العدد 1981 - الخميس 07 فبراير 2008م الموافق 29 محرم 1429هـ

الكتابة وحدها ...!

تدفعك لأن تبني من الوهم بيتا سرعان ما ينهار على رأسك وعلى رأس الذين تحبهم بمن فيهم أطفالك الذين يذبحهم الشوق إليك. تُرى لماذا عليّ أن أمضي هكذا في دوامة العبث والوهم من دون أن يكون وراء ذلك أي طائل؟. ستقول لي الحب؟ ذلك إذا ما تكافأ القلبان... فثمة قلب واحديبدو أن عضلته بدأت تنهار هي الأخرى كما ينهار بيت من رمل وغبار.

تظل تتأمل عامين أو أكثر من هذه العلاقة الجحيمية التي تندر فيها الأوقات الرحبة والجميلة... تظل تحمل هاجس أنك ستتلقى طعنة ما في مكان ما في وقت ما، تظل تحمل هاجس أنك راحل كلما ذهبت الى نومك الشحيح،تظل تحمل هاجس أنك بقدْر ما تعطي يكون لك محل في القلب مؤقت حتى يثبت العكس. وما هو العكس؟ أن تدور الأيام دورتها فتلقى نفسك عرضة للأمراض والحاجة وربما الإفلاس ومصادرة كل شيء ... حتى السقف الذي يؤويك، ساعتها تصبح كلبا مسعورا يجب تجنبه والفرار منه قبل أن ينقل اليك داءه!!!.

تظل تتأمل العلاقات الإنسانية القليلة التي استطعت أن تقيمها وتدشنها ربما لأنك مغرم بالناس، وربما لأنك لا تقوى أن تجد أحدهم وقد بادر لوضع حد لحياته لأن الآخرين يتعاملون معه كوباء ... فتتقبّل أنت مثل ذلك الإفتراض ولا تتردد في معانقته... تظل تتأمل كل تلك العلاقات فتخرج بقناعة واحدة: أنك ربحت نفسك فيما الآخرون خسروا أنفسهم، ليس لأنك لست بحاجة اليهم، بل لأنهم هم أنفسهم دخلوا طور الشعور بألا أهمية لهم. لكنْ هل تدفعك مثل تلك النماذج لخسران مبين تجنيه؟... أم تظل وأنت الذي عركتك المرارات والمنافي والأسقام والخيانات، تظل وفيا لوقوفك وانتصابك في وجه أكثر من ريح وأكثر من عاصفة وعصف؟. لكن السؤال يظل ملحّا: إلى متى؟ كم بقي من العمر؟ وهل عليّ أن أحمل ذات الصخرة التي حملها «أحدهم» في محاولة منه للصعود بها الى قمة الجبل؟ وأنا الذي لا أقوى في أيام كثيرة على حمْل جسدي النحيل والواهن، كيف باستطاعتي حمل أكثر من صخرة على رغم أنه لا جبل في المكان لا شيء سوى انهيارات تتبع انهيارات تتبع انهيارات.

سأكتفي بالسلام والتلويح بيديّ من بعيد من دون مناديل ومن دون موانئ ومن دون انتظارات وربما من دون بشر ألوّح لهم تلويحة وداع ربما يكون الأخير... سأكتفي بأمل لا يجيء ... وحب لا يجئ... وصدق شحيح... وأحضان بلاستيكية ومشاعر من النايلون وقبلات أتفرج عليها في أحد الأفلام الأميركية وباللونين الأبيض والأسود... سأكتفي بالعزلة التي هي أفضل صديق وأروع عاشقة... فربما أعيد ترتيب ضروراتي في هذه الحياة. سأكتفي بهذه الكتابة التي لم تطعنّي قط ... ولم تستغلّني قط ... ولم تعدني بالمجيء وراحت تتفرج على مسرحية تافهة لعادل إمام أو سمير غانم...ربما.

العدد 1981 - الخميس 07 فبراير 2008م الموافق 29 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً