال العام 2002 و 2003 وكان الشارع هادئ وكانت الحوارات السياسية تدور في المجالس والمنتديات ولكن رجوع العمل السري من جهة والعمل في الشارع من جهة أخرى إلى السطح فذلك يعني وجود أزمة في حقوق الإنسان، أزمة أبطالها أطراف مختلفة ليست الحكومة فقط هي بطلة أزمة حقوق الإنسان في البحرين وإنما هناك أبطال آخرين بعضهم ينادي بحقوق الإنسان وهو أكبر منتهك لهذه الحقوق، ويمكن أن نقول إن الأزمة الطائفية لأول مرة في تاريخ البحرين بدأت في العام 2002 مع تشكيل المجلس النيابي الأول، فرسميا أول نبض طائفي رسمي في البلد كان في ذلك العام من خلال مجلس النواب.

مسئولية الدولة أوالشارع

*هل تعني أن الأزمة الطائفية في البحرين هي نتاج الشارع؟

- الأنصاري: إن الأزمة خُلقت بشكل متبادل، جزء منها بسبب الحكومة ولكن ليست هي المسئولة الوحيدة فالشارع أيضا خلق هذا النبض وانتهك حقوق الإنسان، فعندما نسمع أحد شيوخ الدين يطعن في الطائفة الأخرى من على المنبر فذلك لا يمكن إرجاعه إلى الحكومة.

*ولكن أليست الطائفية هي نتيجة التمييز الذي تمارسه الحكومة على فئة معينة من المواطنين؟

- الأنصاري: إن الدولة هي كيان سياسي وأي كيان سياسي يسعى لكي يسيطر وتكون له القوة والهيمنة في المجتمع، ومع أنه لا بد أن تستخدم الدولة الوسائل الصحيحة والنظيفة لذلك، ولكن هذا يحدث فقط في الحالة الإفلاطونية، ولو نظرنا إلى أي دولة أو أي حزب فإنه يحاول أن يكسب أنصارا و يقوي أنصاره ويضعف الطرف الآخر، في مجتمع كمجتمع البحرين قريب إلى مجتمع القبيلة أو القرية الذي إذا تضرر فيه أحد قام الباقي لمناصرته، هذه العقلية السائدة الآن وحتى ولو حاولنا أن ننكر ذلك فإن ذلك واقع، نعم الدولة مارست التمييز، ولكن التمييز ضد من؟ أنا لا أعتقد أنها مارست التمييز ضد طائفة معينة بقدر ما هو تمييز ضد من هو ليس معها، وبسبب ظروف المنطقة التاريخية وبعد الثورة الإيرانية فإن فئة معينة من المجتمع البحريني اتجهت إلى التقارب بشكل أكبر وتكوين علاقات بشكل أوثق مع إيران وأصبحت هذه الفئة في مواجهة الدولة ولذلك أصبحت هذه الفئة مستهدفة.

*ما الذي تعنيه تكوين علاقات أقرب مع إيران هل تعني أنهم كانوا يتبعون إيران؟

- الأنصاري: الآن وفي هذه الفترة فإني أجزم أنه لا توجد فئة تابعة لإيران أو أي مكان آخر، فالآن القوة السياسية بدأت تتشكل بشكل جديد وتستقل، كما أصبحت إيران تثقل على هذه القوى وهذه القوى تثقل على إيران...

*معنى ذلك أنه في مرحلة سابقة كانت هذه القوى تابعة لإيران؟

- الأنصاري: في مرحلة سابقة أي في مرحلة الستينيات كان هناك من لا يتحرك إلا بالرجوع إلى حزبه في العراق أو سورية أو في مصر في السبعينيات كانت هناك امتدادات أخرى وكان لليسار علاقات مع دول أخرى وأحزاب وقيادات مركزية وأيضا في الثمانينيات هناك من كانت له علاقة بحزب الدعوة في العراق وكان ذلك امتدادا رسميا لهذه الحركة في البحرين ومن كان له علاقة بحزب العمل، فهذه حركات كانت لها مسميات رسمية وامتدادات رسمية لا يمكن أن ننكرها، ولكن الظروف الآن تغيرت وتغيرت معها هذه التركيبات بحيث أصبحت التركيبات وطنية بحتة.

بشكل عام أعتقد أن معظم حكومات الخليج والبحرين بشكل خاص تمارس التمييز ولكني لا أعتقد أن هذا التمييز ضد طائفة معينة بقدر ما هو ضد المعارضين.

- الملا: يمكن أن أختلف مع ما طرحه الأخ محمد في توصيفه للحالة التي وصلنا إليها، فتاريخيا نجد أن الدولة لعبت دورا رئيسيا كبيرا ومؤثرا فيما يتعلق بالتمييز الذي هو الآن نحن بصدده فهو نتاج سياسة ولم يأتِ اعتباطا، فالدولة مازالت تحاول أن تلعب على الكثير من الأمور التي تمكنها من أن تظل مسيطرة ومهيمنة على المجتمع ومن ضمن هذه المسائل ملف التمييز، إن التمييز موجود ومازال يمارس ومازالت أركانه معروفة وهو معشش في أوصال الدولة، يمكن أن يكون ما ذكره الأخ محمد عن تاريخ الأحزاب في البحرين صحيحا ولكن يجب على الدولة أن تكون انعكاسا طبيعيا للمجتمع وقوى وحياة المجتمع واستقراره وليس جهة مؤثرة في اتجاه معاضدة طرف ضد طرف آخر أو طائفة ضد طائفة أخرى، الإشكال أن الدولة أخذت منحى يلعب على هذه التوترات الموجودة والتي يمكن أن يكون أساسها طبقي والجزء الآخر هو امتداد للآن تكون رؤوس الدولة من هذه الطائفة أو تلك، هذه المسألة التي يجب أن نناقشها بشكل موضوعي، الدولة هي اللاعب الأكبر وهي التي تمتلك السلطة والمال وهي الجهة التي بإمكانها أن تخفف هذه الاحتقانات إذا كانت موجودة وليس العكس.

التمييز الطائفي

* أعتقد أن مسألة التمييز المختلف عليها هي المفصل في ما نواجهه من احتقان ولذلك يجب مناقشته بكل شفافية وموضوعية، إن ما تقوله من أن الدولة لا تمارس التمييز ضد فئة أو طائفة معينة في المجتمع وإنما تمارسه ضد معارضيها؟

- الأنصاري: إن دليلي في ذلك هو أن الدولة التي تحكم اليوم هي من كانت تحكم في الستينيات والسبعينيات وكان في ذلك الوقت مشكلة الدولة مع اليسار ولذلك كان معظم اليساريين في السجن أو المنفى وكان المقربين في ذلك الوقت من الحكومة الدينيين سواء كانوا من الشيعة أو السنة فالدولة كانت تقمع من يعارضها فمثلا كان في المنفى عبدالرحمن النعيمي وأحمد الشملان و عبد الله البنعلي وهذه أسماء تتبع الطائفة السنية.

- الملا: إن قمع المعارضة شيء والتمييز شيئ آخر نحن نتحدث عن التمييز في عدة مجالات سواء كان في العمل أو في الرزق.

*بالضبط هذا ما أردت الوصول إليه، هناك أرقام قد طرحتها دراسة لإحدى الجمعيات الحقوقية والتي ذكرت: « في حين أن أبناء الطائفة الشيعيةَ يُشكلون حوالي ثلثي السكان، إلا إنهم يتولون 13 في المئة فقط من الوظائف العليا، وأغلب تلك الوظائف تتمركز في المؤسسات الخدمية أو المؤسسات غير السيادية. وفي الكثيرَ من الوزارات والمؤسسات الحكومية يُشكل المواطنون الشيعة ما نسبته صفر في المئة من الوظائف العليا، ومن تلك المؤسسات وزارة الدفاع والحرس الوطني ووزارة الداخلية ووزارة شئون مجلس الوزراء وغيرها من المؤسسات الرسمية. كما لوحظَ أن أبناء الطائفةَ الشيعية يشكلون 5 في المئة فقط من السلك القضائي، و16 في المئة من السلك الدبلوماسي، و7 في المئة بوزارة المواصلات و18 في المئة بالمحكمة الدستورية و10 في المئة بوزارة المالية و6 في المئة بوزارة الإعلام» فكيف يمكن الرد على هذه الدراسة؟

- الملا: إنني لا أحب ذكر الإحصاءات التي تركز جانب «الطأفنة»، فمن وجهة نظري يجب التركيز على مسألة الكفاءة فليس لدي أي مشكلة في أن يكون جميع الوزراء من الطائفة السنية إن كانوا أكفاء.

*وهل معنى ذلك أن الطائفة الشيعية تفتقد إلى الكفاءة؟

- الملا: أنا لم أقل ذلك، ولكنني أقول إنه لا يجب التركيز على مسألة الإحصائيات في تحديد كم حصلت الطائفة الشيعية في هذه الوزارة أو كم حصلت الطائفة السنية في الوزارة الأخرى وإنما يجب الحديث عن الكفاءات الموجودة وهل من هم في المناصب العليا أكفاء أم لا هذا هو السؤال الأهم وليس الأرقام والتي قد تقود إلى المحاصصة الطائفة كما طرح البعض.

*ولكن في النهاية ألا تعطي هذه الأرقام مؤشرا عن وجود تمييز واضح ضد طائفة معينة؟

- الملا: صحيح هي تعطي مؤشرا عن ذلك، وكما قلت سابقا إن هذه هي سياسة الدولة والدولة مسئولة عنها وإلا كيف أبرر أنه لا يوجد في المراكز العليا في وزارة الداخلية أو الدفاع أو غيرها من الوزارات من الطائفة الشيعية، ولكنني أرى أن لغة الأرقام هذه التي توصلنا في النهاية كم شيعي أو كم سني في هذه الوزارة أو تلك ذلك ما لا أتفق معه، ومع ذلك فإن هذه الدراسة تبين أن هناك من له مصلحة في «طأفنة» المجتمع.

- الأنصاري: أعتقد أن هذه الأرقام تقرع جرس الإنذار، فبقدر ما نريد أن نثبت من خلال هذه الأرقام أن البلد يعاني من التمييز الطائفي بقدر ما يحذر من خطر أن هذا التمييز إلى أين يقودنا، هناك مثالان في المنطقة العربية هما لبنان والعراق وجميع المؤشرات تدل على أننا في حالة استمرارنا في هذا الوضع فإما سنخلق عراقا أو لبنانا جديدا وذلك مؤسف جدا.

مشاركة النشطاء في الخارج

*هدد وزير الداخلية، الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة، من خلال تصريح صحافي النشطاء البحرينيين بالمقاضاة جراء مقابلات بالخارج «بغرض بحث الأوضاع والشئون الداخلية لمملكة البحرين» بالمخالفة للقانون مقتبسا نص المادة 134 من قانون العقوبات البحريني. كما أثارت مشاركة عدد من النواب والنشطاء الحقوقيين في بعض الفعاليات الخارجية التي استعرضت تجربة البحرين في مجال التمييز وحقوق الإنسان موجة من الاستنكار من قبل البعض، ما هو موقفكم من ذلك وكيف تردون على استنكار عرض مشاكل البحرين في الخارج ؟

- الأنصاري: أعتقد أن لوزير الداخلية الحق بأن يقاضي أي مواطن كما للمواطن الحق في مقاضاة وزير الداخلية، ولكن النقطة الرئيسية هنا هي ماذا سيكون رد القضاء وهل يستند وزير الداخلية لقانون أم أنه يستند إلى تفسيرات معينة للقانون، هناك العديد من القوانين التي يمكن أن تفسر بأوجه مختلفة، يمكن أن تشدد أو أن تضيق.

ولكن بشكل عام ليس جيدا أن يخرج وزير ويهدد برفع قضايا على النشطاء السياسيين، نحن نعرف أن الخلاف هو سياسي في الأصل ومن الأجدى أن تحل بطرق أخرى تعرفها الدولة كما تعرفها المعارضة، أما التصعيد سواء من خلال الذهاب للولايات المتحدة ومقابلة ذلك بالتهديد بالمقاضاة فإن ذلك غير مجدي.

*ولكنك كناشط حقوقي هل ترى أن طرح مسألة حقوق الإنسان في البحرين من خلال المنظمات الدولية مسألة خاطئة؟

- الأنصاري: يجب ألا نخرج إلى الخارج ولكن إذا وضعتني في صندوق وأقفلت الباب علي لا تلمني إن خرجت للخارج.

*ولكن ما يقال أن هناك مؤسسات داخلية يمكن من خلالها طرح جميع الأمور على طاولة البحث فهناك الجمعيات السياسية وهناك البرلمان ومجلس الشورى؟

- الأنصاري: إنني لست مؤيدا لمناقشة مسائلنا في الخارج فيمكن مناقشة جميع الأمور هنا في البحرين ولكن يجب أيضا ألا نأخذ الأمور بحساسية فليذهب من يشاء إلى الخارج ويقول ما لديه، إن كان الموضوع مجرد حديث و إبداء الرأي فليذهب من يشاء حتى إلى المريخ ويعبر عن رأيه وموقفه واحتجاجه طالما كان ذلك في حدود الأدب والسلم والمحافظة على احترامنا للآخر، المشكلة هي ألا نعطي حرية التعبير للآخرين وبذلك ندفعهم للتعبير عن ذلك من خلال خلق الفوضى في الشارع.

- الملا: للأسف إن تصريح وزير الداخلية ينم عن ضيق صدر السلطة من الحوار مع المعارضة إذ وصل الأمر إلى التهديد بمقاضاة النشطاء بالمادة 134 من قانون العقوبات وهذه المواد تحمل نفسا مما تبقى من قانون أمن الدولة وبالتالي محاولة إحياء هذه المواد في ظل مشروع جلالة الملك تعتبر ظاهرة «نكوصية» من جانب التضييق على الحريات وذلك ما قلناه في بداية المنتدى إذ إن على وزير الداخلية أن يقبل النقد بصدر رحب وأن يفهم أن العالم الآن أصبح قرية صغيرة وبالتالي لا يمكن سد المنافذ سواء في الداخل أو الخارج.

إن مسألة اللجوء للخارج للاستقواء على الدولة ليست صحيحة ولكن إن كان هناك مؤتمر دولي وشارك فيه البعض وأبدى رأيه فما هي المشكلة، يجب أن يتسع صدر الدولة كما يجب أن يتسع صدر المعارضة للنقد والنقد الذاتي من خلال إمكانية الجلوس في محاورة صريحة للوصول إلى الحلول، للأسف أن الدولة هي تصد هذه المحاولات والدليل على ذلك عدم مشاركتها في الندوات والمؤتمرات التي تنظمها المعارضة أو مؤسسات المجتمع المدني ويطلب مشاركة الدولة فيها. إن اللجوء للخارج كان نتيجة عدم وجود حوار صريح بين الدولة والمعارضة ومؤسسات المجتمع المدني.

تخوين المواطنين

*يواجه عدد من النشطاء والبرلمانيين سيلا من الترهيب والاستفزاز من خلال المقالات الصحافية و التصريحات التي تنعتهم بـ»خونة البحرين»، واعتبار أنشطتهم في مجال حقوق الإنسان على أنها دعوة للأجانب للتدخل في الشئون المحلية. فما هو موقفكم من ذلك؟

- الأنصاري: الخائن هو من يتهم الناس بالخيانة، فأبناء الوطن الواحد يختلفون في آرائهم ولذلك يجب أن تحترم جميع الآراء وأن نتعايش بشكل جيد وأن يطرح الجميع ما لديه من آراء بحرية، يجب أن نتجاوز مرحلة اتهام الآخرين لأننا بحاجة للتقرب منهم.

*لماذا هناك تعدد للجمعيات والمنظمات المهتمة بحقوق الإنسان في البحرين، الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، وجمعية الحريات العامة ودعم الديمقراطية ومركز البحرين لحقوق الإنسان؟ وهل ترون شيئا صحيا في ذلك أم أنه يبعثر الجهود؟

- الملا: أرى أن تعدد الجمعيات شيء طبيعي في ظل حالة الانفتاح كما أتصور إن ذلك أفضل من حيث إنه يعزز مجال كل جمعية في تقديم الأفضل من خلال البرامج، فليبرز الأفضل وينتهي الغير قادر على الحراك الطبيعي، لو كانت جمعية واحدة في البحرين تعتني بحقوق الإنسان لكان ذلك مأساة.

نحن نتحدث عن حالة الإقصاء لدى الدولة ولكن للأسف الشديد فإن هذه الحالة موجودة لدينا في الجمعيات الحقوقية فهناك من يقصي الآخر ويخونه أيضا لأنه لا يؤمن بنفس الفكرة، إن وجود أكثر من مؤسسة يعطي المواطن حرية الانتماء لأي مؤسسة لحماية حقوقه.

- الأنصاري: أوافق مع ما طرحه الأخ حميد، وكوني منتمي لإحدى الجمعيات الحقوقية أرى أن هناك تنسيقا بين الجمعيات في القضايا الرئيسية ولكن في التفاصيل الجزئية فإن كل جمعية تطرح برنامجا خاصا بها وأعتقد أنه يوجد تكامل بين هذه المؤسسات

العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً